في انتصار جديد لعمال مصر أصدرت محكمة القضاء الإداري أحكاما تاريخية جديدة قضت بعودة عمال شركة طنطا للكتان للعمل بشركتهم التي أجبروا على الخروج منها بأشكال مختلفة، كذلك عودة الشركة وبشكل نهائي لملكية الدولة، وذلك بالاستمرار في تنفيذ حكمها السابق ببطلان عقد بيع الشركة وما ترتب عليه من آثار منها الاستغناء عن جزء من العمالة.
كان القضاء المصرى قد شهد على مدار أعوام عدد من الدعاوى منها ما أقامه العاملون بشركة طنطا للكتان مطالبين ببطلان عقد البيع وأخرى طعنا من الشركات القابضة على الأحكام التي حصل عليها العمال. وقد صدر الحكم الأول لصالح العمال (1) في 21 سبتمبر 2011 ببطلان عقد بيع الشركة، والذي تم الطعن عليه لتؤيد المحكمة الإدارية العليا الحكم بعودة الشركة للدولة في 29 سبتمبر 2013.
وأصدرت المحكمة أحكامها الأخيرة بجلسة 27 يونيه 2015 وقد جاء الحكم فى الدعوى (2) الخاصة بطلب الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بتحديد المقصود بالعاملين فى الحكم السابق ببطلان عقد البيع وعودة العاملين لسابق اوضاعهم قبل البيع، بأنهم جميع العاملين المتواجدين بالشركة قبل توقيع عقد البيع بيوم واحد.
أما الحكم الثانى (3) فخاص بقبول استشكال العاملين بالمطالبة بالاستمرار في تنفيذ الحكم وعودة عمال الشركة الذين أحيلوا للمعاش المبكر إبان عملية خصخصة الشركة في 2005 إلى سابق أوضاعهم، وتمتعهم بكافة حقوقهم وأجورهم. وجاء الحكم الثالث (4) برفض استشكال الشركة القابضة للصناعات الكيماوية على نفس الحكم ببطلان البيع وعودة شركة “طنطا للكتان” إلى ملكية الدولة.
وكانت الدولة ممثلة فى الشركة القابضة للصناعات الكيماوية قد ماطلت فى تنفيذ الحكم الصادر فى سبتمبر 2011 لصالح العمال، فقامت بالاستكشال لوقف تنفيذ حكم بطلان البيع وما يترتب عليه من آثار تخص أوضاع العاملين ومستحقاتهم، كما رفعت دعوى لتفسير مفهوم العاملين، وبهذا الأحكام الأخيرة تكتمل أركان عودة الشركة للدولة وعمالها بشكل نهائي للعمل، بانتظار حصول العمال على الصيغة التنفيذية للحكم كي يفتح المصنع أبوابه من جديد لحوالى 450 عاملا طالهم المعاش المبكر ويأتي الحكم ليعيدهم إلى سابق أوضاعهم الوظيفية مع صرف جميع مستحقاتهم من تاريخ استبعادهم من العمل بالشركة.
جدير بالذكر أن شركة طنطا للكتان والزيوت قد تم بيعها بالكامل بعقد مبرم بين كل من الشركة القابضة للصناعات الكيماوية كنائبة عن الدولة بتفويض من وزارة الاستثمار وبنك الاستثمار القومي ويمثله وزير المالية من ناحية، وبين شركة الوادي لتصدير الحاصلات الزراعية والتي حصلت على نسبة 30% وشركة النوبارية لإنتاج البذور (35%) وشركة النيل للاستثمار والتنمية السياحية والعقارية (25%) وشركة ناصر للاستثمارات الدولية (10%) ويمثلهم عبد الإله محمد صالح الكعكي وناصر فهمي المغازي، لينخفض عدد العمال من 1270 عاملا قبل البيع إلى 487 فقط نتيجة سياسات تسريح العمال وعلى رأسها المعاش المبكر.
وتعد استعادة شركة طنطا للكتان لملكية الدولة وعودة العاملين بها إلى وظائفهم بمثابة دفعة قوية لكل العاملين في الشركات المباعة والمنظور أمام القضاء دعاوى بشأن بطلان عقود بيعها، فنضال عمال طنطا للكتان لعب دورا بالتأكيد في الحصول على الحكم، وبالتالي فالطريق إلى استعادة الحقوق مرهون بضغط العمال ومثابرتهم، على الرغم من صدور القانون رقم 32 لسنة 2014، والذي يمنع أي طرف خارج طرفي التعاقد من الطعن على عقود البيع والاستثمار التي تبرمها الدولة مع أي جهة أو مستثمر.
وقد جاء القانون سيئ السمعة ليؤكد على إهدار حق العمال والمدافعين عنهم في كشف شبهات الفساد بتلك العقود والتي يتستر عليها بذلك القانون، والذي لا يقف عند هذا الحد بل أقر بوقف كل الطعون المنظورة حاليا أمام محكمة القضاء الإداري، بما يترتب عليه تحصين تعاقدات الدولة السابقة والاستمرار بإبرام المزيد من التعاقدات التي تهدر أصول الدولة وثرواتها الطبيعية، وهي حق للمواطنين ولهم بالتبعية حق الرقابة عليها، في الوقت الذي تحاول الحكومة اغتصابها من بين أيديهم ومن بين أيدي السلطة القضائية وخاصة القضاء الإداري، وذلك بعد صدور العديد من الأحكام التي حصل عليها عمال من خلال المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وآخرون، أبطلت العديد من العقود الفاسدة وأعادت الكثير من الهيئات والشركات التي بيعت في ظروف أقل ما توصف به أنها مشبوهة.
وإذ يثمن المركز المصرى الأحكام الصادرة لصالح العمال، فإنه يؤكد على استمراره في سياسته المدافعة عن حقوق العمال ومنها إسقاط القوانين الجائرة المخالفة للدستور والاتفاقيات الدولية والتي تقف حجر عثرة أمام النجاح في ملف استعادة الشركات التى تم بيعها بعقود باطلة وشاب عمليات خصخصتها إهدار للمال العام وانتقاص من حقوق العمال وعلى رأسها الحق فى العمل بعد أن فصلوا من تلك الشركات أو أجبروا على الخروج بنظام المعاش المبكر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- الدعوى رقم 34248 لسنة 65 ق
- الدعوى رقم 3941 لسنة 68 ق
- الدعوى رقم 36720 لسنة 69 ق
- الدعوى رقم 73744 لسنة 67 ق
ضع تعليقا