حق حملة الماجستير والدكتوراه في العمل بين تجاهل المسئولين وقمع تحركاتهم
“ماجستير ودكتوراه حقنا هنموت وراه. ماجستير يعني بطالة، إحنا الصفوة التعليمية”.
من هتافات حملة الماجستير والدكتوراة في وقفاتهم
الحق في العمل أحد شروط الحق في الحياة، مثله مثل الحق في السكن والعلاج والتعليم. ولكن ما رأيناه من تصاعد وتيرة نضالات حملة الماجستير والدكتوراه التي بدأت منذ خمسة أشهر وتطالب بحقهم المشروع في التعيين، والتي تلقت رد فعل متمثل في التجاهل التام وقمع تحركاتهم، ما أدى إلى محاولة انتحار أحد أفرادها- يجعلنا نتشكك في أن الحق في العمل يمكن أن يكون مكفولا دون وساطة أو محسوبية أو تمييز. فما بين تجاهل الحكومة التام والمماطلة والوعود الزائفة، فقد أفراد الحملة الأمل في الحصول على حقوقهم، واصفين أنفسهم بأنهم “ناس فقرا ملهمش ضهر ولا واسطة” معتبرين أن مسابقات التعيين التي تعقدها الدولة تتناسب مع أصحاب الوساطة والأغنياء دون سواهم.
لقد مارس حملة الماجيستير والدكتوراه حقهم في التظاهر والاحتجاج بشكل سلمي على مدار الشهور الماضية، فقد تظاهروا أكثر من ثلاثين مره بواقع مرة كل أسبوع، بدأت من شهر أغسطس، إلى أن قامت قوات الشرطة بالقبض على 32 شخصا منهم في 29 نوفمبر الماضي من أمام مقر مجلس الوزراء.
في وسط محاولاتهم بأن يلفتوا أنظار الجمهور والمسؤولين في الشارع، أبدعوا في استخدام وسائل الاحتجاج السلمية. فقاموا بالاحتجاج بملابس الإعدام واستخدموا نبات “الكوسة”، وأيضا الأكفان للتعبير عن استيائهم واحتجاجا على عدم الاستجابة لمطالبهم المتمثلة في التعيين بالوظائف الإدارية والحكومية للدولة إسوة بالدفعات السابقة من 2002 إلى 2014. ووصل بهم الحال الي التهديد بالاعتصام والاضراب عن الطعام. وتنوعت أماكن التظاهر أيضا، فقد تظاهروا على سلم نقابة الصحفيين، وأمام مبنى مجلس الوزراء، ووزارة العدل، ووزارة التخطيط، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
ومع بداية شهر أكتوبر، قام حملة الماجستير والدكتوراه بالتصعيد من احتجاجاتهم، فقاموا بتنظيم سلسلة بشرية بشارع رمسيس أمام نقابة المحامين رافعين علم مصر بطول 100 متر. وبحلول الأسبوع الثالث من أكتوبر اعتصموا فعليا على سلالم نقابة الصحفيين رافعين لافتات مكتوب عليها “ماجستير ودكتوراه حقنا هنموت وراه. ماجستير يعني بطالة، إحنا الصفوة التعليمية”.
وقاموا أيضا بالتظاهر عند مجلس الوزراء بجوار محطة مترو سعد زغلول، واصفين قانون الخدمة المدنية بالظالم، بعد أن تلقوا وعدا لم ينفذ من قبل مجلس الوزراء لهم بالتعين. وقاموا خلال الوقفة باعتماد نموذج استمارة أعدوها تتضمن بياناتها طلب توزيعهم على الجهات الإدارية وتضمنت تظلماتهم أرقام تسلسلية. ولم تستمر وقفتهم الاحتجاجية، حيث تم تفريقهم بالقوة من قبل قوات الأمن، علاوة على القبض على عدد منهم والذي يأتي معظمهم من الأقاليم أسبوعيا للتظاهر. وتم اخلاء سبيل الجميع في نفس اليوم باستثناء الدكتور محمود أبو زيد منسق الحراك الاجتماعي لحملة الماجستير والدكتوراه، والذي تم توجيه له تهمة التحريض على التظاهر وذلك قبل أن يتم إخلاء سبيله من النيابة في أول ديسمبر بكفالة خمسة آلاف جنيه.
هذا الأمر الذي جعل اليأس يدب في قلوب بعض الشباب، أحدهم شاب من جرجا، يبلغ من السن 32 عاما ويدعى جمال. كان جمال يعمل بالسعودية وعاد إلى وطنه بعد ثورة 25 يناير على أمل أن تعيد له الثورة كرامته المهدورة، وحصل على شهادة الماجستير في القانون ولكن دون أي فائدة حيث لم يحصل على أي عمل ولم تشفع له شهادته العلمية للحصول على وظيفة. فتمكن الإحباط منه بعد القبض عليه خلال الوقفة الاحتجاجية الأخيرة، ويأسا من عدم استجابة الحكومة، قام الشاب بإلقاء نفسه من الدور الثاني من شرفة منزله، وكاد أن يفقد حياته.
وقد جاءت واقعة محااولة انتحار الشاب جمال، لتدق جرس الإنذار في آذان الشعب المصري الذي كان قد اعتاد خبر تظاهر حملة الماجستير والدكتوراه أسبوعيا، ولكن هل استطاعت محاولة انتحار جمال أن تثير حفيظة المسئولين الذين عمدوا إلى تجاهل الشباب من حملة أعلى درجات علمية وتعمد إهانتهم والقبض عليهم وإلقاء التهم الجزافية عليهم، أم سيستمر تجاهل المسئولين لهم؟ وهل سنرى تحركات من نوع مختلف تحاول تغيير الأوضاع غير العادلة، أم ستتكرر حالات انتحار الشباب كنوع من الاحتجاج السلبي ردا على الأوضاع؟.
ضع تعليقا