عدالة جنائية | انتصار جديد.. القضاء الإداري يقضي باعتبار جيكا وكريستي والشافعي ومخلوف ضمن شهداء الثورة

3 من الشهداء سقطوا تحت حكم مرسي، والأخير تحت حكم المجلس العسكري
[divide]
قضت محكمة القضاء الإداري الأمس، 16 ديسمبر، باعتبار الشهداء: جابر صلاح جابر الشهير بـ”جيكا”، ومحمد حسين قرني الشهير بـ”كريستي”، ومحمد الشافعي، وعلي حسن مخلوف من شهداء الثورة، وذلك بعد توصية هيئة المفوضين لصالح الشهداء.
وكان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالتعاون مع مكتب خالد علي المحامي قد قاما برفع دعاوى موكلين عن أهالي الشهداء، مختصمين فيهما كل من: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وأمين عام المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين كل بصفته. وطالبت الدعاوى بوقف تنفيذ القرارات السلبية بالامتناع عن إدراج أسماء الشهداء السابق ذكرهم ضمن شهداء الثورة وإلغاء ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك في إطار سلسلة من الدعاوى التي أقامها المركز للعديد ممن استشهدوا وأصيبوا خلال أحداث الثورة المختلفة منذ قيامها في 25 يناير 2011 وحتى الآن، للمطالبة بالحصول على كافة حقوقهم من الدولة وأخصها اعتبارهم رسميا من شهداء ومصابي الثورة ومساواتهم بمن سبقوهم من الشهداء والمصابين، وذلك حتى لا تتحكم السلطة السياسية في اعتبار من تشاء من شهداء الثورة وإغفال آخرين تبعا لتغيّر الظروف السياسية.
استرداد جيكا وكريستي والشافعي ومخلوف لحقوقهم الطبيعية في أن تنضم أسمائهم بصفة رسمية إلى قوائم شهداء ثورة 25 يناير، هو خطوة أولى في طريق استرداد حقوقهما وحقوق سائر شهداء هذه الثورة وحق هذا الوطن في القصاص العادل من قتلة ثواره، الذين مازالوا طلقاء، بل ما زالوا يمارسون دورهم في قتل المزيد من الضحايا وقمع المزيد من الأبرياء.
الشهداء
[row] [column size=”1/1″ center=”yes”]جيكا

كان الشهيد جابر صلاح جابر الشهير بـ”جيكا” قد توفي بعد إصابته بعدة طلقات نارية أودت بحياته أثناء مشاركته في تظاهرات إحياء الذكرى الأولى لأحداث شارع محمد محمود، وذلك في 20 نوفمبر 2012، وقد استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة والرصاص الحي لتفريق هذه التظاهرات بناء على أوامر وزير الداخلية حينها “أحمد جمال الدين” في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.
[/column] [/row] [row] [column size=”1/1″ center=”yes”]كريستي

توفي الشهيد محمد حسين قرني الشهير بـ”كريستي” بعد إصابته بطلقتين ناريتين في الرأس والصدر، بعد تصدي قوات الأمن لتظاهرة شارك فيها في محيط قصر الاتحادية في الأول من فبراير 2013، مستخدمة الرصاص الحي، وذلك بناء على أوامر وزير الداخلية الحالي “محمد إبراهيم” والذي كان ثاني وزراء داخلية الرئيس المعزول مرسي
[/column] [/row] [row] [column size=”1/1″ center=”yes”]محمد الشافعي

لقي الشهيد محمد الشافعي مصرعه إثر إصابته بمناطق متفرقة من جسده اثر تعرضه للتعذيب بعد اختطافه أثناء مشاركته في تظاهرات إحياء الذكرى الثانية للثورة في ميدان التحرير في يناير 2013، وذلك تحت حكم الرئيس المعزول مرسي
[/column] [/row]علي حسن مخلوف
استشهد علي مخلوف في الأحداث التي وقعت في محيط وزارة الداخلية إثر “مذبحة الأولتراس “ببورسعيد في فبراير 2012 ، فبعد تصاعد الأحداث وتوجه مجموعات من الشباب للتحرير عقب المذبحة، تعاملت الشرطة بشكل غاشم باستخدام الطلقات الحية، قتل على اثرها الشهيد ضمن آخرين، أثناء حكم المجلس العسكري
[divide]
حكم المحكمة
وجاء حكم المحكمة الإدارية باعتبار جيكا وكريستي والشافعي ومخلوف من شهداء ثورة 25 يناير لترد لهم ما يستحقوه من تقدير وما تستحقه أسرهم من تعويض معنوي ورمزي بالاضافة الى التعويض المادي عن فقدان أبنائه. والأهم من ذلك أن حكم القضاء الاداري قد جاء ليكشف أيضا عن عوار التعامل القانوني مع قضايا من دفعوا دماءهم الزكية ثمنا لفرض إرادة الشعب في مواجهة استبداد حكم المجلس العسكري وحكم مرسي، أول رئيس مدني منتخب، الذي خرج عن مبادئ الثورة التي حملته إلى كرسي الرئاسة. ففي هذا التعامل القانوني الملتبس بالاعتبارات السياسية تم بخلاف الواقع والمنطق، تجاهل أي دور للداخلية ووزيريها وضباطها في عهد الرئيس المعزول في مواجهة معارضيه والمتظاهرين السلميين ضده باستخدام القوة المميتة. وبالرغم من أن حكم المحكمة الادارية جاء لاثبات أنهم شهداء الثورة، الا أن المسؤلية الجنائية لاتزال غائبة، بغياب الجاني، بل باستمرار الجناة في مناصبهم.
وبينما يحاكم محمد مرسي اليوم، لا يزال وزير داخليته “محمد إبراهيم”، وهو المسؤول عن سقوط عشرات الضحايا في وقائع الثورة ضد الرئيس المعزول، يشغل منصبه كوزير للداخلية ويمارس من خلاله الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين والمعتصمين مضيفا إلى سجل ضحاياه المئات. أما من مارسوا القتل بأيديهم من الضباط والأفراد فلم يرد لأي منهم أي ذكر في تحقيقات النيابة العامة حتى الآن.
و يبقى لحكم المحكمة دلالات عدة، أولها أن ثورة 25 يناير لم تنتهي كما أراد لها البعض، لا بتنحي الرئيس الأسبق المخلوع في 11 فبراير 2011، ولا بتولي أول رئيس مدني في أول يوليو 2012، ولا حتى بعزله بعد عام واحد في يوليو 2013، فالثورة مستمرة ما دامت الدماء تبذل في سبيلها والشهداء يرتقون دفاعا عنها. وثاني هذه الدلالات أن سبل النضال من أجل استعادة حقوق الشهداء متعددة، ومهما كانت المآخذ الصحيحة على مسار تعامل القضاء المصري مع قضايا شهداء الثورة فلا يزال هذا القضاء أحد السبل الهامة التي لا غنى عنها لاستخلاص الحقوق، فلا بديل عن إقرار سيادة القانون كركن لا غنى عنه لدولة الحقوق والحريات التي نتطلع جميعا إليها، والتي تتلخص فيها أهداف ثورة 25 يناير وأحلام شهدائها وتطلعات الشعب صاحبها الوحيد.
سلسة من قضايا المركز المصري مع الشهداء
جدير بالذكر أن هذه الطعون التي تقدم بهما محامو المركز المصري لرد الاعتبار للشهداء تأتي في إطار الجهد المستمر للمركز في الدفاع عن حقوق شهداء ومصابي الثورة الذين تم إغفالهم من قبل الدولة. وقد تقدم محامو المركز بعدد كبير من الطعون أمام القضاء اﻹداري بهذا الصدد. تم الحكم حتى اﻵن في أحدها، إذ صدر حكم محكمة القضاء اﻹداري بإدراج الشهيد مصطفى يحيى حسن، والذي لقي مصرعه في أحداث السفارة الإسرائيلية في 9 سبتمبر 2011، بين شهداء الثورة. وما زالت دعاوى أخرى لشهداء ومصابين في أحداث مختلفة ومحافظات مختلفة في عهد المجلس العسكري وعهد الرئيس المعزول محمد مرسي وكذا الفترة الانتقالية وعهد الرئيس المنتخب الثاني عبد الفتاح السيسي، تنظر أمام القضاء اﻹداري.
مسؤولية الدولة
وبينما تمثل أحكام القضاء اﻹداري وتقارير هيئة مفوضي الدولة تصحيحا لوضع خاطئ، وردا لحق الشهداء والمصابين المقدمة الطعون بخصوصهم على وجه التحديد، إلا أنها تتخطى ذلك إلى تقرير مبادئ هامة منها إلزام الدولة بالاعتراف بمسؤوليتها عن خرق قوات اﻷمن للقانون عند استخدامها للعنف المفرط في التصدي للتظاهرات. وهو ما يؤكد على الحق الثابت في التظاهر السلمي وتجريم قمع قوات اﻷمن لهذا الحق. وينبغي التأكيد على أنه مع استمرار المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تحمل مسؤولية الدفاع عن حق كل شهيد ومصاب تم إغفاله أو التقصير في حقوقه من قبل الدولة، إلا أن هذا لا ينفي الحاجة إلى أن تضلع الدولة ذاتها بدورها تجاه الشهداء والمصابين وتبادر بإدراج كل من تم إغفاله، التزاما بما يقرره الدستور والقانون بهذا الصدد. كما ينبغي تكرار التأكيد على الحاجة الماسة إلى إعادة الاعتبار للحق في التظاهر السلمي وضمان حماية المتظاهرين وفق ما تقرره العهود والمواثيق الدولية وكذا الدستور المصري، وفي هذا الصدد نكرر المطالبة بوقف العمل بالقانون القمعي الذي أصدرته السلطة الانتقالية واستخدمته لتبرير استخدام العنف ضد المتظاهرين وتعقبهم قانونيا واعتقال عدد كبير منهم، تقويضا لحريات وحقوق المواطن المصري.