عدالة بيئية | قبيل مفاوضات باريس المناخية: مصر تقدم التزامات ضعيفة وغير محددة

-
مساهمات مصر في محاربة التغير المناخي فضفاضة وتتجاهل الكثير من العوامل
-
سيول الإسكندرية والبحيرة هي أحد أمثلة التغير المناخي التي ستزداد سوءا
يترقب العالم قمة تغير المناخ الحادية والعشرون والتي ستعقد في باريس في شهر ديسمبر المقبل.
وبينما يتوقع الكثيرين عقد الاتفاقية الملزمة للحد من الانبعاثات ولتفادي المزيد من الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغير المناخي، جاءت مشاركة مصر مخيبة للآمال. فقد قامت مصر بتقديم المساهمات المخططة المحددة وطنيا ( INDC intended nationally determined contribution) والتي لم ترقى بمستوى الحدث.
[quote_box_left]
ماهي ال”المساهمات المخططة المحددة وطنياَ”؟
هي الإلتزامات البيئية التي ستقدمها الدول قبيل مفاوضات باريس الشهر المقبل، والتي تحدد فيها مالذي ستتخذه من اجراءات بعد عام 2020 للحد من التغير المناخي في العالم على الصعيد الوطني، تلك المساهمات هي التي ستصبح ملزمة بعد التوقيع على اتفاقية باريس الشهر المقبل
[/quote_box_left]
فبعد ما تعرضت له مصر من كوارث طبيعية وتقلبات مناخية في الأشهر الماضية، كان من المتوقع أن تقوم مصر بتقديم مساهمات أكثر جدية وأكثر وضوحا. ولكن على عكس التوقعات، اتسمت
عمومية والضعف. وعلى الرغم من الإشارة إلى كل مجال له علاقة بعوامل التغير المناخي على حدى ، قد كان ما تلى من إجراءات التكيف مع ذلك التغير شديد العمومية :”رفع الوعي” و”تطوير سياسات قومية لحث المواطنين على ترشيد استهلاك المياه” و”مراجعة السياسات الخاصة بالأراضي وأخذ الدلتا والأراضي الأخرى المتأثرة بارتفاع مستوى البحر عين الاعتبار”. وكما هو واضح ، فإن إجراءات التكيف المنصوص عليها غير محددة ولا تتطرق بجدية للأزمات التي تواجهها مصر في جميع المجالاتأما عن إجراءات خفض الانبعاثات، فقد بدأت بـ”إجراءات خفض انبعاثات شمولية تطرق لجميع القطاعات المساهمة في الانبعاثات”، كما تذكر خطة تخفيف الانبعاثات سياسات التنمية المستدامة التي تتضمن الآتي: ترشيد استهلاك الكهرباء خاصة عند المستخدمين النهائيين، والتخلص التدريجي من الدعم على الطاقة خلال 3-5 سنوات، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة فضلا عن نظيرتها المنضبة. لا تُذكر بأي حال السياسات الوطنية لتشجيع استخدام الطاقة المتجددة أو تعريفة استخدام الطاقة المتجددة وتوليد الطاقة خارج الشبكة. ولا يتم ذكر الفحم ولا طرق التخلص من الانبعاثات الناتجة عن حرقه على الرغم من ارتفاعها ولا تأثيره الاقتصادي على مصادر الطاقة الأخرى بشكل عام، والمتجددة بشكل خاص، كما تُذكر الطاقة النووية كأحد مصادر الطاقة المتجددة بالرغم عما أثبت علميا عن أضرار الطاقة النووية والاتجاه العالمي بالابتعاد عن الطاقة النووية والتخلص التدريجي من محطات الطاقة النووية.
[quote_box_right]
الكوارث التي تعرضت لها مصر في الفترات الأخيرة، مثل الصيف شديد الحرارة، وسيول محافظات بحري، هو من آثار التغير المناخي التي ستزداد سوءاً في السنوات القادمة، ولا يتناسب ذلك مع ماقدمته مصر من مساهمات لمحاربة التغير المناخي
[/quote_box_right]أما عن الصناعة، أحد أهم مصادر الانبعاثات في مصر، بالكاد يتم ذكرها فيما يتعلق بتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة في القطاعات الأخرى –غير الطاقة. وتقتصر إجراءات تخفيف الانبعاثات في قطاع الصناعة المذكورة في الاسهامات المحددة وطنيا على ما يلي: تشجيع عملية إعادة التدوير وإدارة المخلفات، ورفع كفاءة الصناعات المختلفة ومنها الأسمنت، والحديد والصلب والأسمدة. ولم يتم ذكر الانبعاثات الناتجة عن الصناعات والتي تمثل المصدر الثاني الأكثر تسببا في الانبعاثات في مصر.
المُلاحظ أيضا أن الكثير من إجراءات التكيف والتخفيف من الانبعاثات تعتمد بشكل أساسي على المواطنين وأنماط استهلاكهم، ولا شك في أهمية دور المواطنين في الحد من الانبعاثات ولكن لابد من تطوير سياسات أكثر صرامة وأكثر طموحا للتأكد من الحد من الانبعاثات وحماية مصر من الكوارث الطبيعية التي دون شك ستؤثر على الاقتصاد المصري وأمنه الغذائي وصحة مواطنيه.
وبالرغم من ذكر الكثير من الخطط والوعود فهناك غياب تام لأي إطار سياسي لتنفيذ المساهمات المطروحة، وبالكاد يتم ذكر الكلفة المطروحة والتي قُدرت ب73،04 مليار دولار أمريكي لتنفيذ البنود المذكورة في وثيقة الاسهامات، وتستند الوثيقة إلى المادة الرابعة في معاهدة أطر التغير المناخي لأمم المتحدة والتي تنص على واجب الدول الأكثر تقدما في توفير الدعم المادي والتقني للدول النامية لما ساهمت به الدول المتقدمة من انبعاثات في القرن الماضي، وبالرغم من أهمية الاستناد إلى تلك المادة وضرورة ذكر المسؤولية التاريخية للدول المتقدمة، لابد أن تعمل الدول المعرضة لعواقب التغير المناخي على التخفيف من انبعاثاتها وإيجاد الإرادة السياسية لتغيير الوضع محليا والضغط دوليا لتقليل الانبعاثات، ولكن سياسة إلقاء اللوم التي تتبعها الحكومة المصرية والكثير من حكومات الدول النامية في مفاوضات التغير المناخي لا تنفك أن تزيد الطين بلة.
إقرأ المزيد:
- الموقع الرسمي لمفاوضات باريس للتغير المناخي – ديسيمبر 2015
- الموقع الرسمي للأمم المتحدة لإطار اتفاقية التعغير المناخي