عدالة بيئية | المركز المصري ينشر رسالة منظمات المجتمع المدني لوزراء الحكومة حول قرارها باستخدام الفحم
أرسل المركز المصري رسائل مسجلة بعلم الوصول لمكتب رئيس الوزراء أبراهيم محلب و ستة آخرين من وزراء الحكومة المعنيين بصفة مباشرة بقرار الحكومة باستخدام الفحم في انتاج الطاقة، وعلى رأسهم وزير الصناعة و الاستثمار منير فخري عبدالنور ووزير الكهرباء و الطاقة محمد شاكر
ارسلت هذه الرسائل بتاريخ 1 ابريل 2014، ولم تتلق المنظمات أي رد من مكاتب الوزارء حول النقاط الجسيمة التي ذكرت في الرسالة،
ينشر المركز المصري الرسائل اليوم ضمانا للشفافية ، و توثيقا لمجريات قضية الفحم بما ستحمله من عواقب مستقبلية..
نود بدورنا الاشارة الى جميع هذه المخاطبات للجهات الحكومية و غيرها الدولية – كرسالة المنظمات الى البنك الأوربي للإنشاء و التعمير حول تمويله الحكومة المصرية في مشاريع تستخدم الفحم – هو أحد الحلقات في سلسة من المجهودات لحث الجميع ببذل قصارى الجهد في هذه القضية الخطيرة، تلك المخاطبات هي جزء من مجهود منظمات المجتمع المدني الدائم للتواصل مع الجهات المعنية وعلى رأسها الحكومة المصرية، ونأمل أن تخلق الحكومة المصرية حوار جاد وحقيقي مع كافة الاطراف المعنية و التي ستحمل عواقب قراراتها اللتي تتخذها بمعزل عنهم
الى
- رئيس الوزراء، السيد: إبراهيم محلب
- وزيرة الدولة لشؤون البيئة، السيدة: ليلي أسكندر
- وزيرالتجارة والصناعة والاستثمار، السيد: منير فخري عبد النور
- وزير البترول والثروة المعدنية، السيد: شريف اسماعيل
- وزير الكهرباء والطاقة، السيد: محمد شاكر
- وزيرالصحة والسكان، السيد: عادل عدوي
- وزير الزراعة واستصلاح الاراضي، السيد: أيمن فريد ابو حديد.
القاهرة (1 أبريل 2014)
رئيس الوزراء، السيد: إبراهيم محلب
تحية طيبة وبعد
تناولت مؤخراً بعض وسائل الإعلام نقاشاً قائماً بين بعض الوزارات والمؤسسات المعنية حول اللجوء الى استخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة، وذلك بسبب عدم انتظام إمدادات الغاز الطبيعي واخيراً إعلان وزير الصناعة والتجارة الخارجية استخدام مصانع الأسمنت للفحم بدءا من سبتمبر 2014. وقد تم اتخاذ هذا القرار في ظل خلاف قائم بين وزارة الصناعة والتجارة ووزارة البيئة.
ومن ثم، فإننا كمجموعة من منظمات المجتمع المدني والموقعة أدناه، نكتب لكم هذا الخطاب تعبيراً عن قلقنا حول توجه وزارة الصناعة لاستخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة، وذلك بناء على الأسباب التالية:
تكمن الكلفة الحقيقية لاستخدام الفحم فيما يسببه من أضرار بيئية و صحية ينجم عنها أضرار اقتصادية وهذا عكس ما تدعيه رابطة أصحاب مصانع الأسمنت التي تسعي إلي استيراد الفحم. التى تدعي أن الفحم يشكل حلاً مضموناً و سريعاً لإجتياز مشكلة عدم تواجد الغاز الطبيعي بصفة مستمرة، مفتقرين بذلك إلى رؤية موضوعية تضم كل الأطراف المعنية.
علاوة علي ذلك، فإن إهمال مجلس الوزراء لأول من سيتعرضون للأذى بسبب استيراد الفحم في مصر،وهم المجتمعات السكنية والسياحية المحيطة بمصانع الأسمنت والذين سيكونون أول من يدفع ثمن أرباح مصانع الأسمنت المتزايدة من صحتهم وحياتهم وما يترتب على المرض من فقر.
تسبب عملية إحراق الفحم تلوث الهواء و من ثم إحداث ضرر بالصحة العامة، الأمر الذى يؤدى إلى انسدادات في الأوعية الدموية أو الرئتين وكذلك السرطان. ناهيك عن التأثيرالسلبي علي صحة العمال العاملين في المصانع المستخدمة للفحم. هذا بالإضافة إلي تردي وضع نظم التأمين الصحى والأجتماعى، من بين سائر حقوق العمال المنتهكة، مما يصعب على العمال مواجهة الاثارالصحية للفحم. أما علي المستوي البيئي، فلتسرب الزئبق إلى الماء أثناء عملية غسل الفحم التأثير الضار على الأسماك وبالتالي على البشر. هذا دون ذكر تأثيرها الرئيسي في التغيّرالمناخي. فوفقاً لتقرير صدرمؤخراً عن البنك الدولي في ٢٠١٢، سوف تؤدّي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بحلول عام ٢١٠٠، بشكل قد يؤدي الى تغييرات كارثية، بما في ذلك موجات من الحرارة الشديدة، وانخفاض المخزونات الغذائية العالمية، وارتفاع مستوى سطح البحر. ومن المتوقع أن تظهر كل هذه الآثار البيئية والصحية السلبية خلال سبع سنوات منذ البدء باستخدام الفحم. فما يتردد من إمكانية تفادي الأثار البيئية الضارة عن طريق أستخدام تكنولوجيا حديثة، هو عبارة عن إدعاءات ليس لها أساس من الصحة، حيث سوف تتوفر هذه التكنولوجيا بحلول 2030. وإذا كان الدكتور منير فخري قد أقر التزام مصانع الأسمنت للمعايير التي سوف تحددها وزارة البيئة، فإننا نود الإشارة إلى أنه في عام 2009 أخفق حوالي7 مصانع من أصل 16 مصنع أسمنت في مصر في الألتزام بالمعايير البيئية. وهو ما يجعلنا نتساءل عن الخطوات التي اتخذتها الدولة لضمان التزام نفس المصانع بالمعايير الجديدة التي ستضعها وزارة البيئة.
بالنسبة للإدعاء الآخر الذي يشير إلي استمرار استخدام الصين، ألمانيا ،والولايات المتحدة الأمريكية، للفحم لتوليد الطاقة، فإن تلك الدول تتحرك نحو الأبتعاد عن الفحم، الذي كان مصدرهم التاريخي للطاقة، وتتحول لاستخدام الطاقة الشمسية و الطاقة المولدة من النفايات. ففي صناعة الأسمنت الألمانية، 61% من الطاقة المستخدمة في صناعة الأسمنت مولدة من النفايات. وفي هولندا، عام 2009 كانت 98% من الطاقة المستخدمة في صناعة الأسمنت مولدة من النفايات. والجدير بالذكر عدم الوضع في الإعتبار إمكانيات تلك الدول مقارنة بالامكانيات المصرية المتمثلة في وجود بنية تحتية تسمح باستيراد ونقل وتخزين الفحم .
لقد أخذ هذا القرار في ظل عدم وجود دراسات اقتصادية شاملة حول جدوى وفرص استقرار أسعار الفحم أو دراسات بيئية حول أعباء وتبعات استخدامه. فنحن بحاجة ماسة الي إعادة النظر لسياساتنا الأقتصادية، وإذا كان الهدف الاساسي من استخدام الفحم هو إيجاد حل لمسألة الطاقة في صناعة الأسمنت- التي تعتبر واحدة من أكثر الصناعات ربحية، بالنظر إلى مستوى الدعم العالي الذى تتلقاه – سنجد أن الإنفاق العشوائي على الطاقة لمصلحة الصناعات إلى معدلات استهلاك للطاقة أعلى من المتوسط، أو ما يشار إليه بالإفراط في استخدام الطاقة، حيث استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج الاقتصادي هي أعلى بـ٤٠٪ تقريباً. في إطار عدم وجود خطة إقتصادية تحقق ا لتنمية المستدامة الأمر الذى سيؤدى إلى المزيد من الأضرار البيئية والصحية مما يفاقم من الأعباء الاقتصادية .
غابت الشفافية و غاب معها الحوار المجتمعي وتقلصت مظلة أصحاب المصالح لتشمل أصحاب الشركات و المصانع و الوزارات المعنية فقط، دون تمثيل المواطن المصري الذي سوف يتحمل هذا العبء. ويتم النظر في هذا القرار في ظل غياب وجود برلمان شعبى يعكس ويمثل فئات الشعب المختلفة، فلابد من وجود حوار مجتمعي موسع يشارك فيه الاحزاب السياسية حول تفكير الحكومة في استخدام الفحم كمصدر للطاقة والذي من شأنه تغيير خريطة الطاقة والصحة والوضع البيئي ككل ويشارك فيه الاحزاب السياسية، والمجموعات والحركات الاجتماعية، والبيئيين المتخصصين، والنقابات العمالية، ونقابة الأطباء.
و اخيراً، نحن كمجموعة من منظمات المجتمع المدني المهتمة بالأمر نطالب مجلس الوزراء أن يعيد النظر في هذا القرار مع الوضع في الأعتبار كل الأطراف المعنية، حيث أن مثل ذلك القرار يحقق أهداف مجموعة من أصحاب شركات الأسمنت، وذلك علي حساب صحة المصريين وحقهم والأجيال القادمة في بيئة نظيفة.
الموقعون:
- المركز المصري للاصلاح المدني و التشريعي
- الجمعية المصرية للحقوق الجماعية
- المركز المصري للحقوق الأقتصادية و الاجتماعية
- عمرو شوري، عضو مجلس إدارة نقابة الأطباء