عدالة اجتماعية | العلاوة حق مكتسب وليست منحة من الحاكم.. متضامنون مع إضراب عمال غزل المحلة
سنوات طويلة مضت والعمال يحصلون على علاوة خاصة دائما في بداية كل عام مالى بناء على قانون يصدر بها، وإذا نظرنا إلى الفترة الماضية منذ عام 2010 في عهد مبارك صدر القانون رقم 70 لسنة 2010 بمنح علاوة خاصه للعاملين بالدولة بنسبة 10% من الأجر الأساسي للعامل، ونص القانون صراحة على أن هذه العلاوة تشمل العاملين بشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام، وعلى مدار 4 سنوات تصدر قوانين متتالية تقرر هذه العلاوة الخاصة، لذات الفئات السابقة.
من هذه القوانين المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2011 والقانون رقم 82 لسنة 2012 وقد زادت نسبة العلاوة فيهما لتكون 15% من الأجر الأساسي وقد تم خفض هذه النسبة مرة أخرى في 2013 لتكون 10% من الأجر الأساسي فى كل من القانون 78 لسنة 2013 والقانون 42 لسنة 2014، وهذه القوانين السابقة كلها كانت تقرر العلاوة الخاصة للعاملين بالدولة بصفة عامة وكانت تنص صراحة على منح هذه العلاوة للعاملين بشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام. حتى صدر القرار بقانون رقم 99 لسنة 2015 بتاريخ 8 سبتمبر 2015 بصرف العلاوة الاجتماعية السنوية للعاملين من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية، بأثر رجعي اعتبارا من الأول من يوليو 2015 استنادا لآخر آجر للعامل بتاريخ 30 يونية 2015.
وفى حقيقة الأمر هذا القانون استثنى فقط المخاطبين بأحكام القانون 18 لسنة 2015 قانون الخدمة المدنية من الحصول على هذه العلاوة ولم يستثنى العاملين بالقطاع العام ولا العاملين بقطاع الأعمال العام، إلا أنه لم ينص صراحة على منح هذه العلاوة الخاصة للعاملين بكل منهما كما كان ينص صراحة في القوانين السابقة، حتى أنه أصبح عرفا مكتبسا للعمال بشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام. وبناء على هذا القانون قامت بعض الشركات القابضة بصرف هذه العلاوة بما يعادل 10% من أجر العاملين، كالشركة القابضة للصناعات الغذائية، والشركة القابضة للصناعات المعدنية، والشركة القابضة للصناعات الدوائية.. الخ، وجميعها تخضع للقانون 203 لسنة 1991. قانون العاملين بشركات قطاع الأعمال العام الذي يندرج تحته عمال شركة غزل المحلة.
وقد فسر وزير المالية القانون رقم 99 لسنة 2015 تفسيرا خاطئا عند ما أصدر القرار رقم 442 لسنة 2015، بقواعد صرف العلاوة الخاصة بغير المخاطبين من قانون الخدمة المدنية، بقيمة 10% من الأجر الأساسي دون حد أدنى أو أقصى، مستثنيا بقراره العاملين بقطاع الأعمال العام منه، حيث نص القرار على أن يتم صرف العلاوة لجميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الدائمين والمؤقتين بمكافآت شاملة، وذوي المناصب العامة والربط الثابت داخل الجمهورية من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية الذين تنظم شؤون توظيفهم قوانين ولوائح خاصة. وإذا كان القانون الأخير استثنى المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بوضع قواعد بناء على وضع جداول للإجور تطبق عليهم من أول يوليو 2015 فإن حجب العلاوة الخاصة عن العاملين بقطاع الأعمال العام أمر غير مبرر.
وفى هذا القرار مخالفه صريحه للقانون وهدم لفكرة التدرج التشريعى التى تقضى بعدم مخالفة القاعدة القانونية الأدنى مرتبة للقاعدة القانونية الأعلى منها فينبغى ألا يخالف القرار الوزارى القانون كما يفترض عدم مخالفة القانون للدستور.
ويؤكد المركز المصري على أنه من حق كل ذي مصلحه من العمال المتضررين من قرار وزير الماليه الطعن عليه أمام محاكم القضاء الإداري وإذا لم يتم تعديل هذا القرار عن طريق الوزارة سيقضى بإلغائه في مجلس الدولة.
وقد لجأ العاملون بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى للإضراب عن العمل احتجاجا على عدم صرف هذه العلاوة الخاصة في وسط موجة الغلاء التي تضرب الأسعار، ومع بداية العام الدراسي الجديد وما يتطلبه من أعباء إضافية على كاهل العاملين التابعين للشركة.
وبدأ إضرابهم مع صرف رواتبهم منقوص منها العلاوة وتحديدا أيام 17، 18، 19، 20 من هذا الشهر وفوجئ العاملين بعدم صرف العلاوة الاجتماعية، بالمخالفة للقرار الصادر من رئيس الجمهورية، وذلك بعد أن قامت إدارة الشركة فى وقت سابق بوعد العمال بصرف هذه العلاوة، فما كان من العاملين بالمصنع إلا الامتناع عن تقاضي راتبهم، ثم تحول الأمر للإضراب التام عن المصنع بدأ تدريجيا منذ يوم 17 أكتوبر 2015.
وإشتعل الموقف تأزما بعد أن قال المفوض العام لشركة غزل المحلة، المهندس إبراهيم بدير، “إن العمل منتظم في جميع مصانع الشركة، طوال الشهور الماضية، وأن الشركة لم تتلق أي اعتمادات مالية أو منشورات لصرف علاوات اجتماعية محددة للعمال حتى الآن” ما أثار حفيظة العمال في قطاعات المصانع المختلفة التابعة للشركة، ودفعهم إلى التوقف عن الإنتاج.
وفى سياق أخر قامت إدارة الشركة بإصدار منشور بتاريخ 19 أكتوبر 2015 يفيد عدم أحقية العاملين بالشركة للعلاوة الاجتماعية، وعدم انطباق القانون على العاملين بالشركة، مما جعل الإضراب هو الطريق الوحيد وبخاصة بعد صرف هذه العلاوة لشركات أخرى.
ودائما ما تلجأ الإدارات إلى الحل الخاطئ والسير فى دروب من المتاهات، فقد صدر قرار من إدارة غزل المحلة بوقف عدد من القيادات العماليه عن العمل لأجل غير مسمي بحجة التحريض على الإضراب، والتحقيق معهم، ومن هؤلاء العمال: عدنان الشربيني من مصنع الكوري، ومصطفى الألفي من مكتب الأجور، ومحمد أسعد مرسي من الغزل.
وإذا كانت الشرارة قد بدأت من غزل المحلة فإنها سرعان ما تضرم سعيرها في باقي الشركات.. فقد أعلن أمس 25 أكتوبر 2015 عمال شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار والبالغ عددهم 8 ألاف عاملا عن دخولهم إضرابا مفتوحا داخل الشركة للتضامن مع عمال شركه غزل المحلة واعتراضا على عدم صرف العلاوة لهم.
حتى أن شركة طنطا للكتان بعد أن صرفت لعمالها العلاوة المقررة بواقع 10% وفقا لقرار رئيس الجمهورية، تلقت إخطارا يوم الخميس الماضي الموافق 22 أكتوبر 2015 من وزارة الاستثمار والمالية استنادا لقرار وزير المالية يفيد بأنه قد تم الصرف بالخطأ ولا بد من استرداد العلاوة التي تم صرفها للعاملين.
ويدعو المركز المصري الحكومة التي ما زالت تنتهج سياسات اقتصاديه أثبتت فشلها في معظم دول العالم، ألا تحارب الفقراء عن طريق فرض نظام ضريبى ومالي لا يراعي الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية، بل أن تطالب وزرائها ورجالها بالتقشف فى دواوينهم الحكومية قبل أن يفرضوه على صغار الموظفين والعمال، كما يحذر دائما من أن التشريعات والسياسات التي تتجاهل محدودي الدخل ولا تحقق ضبط الأسعار ستأتي بانفجار مجتمعي قادم لا محالة.
حاربوا الفقر لا تحاربوا الفقراء