المكتبة القانونيةحقوق اجتماعيةخصخصة و قضايا فسادسياسات اقتصاديةصحةمكتبة | أحكام

حكم رفض خصخصة الهيئة العامة للتأمين الصحى

حكم رفض خصخصة الهيئة العامة للتأمين الصحى

قام برفع القضية مركز المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

وشكلت هيئة دفاع فى القضية من الجهات المشاركة فى لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة

وترافع فى القضية المحاميان

عادل رمضان

وخالد على عمر

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإدارى

الدائرة الأولى

*********************

بالجلسة المنعقدة علنا فى يوم الخميس الموافق 4/ 9 / 2008

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد صالح الشاذلى                                                                                                                                نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين /

أبو بكرجمعة الجندى نائب رئيس مجلس الدولة

مجدى محمود العجرودى نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد على سليمان مفوض الدولة

وسكرتارية / السيد سامى عبد الله أمين الســر

************

أصدرت الحكم الآتى

· فى الدعوى رقم 21550 لسنة 61 ق

المقامة من

نبيه طه محمد البهى

· والدعوى رقم 21665 لسنة 61 ق

المقامة من

1- راجية محمد شوقى الجرزاوى

2 –مدحت كمال السيد ………. عن نفسه

وبصفته وليا عن ابنه القاصر / عماد

3 – حسام الدين محمد على بهجت

ومن الخصوم المتداخلين :-

· محمد حافظ الأشقر

· أحمد محمد صالح الصياد

· محمد أحمد حسن

· فاطمة رمضان أبو المعاطى

· عبد المحسن سيد أحمد شاشة

· روضة أحمد سيد على

والدعوى رقم 2212 لسنة 61 ق

المقا مة من

حامد صديق سيد مكى

والدعوى رقم 25752 لسنة 61 ق

المقامة من

عبد المحسن محمد حموده

والدعوى رقم 25857 لسنة 61 ق

المقامة من

عصام الدين محمد حسين العريان

ضــــــــــــــد

1- رئيس الجمهورية 2رئيس مجلس الوزراء

3- وزير الصحة 4وزير التضامن الاجتماعى

5رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى

6رئيس الشركة القابضة للرعايا الصحية

7رئيس الشركة القابضة للأدوية والمستلزمات الطبية

الوقائع :-

أقام المدعون دعاواهم الماثلة طالبين الحكم أولا : يوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 637 لسنة 2007 بإنشاء الشركة ” القابضة للرعاية الصحية ” وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان ، ثانيا بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية لامصروفات والأتعاب .

وإضافة إلى ذلك دفع المدعى الرابع بعدم دستورية هذا القرار وهو ما طلبه المدعى الثالث كطلب احتياطى مع دفعه بعدم دستورية الاتفاقيات المبرمة بين مصر والمانحين الأجانب ( المعونــــةالأمريكيــــة والبنك الدولى والاتحاد الأوروبى ) فيما يخص برنامج الإصلاح والتصريح له بإقامة الدعوى الدستورية .

وذكر المدعون شرحا لدعواهم أنهم من المنتفعين بالتأمين الصحى ومن مواطنى هذا البلد الذين يملكون الحق فى الرعاية الصحية بموجب الدستور والقوانين والاتفاقيات الدولية ، إلا أنه بتاريخ 21 مارس 2007 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 637 لسنة 2007 بإنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية ، ونص على أن تنقل كافة أصول المسشتفيات والعيادات التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحى للشركة القابضة والشركات التابعة لها ، وعلى أن تعد أصول الشركة من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة ، وذلك فى حين أن القانون رقم 75 لسنة 1994 بشأن التأمين الصحى والذى حل محله القانون رقم9 7 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعى قضيا بإنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحى وتحديد اختصصاتها وتعيين ميزانيتها وأموالها وأصولها ومواردها وأن ليس الجمهوريـة هو وحده المكلف بصدار قرار بإنشاء تلك الهيئة ، وأصدر بالفعل قراره رقم 1209 لسنة 1964 بإنشائها ، وفقا للقانون رقم 61 لسنة 1963 بشأن الهيئات العامة له دون غيره حق إنشاء تلك الهيئات وإلغائها وإدماجها وجعل هذا القانون أموال الهيئات أموالا عامة .

ونعى المدعون على هذا القرار مخالفة الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية لأنه حول أموال الهيئة العامة للتأمين الصحى إلى أموال خاصة مملوكة للدولة فى حين أنها أموال عامة مصدرها الاشتراكات التى تستقطع من قوت وعرق المصريين ، فضلا عن تحويل الأصول والعاملين للشركة القابضة وهو ما يعد تغولا على السلطة التشريعية  التى تملك وحدها هذا الحق ، وإن كان لرئيس الوزراء حق إنشاء الشركات القابضة وفقا لأحكانم القانون رقم 203

لسنة 1991 فليس له حق تحويل إحدى الهيئات العامة إلى  شركة قابضة فهذا الحق معقود لرئيس الجمهورية وحده بعد موافقة مجلس الوزراء وفقا لأحكام هذا القانون .

وأضاف الدعون أن ذلك يعد تخليا من الدولة عن واجبها فى حماية وتعزيز الحق فى الصحة الملزمة به وفقا للدستور ولقواعد المسئولية الدولية بتصديقها على العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عن الأمم المتحدة ، وهديد هذا الحق والخطر الذى يحدق به بصدور القرار المطعون فيه يبرر حاله الاستعجال فى طلب وقف تنفيذه لمخالفتــه للقانون وللمواد ( 8 ، 16 ، 17 ، 146 ، 156 ) من الدستور وانتهى المدعون إلى طلباتهم سالفة الذكر

وتداول نظر الدعاوى بجلسات المرافعة أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم المتدخلون عريضة معلنة بتدخلهم منضمبن للدعين متمسكين بذات الطلبات الواردة فى عريضة الدعوى .

وقدم المدعون عشر حوافظ بمستندات ، كما قدم الخاضر عن المدعية والمتدخلين خمس مذكرات رددوا فيها ما جاء بعريضة الدعوى وأضافوا أن القرار المطعون فيه جعل الخدمة تقدم من خلال شركة لها وظائف استثمارية تستهدف الربح ولها شراء أسهم وبيعها وهو ما يتأكد معه إضافة هامش ربح على سعرتكلفة الخدمة ويترتب عليه زيادة الأعباء على كاهل المنتفعين ، لاسيما الفقراء منهم ، وهو ما يتنافى مع النصوص القانونية التي تضفى على التامين الصحى والرعاية الصحية الطابع الإنسانى  دون النظر لنسبة الاشتراك أو هامش ربح معين ، ومن أمثلة ذلك أن العملية التي تكلف 250 جنيه تقوم بها المستشفيات الخاصة بمبلغ 2000 جنيه فعندما يكون التأمين الصحى هيكل لتقديم الخدمة سيتحمل تكاليفها فقط دون إضافة أية نسبة للربح ، وأضافت المذكرات أن هناك فائض في ميزانية الهيئة من عام 2001 حتى عام 2006 ودراسة استطلاع الرأى الصادر عن مجلس الوزراء توضح رضا الجمهور عن خدمات التأمين الصحى ، وإن كانت هناك بعض المعوقات يتعين دراستها وحلها بما يكفل الحفاظ على التأمين الصحى وليس خصخصته .

وقدمت هيئة قضايا الدولة ثمان حوافظ مستندات طويت إحداها على صورة من القرار المطعون فيه ومذكرة الشئون القانونية بالهيئة العامة للتأمين الصحى بالرد على الدعوى جاء فيها أن الهيئة باقية وأن دور الشركة القابضة يقتصر لعى تقديم الخدمة من العيادات والمستشفيات وأن وزارة الصحة ستكون مسئولة عن ضبط زيادة الأسعار، كما حوت الحافظة على مذكرة بعنوان حقائق خاصة بالشركة القابضة للرعاية الصحية ردت لعى بعض التساؤلات المثارة حول الشركة وأنه تم فصل التمويل عن تقديم الخدمة لتتفرغ الهيئة لدعم مصادر التمويل ومد مظلة التأمين الصحى لباقى المواطنين وانه لا نية لطرح أسهم الشركة في البورصة وبيعها كما تم بيع عمر أفندى .

وطويت حافظة أخرى على استطلاعات رأى المواطنين حول فصل التمويل عن تقديم الخدمة وإنشاء الشركة القابضة للتأمين الصحى ودراسة عن ذلك من المجالس القومية المتخصصة .

كما قضت هيئة قضايا الدولة تسع مذكرات طلبت فيها الحكم أصليا : – عدم قبول الدعوى لانتفاء شرطي الصفة والمصلحة ، واحتياطيا : برفض الدعوى بشقيا العاجل والموضوعى وإلزام المدعين المصروفات واستندت في دفاعها إلى أن المصلحة يجب أن تكون شخصية ومباشرة فلا يقبل الطلب من أى مواطن يهمه انفاذ القانون حماية للصالح العام ،وإنشاء الشركة القابضة محل الطعن لن يؤثر على المركز القانونى لأى من المدعية من قريب أو بعيد وبذلك تنتفى صفتهم ومصلحتهم في الدعوى وأضافت المذكرات ردا على موضوع الدعوى أنه من المبادئ المستقرة أن إنشاء المرافق العامة ينتفى أن يترك للسلطة التنفيذية تنظيمها ووضع القواعد التي تسير عليها بعد إنشائها بحسب ما يتوافر له بها من الخبرة الفنية وحاجة العمل فهى التي تقرر ما إذا كانت إدارة المرفق الجديد تتولاها الدولة بنفسها أو بواسطة غيرها من الهيئات العامة أو الخاصة أو ما إذا كان أسلوب إدارة هذا المرفق العام هو لاستغلال المباشر عن طريق السلطة الإدارية أو من يعهد به إلى الأفراد ويديرونه في شكل التزام أو ما إذا كان المرفق سيكون محتكرا أو تتنافس فيه المشروعات الخاصة ، ومن ثم يجب تمكين السلطة التنفيذية من تعديل القواعد التي يسير عليها المرفق بسهولة للاستجابة لمقتضيات الظروف ، ولكى تتمكن من وزن مختلف السبل التي يصح أن تسلكها لتتخير منها أفضلها وأقومها فيما تقرره من اشتراطات ، وبناء على ذلك فإن القرار الصادر من رئيس مجلس الوزراء بإنشاء الشركة القابضة للرعاية الصحية المطعون فيع ما هو إلا ممارسة الجهة الإدارية لحقها القانونى في تطور وابتكار الخدمة الجيدة وتحسين الأداء بعد ظهور حالات عدم رضاء معظم المؤمن عليهم وبعد دراسات وأبحاث حول تطوير الهيئة عن طريق فصل التمويل عن الخدمات مع عدم المساس بالهيئة وأن دور الشركة يقتصر على أداء الخدمة ولا توجد نية حالية أو مستقبلية لطرح الشركة أو بيعها لمستثمرين ، وقد صدر القرار المطعون فيه ممن يختص بإصداره طبقا للقانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام .

وردا على ذلك قدم الحاضر عن المدعين والمتدخلين مذكرة جاء فيها أن نصوص قوانين التأمين الصحى وقرار رئيس الجمهورية رقم 1209 لسنة 1946 بإنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحى أوجبت على ذه الهيئة تقديم الرعاية الصحية من خلالها كما ألزمتها بإنشاء المستشفيات والعيادات والمؤسسات العلاجية والصيدليات للقيام بدورها بما يعنى التزامها بالتمويل وبتقديم الخدمة بنفسها ولم يقصد المشروع فصل التمويل عن الخدمة فإذا ما صدر قرار رئيس الوزراء المطعون فيه بالتغيير الدور والاختصاصات والواجبات والغرض التشريعى والمصلحة الاجتماعية من وراء إنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحى فإنه يكون قد تجاوز السلطات المخولة له ووقع مخالف للقانون .

وبجلسة 5/ 2 / 2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18 / 3 / 2008 ومد أجل النطق به لجلسة 27 / 5 / 2008 حيث أعيدت الدعاوى للمرافقة لضمهم إلى الدعوى رقم 21550 لسنة 61 ق لوحدة الموضوع وليصدر فيهم جميعا حكم واحد بجلسة 10 / 6 / 2008 ثم مد أجل النطق به لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به .

” المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات ، وبعد إتمام المداولة .

وحيث أن المدعين يطلبون الحكم أولا : بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 637 لسنة 2007 بإنشاء ” الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية ” وتنفيذ الحكم في الشق العاجل بمسودته دون إعلان وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب ، ثانيا : بعدم دستورية هذا القرار والاتفاقيات المبرمة بين مصر والمانحين الأجانب بشأن الإصلاح الصحى والتصريح للمدعين الثالث والرابع بإقامة الدعوى الدستورية . وحيث إن الدعوى تدوولت بالمرافعة على النحو السالف بيانه .

وحيث إنه عن طلب التدخل فإن المادة ( 126 ) من قانون المرافعات تنص على أنه ” يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل منضما فى الدعوى لأحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ، ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاها فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعات ” .

ومفاد هذا النص أن مناط التدخل قيام مصلحة ووجود ارتباط بين طلبات التدخل والطلبات موضوع الدعوى المقامة ، وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه ولئن كان يجب فى المصلحة أن تكون شخصية ومباشرة وقائمة إلا أنه فى مجال دعوى الإلغاء وحيث تتصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات المشروعية والنظام العام تتسع المصلحة لكل دعوى إلغاء يكون رافعها فى حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثرا فى مصلحة جدية له دون أن يعنى ذلك الخلط بينها وبين دعوى الحسبة .

( يراجع فى ذلك حكم المحكمةالعليا فى الطعنين رقمى 16834 ، 18971 لسنة 54 بجلسة 16 / 12 / 2006 )

وحيث إنه ولما كان المتدخلين فى الدعوى رقم 21665 لسنة 61 ق قد تحققت لهم مصلحة جدية فى الدعوى باعتبارهم من المواطنين المصريين الذين كفل لهم الدستور الحق والرعاية الصحية والاجتماعية بموجب المادتين ( 16 ، 17 ) منه وحرص المشرع الدستورى على كفالة هذا الحق لجميع المواطنيني بأن أردف النص عليه فى المادة ( 17 ) بكلمة ( جميعا ) إعلاء لشأن الحق فى الرعاية الصحية الذى يرتبط بالحق فى الحياة ، ومن ثم فإن الحكم فى الدعوى الماثلة سيتعدى أثره للمتدخلين وقد حددوا طلباتهم فى ضوء طلبات الدعين منضمين إليهم على الوجه المبين بعريضة إعلان التدخل ومذكرتى الدفاع المقدمة من الحاضر عنهم وعن الدعين ، وقد استوفى طلبهم التدخل سائر أوضاعه الشكلية ومن مث تقضى المحكمة بقبوله ، وبرفض الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة لتوافر مصلحة المدعين وصفتهم باعتبارهم مواطنين لهم على الدولة حق الرعاية الصحية سواء كانوا مستظلين بمظلة التامين الصحى أوعلى أمل فى وصول هذا الحق إليهم من خلال ماتنتجه الدولة من سياسات وما تصدره من قرارات بشأن التأمين الصحى .

وحيث ن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية بالنسبة لطلب المدعين وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه ومن ثم مقبولة شكلا .

وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يتعين القضاء به توافر ركنين أساسيين أولهما : ركن الجدية بأن يكون الطلب بحسب الظاهر من الأوراق قائما على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار المطعون فيه والثانى ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها .

وحيث نه عن ركن الجدية فإن المادة ( 4 ) من دستور جمهورية مصر العربية ( المعدلة بالاستفتاء الذى جرى فى 26 / 3 / 2007 تنص على أن ” يقوم الاقتصاد فى جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الاقتصادى والعدالة الاجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية والحفاظ على حقوق العمال وتنص المادة ( 7 ) من الدستور على ن ” يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى ” .

وتنص المادة ( 16 ) من الدستور على أن ” تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية ، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية فى يسر وانتظام رفعا لمستواها ” .

كما تنص المادة ( 17 ) على أن ” تكفل الدولى خدمات التأمين الاجتماعى والصحى ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا ، وذلك وفقا للقانون ” .

وفى أول أكتوبر عام 181 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 181 بالموافقة على الاتفاقيات الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16 / 12 / 1966 والتى وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4 / 8 / 1967 .

ونصت هذه الاتفاقية فى المادة ( 12 ) منها على أن : –

– تقر الدول الأطراف فى الاتفاقية الحالية بحق كل فرد فى المجتمع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية .

– تشمل الخطوات التى تتخذها الدول الأطراف فى الاتفاقية الحالية للوصول إلى تحقيق كلى لهذا الحق ما ه ضرورى من أجل :

أ ) العمل على خفض نسبة الوفيات فى لامواليد وفى وفيات الأطفال ومن أجل التنمية الصحية للطفل .

ب ) تحسين شتى الجوانب البيئية والصناعية .

جـ ) الوقاية من الأمراض المعدية والتمتفشية والمهنية ومعالجتها وحصرها .

د ) خلف ظروف من شأنها أن تؤمن الخدمات الطبية والعناية الطبية فى حالة المرض .

وكان قد صدر أول قانون للتأمين الصحى على العاملين فى الحكومة ووحدات الدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة برقم 75 لسنة 1964 ونص فى المادة الأولى من ه على أن ” ينشأ بقرار من رئيس الجمهورية هيئة عامة مقرها مدينة القاهرة وهيئات فرعية تتولى شئون التأمين الصحى المنصوص عليه فى هذا القانون ………………………………………………………. “ .

ونص فى المادة الرابعة على أن ” يكون التأمين فى الهيئة إلزاميا وتتكون أموال هذا التأمين من المواد الآتية :-

ð الاشتراكات التى تستقطع شهريا من المنتفعين بأحكام هذا القانون بواقـــع 1% من مرتباتهم وأجورهم ومعاشاتهم الأصلية …………….

ð المبالغ التى تؤديها الخزانة العامة أو هيئات الإدارة المحلية أو الهيئات أو المؤسسات العامة بمقدار 3 % من تلك المرتبات والأجور والمعاشات ………..

ð الإعانات والهيئات والتبرعات والوصايا التى يقرر مجلس إدارة الهيئة قبولها .

ð ريع استثمار الأموال .

ونفاذا للمادة الأولى من هذا القانون صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1209 لسنة 1964 فى شأن إنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحى وفروعهــــا للعاملين فى الحكومة ووحــدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة ، ونص فى المادة الأولى على أن تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للتأمين الصحى للعاملين فى الحكومة ووحدات الدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة لها الشخصية الاعتبارية ومقرها مدينة القاهرة وتكون تحت إشراف وزير الصحة

” وتنص المادة الثانية على أن ” الغرض من إنشاء هذه الهيئة هو القيان بالتأمين الصحى للعاملين فى لاحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة – بذاتها أو عن طريق فروعها …………”

وله في سبيل ذلك القيام بما يأتى : –

1) تقديم الرعاية الطبية للمؤمن عليهم طبقا للأوضاع والمستويات المقررة .

2) إنشاء المستشفيات والعيادات الشاملة وغيرها من المؤسسات العلاجية وتجهيزها وإدارتها .

3) استئجار المستشفيات أو غيرها من المؤسسات العلاجية وكذا التعاقد معها لتحقيق أغراضها .

4) ……………………………………………………

5) توفير الأدوية والمستلزمات الطبية للمؤمن عليهم بما فى ذلك إنشاء العيادات الخاصة بها وعقد

الاتفاقيات مع الصيدليات الأخرى .

6) ……………………………………………………

7) ……………………………………………………

وتنص المادة الرابعة على أ، ” مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها …. وله على الأخص ما يأتى : –

أ ) ……………………………………………………

ب ) ……………………………………………………

جـ ) اقتراح عقد الفروض اللازمة لتمويل البرامج الإنشائية للمستشفيات والعيادات الشاملة وغيرها من دور العلاج وتجهيزها طبقا للاحتياجات وبحسب المواصفات والمعدلات القياسية التى يراها ……….

وصدر بعد ذلك القانون رقم 32 لسنة 1975 فى شأن نظام العلاج التأمينى للعاملين فى الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة الذين يصدر بتحديدهم على مراحل قرار وزير الصحة ، وتقوم على شئون هذا النظام الهيئة العامة للتأمين الصحى ” .

ثم صدر قانون التأمين الاجتماعى بالقانون رقم 79 لسنة 1975 الذى حل محل القانون رقم 75 لسنة 1964 بموجب نص المادة الثانية من مواد إصداره .

ونص فى المادة ( 48 ) منه عل أن ” تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى علاج المصاب ورعايته طيبا وفقا لأحكام الباب السادس ……. “

وتنص المادة ( 85 ) على أن تتولى الهيئة العامة التأمين الصحى علاج المصاب أو المريض ورعايته طبيا إلى أن يشفى أويثبت عجزه ……… “

وتنص المادة ( 86 ) على أنه ” مراعاة حكم الفقرة الثالثة من المادة ( 48 ) يكون علاج المصاب أو المريض ورعايته طبيا فو جهات العلاج التى تمددها لهم الهيئة العامة للتأمين الصحى ، ولا يجوز لهذه الهيئة أن تجرى ذلك العلاج أو تقدم الرعاية الطبية فى العيادات أو المصحات النوعية أو المستشفيات العامة أو المركز المتخصصة إلا بمقتضى اتفاقيات خاصة تعقد لهذا الغرض …….. “

وتنص المادة ( 87 ) على أن تلتزم الهيئة العامة للتأمين الصحى بفحص العاملين المرضين للإصابة بأحد الأمراض المهنية فى الجدول رقم ( 1 ) المرافق …………….. “ .

وتنص المادة ( 135 ) على أن ” تعفى أموال الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى الثابتة والمنقولة وجميع عملياتها الاستثمارية مهما كان نوعها من جميع الضرائب والرسوم والعوائد التى تفرضها الحكومة أو أى سلطة عامة أخرى فى الجمهورية ……… “ .

وتنص المادة ( 161 ) على أن ” ……….. تنقل حقوق والتزامات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المقررة بالقانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية إلى الصندوق الذى عهد هذ القانون بإدراته إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية .

كما تنقل حقوق والتزامات الهيئة العامة للتأمين الصحى المقررة بالقانون رقم 63 لسنة 1964 المشار إليه والقانون رقم 75 لسنة 1964 بشأن التأمين الصحى للعاملين بالحكومة والهيئات العامة والمؤسسات العامة إلى الصندوق الذى عهد هذا القانون بإدارته لى الهيئة للتأمين الصحى .

وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ( 1 ) لسنة 1981 بشأن انتفاع الرملة بحق العلاج والرعاية الطبية فأجاز لها الانتفاع بهذا الحق مقابل اشتراك شهرى بواقع 2% من المعاش المستحق لها يضاف لموارد صندوق علاج الأمراض وإصابات العمل المنشأ بقانون التأمين الاجتماعى .

كما صدر القانون رقم 69 لسنة 1992 فى شأن نظام التأمين الصحى على الطلاب وجعله إلزاميا على الطلاب مقابل الاشتراكات السنوية المنصوص عليها فى المادة الثامنه منه ، ونص هذا القانون فى المادة السابعة على أن ” تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى تقديم خدمات التأمين الصحى عليها فى هذا القانون ، وذلك فى جهات العلاج التى تعينها داخل أوخارج وحداتها ووفقا لمستوى الخدمة الطبية والقواعد التى يصدربها قرار من وزير الصحة .

وصدر أيضا قرار وزير الصحة والسكان رقم 380 لسنة 1997 فى شأن نظام الرعاية الصحية التأمينية للأطفال المولودين من أول أكتوبر 1997 ونص فى المادة الثانية منه على أن ” تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية للأطفال بالتعاقد مع جهات العلاج العامة والخاصة أو عن طريق إمكانياتها الذاتية ” .

وأخيرا صدر قرار مجلس الوزراء رقم 637 لسنة 2007 المطعون فيه بإنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية ونص فى المادة ( 1 ) منه على أن تنشأ شركة قابضة تسمى ” المصرية القابضة للرعاية الصحية / وتتخذ شكل الشركات المساهمة ويكون لها أن تنشأ شركات تابعة لمباشرة نشاطها ……. “ .

ونص فى المادة ( 2 ) على أن يكون للشركة القابضة والشركات التابعة لها الشخصية الاعتبارية وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ويسرى عليها أحكام كل من قانون شركات قطاع الأعمال وقانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات  ذات المسئولية المحدودة وقانون سوق رأس المال ……… ويسرى على العاملين بهذه الشركات قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى اللوائح التى يضعها مجلس إدارة كل شركة ”

ونص فى المادة ( 4 ) على أن ” يكون غرض الشركة تقديم الرعاية الطبية بكافة أنواعها لمنتفعى التأمين الصحى وغيرهم من المرضى عن طريق الشركات التابعة لها بالإضافة إلى الخدمات الأخرى المرتبطة بالرعاية الصحية ”

ونص فى المادة ( 5 ) على أن ” ننولى الشركة القابضة من خلال الشركات التابعة لها استثمار أموالها ويكون لها عند الاقتضاء أن تقوم بالاستثمار بنفسها  ، وللشركة أيضا فى سبيل تحقيق أغراضها القيام بالأعمال الآتية :-

1. تأسيس شركة مساهمة تابعة بمفردها أو بالاشتراك مع لاأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو

الأفراد .

2. شراء أسهم شركات المساهمة أو بيعها أو المساهمة فى رأس مالها .

3. ……………………………………..

4. ……………………………………..

وتنص المادة ( 6 ) على أن ” يحدد رأسمال الشركة المرخص به بصافى القيمة الدفترية لأصول كافة المستشفيات والعيادات التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحى بعد خصم الالتزامات على هذه الأصول على أن يتم توزيع رأس المال على أسهم إسمية بقيمة إسمية بسعر ( عشرة جنيهات مصرية ) وتكون مملوكة بالكامل للشركة القابضة ” .

وتنص المادة ( 11 ) على أنه ” يسرى على الشركة القابضة وما تنشئه من شركات تابعة عند تشكيل مجلس لإدارة الجمعية العامة والنظام المالى وتوزيع الأرباح والاحتياجات والتاسيس أحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام ولائحته التنفيذية ” .

وتنص المادة ( 12 ) على أن ” تنقل كافة أصول المستشفيات والعيادات التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحى للشركة القابضة والشركات التابعة لها .

كما ينقل العاملون بمستشفيات التأمين الصحى والوحدات التابعة لها من الهيئة العامة للتأمين الصحى إلى الشركة القابضة والشركات التابعة لها بذات أوضاعهم الوظيفية ………. “ .

وتنص المادة ( 14 ) من قانون الهيئات العامة الصادربالقرار الجمهورى رقم 61 لسنة 1963 على انه ” تعتبر أموال الهيئة العامة أموالا عامة وتجرى عليها القواعد والأحكام المتعلقة بالأموال العامة ……….. “ .

وحيث إن الدولة تؤدى دورها فى أداء وإدارة الخدمات والمرافق العامة بطرق متعددة ، فإما أن تؤدى الخدمة عن طريق الوزارات والمصالح الحكومية مباشرة وهذه هى الأغلب والأعم ، وإما عن طريق هيئات عامة والغالب فيها أن تؤدى خدمات تأمينية واجتماعية ، وتحررالدولة تلك الهيئات من بعض القواعد الجامدة إلى قواعد مرنة تستطيع بها ان تواجه حاجة المجتمع لهذه الخدمات ، وإما عن طريق المرافق الاقتصادية تنمية للاقتصاد القومى وهى تتعلق بإدارة النشاط الاقتصادى لاستثمار أموال الدولة الخاصة وتكون وحداتها فى هذه الحالة من أشخاص القانون الخاص ، وفى الحالتين الأولى والثانية أموالها عامة لا يرد عليها البيع ويكون استعمالها فيما أعدت له ، وهى خارج إطار التعامل ويد الدولة عليها أقرب إلى يد الأمانة والرعاية منها إلى يد التصرف والاستغلال ، وفى الحالة الثالثة أموالها خاصة تهدف إلى الربح فى إطار خطة الدولة الاقتصادية ويأتى دور الدولة فى أن تختار من هذه الطرق أفضلها وأقومها على ضوء حاجة المجتمع إلى الخدمة فكلما اشتدت حاجته إلى مقوم من مقومات الحياة كان الوصول إليه طليقا من التحكم وكان حمله إليه واجب ، ولا يتأتى ذلك إلا بأداء الدولة لهذه الخدمة مباشرة عن طريق الوزارات والمصالح أو عن طريق هيئاتها بأموالها العامة التى لا تهدف إلى الربح ، ويظهر ذلك بجلاء فى الخدمات الصحية التى تقوم بها المستشفيات العامة والخاصة والتأمين الصحى ، ولا يجوز لها العدول عن ذلك إلى أدائها عن طريق مرافقتها الاقتصادية التى تهدف إلى الربح .

من حيث إن الدستور المصرى ونظرا لأهمية المقومات الاجتماعية والصحية كعنصر من عناصر المقومات الأساسية للمجتمع قد أفرد الفصل الأول من الباب الثانى للتضامن الاجتماعى باعتباه حجر الزاوية فى بنيان المجتمع وقد أفصح ذذلك جهرا بما تضمنه المادة السابعة فيه …… بأن يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى .

وينص فى المادة ( 16 ) على كفالة الدولة للخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية ، وفى المادة ( 17 ) على كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعى والصحى ، تم خصص الفصل الثانى من هذا الباب للمقومات الاقتصادية ، وهو ما بعنى أن من القواعد الأصولية التى أرساها الدستور ألا تتخلى الدولة عن دورها فى أداء الخدمات الاجتماعية ، وقد استقر الفقه الدستورى على أن الحق الذى يلتحف بحماية دستورية تقريرا ومدى لا ترخص لأداة قانونية أدنى من الدستور إعادة تنظيمه على نحو ينتقص من الحق أصلا وحدا .

وحيث إن التأمين الصحى على رأس وسائل ومظاهر الحق فى الصحة والذى بات يمثل حقا من الحقوق الانسانية فى القوانين والتشريعات المنظمة لحقوق الإنسان على المستويين الداخلى والدولى وذلك للارتباط الوثيق بين الحق فى الصحة والحق فى الحياة ، وكفالة الدولة للرعاية الصحية تحول دون أن يكون الحق فى الصحة محلا للاستثمار أو المساومة والاحتكار ، ومع بداية أعمال منظمة العمل الدولية فى عشرينات القرن العشرين بدأ المؤتمر العام للمنظمة فى إصدار الاتفاقيات الدولية التى تنظم الحماية للعمال صحيا ثم توالت الاتفاقيات بعد ذلك لى أن تم إنشاء منظمة الصحة العالمية كمنظمة دولية متخصصة فى قطاع الصحة والنص فى دستورها الصادر سنة 1964 على حق الفرد فى التمتع بأعلى مستوى من الصحة ، وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16 / 12 / 1966 الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية التى وقعت مصر فى 4 / 8 / 1967 وأقرتها فى عام 1981 بالقرار الجمهورى 537 لسنة 1981 ، وتضمنت هذه الاتفاقية أشمل مادة تتعلق بالحق فى الصحة وهى المادة ( 12 ) التى تثر فيها الدول الأطراف بحق كل فرد فى المجتمع بأعلى مستوى تمكن من الصحة البدنية والعقلية ، وكانت هذه المادة محل دراسة وتوصيات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى بالأمم المتحدة ( الدورة الثانية والعشرون بجنيف من 25 إبريل لى 15 مايو 2000 ) .

وإنه ولئن كانت قضية الرعاية الصحية الاجتماعية قد حظيت باهتمام دولى معاصر ، فإن مصر قد أدركت أهمية ذلك منذ زمن بعيد حينما جعلت من التأمين الصحى الاجتماعى الذى يعد من أقدم النظم التأمينية فى العالم حيث جاءت بشأنه فى عام 1854 بالأمرالصادر فى 26 ديسمبر 1854 بشأن المعاشات المدنية ، والتأمين الصحى الاجتماعى هو مفتاح ومدخل رئيسى إلى تشكيل أكبر وأوسع نظم التأمين الاجتماعى ويحمى الدخل الذى يقع فى صلب اجتياجات المجتمع ، وبذلك فإن التأمين الصحى الاجتماعى يقوم بمهمة ترسيخ المبادئ الاجتماعية ، ويشكل جزء من أغوارالمجتمع مدعوما بضميره الذى يضرب جذوره بعمق فى التوازن العام للمجتمع ككل ، ومن هنا اختارت مصر نظام التأمين الصحى الاجتماعى كنظام رئيسى لتقديم الرعاية الصحية .

وقبل عام 1964 كانت هناك خطوات محدودة لتطبيق صور الرعاية الطبية التأمينية لى أن صدر القانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية الذى ينص على تطبيق التأمين الصحى على العاملين فى القطاعين العام والخاص الخاضعين لنظام التأمين الاجتماعى ، وأناط هذا القانون بالهيئة العامة للتظامينات الاجتماعية فى ذلك الوقت تقديم التأمين الصحى من خلالها ، ثم صدر القرار الجمهورى إلى هذه الهيئة العامة للتأمين الصحى للعاملين بالحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة ، وأحال فى إنشائها لى رئيس الجمهورية الذى أصدر القرار قراره رقم 1209 لسنة 1964 بإنشاء الهيئة ، وعهد كل من القانون والقرار الجمهورى إلى هذه الهيئة التامين على العاملين المشار إليهم وتقديم الرعاية لهم عن طريق ما تنشئه من مستشفيات وعيادات شاملة ، ثم صدر القرار الجمهورى من مستشفيات وعيادات شاملة ، ثم  صدر القرار الجمهورى رقم 2298 لستة 1964 بنقل مسئوليات تطبيق التأمين الصحى على العاملين فى القطاعين العام والخاص الخاضعين لنظام التأمين الصحى ، وعندها بات مسية التأمين الصحى لتقديم خدماته عن طريق هذه الهيئة وتكاد تكون قاصرة عليها .

ولأن الكفالة حق المواطن فى الرعاية الصحيحة ليس مجرد إقرار لحق أساسى من حقوق الإنسان ولكنه ضمان لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية فقد نص دستور سنة 1971 فى المادتين ( 16 ، 17 ) على كفالة حق المواطنين جميعا فى خدمات التأمين الصحى وإلزام الدولة به على نحو ما سلف بيانه ، وهذا النص الدستورة كان تأكيدا لبداية مرحلة تطوير نظم التأمين الصحى الاجتماعى والسير به قدما نحو توفير هذه الحماية لجميع المواطنين بما يجب أن يأمن فيه كل منهم على يومه وغده وحاضره ومستقبله فكان صدور القانون رقم 32 لسنة 1975 بنظام العلاج التأمينى على موظفى الحكومة والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية ورغبته فى توحيد مزايا التأمين الاجتماعى والعمل على وجود تشريع واحد لهذا النظام بدلا من وجود تشريعات متعددة لتحقيق مبداتكافؤ التعرض على نحو ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه صدر هذا القانون لجميع أنواع التأمين الثلاثة ( التأمين الاجتماعى ، والتأمينات الاجتماعية ، والتأمين الصحى ) ضمن أحكامه مخصصا صندوقين لنوعى التأمين الأول والثانى وعهد بإدارتهما إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى ، وصندوقا للتأمين الصحى عهد بإدارته إلى الهيئة العامة للتأمين الصحى ، وامتدت بذلك مظلة التأمين الصحى بموجب أحكام هذا القانون والتشريعات التالية لتشمل إلى جانب العاملين المدنيين بالجهاز الإدارى للدولة والهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها والعاملين بقطاعى الأعمال العام والخاص ، طلاب المدارس بالقانون رقم 69 لسنة 1992بل وشمل اعتبارا من أول أكتوبر عام 1997 الأطفال منذ الولادة حتى السن المدسى ، ةقد أكدت كل هذه التشريعات على أن تلك الهيئة هى المنوط بها تنفيذ التأمين الصحى الاجتماعى ولها لاشخصية الاعتبارية وميزانيتها الخاصة ضمن الموازنة العامة للدولة .

وحيث إن التأمين الصحى الاجتماعى ليس مجرد نظاما يتم فيه جمع اشتراكات وتأدية الخدمة الصحية ولكنه تعدى هذا المفهوم ليصبح نظاما اجتماعيا وإرثا حضاريا له البعد النفسى والسيكولوجى لدى المواطن ، وتأصل هذا الحق بالنص عليه فى الدستور واجبا على الدولة كفالته ، ومنذ إنشاء الهيئة العامة للتأمين لاصحى فى عام 1964 كهيئة لها شخصيتها الاعتبارية وهى التى تقوم عن الدولة بأداء الخدمة الصحية لمنتفعى التأمين الصحى عن طريق مستشفياتها وعيادتها الطبية التى أصبحت من اشتراكات المؤمن عليهم وخصص صاحب العمل والحكومة صروحا طبية تشرئب إليها نفوس المرضى وتتعلق به أمالهم فى الشفاء ، ولكى تنهض بهذه المهمة أجازت لها التشريعات المشار إليها التعاقد مع لامستشفيات الخاصة للحصول على خدمات للمرضى لا تقل فى مستواها عما تؤديه مستشفيات وعيادات التأمين الصحى ، وبقاء هذه المستشفيات والعيادات تبعا للهيئة فيه تحقيق لما نص عليه الدستور من كفالة الدولة للتأمين الصحى والاجتماعى وضمانة لتحقيق المنافسة بين القطاع الخاص لدى استكمال هذه الخدمة منه ، ومعيارا لتحديد التكلفة عند التعاقد معها ، وبهذه المثابة فإن أداء الهيئة العامة للتأمين الصحى كخدمة التأمين الصحى إنما هو التزام على الدولة بالواجب الدستورى الذى وسده الدستور احتراما لحق الفرد فى الحياة والمحافظة على الصحة العامة للمواطنين باعتبارهما عنصرا من عناصر النظام العام يوجب على الدولة دعم التأمين الاجتماعى الصحى وكفالة تقديم الخدمة الصحية للمواطنين وهو ما يمثل الحد الأدنى من المعادلة الإنسانية لهم ، وهذا الواجب الدستورى الموسد إلى الدولة محظور عليها النكول عن القيام به أو الترخيص فيه بدعوى التطوير أو قصور الموازنة أو غير ذلك من الأسباب التى تتذرع بها الإدارة لتحقيق أهداف تفرغ هذا الواجب من مضمونه .

وبعد أن جمع الدستور بين التأمين الصحى والتأمين الاجتماعى فى مادة واحدة وهى المادة ( 17 ) منه وأضحى التأمين الصحى سده فى التأمين الاجتماعى أكدت المحكمة الدستورية العليا على كفالة الدولة لهذا التأمين فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم 16 لسنة 5 ق دستورية بجلسة 14 / 1 / 1995 بأنه وإذا كان الدستور قد خطا بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد فى اتجاه دعم التامين الاجتماعى حين ناط بالدولة أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية الاجتماعية منها والصحية ……….. لأن مظلة التأمين الاجتماعى التى يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين بها هى التى تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية التى لا تمتهن فيها آدميته والتى توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم ، ولضمان الحق فى الحياة أهم روافدها ، وللحقوق التى يمليها التضامن من بين أفراد الجماعة التى يتعين فى محيطها مقوماتها بما يؤكد انتمائه إليها ، وتلك هى الأسس الجوهرية التى لا يقوم المجتمع بدونها والتى تعتبر المادة ( 17 ) من الدستور من خلالها .

كما قضت فى حكمها الصادر بجلسة 9 / 9 / 2000 فى الدعوى رقم 1 لسنة 18 ق فإن ” الدستور حرص فى المادة ( 17 ) منه على دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة مد خدماتها فى هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم فى الحدود التى بينها القانون من خلال تقرير ما يعنيهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم ، وذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى هى التى تكفل بمداها واقعا أفضل يؤمن المواطن فى غده وينهض بموجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع وفقا لنص المادة السابعة من الدستور ، ولازم ذلك أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هو ضرورة اقتصادية ، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها فى مستقبل أيامهم عن تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم ….. بما مؤداه أن التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق يكون مجافيا أحكام الدستور منافيا لمقاصده إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يعود بها إلى الوراء …..

وذهبت المحكمة الدستورية العليا أيضا إلى أن النصوص القانونية لا تصاغ من فراغ ولا يجوز انتزاعها من واقعها محددا على ضوء المصلحة المقصودة منها ، وهى بعد مصلحة اجتماعية يجب أن تدور هذه النصوص معها ويفترض أن المشرع رمى إلى بلوغها متخذا من صياغته النصوص القانونية سبيلا إليها ومن ثم تكون المصلحة الاجتماعية غاية نهائيه لكل نص تشريعى وإطار لتحديد معناه وموطئا لضمان الوحدة العضوية للنصوص التى ينظمها العمل التشريعى بما يزيل التعارض بين أجزائها ويكفل اتصال أحكامها وترابطها فيما بينها لتغدو جميعها منصرفة إلى الوجهة عينها التى ابتغاها المشرع من وراء إقرارها ( حكمها فى الدعوى رقم 1 لسنة 17 ق تفسير جلسة 3 / 7 / 1995 ) .

كما قضت محكمة القضاء الإدارى بأن مبدأ سيادة القانون من المبادئ الأساسية التى يقوم عليها نظام الحكم الديمقراطى ومؤداه خضوع كافة سلطات الدولة للقانون وذلك فى إطار مجموعة من الضمانات الحاكمة لعلاقة هذه السلطات ببعضها البعض حال مباشرة الاختصاصات الدستورية المقررة لكل منها ، وإذا كان المشرع الدستورى قد وسّد كقاعدة عامة للسلطة التشريعية ولاية سن التشريعات فإن السلطة التنفيذية تكون ملزمة دستوريا بمراعاة مبدأ تدرج الأعمال القانونية التى لا يقف احترامه عند حد التزام السلطة التنفيذية بإصدار قواعد عامة فى إطار أحكام القوانين فقط ، وإنما عدم الخروج على أحكام التشريعا ت السيادية بأداة من أدوات مباشرة عملها تمثل اعتداء على السلطة التشريعية وما يصدر عنها من تشريعات منظمة ( فى هذا المعنى حكمها فى الدعوتين رقم 28124 ، 28361 لسنة 85 ق بجلسة 30 / 1 / 2007) .

وحيث أنه إزاء حيوية قواعد التأمين الصحى الاجتماعى وتعلقها بالنفع العام وبالمصالح الهامة فى المجتمع وارتباطها بحماية الطبقات الضعيفة تحقيقا لعدالة التوزيع فإن القواعد تنتمى إلى النظام العام بما أكد عليه الدستور ونصت عليه تشريعات التأمين اصحى والمواثيق والعهود الدولية مما جعل المشرع يصبغ على أموال التأمين الصحى حماية هاصة حيث قرر لها حق الامتياز على أموال المدين لدى تحصيلها وأجازتحصيلها بطريق الحجز الإدارى وأعفاها من الضرائب والعوائد والرسوم بكافة أنواعها وهو الأمر الذى لا يسوغ معه إمكان عدوان السلطة التنفيذية على الهيئة العامة للتأمين الصحى أو على أموالها وممتلكاتها أو حتى تتحمل هذ الهيئة من الالتزامات التى فرضها عليها الدستور والقانون ، ولا يتغير من هذه الوظيفة ومن بعد واجبات الهيئة ثمة دعاوى للتغيير بحسبان أن آية التيير ومشروعيته محكومة بعدم الخروج على أهداف الهيئة المستقرة فى وجدان المتعاملين بها .

وحيث إنه يبين من جماع ما تقدم أن الدستور قد حرص فى المادتين ( 16 ، 17 ) منه على دعم التأمين الصحى الاجتماعى حين ناط بالدولة كفالة خدماتها فى المجال إلى المواطنين فى الحدود التى بينها القانون وذلك من خلال تقرير ما يعنيهم لعى مواجهة مرضهم أو عجزهم عن العمل باعتبار أن مظلة التأمين الصحى هى التى تكفل بمداها واقعا أفضل يؤمن المواطن فى غده ، وضمان الرعاية الصحية التأمينية إنما يكون أصلا من خلال الهيئة العامة للتامين الصحى عن طريق وحداتها من مستشفيات وعيادات تنفيذا من جانبها لواجباتها المنصوص عليها فى القانون وتحقيقا للغرض من إنشائها ، بحيث لا يجوز لهذا الهيئة أن تجرى العلاج والرعاية الطبية خارج وحداتها فى العيادات أو المصحات النوعية والمستشفيات العامة أو المراكز المتخصصة إلا بمقتضى اتفاقات خاصة تعقد لهذا الغرض ، ولها فى سبيل تقديم هذه الرعاية إنشاء المستشفيات والعيادات الشاملة وغيرها من المؤسسات العلاجية وتجهيزها وإدارتها واستئجار المستشفيات والتعاقد معها لتحقيق أغرضها ، وهو ما يعنى أن المشروع أناط بهذه الهيئة عمليتين معا التمويل وتقديم الخدمة بما لا يجوز معه النكول عن القيام بأى من هاتين العمليتين أو التحلل من قيامها نظرا إلى أن قيامها بذلك واجب اجتماعى خصها به المشرع تنفيذا لأحكام الدستور .

وأموال هذه الهيئة مخصصة لغرض اجتماعى بموجب القانون وأضفى عليها الدستور بنص المادة ( 33 ) منه حماية وجعل لها حرمة لا يجوز انتهاكها أو تغيير مسارها بما ينال من محتواها أو يقلص دائرتها لتغدو الملكية فى واقعها شكلا مجردا من المضمون وإطارا رمزيا لحقوق لا قيمة لها عملا فلا تخلص للغرض التى خصصت له مما يخرجها عن دورها كقاعدة للثروة القومية التى لا يجوز استنزافها من خلال تغيير فى محتواها لا تقتضيه وظيفتها الاجتماعية ، من الحماية ما يعينها على أداء دروها ويكفل اصطفاء ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها ، وبما يقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقصها أو انتقاصها من أطرافها ، ولم يعد جائزا أن ينال أى تشريع من عناصرها ولا أن يغير من طبيعتها أو يجرد من لوازمها ولا أن يفصلها عن بعض أجزائها أويدمر أصلها أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها من ير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، دون ذلك تفتقد هذه الملكية ضماناتها الجوهرية ويكون العدوان عليها غصبا أو مدخل إلى مصادرتها ( فى هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 4 لسنة 15 دستورية ، بجلسة 6 / 7 / 1996 ) .

وحرى بالبيان أن ما أدخل على الدستر من تعديلات تتصل بالنشاط الاقتصادى لا ينال من الحق الدستورى المقرر للخاضعين لنظام التأمين الصحى بحسبان أن كفالة الحق فى الصحة لا يتنافى مع تغيير النظام الاقتصادى ومن ناحية أخرى فإن حق الإدارة فى اتخاذ مناهج جديدة فى الإدارة سواء بنفسها أو عن طريق غيرها محكوم بمراعاة القواعد والأحكام المنظمة لملكية المال العام ابتداءً وحق المواطن فى الحصول على الخدمة الطبية بالسعر المعقول انتهاءً .

وعلى هدى ما تقدم ولما كان البين من الأوراق أن رئيس مجلس الوزراء أصدر قراره رقم 637 لسنة 2007 المطعون فيه منشئا الشركة من أشخاص القانون الخاص وتسرى عليها أحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام وقانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وقانون سوق رأس المال ، وحدد فى المادة الرابعة غرض الشركة بتقديم الرعاية الطبية بكافة أنواعها للمنتفعين بالتأمين الصحى ، وأجاز فى المادة الخامسة للشركة القابضة تأسيس شركات مساهمة بالاشتراك مع الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة أو الأفراد وإدارة المنظمة المالية للشركة بما تضمنته من أسهم وصكوك تمويل وسندات وإجراء جميع التصرفات التى من شأنها أن تساعد فى تحقيق كل أو بعض أغراضها ، ونص فى المادة السادسة على تحديد رأس مال الشركة المرخص به بصافى القيمة الدفترية لأصول كافة المستشقيات والعيادات التابعة للهيئة العامة للتامين الصحى ، وأن يتم توزيع رأس مال على أسهم كل منها عشرة جنيهات ونقل كافة هذه الأصول والعاملين بها للشركة القابضة والشركات التابعة حسبما نصت عليه المادة الثانية عشرة ، ومن ثم فإن القرار قد تضمن تعديلا فى اختصاصات هيئة التأمين الصحى وواجباتها بالمخالفة للدستور ولقانون إنشائها رقم 75 لسنة 1964 والقرار الجمهورى رقم 1209 / 1964 ومن بعدها القانون رقم 79 لسنة 1975 والتشريعات التالية التى أكدت جميعها على أن دور الهيئة هو تقديم الرعاية الطبية والصحية عن طريق مستشفياتها وعيادتها أو التعاقد استثناء بمعرفتها على تقديم هذه الخدمة ، بما لا يجوز معه لأى سلطة إعفائها من هذا الواجب الذى وسّده إليها القانون إعمالا لأحكام الدستور ، كما أن هذا القرار قد تغول على مال هذه الهيئة بتحويله من مال عام إلى مال خاص وإخراجه بذلك عن الغرض التشريعى والمصلحة الاجتماعية التى خصص لها وأفقده المميزات التى أصبغها المشرع على هذا المال لتحقيق غرضه الاجتماعى ، وجعل القرار المطعون فيه هذا المال عرضة للأغيار فى صورة أسهم قابلة للبيع والاستنزاف شأنها فى ذلك أموال الشركات ، وذلك بالمخالفة لقانون الهيئات العامة الصادر بالقرار الجمهورى رقم 61 لسنة 1963 الذى  نص فى المادة ( 14 ) منه على أن ” تعتبر أموال الهيئة العامة أموالا عامة وتجرى عليها القواعد والأحكام المتعلقة بالأموال العامة …….. “

كما تضمن هذا القرار مساسا بحقوق العاملين بهذه الهيئة بنقلهم إلى شركات وتغير صفتهم من موظفين عموميين إلى عاملين بشركات قطاع الأعمال العام دون مسوغ  قانونى .

وحيث إن هذا القرار وقد نقل كافة أصول المستشفيات والعيادات التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحى والعاملين بها إلى الشركة القابضة للرعاية الصحية وشركاتها التابعة وهى من أشخاص القانون الخاص فإنه يكون قد جرد الهيئة من من سماتها الأساسية وحجب وظيفتها الاجتماعية وغير من طبيعة أموالها وممتلكاتها بما يعرضها للضياع وهو افتئات على القواعد الحاكمة لهذا المال والتى أضفت حماية على الهيئة وأموالها بما يمكنها من أداء وظيفتها الاجتماعية كحق نصت عليه المواثيق والعهود الدولية وأكد عليه الدستور وأعلى من قدره وأصطفى عليه وصفه وحدد شكله القانونى باعتباره من المقومات الاجتماعية الأساسية الراسخة وجعل عمادها التكافل والتضامن ، ومن ثم فإن هذا القرار قد عدل من مهمة الهيئة وأخرجها من منظومة التكافل إلى الربح والاستثمار مخالفا بذلك إدارة المشرع الدستورى الذى جعل التأمين الصحى تأمينا اجتماعيا تكافليا لا تجاريا اقتصاديا .

ولا                                                                                   فى المادة الأولى من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 من تأسيس الشركات القابضة ، وذلك أن سلطته فى تاسيس الشركات القابضة لا تكون على إنقاص هيئة عامة وتحويلها أو جزء منها إلى شركة قابضة لأن هذه السلطة مقدرة لرئيس الجمهورية بموجب المادة التاسعة من مواد إصدار هذا القانون ومقصوره على الهيئات الاقتصادية وهو ما لا ينطبق على الهيئة العامة للتأمين الصحى باعتبارها هيئة اجتماعية وسد إليها القانون استنادا لى الدستور مهمة التأمين الصحى على المنتفعين به وتقديم الرعاية الطبية بهم ، وبالتالى فإن القرار المطعون فيه قد انتزع ما ليس من سلطاته قانونا وذلك بنقل ملكية المال العام للدولة الذى خصص لهدف التأمين الصحى إلى الشركة القابضة وشركاتها التابعة بالمخالفة للقانون ولأغراض تحقيق الربح من تلك الأموال ضمن خطة الدولة الاقتصادية وهو ما يختلف كلية عن الهدف المقصود من التأمين الصحى الاجتماعى وقد حصر هذا القرار دور الهيئة فى كونها جامعة اشتراكات لتمويل الشركة القابضة بها مقابل بعض المميزات التى تطالب بها لصالح المنتفعين بالتأمين الصحى مما قد تحجبه الشركة القابضة أو تتقاضى عنه أو تقدمه بأسعار باهظة وفقا لسلطات الإدارة الممنوحة لها فى إدارة شركاتها .

وغير صحيح ما استندت إليه هيئة قضاء الدولة من أن الهدف من القرار هو فصل الإدارة والتمويل عن تقديم الخدمة لتطويرها ، وذلك أن الهيئة قامت أساسا على تطوير الخدمة الصحيحة مقابل اشتراكات ، وظلت مستشفياتها وعياداتها ومراكز صحية ومعاهد متخصصة فى أمور دقيقة من العلاج والجراحات وتدار من الدولة بطريق مباشر ومنها المستشفيات الجامعية كالقصر العينى ومستشفى عين شمس التخصصى ومعهد ناصر للقلب ومعاهد الأورام والكبد والعيون وهى صروح لا يخفى نجاحها وأخذها بالأساليب العلمية الحديثة ، ويعهد إليها القاصى والدانى وإنه ولئن كان الهدف هو تطوير هذه الإدارة إلى الأفضل عن طريق الإدارة غير المباشرة فلها ذلك بل من واجبها ، ولكن ليس عن طريق إنشائها كشركة قابضة وأيلولة أموال الهيئة بل وجل اختصاصها إليها ، وإنما يمكن ذلك عن طريق شركة معينة تدير لها مؤسساتهــــا العلاجيــــة وتقتصر مهمتها على ذلك بمقابل مع المحافظة على البعد الاجتماعى لنظام التامين الصحى وما يستوجبه من توفير الخدمة كيفا وكما بما يحفظ للإنسان كرامته ، كما أن هذا التطوير يمكن داخل الهيئة ذاتها التى تحقق فائضا يرحل سنويا وفقا لقوانين موازناتها بلغ فى السنتين الأخيرتين مائتان واثنان وسبعون مليون جنيه عن السنة المالية 2005 / 2006 ( قانون رقم 133 لسنة 2005 ) ومائة وأربعة وثمانون مليون جنيه عن السنة المالية 2006 / 2007 ( قانون 123 لسنة 2006 ) ، وذلك دون إهدار لكل ممتلكاتها صيرورتها بددا وتجريدها من مضمونها ، وترك أداء هذه الخدمة فى يد القطاع الاقتصادى دون النظر إلى الواقع الاجتماعى للمواطن ودون النظر لتأثير ذلك على الحق فى الصحة وجعله عرضة للتحكم والاحتكار وتربح القطاع الخاص من مرض المؤمن عليهم مرة بشراء الأصول بأبخس الأثمان لأنها قيمت بقيمتها الدفترية ومرة ثانية بإعادة بيع الخدمة الطبية محملة بأرباح القطاع الخاص الذى يهدف إلى الربح ، وبعد أن كانت تقدم من الهيئة بسعر التكلفة وهو ما يصل فى النهائية إلى تحويل التأمين الصحى من حق اجتماعى إلى مشروع تجارى ، وفى وقت اعتبرت فيه قضية التكافل والضمان الاجتماعى مطلب قومى فى مصر وهذف يجب أن ينعم به كل مواطن إلا أن يحرم منه ير القادر .

ولا عبرة ولا اعتداد بما ذكرته جهة الإدارة من أن هذه الشركة مملوكة للدولة وانه لا نية لبيعها ، ذلك أن الأمور فى مجال الإدارة لا تدار بالنياتؤ ولأن الإدارة الإدارية ليست إرادة شخصية لمصدر القرار وإنما هى إرادة مقيدة بما يصدر من قوانين ولوائح ، ومن ثم فإن الشركةت التى تم إنشائها لتحل محل التأمين الصحى وإن كانت مملوكة للدولة إلا أنه يسرى عليها وعلى شركاتها التابعة ما يسرى على الشركات من قابليه أسهمها للتداول فى بورصات الأوراق المالية ، وبالتالى فإن إنشاء هذه الشركة يولى الوجهة شطر تحويل التأمين الصحى الاجتماعى إلى تأمين صحى تجارى فى وقت استرق فيه بناء هذا التأمين الصحى الاجتماعى على أرض الواقع أربعين عاما ليغطى 52% من سكان مصر ، ودولا رائدة فى هذا المجال تأخذ بنظام التأمين الاجتماعى وانتهت إلى التغطية الشاملة لمواطنيها منذ أعوام عديدة منها اليابان عام 1958 وبلجيكا عام 1961 والنمسا عام 1980 وألمانيا عام 1988 وكوريا الجنوبية عام 1989 حسبما ورد فى الدراسة التى أعدها لامجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية والمقدمة من الجهة الإدارية ضمن حافظة مستنداتها ، ومن بين ما انتهت إليه توصيات هذه الدراسة التأكيد على دور النتأمين الصحى فى مصر بكونه تأمينا صحيا اجتماعيا وانتقدت وجود نظامين أحدهما للأغنياء عالى الجودة والآخر للفقراء منخفضين الجودة محدد المزايا وعدم وجود تكافل اجتماعى يربط بين النظامين ، بل أوصت هذهالدراسة بإنشاء هيئة قومية للتأمين الاجتماعى وحينما أوصت بتطبيق مبدأ الفص بين الإدارة والتمويل من جهة وتقديم الخدمات الطبية من جهة أخرى لم تشر من قريب أو بعيد لى إنشاء شركات تستأثر وحدها بتقديم هذه الخدمتات عصبا من الهيئة التى وسد إليها القانون بهذه المهمة .

وعلى ذلك فإن القرار المطعون فيه وقد أنشأ شركة أسند إليها تقديم الخدمات الصحية لمنتفعى التأمين الصحى سلبا من الهيئة العامة للتأمين الصحى يكون قد خالف هدفا اجتماعيا أوجبه الدستور ونصت عليه القوانين وتسعى الدولة إلى الحفاظ عليه ومد مظلته إلى جميع المواطنين ، مما يضحى معه هذا القرار بحسب الظاهر من الأوراق غير قائم على سببه مخالف لأحكام القانون ، لما تضمنه من استلاب سلطة بم تقرر لمصدره ، كما أنه يمثل اعتداء ً صارخا على حق دستورى وهو ما يرجح إلغاؤه عند الفصل فى موضوع الدعوى ويتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه .

وحيث إنه عن ركن الاستعجال فإن فى تنفيذ القرار المطعون فيه ما يمثل اعتداءً وتهديدا لحق المواطنين فى الصحة ونقل ملكية المستشفيات والعيادات الذين يعالجون فيها من الهيئة العامة للتأمين الصحى إلى الشركة المنشأة وتحويل رأسمال الهيئة إلى أموال خاصة ، وهو ما يترتب عليع نتائج يتعذر تداركها فيما لو ألغى القرار المطعون فيه مما يتوافر معه ركن الاستعجـــــال ويتم بذلك ركنا طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وهو ما تقضى به المحكمة مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا لاطلب عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات .

وحيث إنه عن الدفع بعدم الدستورية فطالما لم يثبت من ظاهر الأوراق مخالفة القرار المطعون فيه للقانون فى أكثر من وجه من وجوه الطعن عليه وهو ما يكفى لوقت تنفيذه ثم إلغائه ، ومن ثم فاا جدوى من بحث هذا الدفع ، كما أن المدعى الثالث قد أبدى هذا الدفع مع الدفع بعدم دستورية اتفاقية مصر مع الدول المانحة كطلب احتياطى وقد أجيب إلى طلبه الأصلى ومن ثم فلا مغذى  من غض الطرف عن هذا الطلب الاحتياطى والاكتفاء بذلك فى الأسباب دون المنطوق .

” فلهــــــــذه الأسبــــاب “

حكمت المحكمة : بقبول تدخل الخصوم المتدخلين إلى جانب المدعين ، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ، وبقبولها شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى