المكتبة القانونيةخصخصة و قضايا فسادسياسات اقتصاديةمكتبة | أحكام

حكم بطلان عقد أرض مدينتي

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الثالثة – موضوع

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد منير السيد جويفل

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الاستاذة المستشارين / مصطفي سعيد مصطفى حنفي ( نائب رئيس مجلس الدولة )

/ فوزي عبد الراضي سليمان أحمد ( نائب رئيس مجلس الدولة )

/ جعفر محمد قاسم             ( نائب رئيس مجلس الدولة )

/ عليوه مصطفي عيسي فتح الباب . ( نائب رئيس مجلس الدولة )

وحضور السيد الأستاذ المستشار / بكر عباس جلال ( مفوض الدولة )

وحضور السيد / نصر خلف عبد اللطيف ( سكرتير المحكمة )

مسودة أسباب ومنطوق الحكم الصادر بجلسة 14 / 9 / 2010

فى الطعنين رقمي 30952 ، 31314 لسنة 56 القضائية عليا

المقامة أولهما من الممثل القانوني للشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني

ضـــد

حمدي الدسوقي الفخراني .

ياسمين حمدي الدسوقي الفخراني.

رئيس مجلس الوزراء .                                           ” بصفته “

وزير الأسكان والمرافق والتنمية العمرانية                     “بصفته “

رئيس مجلس إدارة المجتمعات العمرانية الجديدة .            ” بصفته “

والمقام ثانيهما من : رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة . ” بصفته “

ضــد

حمدي الدسوقي الفخراني .

ياسمين حمدي الدسوقي الفخراني.

طعنا فى : الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ( دائرة العقود ) بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 22 / 6 / 2010 في الدعوي رقم 12622 لسنة 63 قضائية.

الإجراءات :

في يوم الثلاثاء الموافق 29 / 6 / 2010 أودع وكيل الممثل القانوني للشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول هذه المحكمة برقم 30952 لسنة 56 القضائية ، طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ( دائرة العقود ) بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 22 / 6 / 2010، والقاضي في منطوقه بالاتي:

أولاً: بقبول تدخل الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني خصماً منضماً إلى الجهة الإدارية المدعي عليها.

ثانياً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوي، وبعدم قبول الدعوي.

ثالثا: قبول الدعوي شكلا ، وفي الموضوع ببطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1 / 8/ 2005 وملحقه المؤرخ 21 / 12 / 2005، ببيع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني ثمانية آلاف فدان لإقامة مشروع مدينتي بمدينة القاهرة الجديدة.

رابعاً: إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه – بناء على مسافة من أسباب الحكم بالآتي :

أولاً: قبول الطعن شكلا.

ثانيا: وبوصفه عاجله / وقف تنفيذ الحكم المطعنون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن ، درءاً لآثار يتعذر تداركها.

وفي الموضوع: إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً.

أصلياً: بعدم قبول الدعوي لانتفاء الصفة والمصلحة في رافعيها، ولرفع الدعوى بغير الطريق القانوني طبقاً للقانون رقم (7) لسنة 2000.

احتياطياً: في الدعوي الأصلية برفض الدعوي.

وفي طلب التدخل الهجومي بإلزام المدعيين – المطعون ضدهما – الأول والثاني خمسين ألف جنيه كتعويض وإلزام رافعها المصروفات .

مع إلزام المطعون ضدهما الأول والثاني المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

وفي يوم الخميس الموافق 1 / 7 / 2010 أودع وكيل رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 31314 لسنة 56 القضائية ، وذلك طعنا فى حكم القضاء الإداري السالف بيانه ، والقاضي في منطوقه بما سلف ذكره

وطلب الطاعن – بصفته فى ختام تقرير طعنه هذا – بناء على ما ساقه من أسباب – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفته مستعجله لحين الفصل فى موضوع الطعن، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بالاتي :

أصلياً: بعدم قبول الدعوي لانتفاء شرطي الصفة والمصلحة .

احتياطياً: رفض الدعوي.

مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن درجتي التقاضي.

وقد تم إعلان الطعنين على النحو المبين بالأوراق.

وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا هذين الطعنين بجلسة 14 / 7 / 2010 حيث قدم الحاضر عن الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني ( الطاعنة في الطعن رقم 30952 لسنة 56 ق القضائية عليا ) مذكرة بدفاع الشركة أرفق بها صوراً ضوئية لبعض المستندات ذات المصلحة بموضوع الطعن، كما قدم الحاضرون عن هيئة المجتمعات العمرانية ( الطاعنة في الطعن رقم 31314 لسنة 56 قضائية ) مذكرة دفاع الهيئة وثلاث حوافظ مستندات، وقد مثل الطعون ضدهما الأول والثاني في الطعنين أمام الدائرة بشخصيهما.

وبتلك الجلسة قررت الدائرة إحالة كل من الطعنين إلى هيئة مفوضي الدولة لأعداد تقرير بالرأي القانوني فيه، وحددت لنظر كل منهما جلسة الأول من أغسطس سنة 2010 .

وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم مع مراعاة إعلان المطعون ضدهما ( المدعيين ) بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا وإلزام شركة والهيئة الطاعنتين مصروفات كل طعن على حدة.

وبجلسة 1 / 8 / 2010 نظرت الدائرة الطعن رقم 3095 لسنة 56 القضائية عليا حيث قدم الحاضر عن الشرطة الطاعنة مذكرة بدفاع الشركة وصورتي حكمين لمجلس الدولة. الفرنسي، كما حضر المطعون ضدهما الأول والثاني ، وطلب التدخل انضمميا إليهما كل من :

السيد / شاكر السيد إبراهيم .

الأستاذ / عصام عبد الرحمن سلطان                ( المحامي)

الاستاذ / خالد على عمر المحلاوي                  ( المحامي )

الاستاذ / جمال تاج الدين حسن                                  (المحامي )

كما نظرت الدائرة الطعن رقم 31314 لسنة 56 القضائية عليا حيث قدم الحاضرون عن الهيئة الطاعنة ( هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، حافظة مستندات ) كما حضر المطعون ضدهما بشخصيهما.

وبهذه الجلسة قررت الدائرة ضم الطعن رقم 31314 لسنة 56 ق القضائية العليا إلى الطعن رقم 30952 لسنة 56 القضائية للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 5 / 8 / 2010 مع التصريح بالإطلاع وتقديم مستندات ومذكرات خلال ثلاثة أيام .

وخلال هذا الأجل تقدمت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بمذكرة بدفاعها، كما تقدمت هيئة قضائية الدولة بمذكرة طلبت فى ختامها الحكم : بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الإسكان ورئيس مجلس الوزراء كما قدم المطعون ضدهما ست مذكرات دفاع.

وبجلسة 5 / 8 / 2010 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة ( موضوع ) لنظرهما بجلسة 10 / 8 / 2010 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعنين، حيث قدم الحاضرون عن المطعون ضدهما وعن طالبي التدخل انضمامياً إلى المطعون ضدهما فى طلباتهما مذكرتي دفاع وست حوافظ مستندات، كما حضر السيد / جمال زهران وطلب التدخل انضمامياً للمطعون ضدهما فى طلباتهما، كما طلب التدخل انضماميا إلى الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني السيد / سمير عباس شعبان، بصفته والد كل من نجلاء وأحمد الحاجزين في مشروع مدينتي.

وبتلك الجلسة وبناء على طلب الحاضرين عن الطاعنين والمطعون ضدهما، قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة 14 / 9 / 2010 مع التصريح بالإطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع.

وخلال هذا الأجل، وبتاريخ 16 / 8 / 2010 مع التصريح بالإطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع.

وخلال هذا الأجل، وبتاريخ 16 / 8 / 2010 قدم المطعون ضدهما ( حمدي الدسوقي الفخراني، وياسمين حمدي الدسوقي الفخراني ) حافظة مستندات ضمت صورة ضوئية مما نشر فى الصحف حول تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن عقد ” مدينتي ” والمخالفات التي شابته ، كما قدم المطعون ضدهما – بذات التاريخ – مذكرة صمما فيها على طلب رفض الطعنين وإلزام الطاعنين المصروفات، وقدما – كذلك – بتاريخ 30 / 8 / 2010 مذكرتين بدفاعها طلبا في ختامهما الحكم : برفض الطعنين، ورفض تدخل الشرطة العربية للمشروعات والتطوير العمراني هجوميا بطلب التعويض من المطعون ضدهما المذكورين، وإلزام الطاعنين المصروفات، وبتاريخ 28 / 8 / 2010 قدمت هيئة المجتمعات العمرانية مذكرة بدفاعها صممت فيها على طلب الحكم بالطلبات الواردة بختام صحيفة الطعن – بتاريخ 30 / 8 / 2010 تقدمت الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني بمذكرة بدفاعها سردت فيها ما سبق أن أبدته من أوجه دفاع، مقررا فيها الحاضر عن الشركة بتنازل الشركة عن الدفع ببطلان صحيفة الدعوي، بعد أن حضر الأستاذ المنسوب إليه التوقيع على العريضة وقرر أن التوقيع المذيلة به العريضة توقيعه، وأضافت الشركة المذكورة في هذه المذكرة أن النائب العام قرر بتاريخ 28 / 8 / 2010 حفظ البلاغ رقم 200 / 2010 أموال عامة عليا والذي كان قدم بشأن العقد محل التداعي، وأن الدعوي الفرعية التى أقامتها الشركة ضد المطعون ضدهما بطلب التعويض عن إساءة حق التقاضي توفرت لها أركان المسئولية وأنها مقبولة لأنها متصلة إتصالا مباشرا بالدعوي الأصلية، خلافا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، واختتمت الشركة مذكرة دفاعها هذه بطلب الحكم بالطلبات المحددة بصحيفة الطعن ومذكرات دفاعها أمام المحكمة الإدارية العليا.

وبجلسة اليوم 14 / 8 / 2010 صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.

وإذا استوفي الطعنان سائر أوضاعهما الشكلية ، فمن ثم يكونان بقبولين شكلا.

ومن حيث إن عناصر المنازعة فى الطعنين تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن المطعون ضدهما ( حمدي الدسوقي الفخراني وابنته ياسمين ) كانا قد أقاما الدعوي رقم 12622 لسنة 63 القضائية، أمام محكمة القضائي الإداري بالقاهرة ، الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بإمتناع المدعي عليهم ( رئيس مجلس الوزراء ، وزير الإسكان ) رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ” بصفاتهم ” ) عن فسخ عقد بيع أرض مشروع مدينتي المؤرخ 1 / 8 / 2005 وملاحقه، والمتمثل فى بيع ثلاثة وثلاثين مليون وستمائة الف متر مربع للشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني، التي يمتلكها ويرأس مجلس إدارتها في ذلك الوقت هشام طلعت مصطفي، وفي الموضوع : بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعي عليهم بصفاتهم المصروفات.

وذلك على سند من قول حاصلة أن المدعي الأول ( المطعون ضده الأول ) سبق أن تقدم بطلب لتخصيص قطعة أرض له لإنشاء منزل عليها بالقاهرة الجديدة، فطلب من أخذ رقم لطلبه وانتظار الإعلان عن المزاد المزمع طرحه لذلك، غير أنه لم يخطر بأي مزاد، ثم فوجئ بنشر العقد المبرم بين هشام طلعت مصطفي وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في موقع إحدي الصحف، دون الإعلان عن مزايدة أو اتخاذ أية إجراءات قانونية، وأضاف المدعيان أن قيمة هذه الأرض تقدر بمبلغ مائة وخمسة وستين مليار جنيه تم تخصيصها بالمجان للسيد المذكور بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة السالفة الذكر، على وفق العقد المؤرخ 1 / 8 / 2005 بتخصيص ثمانية آلاف فدان، فضلا عن أحقيته فى أخذ مساحة 7560000 م 2 بالشفعة، وتعهد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بتوصيل جميع المرافق لهذا المشروع – المسمي مدينتي – بالمجان، وذلك مقابل حصول الهيئة على نسبة عينينة مقدارها 7 % من الوحدات التي سيتم تنفيذها على نسبة 60 % من إجمالى المساحة ، وباقي المساحة يتصرف فيها رئيس مجلس إدارة الشركة المذكرة لحسابه الخاص، في حين تصل قيمة الوحدة فى هذا المشروع إلى عدة ملايين من الجنيهات  وتيراوح سعر متر الأرض القضاء من تسعة ألاف إلى عشرين ألف جنيه حسب نسبة التميز .

وركن المدعيان – تاسيساً لدعواهما – إلى الأسانيد الآتية :

إن قرار هيئة المجتمعات العمرانية بالتعاقد مع الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني على إنشاء مشروع مدينتي للإسكان الفاخر قد جاء مخالفاً للدستور، لإخلاله بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين ، إذ الهيئة سالفة الذكر امتنعت عن التعاقد مع المدعي الأول ( المطعون ضده الأول ) على قطعة أرض واحدة إلا من خلال مزاد علني، على وفق الشروط التي سيتم وضعها في هذا الشأن في حين قامت بتخصيص تلك المساحة من الأرض للشركة السالفة الذكر، دون أي إعلان أو ممارسة بين هذه الشركة وأية شركات أخري، ودونما مراعاة لمبدأ تكافؤ الفرص أو المساواة بين المواطنين.

إن قرار التعاقد بين الهيئة والشركة المشار إليهما عن قطعة الأرض السالف البيان قد جري بين الهيئة والشركة المشار إليهما عن قطعة الأرض السالفة البيان قد جري بالمخالفة لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 والذي تسري أحكامه على جميع الهيئات العامة بالدولة بما فيها هيئة المجتمعات العمرانية، والذي يقضي بأن يكون البيع بطريق المزايدة العلنية وعلى وفق القواعد والإجراءات المقررة بهذا القانون ولائحته التنفيذية.

إن هذه التعاقد جاء مخالفا لأحكام القانون المدني والتي تقضي بأن يكون البيع بمقابل نقدي وليس عينيا، فالثمن يمثل أحد أركان عقد البيان، وقد خلا العقد المبرم بين الهيئة والشركة السالفتي الذكر من الثمن النقدي للأرض محل هذا العقد، ومن ثم فإن العقد لا يعتبر عقد بيع.

ومن جهة أخري، فإن التعاقد محل التداعي قد حمل الهيئة – كذلك – بتوصيل المرافق إلى المشروع ، ودون أن يكلف الشركة بأية مبالغ عن ذلك، فلا تلتزم الشركة إلا بمنح الهيئة حصة عينية مقدارها 7 % من الوحدات السكنية التي سيتم تشييدها خلال عشرين سنة، في حين أن الأرض المماثلة للأرض محل هذا المشروع قد تم بيعها فى آخر مزاد بخمسة ألاف جنيه للمتر وبالتالي تكون قيمة الأرض المخصصة لهذا المشروع مائة وخمسة وستين مليار جنيه ، ولا تتحمل الشركة السالفة الذكر سوي المرافق الداخلية التي تتكلف ما لا يزيد على مليار جنيه ، ومن ثم تكون الشركة المذكورة قد حصلت على الأرض موضوع النزاع دون مقابل، في حين تقوم ببيع المتر المسطح في الوحدة السكنية بسعر يتراوح ما بين سبعة وعشرة ألاف جنيه، ومن ثم يكون قرار تخصيص الأرض لهذا المشروع قد جانب المصلحة العامة.

إن الشركة أعلنت عن بيع أرض ووحدات المشروع دون أن تقوم بأداء ثمن الأرض أو التأمين أو مقدم الثمن إلى الجهة الإدارية، مخالفة بذلك أحكام القانون 59 لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة، الذي يحظر على كل من تملك أرضا أو منشأة داخلة في مجتمع عمراني جديد التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات النافلة للملكية إلا بعد أداء الثمن كاملا وملحقاته، وبناء عليه يكون التعاقد المبرم بين الهيئة والشركة السالفتي الذكر عن الأرض محل التداعي قد تم بالمخالفة لقانون المجتمعات العمرانية المشار إليه.

واستطرد المدعيان –  بيانا لركن الاستعجال المتطلب لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه – قائلين أن الشركة سالفة الذكر قد حصلت على الأرض موضوع التداعي دون مقابل وتقوم بالتعاقد عليها مع الغير وتجني ثمار هذه التعاقدات دون غيرها ، الأمر الذي يتحقق به ركن الاستعجال المتطلب لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه .

وقد تدوول نظر الشق العاجل من الدعوي أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وإبان ذلك، وبجلسة 10 / 5 / 2009 حضر وكيل الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني وطلب تدخله خصما منضما إلى الجهة الإدارية المدعي عليها، وهجوميا طالبا إلزام المدعين بمبلغ عشرة ملايين جنيه لإساءة حق التقاضي.

وبجلسة 16 / 2 / 2010 قررت محكمة أول درجة إصدار الحكم فى طلب وقف التنفيذ بجلسة 16 / 2 / 2010 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة بجلسة 16 /  3 / 2010 وتكلفت هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير بالرأي القانوني فى الدعوي.

وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرها، والذى ارتأت فيه الحكم بالآتي:

أولاً: قبول تدخل الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانية إنضمامياً إلى جهة الإدارة.

ثانياً: عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب الشركة المذكورة إلزام المدعيين بالتعويض، وإحالته إلى المحكمة المدنية المختصة، مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

ثالثاً: قبول الدعوي شكلا، وفي الموضوع: ببطلان عقد البيع الابتدائي المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني المؤرخ 1 / 8 / 2005 ، مع ما رتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني المصروفات مناصفة.

وقد تدوول نظر الدعوي أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحضر الجلسات حيث قدم المدعيان – بجلسة 4 / 5 / 2010 مذكرة خلصا فى ختامها إلى طلب الحكم بالآتي:

أصلياً: بطلان عقد البيع المؤرخ 1 / 8 / 2005 المبرم بين الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لبيع الهيئة إلى الشركة مساحة خمسة ألاف فدان ، وملحقه الخاص ببيع الهيئة للشركة ثلاثة ألاف فدان ، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

احتياطياً: فسخ العقد المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

ومن باب الاحتياط الكلي: رفض طلب التعويض المقدم من الشركة المتدخلة، وإلزام المدعي عليهم المصروفات

وإبان تداول نظر الدعوي قصر الحاضر عن الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني طلب الشركة التعويض على خمسين ألف جنيه ، وقدم كل من الحاضر عن هذه الشركة والحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة – في معرض ردهما على الدعوي – عدة حوافظ مستندات ومذكرة دفاع على النحو الثابت بالأوراق، وبخلص دفاع الهيئة والشركة – في الرد على الدعوي – في الأتي:

أولاً: الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوي ، لتعلقها بعقد مدني.

ثانياً: الدفع ببطلان صحيفة الدعوي، لعدم توقيعها من محام مقبول أمام المحكمة المرفوع أمامها الدعوي.

ثالثاً: الدفع بعدم قبول الدعوي لانتفاء الصفحة والمصلحة

رابعاً: الدفع بعدم قبول الدعوي لانتفاء القرار الإداري .

خامساً: الدفع بعدم قبول الدعوي لرفعها بغير الطريق القانوني بالنسبة للطلبات الختامية للمدعيين، حيث كان يتعين عليهما – بالنسبة لهذه الطلبات – اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات على وفق ما يقضي به القانون رقم 7 لسنة 2000.

سادساً: رفض الدعوي ، بعدم قيامها على أساس سليم من القانون، بحسبان أن التعاقد على أرض مشروع مدينتي قد تم على وفق ما يميله صحيح حكم القانون، أو ندب مكتب الخبراء المختص لبيان الإجراءات التي أتبعت في التعاقد وما تم تنفيذه من المشروع والمبالغ التي انفقت عليه.

وبجلسة 22 / 6 / 2010 قضت محكمة أول درجة بالاتي:

أولاً: بقبول تدخل الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني خصماً منضماً إلى الجهة الإدارية المدعي عليها.

ثانياً: برفض الدفوع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، وبعدم قبول الدعوي.

ثالثاً: بقبول الدعوي شكلا، وفي الموضوع ببطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1 / 8 / 2005 وملحقه المؤرخ 21 / 12 / 2005 ببيع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانية ثمانية آلاف فدان لإقامة مشروع مدينتي بمدينة القاهرة الجديدة.

رابعاً: ألزمت الجهة الإدارية المصروفات، والخصم المتدخل مصروفات تدخله.

وشيدت المحكمة قضاءها هذا على أسانيد وأسباب حاصلها الآتي:

أولاً: إن أحد طرفي العقد موضوع التداعي شخص من أشخاص القانون العام هو هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والهدف منه تحقيق أغراض المرفق العام، بإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة وتنميتها، وقد تضمن شروطا استثنائية تخرج عن الشروط المألوفه في روابط القانون الخاص ، ذلك أن إقامة المشروع تجري وفق اشتراطات الهيئة ومواصفاتها الفنية وطبقاً للبرنامج الزمنى المعتمد منها ، وللهيئة وقف الأعمال ، وإنقاص أرض المشروع وفسخ العقد وسحب الأرض من الشركة بالطريق الإداري، وكل ذلك يعد شروطا استثنائية بما يقطع بتوافر عناصر العقد الإداري فى عقد البيع محل التداعي، ومن ثم  ينعقد الاختصاص بنظر المنازعات الناشئة عنه لمحاكم مجلس الدولة، مما يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر هذا النزاع غير قائم على سند صحيح من القانون ، حرياً بالرفض .

ثانياً: إن الثابت من مطالعة صحيفة الدعوي الماثلة يبين أنها قدمت إلى المحكمة ممهورة بتوقيع من الاستاذ / أحمد حميد ” المحامي ” ، المقيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمتي النقض والإدارية العليا، ومن ثم يكون الدفع ببطلان صحيفتها لعدم توقيعها من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة القضاء الإداري غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون.

ثالثاً: إن المدعيين من مواطني جمهورية مصر العربية، وهما من المخاطبين بأحكام الدستور، ويحق لهما الدفاع عما يبدو لهما أنه حق من حقوقهما المتعلقة ببيع جزء من اراضي الدولة ، ومن ثم يكون قد تحقق فى شأنهما شرط المصلحة وتحققت لهما الصفة في إقامة الدعوي، وبالتالي يكون الدفع بعدم قبول الدعوي لانتفاء شرطي المصلحة والصفة غير قائم على أساس سليم من القانون، مما يتعين معه القضاء برفضه .

رابعاً: إن الثابت أن الدعوي أقيمت مقترنه بطلب عاجل، ومن ثم فإنها تكون بذلك قد أقيمت مستثناة من العرض على لجان التوفيق، على وفق ما تقضي به المادة (11) من القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه. ولا ينال من ذلك قيام المدعيين بتعديل طلباتهما ببطلان وفسخ العقد موضوع النزاع ، بحسبان أن هذا التعديل جاء متصلاً بالطلبات الأصلية المقامة بها الدعوي اتصالا وثيقاً لا يقبل التجزئة، الأمر الذى يغدو معه الدفع بعدم قبول الدعوي لهذا السبب فاقداً لسنده القانوني جديراً بالرفض.

خامساً: إن المنازعة الماثلة منازعة عقدية تنتمي أساسا إلى القضاء الكامل ومن ثم لا يسري في شأنها الدفع بعدم القبول لانتفاء القرار الإداري، مما يغدو معه الدفع بعدم قبول الدعوي لانتفاء القرار الإداري في غير محله حرياً بالرفض.

سادساً: إن هيئة المجتمعات العمرانية تعاقدت مع الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني على بيع مساحة ثمانية آلاف فدان بمدينة القاهرة الجديدة، بطريقة مباشرة ودون إتباع طريق التعاقد المقررة قانوناً، طبقا لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 ، سواء المزايدة العلنية العامة أو المحلية، وقد أجدبت أوراق الدعوي ومستنداتها مما يفيد أن ظروف التعاقد قد اقتضت ولوج الطرق الاستثنائية المنصوص عليها فى هذا القانون وهي الممارسة المحدودة والاتفاق المباشر، ومن ثم تكون هيئة المجتمعات العمرانية قد أبرمت العقد محل النزاع مع الشركة السالفة الذكر دون سند تشريعي وبالمخالفة لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، الذي أضحي الشريعة العامة الواجبة الاتباع من الهيئة في إبرام عقودها، مما يجعل تصرف الهيئة بالمخالفة لأحكام هذا القانون مشوبا بالبطلان . وبناء عليه، يتعين القضاء ببطلان عقد البيع المبرم بين الهيئة والشركة السالفتي الذكر فى 1 / 8 / 2005 وملحقه المؤرخ 21  / 12 / 2005 ببيع الهيئة للشركة مساحة ثمانية ألاف فدان بمنطقة الامتداد العمراني بمدينة القاهرة الجديدة لإقامة مشروع ( مدينتي ).

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا من الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني ، فمن ثم طعنت فيه بالطعن رقم 30952 لسنة 56 القضائية عليا.

وقد استهلت الشركة الطاعنة تقرير طعنها هذا بمقدمة أشارت فيها إلى أن هذه القضية والحكم المطعون فيه هز عرش إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والتنمية العمرانية في مصر كلها، وأحدثا فزعاً في المجتمع ، لأن البطلان سيصيب جميع التصرفات المماثلة إلى الأفراد والشركات مهما كان حجم المشروعات، وأن ما قضي به الحكم من قبول الدعوي من أحاد الناس فى علاقة عقدية إنما يمثل إجازة صريحة لدعاوي الشهرة والابتزاز، ثم أتبعت الشركة الطاعنة ما تقدم بعرض أسباب وأسانيد طعنها بقولها – بداءة – عن هذا الحكم أنه : قد جمع اسباب الطعن كلها إذ خالف الحكم المطعون فيه أحكام القانون … وأخطأ فى تطبيقة وتفسيره، كما جمع صور الفساد فى الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع”.

ثم فصلت الشركة الطاعنة أوجه وأسانيد طعنها على النحو الآتي:

الوجه الأول: الخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره:

وساقت الشركة الطاعنة أسانيد وأسباب نعيها على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على النحو الآتي:

إن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون عندما لم يقضي ببطلان صحيفة الدعوي، رغم أن البادي من صحيفة الدعوي – من حيث الشكل والموضوع – ينبئ بل يكاد يقطع أن معدها وكاتبها هو المدعي الأول، خاصة أن المدعيين كان يحضران بشخصيهما ويقدمان الأوراق والمستندات بصياغة تؤيد الدفع الذي دفعت به الشركة – بطلان صحيفة الدعوي لعدم توقيعها من محام – الأمر الذي كان يتعين معه على المحكمة أن تستوثق من صحة دفاع الشركة، غير أن المحكمة اكتفت – وحسبما جاء الجوهري. فهذا القول مصادرة على المطلوب ، ولا يبين منه كيف استوثقت المحكمة من صحة هذا التوقيع ، بعد أن دفعت الشركة بطلان صحيفة الدعوي لعدم توقيعها من محام ومن ثم فإن المحكمة تكون بذلك قد خالفت القانون ، مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا ببطلان صحيفة الدعوي.

إن الحكم المطعون فيه قضي بقبول الدعوي شكلا رغم انتفاء الصفة والمصلحة الشخصية للمدعيين فكل من المدعيين ليس فى حالة قانونية تحقق له مصلحة شخصية أو منفعة خاصة يكون له معها مصلحة شخصية في إقامة الدعوي حسبما يستوجبه كل من قانون المرافعات المدنية والتجارية فى المادة (3) منه وقانون مجلس الدولة فى شأنها وإنما هي دعوي عقدية ناشئة عن علاقة عقدية ليس لأي من المدعيين صفة أو شأن فيها، وليس لأي منهما مصلحة شخصية فى طلب بطلان العقد الناشئ عن هذه العلاقة أو الحكم لهما بذلك، بل إن الحكم المطعون فيه – بقضائه بقبول الدعوي رغم ذلك ورغم الدفع المبدي من الشركة الطاعنة في هذا الشأن يعود بالدعوي الإدارية إلى دعاوي الحسبة والشهرة والابتزاز كما وأن بعض ما استشهد به من أحكام في غير محله لتعلقه بدعوي الإلغاء : وأخيراً ، فإن ما قضي به الحكم المطعون فيه بشأن شرطي الصفة والمصلحة مع أحكام قضائية عديدة قضت بعدم القبول لانتفاء الصفة والمصلحة الشخصية ، إعمالاً لنصوص القانون، الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته القانون.

إن طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار الامتناع عن فسخ العقد يختلف من حيث الشكل والموضوع والطبيعة عن طلب بطلان العقد ، ولا يرتبط هذا الطلب بالطلب الأصلي ولا يكمل أحدهما الأخر، ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم – ردا على الدفع بعدم قبول الدعوي لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 السالف الإشارة – من أن طلب البطلان لا يعدو أن يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتب عليه أو متصل به اتصالاً لا يقبل التجزئه قول خاطئ فى القانون، فضلا عن أن استشهاد الحكم المطعون فيه بقضاء المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 26769 لسنة 52 القضائية عليا بجلسة 1 / 11 / 2008 في غير محله لاختلاف الوقائع.

إن الحكم المطعون فيه أخطا فى تطبيق القانون عندما اعتبر المادة الأولي من مواد إصدار القانون رقم 89 لسنة 198 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات والباب الثالث من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه قد نسخا التشريعات السابقة ومنها قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة رقم 59 لسنة 1979 ، ذلك أن الحكم بما ذهب إليه على هذا النحو يكون قد أهدر قاعدة أصولية – استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض على تطبيقها – هي : ” إن النص الخاص يقيد العام ” ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون ” .

إن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون عندما أهدر نصوص قانون هيئة المجتمعات العمرانية فيه أخطأ فى تطبيق القانون عندما أهدر نصوص قانون هيئة المجتمعات العمرانية رقم 59 لسنة 1979 ( الفصل الثالث من الباب الأول والباب الثاني)، وقرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، وكذا اللائحة العقارية المنشورة فى عدد الوقائع المصرية رقم 125 بتاريخ 6 نوفمبر سنة 2001 ، وأصر الحكم المطعون فيه على تطبيق قانون تنظيم المناقصات والمزايدات وحده دون غيره واعتبره ناسخاً لها، رغم صدور هذه التشريعات واللوائح لاحقه عليه ورتب على ذلك بطلان العقد فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون.

كما خالف الحكم المطعون فيه القانون إغفاله تطبيق هذه التشريعات، فقد جاء به إن أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والقرارات المنفذة له قد جاءت خلوا عن الوسيلة التي يتعين إبرام التعاقد بها وإجراءاتها وضماناتها، ورتب الحكم على ذلك ضرورة سريان قانون المناقصات والمزايدات، في حين ينص القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار إليه فى المادة  11 / 1 من الفصل الثالث لتنفيذ المشروعات على أن للهيئة أن تجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق البرامج والأولويات المقررة لها، ولها أن تتعاقد مباشرة مع الأشخاص والشركات والمصارف والهيئات المحلية والأجنبية طبقا للقواعد التي تحددها اللائحة الداخلية للهيئة ، وتنفيذا التفويض التشريعي صدرت اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة فى العام 1983 ثم عدلت بالقرار رقم 14 لسنة 1994 ثم بالقرار رقم 2904 لسنة 1995 ، ثم بالقرار رقم 2481 بتاريخ 27 / 5 / 2001 . كما وأنه على وفق المادة  28 / 5 من قانون الهيئة المشار إليه يكون لها التعاقد المباشر وفقا للوائح الهيئة ، وقد انعقد عقد البيع موضوع الدعوي – بإدارة سليمة وصحيحة قانوناً – على وفق ما تقضي به المادتان ( 11 و 18) من قانون الهيئة المشار إليه والمادة (27 / ج ) من اللائحة العقارية.

إن الحكم المطعون فيه أخطا في تطبيق القانون عندما قضي ببطلان العقد محل النزاع لمجرد القول بأن هناك مخالفة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، ذلك أنه على لمجرد القول بأن هناك مخالفة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، ذلك أنه على فرض صحة هذا القول ، فإن المستقر عليه في أحكام القضاء وفي إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع ، أن مخالفة أي إجراء في القانون لا يؤدي إلى البطلان ما لم يكن ثمة نص بذلك ، ولم يتضمن قانون تنظيم المناقصات والمزايدات نصا يقرر جزاء البطلان على مخالفة أي إجراء فيه .

أخطأ الحكم المطعون فيه حين قضي ببطلان العقد بعد أن دخل حيز التنفيذ وبعد خمس سنوات من تمام التعاقد والتنفيذ وبعد أن أصبح الحاجزون في المشروع بالألاف من المواطنين ، مخالفا بذلك قواعد حسن النية فى تنفيذ العقود، واحترام الحقوق والمراكز القانونية المستقرة، وهو ما يندرج ضمن السلام الاجتماعي والأمن القانوني للمجتمع ، وهي مصلحة أولي بالاعتبار من أي مصلحة أخري.

إن الحكم المطعون فيه – بقضائه بعدم قبول التدخل الهجومي من الشركة الطاعنة بطلب التعويض تأسيسا على عدم ارتباطه بموضوع الدعوي – قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن طلب التعويض كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بإساءة استعمال حق التقاضي .

فيه إساءة بالغة تخرج عن حدود حق الدفاع، مما أصاب الشركة بأضرار بالغة، الأمر الذي يجعل طلبها التعويض عن ذلك مرتبطا بالدعوي ذاتها.

الوجه الثاني: الفساد في الاستدلال:

وساقت الشركة الطاعنة أسانيد وأسباب نعيها على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على النحو الآتي:

إن الحكم المطعون فيه قضي بقبول الدعوي شكلا، بحسبان أن المدعيين من مواطني جمهورية مصر العربية، ويحق لهما الدفاع عما يبدو لهما أنه حق من حقوقهما المتعلقة ببيع جزء من أراضي الدولة، وهو استدلال فاسد ، إذ ما تزال المصلحة الشخصية والصفة ضمانات للبعد بساحة القضاء عن الخصومات التي تستهدف الشهرة والابتزاز .

إن ما استنبطه الحكم المطعون فيه من نص المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 89 لسنة 1998 بإصدار قانون المناقصات والمزايدات ومن مناقشات جلسة وحيدة وترك ما جاء بغيرها من الجلستين الثالثة والستين والسابعة والستين من أن هذا القانون ألغي القوانين الخاصة ومنها قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة رقم 59 لسنة 1979 ، هو استدلال فاسد، ذلك أن مادة الإصدار قد ألغت صراحة قانونية اثنين هما القانون رقم 147 لسنة 1962 بشأن تنفيذ أعمال خطة التنمية وقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1962 بشأن تنفيذ أعمال خطة التنمية وقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 ، وما ورد من إشادة عابرة بإلغاء كل حكم يخالف أحكام هذا القانون لا تعني إلغاء القوانين الخاصة ومنها قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وبناء عليه فإن ما استدل به الحكم المطعون فيه من أن قانون المناقصات والمزايدات قد نسخ ما سبقه ، قد انطوي على فساد فى الاستدلال أوقعه فى خطأ ما قضي به من بطلان للعقد محل النزاع .

كما وقع الحكم المطعون فيه في فساد فى الاستدلال، عندما قضي ببطلان عقد بيع أرض مدينتي، لمجرد ما أشار إليه الحكم من مخالفة الهيئة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات رغم خلو القانون ذاته من نص يقرر البطلان صراحة.

اعتبر الحكم أن قانون تنظيم المناقصات والمزايدات هو الشريعة العامة الجامعة المانعة، على الرغم من أن إبرام العقد – على وفق الثابت من التمهيد وباقي نصوص العقد – تشير إلى سند إبرامه، لتحقيق الهدف من إقامة وإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة ، على وفق أحكام قانون المجتمعات العمرانية الجديدة واللوائح السارية.

لم يناقض الحكم المطعون فيه ما أوردته الشركة الطاعنة بدفاعها بخصوص حماية المتعاقد الذى لم يكن له شأن فى المخالفة على فرض وقوعها.

الوجه الثالث : الإخلال بحق الدفاع:

وقد ساقت الشركة الطاعنة أسباب وأسانيد نعيها على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه من الطعن على النحو الاتي:

لم يشر الحكم المطعون فيه من قريب أو بعيد إلى دفاع الشركة الطاعنة الذي أوضحت فيه وجود أحكام بقانون المجتمعات العمرانية الجديدة تحدد السلطات والضمانات والتصرف العقارات بالطريق المباشر، على وفق المادتين 11 و 28 وباقي نصوص هذا القانون وكذا اللائحة العقارية التى صدرت، وعدلت فى العام 2001 ، ولم يرد الحكم على هذا الدفاع أو يمحصه ، وإلا لتغير وجه الرأي فى الدعوي.

لم يرد الحكم المطعون فيه – كذلك – على ما أيدته الشركة الطاعنة من دفاع بشأن وجود اللائحة العقارية الصادرة – بتفويض تشريعي من نصوص القانون ذاته – في العام 2001 ، والتي حولت مجلس إدارة الهيئة إصدار لوائح بقواعد التصرف وتنفيذ المشروعات ، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صدر مخلاً بحق الدفاع .

لم يشر الحكم المطعون فيه أو يرد على الدفاع الذى أبدته الشركة الطاعنة بشأن الأثر المترتب على صدور قرارات وزير الإسكان منذ العام 2006 وحتي العام 2009 باعتماد التخطيط العام والتخطيط التفصيلى وتراخيص البناء لمشروع ” مدينتي ” ، بما له من سلطة على وفق القوانين واللوائح ، والتي استندت في صدورها إلى قانون المجتمعات العمرانية الجديدة، وجاءت تنفيذاً للعقد المؤرخ 1 / 8 / 2005 وملحقه المؤرخ 21 / 13 / 2005 والذى قضت محكمة أول درجة ببطلانه، فلو كان الحكم محص هذا الدفاع لتغير به وجه الرأي فى الدعوي.

لم يرد الحكم – من قريب أو من بعيد – على طلب الشركة الطاعنة ندب خبراء من وزارة العدل للأطلاع على محاضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة والانتقال إلى موقع مشروع ” مدينتي ” للمعاينة على الطبيعة وبيان ما تم تنفيذه، والوحدات التي تم تسليمها إلى الحاجزين وتلك التي تم تسليمها إلى الهيئة.

لم يرد الحكم المطعون فيه على ما أبدته الشركة الطاعنة من دفاع بشأن ضرورات استقرار المعاملات وحماية الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبت على العقد، حتي ولو كانت هناك مخالفة لإجراء من الإجراءات ، بحسبان أن تقرير تلك الحماية من شأنه أن يعصم العقد من الحكم ببطلان ، وكان على الحكم أن يحقق هذا الدفاع، إذ لو كان حققه لتغير به وجه الرأي في الدعوي. وإذ لم يفعل، فمن ثم يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع.

كما لم يلق هذا الحكم قبولا من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومن ثم طعنت فيه بالطعن رقم 13114 لسنة 56 القضائية . عليا .

وأسست الهيئة طعنها على أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفا للقانون ومخطئاً في تطبيقه وتأويله ومشوبا بالفساد فى الاستدلال والقصور في التسبيب ، وذلك على النحو الاتي:

أولاً: فيما يتعلق برفض الدعوي بعدم قبول الدعوي انتفاء شرطي الصفة والمصلحة فى المطعون ضدهما.

فلا خلاف فى أن النزاع الماثل يتعلق برابطة عقدية بين طرفين لا علاقة للمطعون ضدهما الأول والثاني بها الأمر الذى كان يوجب على المحكمة – خلال تصديها لشرطي الصفة والمصلحة أن تلتزم بالروابط التي استقر عليها القضاء الإداري في ولاية القضاء الكامل ومن ثم لا تقبل دعوي بطلان عقد من شخص ليس طرفاً فيه، وليس له مركز قانوني أو حق ذاتي، ولا يكفي فى هذا الصدد ما ذهب إليه عن القول بوجود مصلحة شخصية على النحو الذى استظهره الحكم بطريقة مباشرة، ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قد شاب القصور فى التسبيب وجاء مخالفا لصحيح القانون.

كما خالف الحكم المطعون فيه القانون بما ذهب إليه من أن انه لا يجوز للمحكمة تطبيق أحكام المادة (3) من قانون المرافعات على هذه الدعوي ، فضلا عما يمثله ذلك من اتساع لشرط المصلحة يخلط بين الدعاوي التي ينعقد لمحاكم مجلس الدولة ولاية الفصل فيها ودعوي الحسبة ، وهو ما رفضته المحكمة الإدارية العليا فى حكمها الصادر في الطعن رقم 7018 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 25 / 3 / 2006 .

ثانيا: إن ما قضي به الحكم المطعون فيه من بطلان للعقد محل النزاع بمقوله أن هيئة المجتمعات العمرانية ابرمته متجاهله احكام قانون تنظيم المناقصات والموايدات الصادرة بالقانون رقم 89 لسنة 1998 وهو الشريعة العامة الواجبة الاتباع فى هذه الشأن وأن الهيئة أرتكنت إلى احكام القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن انشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والقرارات المنفذة له والتى جاءت خلواً من بيان الوسيلة التي يتعين ابرام ذلك التعاقد بها وضماناتها وأنها نسخت بأحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 المشار إليه ، مما يجعل هذا العقد قد ابرم دون سند تشريعي مشوبا بالبطلان ، جاء – كذلك مخالفا لصحيح حكم القانون ومشوبا بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، وذلك على النحو الآتي:

1 – أن احكام القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار غليه قد تضمن فى المواد 11، ، 104 ، 28 ، 40 كيفية التصرف فى الأراضي المخصصة للهيئة والتى تدخل فى ولايتها خلافا لما ذهب إليه الحكم .

2- أن احكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 لم تنسخ أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن انشاء هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، وذلك أن المشروع لم ينص على ذلك صراحة فضلا عن أن قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة قانون خاص والقاعدة أن القانون الخاص يقيد العام.

ثالثا: إن الحكم المطعون فيه حيثما قرر بطلان العقد محل النزاع مستندا إلى القول بتجاهل الجهة الإدارية لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 يكون قد تجاهل المبادئ والقواعد التي جري عليها افتاء الجمعية العمومية بيد أن مخالفة التعاقد الذى تم بالأمر المباشر لأحكام القانون ليس من شأنها أن تؤثر على صحة العقد أو تؤدي إلى بطلانه الفتوي رقم 809 بتاريخ 18 / 7 / 1985 جلسة 26 / 6 / 1989 الملف رقم 16 / 6 / 308 كما وأن الحكم المطعون فيه يخالف ما جري عليه افتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع من أن العقد الذى تبرمه الإدارة مع الغير أيا يمس ذلك نفاذ العقد وانما قد يستوجب المسئولية التأديبية أو السياسية أو كليهما وذلك حماية للغير وعدم زعزعة الثقة فى الإدارة وفى مصداقية تعاملاتها مع الغير ” الملف رقم 425 / 541 جلسة 14 / 12 / 2005 وحكم محكمة القضاء الإداري دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار فى الدعوي رقم 45007 لسنة 62 القضائية جلسة 22 / 11 / 208 .

رابعا: أن القواعد التي تضمنها قانون المناقصات والمزايدات بشأن بيع العقارات المملوكة للدولة وايا كانت المزايا التى تحققها لا تتلاءم فى جميع الأحوال مع الدور الذى ناطه المشرع بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، فاتباع قواعد المزايدة كان غير ملائم فى مستوي انشاء الهيئة ولفترات لاحقه ومن ثم كان لا بد من أتباع نظام التخصيص الى يستوجب ان يلتزم من يساهم فى بلوغ أهداف الهيئة بقواعد صارمة تتسم فى نفس الوقت بالمرونة اللازمة لتحقيق الغاية التى استهدفها المشرع .

خامساً: أن الطاعن بصفته تقدم بجلسة 4 / 5 / 2010 بمذكرة دفاعه أوضحت جوانب الموضوع وصحة العقد، وتضمنت تفصيل قانوني بعدم القبول لانتفاء المصلحة غير أن الحكم المطعون فيه لم يعن بهذه المذكرة ، رغم ما تضمنته من دفاع جوهري، ومن ثم يكون قد جاء مشوبا بالقصور فى التسبيب ، وذلك أنه من أسباب القصور فى التسبيب عدم عناية الحكم لبحث ما تثيره الدعوي من مسائل. وما أثاره ذوو الشأن من أوجه دفاع، وعدم تعرضه لها بما يفيد نظره إليها أو تقيده لها وهو ما يبطله من أكثر من وجه ” حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 541 لسنة 42 القضائية عليا جلسة 5 / 4 / 1981، لسنة 846).

ومن حيث أن الحاضر عن الشركة الطاعنة قدم بجلسة 14 / 7 / 2000 مذكرة بدفاع الشركة طلب فى ختامها الحكم وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ونظر موضوع الطعن فى اقرب جلسة ممكنة بسبب الأضرار الجسيمة التى يتعذر تداركها والمتلاحقه منذ صدور الحكم وذلك بناء على ما تضمنته هذه المذكرة من اسانيد حاصلها الاتي:

أن أسعار الأوراق المالية والاستثمارات فى مصر بصفة عامة الاستثمارات العقارية بصفة خاصة قد اهتزت منذ صدور الحكم المطعون فيه 22 / 6 / 2010.

أن الشركة الطاعنة دفعت ببطلان صحيفة الدعوي لعدم توقيعها من محام مقبول أمام محكمة القضاء الإداري وبعدم قبولها لرفعها بغير الطريق إلى رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 في شأن التوفيق فى بعض المنازعات / حيث لم يلجأ المدعيان ( المطعون ضدهما الأول والثاني ) إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات – كما دفعت الشركة الطاعنة بعدم قبول الدعوي لانتفاء الصفة والمصلحة ، باعتبار أن رافعها يستند إلى عقد لم يكن طرفاً فيه، وليس فى مركز خاص بشأنه ولا يمس مصلحة له كما وأنه ليس صاحب حق بطلب حماية فضلا عن أنه لا يطلب الحكم لنفسه بشئ ومع ذلك قضي الحكم المطعون فيه بقبول الدعوي شكلا مما يجعله مرجح الإلغاء.

وأن ما قضي به الحكم المطعون فيه من بطلان عقد بيع أرض قد ينافي إنما يتناقض ويتنافر مع المبادئ القانونية والقواعد المقررة فقهاً وقضاء.

أن أحد اعضاء الدائرة التي اصدرت الحكم المطعون فيه وهو المقرر وكاتب اسباب الحكم له خصومة مع هيئة المجتمعات العمرانية فى الدعوي رقم 20899 لسنة 64 القضائية ( قضاء إداري القاهرة ) ومن ثم يكون قد تحقق فى شأن أحد أسباب عدم الصلاحية فى نظر الدعوي الصادرة فيها الحكم المطعون فيه وقد أرفق الحاضر عن الشركة الطاعنة بالمذكرة السالفة البيان صورة ضوئية من المستندات الاتية:

1 ) تقرير قطاع الخبراء بوزارة العدل ( إدارة الكسب غير المشروع ) بشان احتساب القيمة السعرية لسنة 7 % من مشرع مدينتي المخصصة لهيئة المجتمعات العمرانية، وما إذا كان العيني يماثل ثمن المثل وقت التصرف فى حالة الساداد النقدي من عدمه.

2 ) صحيفة الدعوي رقم 20896 لسنة 64 المقامة من المستشار محمد محمود عبد الواحد عقيلة عضو الدائرة التى اصدرت الحكم المطعون فيه ضد كل من رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ورئيس جهاز تنمية مدينة السادس من اكتوبر بصفتهما.

3 ) الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدائرة الثانية بجلسة 25 / 6 / 2006 في الدعوي رقم 39706 لسنة 59 القضائية المقامة من المستشار / ممدوح عبد الحميد السقا أحد أعضاء الدائرة التي اصدرت الحكم المطعون فيه ضد رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ورئيس جهاز تنمية القاهرة الجديدة.

4 ) تقرير الطعن رقم 31881 لسنة 52 القضائية عليا المقام من هيئة المجتمعات العمرانية طعنا فى الحكم الصادر فى الدعوي رقم 39076 لسنة 59 القضائية السالف الأشارة إليها.

5 ) تقرير هيئة مفوض الدولة بشأن تقرير الطعن المشار إليه .

وبذات الجلسة قدم الحاضرون عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الهيئة الطاعنة مذكرة بدفاع الهيئة وثلاث حوافظ مستندات وقد طلبت الهيئة فى ختام هذه المذكرة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بالاتي:

أصليا: بطلان الحكم المطعون فيه تأسيساً على وجود خصومة قضائية بين عضويين ممن اشتركوا فى اصدار هذا الحكم وبين الهيئة.

احتياطيا: عدم قبول الدعوي لانتفاء شرطي الصفة والمصلحة تاسيسا على أن دعوي بطلان العقد لا تقبل ممن ليس طرفاً فيها.

ومن باب الاحتياط الكلي رفض الدعوي وذلك تاسيسا على أن الحكم المطعون فيه فيما قضي به من بطلان عقد بيع ارض مدينتي جاء مخالفا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا وافتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع فضلا عن ان اللجنة الثانية من لجان الفتوي بمجلس الدولة سبق لها أن راجعت عقد بيع مساحة اربعين فدانا ابرم بنظام التخصيص في ظل العمل بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 ومن دون أن تبين الملاحظات التي وردت بشأن العقد أية اشارة إلى مخالفة العقد لأحكام هذا القانون.

وبتلك الجلسة قدم الحاضرون عن الهيئة المذكورة ثلاث حوافظ مستندات طويت على عدة مستندات تتعلق بتأييد ما ابدته الهيئة بمذكرة دفاعها السالف البيان.

كما قدم الحاضران مع المطعون ضدهما الأول والثانية قد قاما ردا على ما ركن إليه الطاعنان فى طعنيهما الماثلين وما ابدياه من دفاع فيما قدماه من مذكرات لعدة حوافظ مستندات ومذكرات دفاع.

وقد ضمنت هذه الحوافظ صورا ضوئية لأحكام وفتاوي صادرة من مجلس الدولة وصفحات جرائد تتضمن اخبارا تتعلق بالتصرف في أراضي الدولة.

وصورة من المذكرة الايضاحية لمشروع قانون باصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات.

وتضمت المذكرة الآنفة البيان الرد على ما ساقه الطاعنان من اوجه طعنهم وأسانيد للنعي على الحكم المطعون فيه.

ويخلص ما تضمنه تلك المذكرات إلى طلب رفض الطعنين والزام الطاعنين المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.

وهو ذات ما خلصت إليه مذكرات الدفاع اللاتي تقدم بها المطعون ضدهما المذكورات إبان فترة حجز الدعوي للحكم كما خلصت مذكرة دفاع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني إبـان ذلك إلى طلب الحكم بالطلبات الواردة بصحيفة الطعنين وذلك إستناداً إلى ما سبق ابداؤه من اوجه دفاع . والى أن النيابة العامة اصدرت قرارها بتاريخ 28 / 8 / 2010 حفظ التحقيقات لعدم وجود أية شبهة جنائية فى التعاقد محل التداعي.

ومن حيث أنه عن طلب التدخل انضمامياً إلى المطعون ضدهما (حمدي الدسوقي الفخراني وياسمين حمدي الدسوقي الفخراني ) فى طلبهما رفض الطعنين وطلب طالب التدخل خصما منضما للطاعنيين فى طلباتهما فإن المحكمة ترجي البت فيهما لحين الفصل فى وجه النعي المتعلق بمدي توافر شرطي الصفة والمصلحة لدي المطعون ضدهما فى الدعوي المطعون فى الحكم الصادر فيها بالطعنين الماثلين.

ومن حيث أنه عن طلب الحاضر عن الحكومة إخراج كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية من المنازعة تأسيساً على أن صاحب الصفة فى النزاع محل هذين الطعنين هو رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية فإنه لما كان كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان والمرافق والتنمية ليسا من النزاع محل الطعنين الماثلين ببعيد وينبغي أن يكونا على بصيرة مما سيقضي به فى هذا النزاع فى منطوق الحكم وما ارتبط من أسانيد وأسباب وحيثيات جوهرية وكاملة له الأمر الذى تقضي معه المحكمة برفض هذا الطلب وتكتفي بذكر ذلك فى اسباب دون تكراره فى منطوق الحكم .

ومن حيث أنه بالنسبة للنعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قواعد الاختصاص الولائي بقالة أن العقد محل التداعي ليس عقد اداريا وانما عقد مدني من عقود القانون الخاص إذا هو مجرد عقد بيع لاملاك الدولة الخاصة غير متصل بتسيير المرفق ونشاطه فإنه لما كان المشرع قد ناط بموجب المادة رقم (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بمحاكم مجلس الدولة الاختصاص دون غيره بالفصل فى المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الاشغال العامة أو التوريد أو بأي عقد إداري اخر .

ومن حيث أنه قد بات من المستقر عليه قضاء وإفتاء أن العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد بمناسبة ممارستها لنشاطها فى ادارة المرافق العامة وتسييرها ليسا سواء فمنها ما يعد عقوداً إداريه تأخذ فيها الإدارة بوسائل القانون العام بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد وقد تنزل ، ومناط العقد الإداري أن تكون الإدارة أحد أطرافه وأن يتصل بنشاط المرفق العام من حيث تنظيمه وتسييره بغية خدمة أغراضه وتحقيق احتياجاته مراعاة لوجه المصلحة العامة وأن يأخذ العقد بأسلوب القانون العام بما ينطوي عليه من شروط استثنائية غير مألوفه فى عقود القانون الخاص سواء تضمن العقد هذه الشروط أو كانت مقررة بمقتضي القوانين واللوائح.

ومن حيث أنه لا مراء فى أن الهيئات العامة هي من أشخاص القانون العام وأن ما تبرمه من عقود تتصل بنشاط وتسيير المرافق القائمة تعد عقوداً إداريه متي اخذت فيها بأسلوب القانون العام بأن تضمنها شروطاً إستثنائية غير مألوفه فى عقود القانون الخاص.

ومن حيث أن المشرع بموجب القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وتنميتها من كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية وناط بها فى المادة 28 من هذا القانون بحث واقتراح وتنفيذ ومتابعة خطط وسياسات وبرامج إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وفي سبيل تحقيق الهيئة اغراض المرفق القائمة على أمره ابرمت العقد محل التداعي لاقامة مشروع للاسكان الحر على الأرض محل هذا العقد على وفق الاشتراطات والقواعد البنائية المعمول بها فى الهيئة مما يقطع وبما لا يدع مجالا للشك أن هذا العقد والذي ابرمته هيئة عامة يتصل بنشاط المرفق القائمة عليه هذه الهيئة وتسييره وتحقيق اغراضه إذا ما يقصد إليه المشرع محل هذا العقد هو عين ما تهدف إليه الهيئة وتسعي إلى تحقيقه.

ومن حيث أن الثابت من استقراء بنود العقد المشار إليه أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لجأت فيه إلى أسلوب القانون العام بأن ضمنته شروطاً استثنائية غير مألوفه فى روابط القانون الخاص فقد تضمنت هذا العقد فى التمهيد أن تنفيذ المشروع بخضع لاعتماد الهيئة ويجري على وفق الشروط الفنية التي تضعها الهيئة كما نص البند الخاص على أحقية الهيئة فى انقاص مساحة الأرض المخصصة للشركة المخصصة للشركة حسب إمكانياتها وأن لها الحق فى إسترداد الأرض إداريا بعد التنبيه على الشركة بذلك وفي البند السادس على أن يكون للهيئة حق امتياز على جميع اموال الشركة وعلى الأرض محل العقد ضماناً لقيمة الأرض وفقا للمادة 16 من القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار إليه وفي البند السابع على أن يحظر على الشركة استعمال الأرض محل العقد في غير الغرض المخصصة له وفي البند التاسع على أن لا يتم تسليم الأرض للشركة إلا بعد صدور قرار التخطيط والتقسيم وفي البند الحادي عشر على حق الهيئة فى المرور الدوري على المشروع للتأكد من التزام الشركة بالبرنامج الزمني المقدم منها والمعتمد من الهيئة والتأكد من مطابقة الاعمال للمواصفات والشروط البنائية والتراخيص وأن للهيئة وقف الاعمال المخالفة ويكون للهيئة ازالة هذه الاعمال إداريا على حساب الشركة على وفق القواعد المعمول بها بالهيئة وفي البند الرابع والعشرين على حق الهيئة فى فسخ العقد إذا أخلت الشركة بأى من التزاماتها الناشئة عن العقد واسترداد الارض اداريا مع عدم الاخلال بحق الهيئة فى التعويضات ومقابل الانتفاع عن مدة بقاء الارض فى حوزة الشركة.

ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن الشروط التى تضمنها العقد محل التداعي هي بعينها الشروط الاستثنائية غير المألوفه فى روابط القانون الخاص ومن ثم يكون قد توافر لهذا العقد مما يجعله بيقين لا يخالطه شك عقداً ادارياً مما يعقد الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة به لمحاكم مجلس الدولة حسبما ذهب والحكم المطعون فيه وليس محاكم القضاء المدني حسبما تقول به الشركة الطاعنة الأمر الذى يكون معه النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه من النعي فى غير محله .

ومن حيث أنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون بسند من أنه لم يقضي ببطلان صحيفة الدعوي الصادر فيها الحكم المطعون فيه لعدم توقيعها من محام فانه لما كان الحاضر عن الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني قد أقر فى مرافعته الشفهية امام المحكمة بجلسة 10 / 8 / 2010 بتنازله عن هذا الوجه من النعي بعد أن حضر المحامي المنسوب إليه التوقيع على العريضة امام المحكمة وأقر بأن التوقيع المزيلة به العريضة ومن ثم لم يعد محل لتصدي المحكمة لهذا الوجه من النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفه القانون.

ومن حيث أنه بالنسبة لنعي الطاعنين على الحكم المطعون فيه بالبطلان على سند من أن كلا من السيد المستشار / ممدوح عبد الحميد السقا والسيد المستشار محمد محمود عبد الواحد عقيله اللذان شاركا فى اصدار الحكم وهما من حررا مسودته على الرغم من إن بينهما وبين الهيئة خصومة مما يقوم به أحد أسباب عدم الصلاحية الأمر الذي يجعل الحكم المطعون فيه باطلاً فإنه لما كانت المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن ” يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوي ممنوعاً من سماعها وإن لم يرده أحد من الخصوم فى الأحوال الاتية :

1 ـ إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة

2 ـ إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوي أو مع زوجته.

3 ـ …………. 4 – ……………. – 5- …………………

كما تنص المادة (147) من هذا القانون على أن يقع باطلاه عمل القاضي أو قضاؤه فى الأحوال المتقدمة الذكر ولم تم بإتفاق الخصوم …..

ومن حيث أن المشرع قد حدد على سبيل الحصر بموجب نص المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه الحالات التي يكون فيها القاضي غير صالح الحكم فى الدعوي حتي ولو لم يرده أحد الخصوم والمعني الجامع لهذه الأسباب حسبما جري عليه قضاء هذه المحكمة كونها مما تضعف له النفس فى الأغلب الاغم وكونها معلومة للقاضي ويبعد أن يجهلها ، وهديا بما سبق فإن الخصومة التي تكون بين القاضي وأحد الخصوم والتي تمنع القاضي الإداري من الحكم فيها هو

ومن حيث إنه فى خصوص مدي توافر شروط الصفة والمصلحة فى المدعيين في الدعوي المطعون في الحكم الصادر فيها بموجب الطعنين الماثلين فإنه لما كانت المادة 30 من الدستور الحالى تنص على أن : الملكية العامة هي ملكية الشعب وتتمثل فى ملكية الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة”.

كما تنص المادة (33) منه على أن : ” للملكية العامة حرمة وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون ” .

ومن حيث أن مفاد ذلك أن الملكية العامة تتمثل فى الأموال المملوكة للدولة أو للاشخاص الاعتبارية العامة ومنها الهيئات العامة وأن هذه الأموال ملك الشعب بكل افراده ملكية شيوع الأمر الذي يجعل لكل مواطن من أفراد هذا الشعب حقا فى هذه الأموال ، بل عليه أن يهب للدفاع عنها على وفق ما يقرره القانون أي بإتباع الإجراءات والرخص و الوسائل التى قررها القانون لكفالة هذه الحماية ومنها اللجوء الي القضاء لإستصدار حكم قضائي يكون بمثابة السند التنفيذي الذى تتحقق به الحماية المنشودة ولما كان ذلك وكانت الدعوي الصادرة فيها الحكم المطعون فيه تنصب على طلب الحكم ببطلان عقد بيع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني قطعة أرض مساحتها ثمانية ألاف فدان لإقامة مشروع ” مدينتي ” عليها بناء على ما ساقه المدعيان من أسانيد حاصلها أن هذا البيع تم بمقابل بخس ، وجاء ثمرة إجراءات غير صحيحة فمن ثم فلا محيص من القول – بالنظر إلى حجم الأرض محل التصرف المطلوب الحكم ببطلانه وماله من انعكاس على حقوق المتعاقدين وغيرها فى تراب هذا الوطن – بان لكل مواطن مصري صفه ومصلحه فى العني على مثل هذا التصرف وولوج سبيل الدعوي القضائية دفاعاً عن حقه فى هذا المال من دون أن تختلط دعواه فى هذه الحالة بدعوي الحسبة وبناء عليه يكون للمدعين مصلحة حقيقية – وليست نظرية – فى دعواهما التي طلبا فيها الحكم ببطلان عقد البيع المشار إليه بسند من أن إبرام العقد قد تم بخروج بواح على القانون أهدرت فيه قواعد المساواة وتكافؤ الفرص التى بمراعاتها يتمكنان وغيرهما من التنافس فى الفوز بقطع من أرض الدولة تلك و لا ينال من ذلك القول – بأن هذا من شأنه السماح بدعاوي الشهرة والابتزاز ذلك أن قبول الدعاوي إنما هو بملاك يد القضاء الإداري الذي يستطيع أن يميز الخبيث من الطيب والغث من السمين من الدعاوي التى نطرح فى ساحته على وفق ما يميله صحيح حكم القانون ويظهره واقع الحال فى الدعوي.

كما وانه لا حجة في القول بأن الحكم المطعون فيه توسع فى شروط المصلحة قياسا على دعوى الإلغاء رغم ما بينهما من خلاف ذلك أن الصحيح أن الحكم لم يغب عنه أنه بصدد دعوي من دعاوي القضاء الكامل وليس دعوي إلغاء. إلا أنه حدد مفهوم المصلحة بما يتفق وواقع الحال فى الدعوي وعلى ضوء ما تقتضيه طبيعة المنازعات الإدارية والنصوص ذات الصلة بالدعوي.

ومن جهة أخري لا وجه للاحتجاج ببعض أحكام المحكمة الإدارية العليا الصادرة فى شأن المصلحة والصفة لاختلاف الوقائع فى الدعاوي الصادرة فيها هذه الأحكام عن وقائع الدعوي الصادر فيها الحكم المطعون فيه بالطعنين الماثلين وبناء على ما تقدم فلا تثريب على محكمة أول درجة أن طرحت تفسير الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني لنص المادة (3) من قانون المرافعات المدنية والتجارية والذي ينتهي إلى إنتفاء مصلحة وصفة المدعيين فى الدعوي الصادر فيها الحكم المطعون فيه.

ولما كان ذلك وكان طالبو التدخل – أثناء نظر الطعنين – انضماماً إلى المطعون ضدهما فى طلبيهما رفض الطعنين قد تقدما بطلب تدخلهم شفاهة فى حضور الطاعنين وقد اثبت الطلب فى محضر الجلسة – على وفق ما تقررة المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية وأن لهم بصفتهم مواطنين مصريين كما هو الشأن بالنسبة للمطعون ضدهما – مصلحة شخصية ومن ثم يتعين قبول تدخلهم كما يتعين قبول تدخل طالب التدخل خصما منضما للشركة المذكورة وجهة الإدارة فى طلباتهم حيث أثبت طلبة بمحضر الجلسة وله مصلحة فى التدخل.

ومن حيث أنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون تأسيسا على أنه قضي بقبول الدعوي رغم عدم لجوء المدعيين إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات على وفق ما رسمة القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه ورغم انقطاع الصلة بين الطلبات الأصلية التي كانت قد أقيمت بها الدعوي، والتى كانت مقترنه بطلب مستعجل وبين الطلبات المعدلة والتى فصل فيها الحكم المطعون فيه فإنه لما كان المشرع – بموجب المادة (11) من القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه – قد استثني الدعاوي التى تكون مقترنه بطلبات عاجله من العرض على لجان التوفيق فى بعض المنازعات.

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جري على أنه ليس هناك ما يتأبي وأن تتضمن الدعاوي المتعلقة بالعقود طلبات مستعجلة.

ومن حيث أن اللجوء الى التوفيق فى بعض المنازعات – الذى فرضه المشرع فى القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه – ليس طقسا في ذاته ولم يفرضه المشرع عبثا وإنما أوجبه المشرع لرغبة قصدها وغاية أرادها تتمثل فى تقليل حجم المنازعات التى تطرح على القضاء الإداري بالفصل فيها من قبل اللجان المشكلة طبقا لهذا القانون – وبناء عليه فلا غرو إن جري قضاء هذه المحكمة على أنه متي رفعت الدعوي أمام المحكمة المختصة وكانت الطلبات فيها مستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها فى القانون (7) لسنة 2000 المشار إليه أو كانت الدعوي قد رفعت بطلبات لجأ المدعي بشأنها إلى لجنة التوفيق المختصة ثم عدلت الطلبات امام المحكمة وكانت هذه الطلبات المعدلة لا تكون طلبات مكملة للطلب الأصلي فى الدعوي أو مترتبة عليه أو متصلة به اتصالاً لا يقبل التجزئة فلا يكون ثمة جدوي من المطالبة مرة اخري باللجوء الى تلك اللجان بعد تعديل الطلبات ولا سيما أن الدعوي قد أصبحت مطروحة – بالفعل – أمام المحكمة المنوط بها اصلاً الفصل فى النزاع.

ومن حيث أنه لما كان ذلك . وكان الثابت من الأوراق أن المدعيين فى الدعوي المطعون في الحكم الصادر فيها بالطعنين الماثلين كانا قد أقاما دعواهما بطلبات جاءت مقترنة بطلب مستعجل حيث تحددت طلباتهما – حسب ما جاء بختام عريضة دعواهما – فى وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن فتح عقد بيع اراضي لإقامة مشروع مدينتي المشار إليه. وهو ما يجعل دعوهما مستثناة من شرط اللجوء إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات ثم قاما بتعديل طلباتهما – اتساقاً مع التكييف الذى ذهبت إليه هيئة مفوضي الدولة لطلبات المدعيين – لتصبح الحكم ببطلان عقد بيع اراضي مشروع مدينتي وذلك بعد أن كانت خصومتهما مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة – وغايتها هدم هذا العقد وما يترتب عليه من أثار قد استوت على سوقها وتبلور موقف الهيئة بشأنها مما لم يعد معه ثمة جدوي من اللجوء إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات بخصوص هذه الطلبات الأمر الذى يكون معه قضاء محكمة اول درجة برفض الدفع بعدم قبول الدعوي لرفعها بغير اتباع الطريق القانوني في محله.

ومن حيث إنه عن نص الطاعنين على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون لقضائه ببطلان العقد محل التداعي من دون أن يكون لقضائه سند صحيح من القانون بحسبان أن الحكم استند في قضائه إلى ابرام هذا العقد بالمخالفة لما يقضي به قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 وهو استناد في غير محله ذلك أن إبرام هذا العقد يخضع للقانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة واللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها فضلا عن أنه فرض القول بمخالفة اجراءات ابرام العقد المشار إليه لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه فإنه ليس مؤدي ذلك بطلان العقد ومن حيث أنه تجدد الإشارة بادي ذي بدء إلى أنه ما تبرمة الجهات الإدارية من عقود إنما تبرمها قوامة على الشأن العام فمن قوامة الدولة على الشأن العام تتفرع التفاريع الى الهيئات والمصالح وسائر الوحدات العامة التى تنقسم نوع نشاط ومكان إقليم ومجال تخصص فالشأن العام هو شأن الجماعة مصالحاً وأوضاعاً ومقاصد منشودة والجماعة تشخصها الدولة وهي لا تتشكل من هيئة واحدة ولكنها تتكون من الناحية التنظيمية من هيئات كبري تتوزع عليها مراحل تشكل العمل العام وذلك بما عرف من سلطات التنفيذ والتشريع والقضاء ـ فالدولة كتنظيم مشخص للجماعة ـ يستمد من هذا التنظيم مبرر قيامه ويستمد منه كذلك شرعية نفاذ القول على الغير بشأن أوضاع الجماعة حفاظاً وضبطاً وتسييراً وتنمية فى كل المجالات ، هذه الدولة تقوم على مفهوم النيابة عن الجماعة والتمثيل لها.

ومن هنا فإن وظائف التنفيذ لا تستمد أي من الجهات الشرعية ممارستها إلا بوصف هذه الجهة ممثلة أو نائبة عن غيرها فلا يوجد من يتصرف في شأن عام إلا وهو مفوض فى ذلك لا أصيلا عن نفسه ولا صاحب شأن بذاته هيئة كانت أو مجلساً أو فرداً إنما هو قوام على شأن عام لموجب وصف تمثيلى وصفه تفويضية أتته من مستند عام دستورا كان أو قانونا أو قرارا فرديا وهو ما يعبر عنه بالاختصاص فى مجال القانون العام.

ومن جهة اخري فإن أي تصرف يصح وينفذ على نفس المتصرف وماله بموجب توفر شروط اهلية المتصرف التى تمكنه من إلزم نفسه بقول يصدر عنه ، بينما يصح أى تصرف وينفذ فى حق غير المتصرف بموجب ما يتوفر للمتصرف من ولاية إمضاء القول على الغير ، والولاية إما خاصة أو عامة ، وتكون الولاية عامة متي توفر لها مكنة إمضاء لقول على غير ليس محدداً ولا محصوراً ولا معيناً ، وهي ما يتعلق بالدولة فى الشئون العامة وما يتفرع عن أجهزتها وتنظيماتها وهيئاتها ووحداتها وأفرادها وهي لا تقدم إلا بمستند شرعي من دستور أو قانون أو لائحة أو قرار فردي فليس من لسلطة عامة إلا وهي مقيدة ومحدودة وهذا شأن العقد الإداري باعتبارة صادراً عن ولاية تستند لاختصاص مفوض بإجراء التصرف فى شأن يتعدي ذات مصدر القرار إلى مال ومصالح وشئون هو أمين عليها بموجب التصرف فى شأن يتعدي ذات مصدر القرار إلى مال وتفويضه فيه وذلك بحسبان أن مال الدولة باجهزتها المختلفة – عاماً كان أو خاصاً – مملوك لا لمن يديره ولا لمن هو مخول مكنة التصرف فيه إنما هو الدولة كشخص اعتباري عام وبناء عليه لا تصح إرادة أي من الجهات الإدارية القائمة على هذا المال إلا بشروط التفويض الصادر إليها والمنظم لإدارتها من احكام موضوعية وإجراءات وردت بالتشريعات فالأمر أمر ولاية عامة وهو أمر نيابة لا تمارس إلا بشرطها المضروب وفي نظامها المعين وبالقيود الضابطة لها.

وبناء على ما تقدم جري قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه من الأصول المسلمة أن الإدارة لا تستوي مع الأفراد في حرية التعبير عن الإدارة فى إبرام العقود إدارية كانت أو مدنية ذلك أنها تلتزم فى هذا السبيل بإجراءات وأوضاع رسمها المشرع فى القوانين واللوائح كفالة لاختيار افضل الأشخاص للتعاقد وضمانا فى الوقت ذاته للوصول إلى أنسب العروض واكثرها تحقيقا للمصلحة العامة.

ومن مؤدي ما تقدم أنه متي حدد المشرع – بموجب ما يسنة من قوانين ولوائح – طريقة معينة وإجراءات محددة لإبرام عقود الإدارة تقديراً من المشرع لأن هذه الطريقة هي التي يتحقق بها المساواة وتكافؤ الفرص – حسبما يوجبه الدستور – فضلا عن حرية المنافسة وما تثمرة من تنافس تتحقق به المصلحة العامة حيث يتباري المتقدمون فى تقديم افضل العروض ففي هذه الحالة تختلط طريقة التعبير عن الإدارة بإتباع هذه الطريقة أو عدم اتباعها – بمشروعية الإدارة ذاتها ومن ثم لا تكون الإدارة – والتى هي قوام ركن الرضا فى العقد صحيحة ومعتبرة إلا باتباع هذه الطريقة لتحقيق هذا الغرض ( لإبرام العقد ).

ومن حيث أنه عن خضوع ابرام العقد محل التداعي لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 من عدمه، فإنه لما كانت المادة (27) من القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة قد نصت على أن تنشأ هيئة تسمي ” هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ” تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسري فى شأنها أحكام قانون الهيئات العامة فيما لم يرد فيه نص فى هذا القانون…”.

ومن حيث أن المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 89 لسنة 1998 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أن ” يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن تنظيم ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة – وعلى وحدات الإدارة المحلية، وعلى الهيئات العامة خدمية، كانت أو اقتصادية ويلغي القانون رقم 147 لسنة 1962 بشأن تنفيذ أعمال خطة التنمية الاقتصادية ، وقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 كما يلغي على حكم أخر يخالف أحكام هذا القانون

ومن حيث أن المشرع قرر في إفصاح جهير سريان أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بالقانون رقم 89 لسنة 1998 على وحدات الجهاز الإداري للدولة والإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمة والاقتصادية بما مفاده إخضاع هذه الجهات لأحكامه دون تفرقه بين كون هذه الجهات تنتمي إلى وحدات الجهاز الإداري للدولة والإدارية المحلية والهيئات العامة الخدمة والاقتصادية ، بما مفاده إخضاع هذه الجهات لأحكامه دون تفرقه بين كون هذه الجهات تنتمي إلى وحدات الجهاز الإداري للدولة والإدارية المحلية التي تسري عليها الأنظمة الحكومية أو تندرج فى عداد الهيئات العامة التى تنظمها قوانين ولوائح خاصة

وهذا النهج الذى سلكه المشرع – فى هذا القانون – بغاء نهج قانون المناقصات والمزايدات السابقة الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 والذي كان ينص على سريان أحكامه على الهيئات العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى القوانين أو القرارات المتعلقة بها.

وهذا النهج الذي سلكه المشرع – في هذا القانون – بغاء نهج قانون المناقصات والمزايدات السابقة الصادرة بالقانون رقم 9 لسنة 1983 والذى كان ينص على سريان احكامه على الهيئات العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى القوانين أو القرارات المتعلقة بها.

وإذ عمد المشرع إلى إلغاء ذلك القانون بموجب القانون رقم 89 لسنة 1998 المشار عليه وأخضع بنص آمر جميع الهيئات العامة لأحكامه بصفة مطلقة، ومن دون أن يقيد ذلك بما قد يرد من نصوص وقرارات متعلقة بتلك الهيئات ، فإنه لا محيص من القول بخضوع تلك الهيئات لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 من دون الأحكام الواردة فى القوانين واللوائح المنظمة لها، وهو ما يستوجب من هذه الهيئات أن تصدع لأحكام هذا القانون ولا تتولي عنها حولاً بقالة أن لها قوانينها ولوائحها الخاصة أو أن من سلطتها وضع لوائح خاصة بها لا تتقيد فيها بالأحكام والتنظيم والقواعد المعمول بها فى الجهات الحكومية.

ولا يحاج فى ذلك بأن قوانين ولوائح هذه الهيئات هي تشريعات خاصة وأن قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه قانون عام ، وأن القاعدة أن الخاص يقيد العام، وأن العام لا يلغي الخاص، ذلك أنه من المقرر قانونا أن العام يلغي الخاص بالنص صراحة على إلغائه ، أو باستعمال عبارات فى سن أحكامه لا يمكن معها تطبيق هذه الأحكام إلا بالقول بنسخ الأحكام الواردة فى التشريع الخاص ، تغليباً لإرادة المشرع الحديثة على إرادته السابقة، كما هو الحال لما فعله المشرع فى المادة الأولى من مواد اصدار القانون رقم 89 لسنة 1998 المشار إليه ، فقد جاءت عبارات هذا النص – على نحو ما سلف بيانه – جلبه المعني قاطعة الدلالة على سريان أحكام قانون المناقصات والمزايدات المشار إليه على الهيئات العامة ومن دون أن يقيد ذلك بما خلت من نصوص القوانين والقرارات المتعلقة بتلك الهيئات كما كان الحال فى القانون السابق، وهو ما لا يتأتي إعماله إلا بالقول بنسخ جميع الأحكام التى تضمنتها تلك القوانين والقرارات فيما تعارضت فيه مع أحكام هذا القانون ، بما فى ذلك قواعد التصرف فى الأرض الفضاء المملوكة للدولة والمحافظات المنصوص عليها فى قانون نظام الإدارة المحلية وقانون الأراضي الصحراوية والقانون رقم (7) لسنة 1991 وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار.

ويؤكد ذلك – فضلا عن صراحة النص – ما جاء بالأعمال التحضيرية لمشروع القانون رقم 89 لسنة 1998 المشار إليه من أن نص المادة الأولى منه كان ينص على أن تسري أحكام هذا القانون على .. كما تسري أحكامه على الهيئات العامة ويشمل ذلك الهيئات القومية ولا يعتد بأي نص خاص فى القوانين أو القرارات الخاصة بإنشاء تلك الهيئات..”.

وأنه عند مناقشة مشروع القانون بمجلس الشعب أبدي أحد الأعضاء تخوفه مما قد يثار من جدل حول سريان القانون على الهيئات الاقتصادية باعتبار أن لها قوانينها الخاصة وأن القاعدة أن الخاص يقيد العام، وتحدث رئيس اللجنة المشتركة قائلا : السؤال هو : هل الهيئات الاقتصادية ستخضع لهذا القانون، إذ أن هناك قانونا عاماً وقانونا خاصا ؟ إنني اعتقد أن السيد الدكتور وزير المالية قد اوضح فى لجنة الخطة والموازنة أن جميع الهيئات الاقتصادية خاضعة للقانون الجديد سواء كانت خدمته او اقتصادية وحسم رئيس المجلس هذا الجدل بقوله : ” ما دامت المادة الأولى نصت على أن القانون يحكم الأجهزة الموازنات الخاصة والهيئات العامة فهذا قاطع بأن أي نص خاص بقوانين هذه الأجهزة لا يسري وهذا باتر وواضح .. ويجب ألا تخشي من هذا ..” كما تحدث وزير المالية قائلا : ” الشركات أيا كانت تخرج عن هذا المشروع … لكن الهيئات ووحدات الإدارة المحلية هي التي تخضع لمشروع هذا القانون وتدخل فى نطاقه ” .

ولا يحتاج فى ذلك – وحسبما ذهبت إليه هيئة المجتمعات العمرانية – بأن الأحكام التي تضمها التشريعات الخاصة بالهيئة بما تضمنه من مرونة أكثر مناسبة لطبيعة نشاط الهيئة إذ لا اجتهاد مع صراحة النص فضلا عن أن هذه الأحكام تتعلق بالتخصيص وليس البيع على نحو ما سيأتي بيانه .

وحاصل ما تقدم أن ما تبرمه الهيئات العامة من عقود – اعتبارا من تاريخ العمل بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه – مما يسري فى شأن إبرامها أحكام هذا القانون إنما يخضع فى إجراءات إبرامه لأحكام هذا القانون ، سواء كانت قوانين هذه الهيئات وردت خلواً من الأحكام التى تنظم إبرام تلك العقود أو كانت الأحكام التى تضمنتها فى هذا الشأن مخالفة لأحكام هذا القانون

ولما كان قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 قد افرد باباً مستقلاً نظم فيه السبل الواجب إتباعها لبيع وتأجير العقارات والمنقولات والمشروعات والترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات، فإن مؤدي ذلك – إعمالا لما تقدم – وجوب تنفيذ الجهات التي تنبسط عليها أحكامه – ومنها الهيئات العامة – فيما تبيعه من عقارات بأحكام هذا القانون .

ومن حيث أنه ينبغي التمييز بخصوص تصرف هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى الأراضي المملوكة لها بين تصرف الهيئة إلى الاشخاص الطبيعية فى قطع من الأراضي للإستخدام الشخصي وكذا إلى الأشخاص الاعتبارية الجمعيات الخاصة والنقابات والأندية لصالح أعضائها تحيقياً لأغراض الإسكان الاجتماعي حيث يجري التخصيص والحجز فيه وفق القواعد محددة وضمن مخططات معتمدة ومحكومة بقواعد معينة ، سواء بالبدء فى البناء والانتهاء من خلال مدة معينة وعدم جواز التنازل عنها للغير إلا وفق ضوابط محددة، بين البيع للغير للاستثمار وتحقيق الأرباح بإقامة وحدات سكنية وغير سكنية والتصرف فيها للغير، إذ الخلاف بين والبون شاسع بين تصرف الهيئة فى كل من الحالتين ففى الأولي يأتي التصرف فى صورة تخصيص لمن تتوافر فيه شروط معينة بغية الإستخدام الشخصي ويحظر التنازل عن الأرض الى الغير إلا بضوابط معينة ، وأما فى الحالة الثانية فيأخذ التصرف صورة البيع الخالص بقصد الربح والمضاربة على النحو الذى يخاطبه قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، وهذا التصرف – أو البيع – فى هذه الحالة الأخيرة هو الذى يسري فى شأنه قانون تنظيم المناقصات والمزايدات خلافاً للتخصيص لأغراض الإسكان الاجتماعي الذى تحكمه قواعد التخصيص المنصوص عليها فى القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة واللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية والأجهزة التابعة لها، والعبرة فى هذا الصدد بحقيقة التصرف على وفق ما سلف بيانه وليس بالوصف الذى أطلق عليه، إذ القاعدة أن العبرة بالحقائق والمعاني وليس بالألفاظ والمباني.

ومن حيث إن العقد محل التداعي وملحقه المشار عليهما قد أنصبا على تصرف هيئة المجتمعات العمرانية إلى الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني فى ثمانية ألاف فدان، لإقامة مشروع مدينتي بإقامة الشركة وحدات سكنية من الإسكان الحر لبيعها إلى الغير، ومن ثم يكون هذا العقد عقد بيع مما يخاطبه قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه فى أجلي صورة ومن حيث إن هذا العقد قد أبرم تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه فى أجلي صورة ومن حيث إن هذا العقد قد أبرم فى 1 / 8 / 2005 وملحقه فى 21 / 12 / 2005 ، أي فى ظل العمل بأحكام هذا القانون فمن ثم يكون خاضعا فى إبرامه لاحكامه.

ومن حيث إنه عن بطلان هذا العقد من عدمه، فإنه لما كانت المادة (30) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه تنص على أنه ” يكون بيع وتأجير العقارات والمنقولات، عن طريق مزايدة علنية عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة ومع ذلك يجوز استثناء وبقرار مسبب من السلطة المختصة، التعاقد بطريق الممارسة المحدودة فيما يلي:

أ – الأشياء التى يخشي عليها من التلف ببقاء تخزينها.

ب- حالات الاستعجال الطارئة التى تحتمل إتباع إجراءات المزايدة.

ت- الأصناف التى تم التقدم عنها أية عروض فى المزايدات او التى لم يصل عنها إلى الثمن الأساسي.

ث- الحالات التى لا تجاوز قيمتها الأساسية خمسين ألف جنيه ..”.

كما تنص المادة (34) من هذا القانون على أن ” يجوز فى الحالات العاجلة التى لا تحتمل إتباع إجراءات المزايدة أو الممارسة المحدودة، أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من :

أ – رئيس الهيئة أو رئيس المصلحة ومن له سلطاته فى الجهات الأخري. وذلك فيما لا تجاوز قيمته عشرين ألف جنيه .

ب- الوزير المختص – ومن عن سلطاته – أو المحافظ فيما لا تجاوز قيمته خمسين ألف جنيه:

ومن حيث إن مفاد ما تقدم ، أن المشرع – فى قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه – اتخذ من المزايدة العلنية العامة أو المحلية والمظاريف المغلقة سبيلاً أصلياً لبيع وتأجير العقارات المملوكة للجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون ، بحسبان أن المزايدة – عامة كانت أو محلية – والمظاريف المتعلقة تقومان على المساواة ونجد أن مبدأ تكافؤ الفرص ، فضلا عن تحقيق المصلحة العامة ، حيث يطرح العقار المطلوب بيعه أو تأجيره على الكافة، ومن ثم يتقدم الراغبون فى الشراء او الاستئجار بعروضهم ، وفي سبيل الفوز به وتنافس المتنافسون، فتحل الشفافية محل الضبابية ، وتجري المزايدة ويتم فتح المظاريف المغلقة على رؤوس الأشهاد ، ويتم الاختيار لأفضل الشروط والأسعار، ومن ثم تجني المصلحة العامة ثمرة ذلك بالوصول إلى أعلى الأسعار.

وإن ما فرضه وأوجبه المشرع على هذا النحو إنما هو أصل تمليه الإدارة الرشيدة لأموال الدولة، وتفرضه الصفة التمثيلية للقائمين على أمر هذه الأموال وبيعها.

ولم يمسح المشرع – فى هذا القانون – بالبيع أو التأجير بالممارسة المحدودة والأمر المباشر إلا على سبيل الإستثناء وفى حالات محددة على سبيل الحصر.

ومن حيث إنه قد بات معلوماً من المعارف العامة – التى لا تحتاج فى تقضي حقيقتها إلى اعمال خبرة أو تجربة – بأن معلوماً أن الهيئة الطاعنة – بعد إبرام ملحق العقد موضوع الطعن ببضعة أشهر – بادرت فى العام 2006 إلى إجراء مزادات كبري طرحت فيها للبيع مساحات شاسعة داخل زمام المجتمعات العمرانية الجديدة ، بعضها فى ذات المنطقة الكائن بها موقع عقد مشروع ” مدينتي ” وهي القاهرة الجديدة.

وحيث إنه بمقارنة البيع الذى تم للحالة المعروضة بالبيوع التي تمت فى الحالات الأخري من حيث مقابله وشرطه وإجراءته .. ،  فإن الوضع بدأ وكافة أمر عجب، ففي الحالة المعروضة ” عقد مدينتى ” بدأ التصرف فى المال العام محاطاً بالكتمان لا يعلم أحد من أمره شيئا – حاشا طرفاه – فمتخض الأمر عن بيع لأراضي الدولة بمقابل عيني ضئيل يتم أداؤه خلال عشرين عاما يمكن زيادتها إلى خمسة وعشرين ، فضلا عن اشتمال العقد على شروط مجحفه ، فقد اشتمال العقد – بادئ ذي بدء – على التصرف في خمسة آلاف فدان، زيدت في ملحقه إلى ثمانية آلاف فدان، إضافة إلى تقرير حق الشركة سالفة الذكر فى الاستحواذ على مساحة 1800 فدان ” ألف وثمانمائة فدان بالشفعة ” .

أما فى الحالات الأخر فقد جري الإعلان داخل مصر وخارجها، بل جرت حملة إعلانية ضخمة للإخبار عن مزادات بيع تلك الأراضي ومواعيدها، حيث وصل الإعلان عن ذلك إلى ذورته وثمانيه ، وذلك قصداً إلى تحقيق أقصي درجات الشفافية والعلانية وتكافؤ الفرص، فبدأ الأمر مبسوطاً جوانبه معلومة شرائطه للجميع فتتنافس فيه المتنافسون – مصريين وعرباً – وحصلت الدولة من ذلك على افضل الأسعار وفق ابر وأنسب الشروط ) كما بدأ البون شاسعاً بين مقابل البيع فى الحالة الأولى وسعر البيع فى الحالات اللاحقة رغم أن البيع أشتمل فى بعض الأحيان على أراضي فى ذات منطقة القاهرة الجديدة الكائن بها موقع مشروع ” مدينتي ” ، وأن هذه البيوع تمت بفاصل زمني فى بعضها لا يزيد على بعضه أشهر.

كذلك بدأ مقابل البيع فى الحالة المعروضة ضئيلاً غير متناسب مع قيمة الأرض المبيعة يتم أداؤه وفق مراحل زمنية تصل إلى عشرين عاما أو تزيد، أما فى الحالات الأخري فقد بدأ ثمن الأرض المبيعة عادلا ومتوافقا مع سعر السوق والذى تحدد من خلال مزادات علنية عامة علم بها من بالداخل والخارج، فأنبسط الأمر وأتسع الرجاء وبدت صحاري مصر المتخذة أرض سكنية ومجتمعات عمرانية، بدت وكأنها كنوز لا تنفذ ومعنيا لا ينضب ، جديرة بحمايتها والحرص عليها من أن تبدد بأثمان بخسة.

وفى الحالة الأولى بدت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عازفه عن سلوك سبيل إجراءات وأوضاع وشروط الطرح التى مددها قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بالقانون رقم 89 لسنة 1998 ، أما فى الحالات الأخري فقد جري الالتزام بالشرعية وتم البيع وفق أحكام هذا القانون الذي شرع – أساساً – لحماية المال العام وتحقيق اقصي درجات الشافية والعلانية وتكافؤ الفرص عن التصرف فيه وهو ما جري فعلاً فى هذه الحالات وأسفر عن بيع بثمن المثل وجنب الخزانة العامة من وراء ذلك موارد طائلة.

فى الحالة الأولي، وعلى خلاف ما يدعيه دفاع الشركة الطاعنة، أهتزت الثقة فى السوق العقاري، إثر علم المستثمرين بظروف وملابسات بيع أرض مشروع ” مدينتي ” ومقابله وشروطه ، وداخل الناس الشك فى أسلوب وكيفية إخراج المال العام من ذمة الدولة إلى الغير، وتحديدا إلى مستثمر بعينه.

أما فى الحالات الأخر فقد أقبل المستثمرون من كل حدب وصوب ، أقبلوا يتنافسون فى وضح النهار ، كل يريد الظفر بما يستطيع من أراضي الدولة، وهو يعلم أن استثماره فيها سيؤتي أكله ضعفين، فزادت موارد البلاد، وبدأ الاستثمار العقاري والسكني يأخذ طريقه إلى النمو الأزدهار.

ولا غرو فى ذلك ، فالاستثمار العقاري ينمو ويزدهر فى ظل الالتزام بالشرعية وسيادة القانون، وتحقيق أعلى درجات الشفافية والعلانية وتكافؤ الفرص عن التصرف فى أموال الدولة.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق، أن العقد محل التداعي والسالف الإشارة إليه، والمحرر بين هيئة المجتمعات العمرانية والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني في 1/ 8 / 2005، وملحقه المحرر فى 21 / 12 / 2005 ، قد انصبا على بيع الهيئة المذكورة إلى تلك الشركة مساحة من الأرض بمدينة القاهرة الجديدة، مقدارها ثمانية آلاف فدان – تعادل ثلاثة وثلاثين مليون وستمائة ألف متر مربع تحت العجز والزيادة – وذلك لإقامة مشروع للإسكان الحر ، مقابل منح الهيئة وحدات سكنية كاملة التشطيب نسبتها 7 % من إجمالى مسطحات الوحدات السكنية وقد حاول طرفا أن يلبساه خلعة التخصيص، بما نص عليه فى التمهيد من أن الطرف الثاني تقدم لحجز مساحة من الأرض بمدينة القاهرة.. وقد وافقت الهيئة على حجز.. حتي يكون إبرامه على وفق قواعد التخصيص المقررة باللائحة العقارية الخاصة بالهيئة والتى تسري بخصوص التخصيص بمفهومه الآنف البيان، للفكاك من تطبيق أحكام قانون المناقصات والمزايدات، والتي سبق وأن انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع بفتواها رقم 522 بتاريخ 20 / 9 / 2001 بجلسة 26 / 9 / 2001 الملف رقم 54 / 1 / 380 – إلى سريانها على مشروع العقد الذى كان مزمعاً إبرامه بين الهيئة وشركة العاشر للتنمية والاستثمار لبيع مساحة خمسين فدانا للشركة لاستخدامها فى اغراض سكنية بمدينة العاشر من رمضان وفي فتواها رقم 188 بتاريخ 15 / 3 / 2004، جلسة 14 / 1 / 2004، الملف رقم 54 / 1 / 389 إلى سريانها على الترخيص بالانتفاع بقطعة الأرض موضوع العقد المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية وشركة مصرفون للاتصالات.

ومن حيث إن عقد التداعي هو عقد بيع، ورغم ما اشتمل عليه من بيع مساحات شاسعة تكفي لإنشاء مدينة بأكملها، فقد جري إبرامه بالأمر المباشر ، في خروج سافر وإهدار بواح لأحكام قانون المناقصات والمزايدات المشار إليه وما تقتضيه أصول الإدارة الرشيدة من أن يجري إبرامه من خلال مزايدة علنية – أو مظاريف مغلقة – يتباري فيها المتنافسون ، وهو يعيب الإرادة التي انعقد بموجبها العقد ، بل ويلقي بظلاله ويعكس آثاره على التوزان المالي – مقابلاً وشروطاً – للعقد ، وهو ما من شأنه أن يصيب العقد – بوصفه من روابط القانون العام بالبطلان.

يضاف إلى ما تقدم ، أن تصرف هيئة المجتمعات العمرانية على هذه النحو ببيع تلك المساحة الشاسعة من الأرض إلى الشركة السالفة الذكر ، إنما يشكل إقامة مجتمع عمراني متكامل، مما تختص به الهيئة دون غيرها، حيث نصت المادة (2) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة على أن ” يكون إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وفقا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له ” .

وتنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طبقا لأحكام الباب الثاني من هذا القانون وتكون – دون غيرها – جهاز الدولة المسئولة عن إنشاء هذه المجتمعات العمرانية ويعبر عنها في هذا القانون ” بالهيئة ” وهو الأمر الذى يجعل من إبرام هذا العقد أمراً محظوراً من شأنه أن يجعله معيباً فى محله بعيب يجعل منه عقداً باطلاً.

ولا يحاج فى ذلك بأن القاعدة أنه  ” لا بطلان إلا بنص ” ، ذلك أن هذا القول أضحي قولا مهجورا فى الفقه والقضاء، فكما أن البطلان يلحق بالتصرف بنص فإنه قد يحلق به بغير نص كما لو كانت المخالفة التي شابت التصرف تستقل خروجا على نص الأمر ولا مراء فى أن النص الذي يوجب المزايدة سبيلاً لبيع أملاك الدولة إنما هو نص آمر لتعلقة بحماية الملكية العامة كما أوجب الدستور، ولتجسيده لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، فضلاً عن أنه يضمن لكل ذي حق حقه فى المال العام.

كما لا يحتاج فيما تقدم بأنه سبق للجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع أن انتهت إلى أن إبرام العقد بالأمر المباشر لا يترتب عليه البطلان وإن كان يرتب المسئولية التأديبية إن كان ذلك محل.

لا حجة فى ذلك، إذ أن كل إفتاء أو قضاء إنما يرتبط الوقائع التي صدر بشأنها. وقد صدر الإفتاء المحتج به بشأن عقد أعمال استشارية أسند بالأمر المباشر إلى إحدي شركات القطاع العام وهو ما يختلف اختلافاً بعيداً عن العقد محل التداعي في الطعنين الماثلين، ومن ثم فلا محل هنا للقياس لوجود الفارق، ومن المعلوم فى القانون بالضرورة أنه لا قياس مع الفارق.

ولا يحتاج فيما تقدم – كذلك – بأنه سبق لإحدي لجان الفتوي أن راجعت عقد بيع قطعة أرض من دون أن تشير إلى ضرورة إتباع أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، ذلك أن الثابت من الإطلاع على كتاب اللجنة الثانية لقسم الفتوي رقم 247 بتاريخ 30 / 3 / 2005 – سجل رقم 65 / 59 جلسة 8 / 3 / 2005 الملف رقم 31 / 13 / 2419 أنه لم يتناول أو يشر إلى الإجراءات السابقة على إبرام العقد من قريب أو من بعيد ، وهو لا يمكن تفسيره أو الاحتجاج به فى تبرير الخروج السافر أو الإهدار البواح لحكم القانون فيما يتعلق ببيع أملاك الدولة التي هي – بنص الدستور – أملاك الشعب.

كما لا ينال مما تقدم – القول بتأبي الحكم ببطلان العقد بعد أن دخل حيز التنفيذ، ذلك أنه من المقرر قانونا أن البدء فى تنفيذ العقد لا يحول دون الحكم ببطلانه ، لما يكون قد شابه من عيب جسيم يستتبع ذلك.

وبناء على ما تقدم ، فلا تثريب على محكمة أول درجة أن التفتت عن طلب الشركة المذكورة ندب خبراء من وزارة العدل لبيان ما تم تنفيذه وتسليمه إلى الحاجزين وإلى الهيئة، لعدم جدوي هذا الطلب فى الفصل فى بطلان العقد من عدمه.

وفيما يتعلق بالنعي على الحكم المطعون فيه بأنه زالزال المراكز المستقرة وهزت المركز المالي للشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني ، وسيعكس أثره على الحاجزين فى مشروع ” مدينتي ” ، بل ومن سبق لهم التخصيص من الأفراد والنقابات الجمعيات، فمردود عليه بالاتي:

أولا: أن الأثر المترتب على الحكم ببطلان العقد فيما بين طرفيه لا يستوي سندا لأن يقبل العقد الذي شابه البطلان من عثرته، وبخاصة إذا كان البطلان أثر خروج بواح على القانون بشأن بيع أرض بناء مملوكة للدولة بلغت مساحتها ثمانية آلاف فدان نظير مقابل توحي الظروف والملابسات بضآلة ، ويتأكد – من العلم العام والمجري العادي للأمور عدم عدالته – ومن ثم فلا تثريب على محكمة أول درجة أن ثقلت موازين كلمة القانون لديها، فالحق أحق أن يتبع.

ثانياً: بالنسبة للمتعاقدين على وحدات سكنية أو محلات او وحدات أخري بقصد التجارة والاستثمار أو إقامة مشروعات الخدمات بمشروع مدينتي ، سواء كانوا قد تسلموها أو لم يتسلموها، فإن مركزهم القانوني لن يضار عن معالجة آثار الحكم ببطلان عقد بيع أرض المشروع المشار إليه فلقد تعاملوا مع بائع ظاهر بحسن نية، ومن ثم لن يضاروا من آثار الحكم ببطلان العقد المشار إليه وعلى الجهات المختصة مراعاة ذلك عند إعمال آثار الحكم ببطلان العقد، نفاذاً للحكم – والتي من مؤداها إنهاء العقد وإعادة الأرض محل العقد إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مع تقييد للتصرف فيها بإتباع الإجراءات القانونية السليمة وبالمقابل العادل فى الوقت الحالي والذى تسفر عنه هذه الإجراءات التى فرضها القانون للتصرف بالبيع فى أراضي الدولة – ذلك أنه من المقرر قانوناً.. على وفق ما تقضي به المادتان (466 ) (467) من القانون المدني – أن البيع الصادر من غير مالك وإن كان باطلاً، فإن بطلانه لانه ليس مطلقاً، وإنما بطلانه مقرر لمصلحة المشتري، للمالك الحقيقى ( هيئة المجتمعات العمرانية ) أن يقر هذا البيع فى أي وقت فيسري عندئذ في حقه وينقلب صحيحاً فى حق المشتري . كما ينقلب العقد صحيحاً فى حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد إبرام العقد.

ثالثا: لا صحة للقول بأن الحكم ببطلان العقد المشار إليه يلقي بظلاله على كل من سبق أن خصصت له قطعة أرض من الأشخاص الطبيعية أو النقابات والنوادي وغيرها من الجهات التي تقدم على تأدية الخدمات لأعضائها ولا تستهدف الربح، ذلك التخصيص الذي تم لهؤلاء قد جري – كما سبق ذكره – على وفق القواعد المقررة بالهيئة ولائحتها العقارية بشأن الإسكان الاجتماعي لخروجه عن مفهوم البيع الذى يخضع لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه والذي يلزم إتباع المزايدة في شأنه بإجراءاتها المقررة فى هذا القانون.

وفيما يتعلق بالنعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع لعدم تمحيصه دفاع الشركة بشأن الأثر المترتب على صدور قرارات وزير الإسكان منذ العام 2006 وحتي العام 2009 باعتماد التخطيط العام والتخطيط التفصيلى وتراخيص لمشروع ” مدينتي ” على القول ببطلان العقد، فإنه لا مراء فى أن صدور هذه القرارات لا يدفع عن العقد محل التداعي قائلة البطلان الذي شابه ولا يمكن أن يطهره من العيب الذي لحقه ، وبناء عليه فإن هذا الدفاع لا يكون من قبيل الدفاع الجوهري الذى يتغير به وجه الرأي في الموضوع ولا تثريب على محكمة أول درجة إن رأت أنه لا يستأهل ردا أو ذكراً.

ومن حيث أنه عن الأسباب والأسانيد الأخري للنعي على الحكم المطعون فيه بالفساد فى الاستدلال والخطأ فى الاستنباط والإخلال بحق الدفاع والتي سبق سردها تفصيلا فإنه لما كانت الثابت من مطالعة فى الاستنباط والإخلال بحق الدفاع والتي سبق سردها تفصيلاً فإنه لما كان الثابت من مطالعة هذه الأسباب والأسانيد أنها تدور حول فساد ما أستدل به الحكم المطعون فيه في المدعيين في الدعوي المطعون في الحكم الصادر فيها، وفساد ما استدل به كذلك على القول بإلغاء قانون المناقصات والمزايدات لما سبق من تشريعات مستنداً فى ذلك إلى ما جاء بالأعمال التحضيرية بجلسة وحيدة وترك ما جاء بغيرها من الجلستين الثانية والستين والسابعة والستين، بالإضافة عن فساد ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من بطلان العقد محل التداعي لمجرد مخالفة الهيئة قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، وأن الحكم لم يناقش دفاع الهيئة بشأن عدم قبول الدعوي وصحة العقد والذي يقوم على أن العقد ابرم صحيحاً حسب ما يقضي به القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار إليه واللائحة العقارية الخاصة بالهيئة .

ومن حيث إن هذه الأسباب والأسانيد لا تخرج – فى جوهرها ومضمونها – عما ساقته الطاعنتان من أسباب وأسانيد فى نعيها على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره والتي تبين وهنها .

ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بوجهة نظر مخالفة لما أبدته الشركة فى دفاعها وشيد بنيان قضائه فى أخذه الوجهة على أسباب وأسانيد تقوي على حمله، وتضمن ما ساقه من حجج يشد بها من عضد قضائيه ما يمثل رداً على دفاع الشركة والهيئة الطاعنتين وعليه لم يكن الحكم المطعون فيه بحاجة لأن يتتبع – بصفة مستقلة – كل قول أو دفاع من الشركة أو الهيئة ليرد عليه على استقلال ما دام قد تضمن في حيثياته – ولو بطريقة ضمنية – ما يفيد عدم صواب هذا الدفاع ، الأمر الذي يغدو معه النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف غير ذي أثر.

ولا ينال مما تقدم أن النيابة العامة قررت – حسب ما جاء بالشهادة المقدمة من الشركة الطاعنة – حفظ التحقيق فى بلاغ إهدار المال العام فى العقد محل التداعي، ذلك أن أمر بطلان العقد من عدمه مسألة مستقلة عن هذا التحقيق الذي يتعلق بالمسئولية الجنائية وعما إذا كان ثمة إهدار للمال العام من عدمه.

ومن حيث أنه عن نعي الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون، فيما قضي به من عدم قبول الدعوي الفرعية ، التي طلبت فيها هذه الشركة – بطلبها التدخل هجومياً – الحكم لها بتعويض مقداره خمسون ألف جنيه ، عما أصابها من أضرار من جراء إساءة أستخدام المدعيين حق التقاضي.

وإذ ركنت الشركة المذكورة في تأسيس هذا النعي إلى أن الحكم قد بني قضاءه في هذا الشأن على أن الدعوي الفرعية منبتة الصلة عن الطلبات المقامة بها الدعوي الأصلية، على الرغم من الارتباط الوثيق بين الطلبات فى الدعويين .

ومن حيث عن قضاء هذه المحكمة قد جري – تفسيرا لنص المادة 126 من قانون المرافعات المدنية والتجارية – على أنه يشترط لقبول طلب التدخل الهجومي أن يكون هناك ارتباط بين الطلبات محل التدخل والطلبات محل الدعوي الأصلية ، بحسبان أن هذا الارتباط هو الذي يبرر قبول طلب كان ينبغي أن ترفع به دعوي مستقلة.

ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن الدعوي الفرعية تختلف موضوعاً وسبباً عن الدعوي الأصلية، فالطلبات فى كل منهما تختلف عن الأخري، كما يختلف السبب الذى تقدم عليه الطلبات فى كل منهما ، الأمر الذي ينتفي معه الارتباط بينهما ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوي الفرعية المقامة من الشركة المذكورة لانتفاء الارتباط بينهما وبين الدعوي الأصلية قد وافق صحيح حكم القانون، وبناء عليه يغدو النعي عليه بالنعي السالف البيان فى غير محلة حرياً بالرفض.

ولما كان الثابت مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد ولي وجهة نظر نتيجة حالفه فيها التوفيق، وأصاب بها وجه الحق وصحيح حكم القانون، وشيد قضاءه على أسباب وأسانيد أصلها ثابت فى الدستور وفرعها فى القانون، فإنه يكون قد أوي إلى ركن شديد من القانون، وقد قامت أوجه وأسانيد الطعن فيه على شفا جرف هار فانهار به ، وجاء النعي عليه ماله من قرار، ومن ثم يكون هذا الحكم حرياً بالتأييد ، ويغدو الطعن عليه بالطعنين الماثلين جديراً بالرفض.

ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزمه مصروفاته ، عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعنين شكلاً، وبقبول طالبي التدخل خصوماً منضمين للمطعون ضدهما، وكذا بقبول طالب التدخل خصماً منضماً للشركة والهيئة الطاعنتين، وفي الموضوع برفض الطعنين .. وذلك على نحو ما هو مبين تفصيلا بالأسباب، وألزمت كلا من الطاعنتين مصروفات طعنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى