نظم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مؤتمرا صحفيا بالتعاون مع حملة “نحو قانون عادل للعمل” الأربعاء 4 فبراير حول العمالة المؤقتة وحق التثبيت، واستضاف المؤتمر سعود عمر النقابي بهيئة قناة السويس ومستشار الاتحاد الاقليمي للنقابات المستقلة بالسويس، كما تحدث علاء عبد التواب مدير الوحدة القانونية بالمركز، ومحمد عبد الحكيم عن عمال توزيع الخبز في البحيرة، والسيد النجار عن العمالة الزراعية بمدينتي الشروق والعاشر من رمضان، وحسن علام وإبراهيم زعبوب عن عمالة المساجد بالأوقاف “خدم المساجد”.
وسلط المؤتمر الضوء على الحجم الهائل لمشكلة العمالة المؤقتة في مصر التي تشكل ما بين 60% و80% من إجمالي قوة العمل البالغة حوالي 28 مليونا مصريا، مطالبا بإنصافهم عبر تنفيذ حكم القضاء الإداري الصادر مؤخرا في نهاية يناير الماضي بإلزام الحكومة بتعيين أصحاب العقود المؤقتة والذين ظلوا يعملون في قطاعات كثيرة من الاقتصاد المصري لسنوات طوال دون أي أمل في التثبيت، وبالتالي التمتع بمزايا المثبتين من زملائهم، ربما في نفس الوظائف، وعلى رأسها الحماية التأمينية والصحية.
مفهوم العمالة الارسمية

افتتح سعود عمر المؤتمر بمقدمة حول مفهوم العمالة اللارسمية، شارحا أن تلك المصطلحات في العمالة الرسمية واللارسمية تنصرف أساسا إلى التكييف القانوني لعلاقات العمل، وهل يتوفر فيها شروط العمل اللائق من جهة الأجر المناسب وتوفر مهمات الصحة والسلامة المهنية، والتأمين الصحي والاجتماعي، وقبل كل هذا توثيق العلاقة بين العامل وصاحب العمل والتي تحمل في طياتها كل هذه الشروط.
وأوضح أن القطاع اللارسمي قد نشأ لأسباب تتعلق بقدرة الاقتصاد، وبنهم رجال الأعمال، وحتى الدولة نفسها عرفت عمالة التوريد وهي الممارسة التي يستخدم فيها العمال بدون توثيق علاقة العمل، وعن طريق مقاول أو وسيط.
وأضاف، إذا تكلمنا عن القانون 12 لسنة 2003 فهناك نصوص حاولت إصلاح هذا الخلل في تفاوت أوضاع العمالة الرسمية واللارسمية، فالمادة 16 تقضي بمنع شركات التوريد من الأساس، والعمل المباشر مع الشركة الأم، والمادة 79 والمعروفة بمادة المساواة تشير إلى المساواة بين العمال التابعين للمقاول والعمالة المثبتة في جميع المزايا وشروط العمل.
مشيرا إلى أن هناك مدخل آخر لعمالة التوريد تحت مسمى العمل العارض، وهو العمل الذي يخالف طبيعة العمل الأساسي بالمنشأة، إلا أنه بعض المنشآت تعتبر بعض الأعمال ذات الطبيعة المتفقة مع عملها عملا عارضا، تهربا من تعيين العاملين فيه، إلا أنه في هذه الحالة يعد عملا موسميا أو تعاقديا وليس عارضا وله نفس حقوق العمل الأساسي للمنشأة، مؤكدا أن هناك محاولة منظمة لتوسيع فكرة العلاقات المؤقتة في العمل تهربا من حقوق العمال.
وأوضح أنه بالنسبة للمشروعات في المحافظات كالتي نفتح ملفها اليوم، في السويس مثلا مشروعات للخبز والمحاجر والمرفق الداخلي، وكلها أنشأتها المحافظات لكنها تعاملت معها باعتبارها صاحب مشروع يتعاقد مع العمال ضمن مشروع خاص وليس باعتبار هؤلاء العمال تابعين للمحافظة أو المحليات. فعلى سبيل المثال لا الحصر، مشروع المحاجر في السويس يدر دخلا كبيرا على المحافظة حولي 90 مليون جنيها سنويا، ويعمل به حوالي 600 عاملا، لهم مشاكل مشابهة لمشاكل القطاعات الموجود بالمؤتمر ممثلين عنها، إذ يحاول الجهاز الحكومي أن يتحلل من علاقة العمل الموثقة معهم، فيكون عمل نظير مكافأة ويخضها للقانون 12 لسنة 2003.
وأشار إلى أنه في 2011 أصدر المشير حسين طنطاوي قرارا بتثبيت العقود المؤقتة في الجهاز الاداري للدولة ممن أمضى 3 سنوات فأكثر، فضم عددا من العاملين بهذه المشروعات في السويس رغم تبعيتها للقانون 12، مؤكدا أن هناك مقاومة من الدولة لتثبيت المؤقتين، وهناك فساد منتشر بين المسئولين المتنفذين في الجهاز الاداري نفسه يزيحون العاملين المؤقتين المفروض تثبيتهم ويحلون محلهم أقاربهم ومحاسبيهم.
الخلفية القانونية: آثار حكم القضاء الإدري

ربط علاء عبد التواب مدير الوحدة القانونية بالمركز بين مشكلة العمال ضيوف المؤتمر والحكم الصادر في نهاية يناير بتثبيت كل من أمضي 6 أشهر بعقد مؤقت، فأشار إلى أنه رغم صدور كثير من القوانين والقرارات والأحكام التي تطغى على الحقوق والحريات العامة للمصريين، إلا أن مجلس الدولة يختلف عن غيره من المحاكم، وقضاته مختلفون عن غيرهم من القضاة، وأشار لثلاثة أحكام صدرت قبل عام من ثورة يناير في ظل نظام قمعي واستبدادي هو نظام مبارك، طال استبداده جميع الفئات، عمالا وطلبة، فصدر:
1- الحكم ببطلان عقد بيع أرض مدينتي، مفعلا قانونا سبق أن صدر عام 98 لكنه طبق في 2010. في ظل انتشار ظاهرة تخصيص أراضي الدولة بأثمان لا تتناسب مع قيمتها
2- الحكم بإلزام الدولة بوضع حد أدنى عادل للأجور. في وقت كان يزداد الفقير فقرا وقهرا
3- الحكم بطرد الحرس الجامعة. في مناخ جامعي كان يتحكم فيه أمن الدولة
وحاليا يأتي صدور هذا الحكم في 26/1/2015 بإلزام الدولة بتعيين عامل بعقد مؤقت بعد أيام من حبس عمال أوقاف البحيرة وعمال مشروع الخبز بالبحيرة لمجرد مطالبتهم بالتعيين على وظائف دائمة، ورغم أن الحكم لا يفتح بابا كبيرا للأمل حيث أنه سوف يتم الطعن عليه مرتين أمام محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافيه ثم أمام المحكمة الادارية العليا، الا أنه حكم صحيح وسيتم تأييده لأنه يقضى بتطبيق قانون 19لسنة 2012 الصادر من مجلس الشعب قبل حله في 2012، وهو قانون وليس قرار اصدره المشير طنطاوي.
وقد أشار علاء عبد التواب لقصور كبير وقعت فيه الدعوى في كيفية تحديد طلباتها وكانت فرصه كبيرة ليتسم الحكم الصادر بالعمومية فيشمل كافة المؤقتين اللذين ينطبق عليهم قانون 19 لسنة 2012 المعدل لقانون العاملين المدنيين 47 لسنة 78 لأن رافعها محمد حلمى ابراهيم محمد وهيئة دفاعه لم يضموا إليها عمالا مؤقتين من أكثر من قطاع مثل عمالة التشجير والاوقاف والخبز مثلا ممن هم على موازنة الدولة باب أول أجور و تجمعهم صفه ومصلحة واحدة، ويكون عندها الطلب بالزام الدولة بتعيين جميع العاملين بصفة مؤقتة الذين أمضوا 6 شهور في عملهم على درجات دائمة ، ولو فعلوا ذلك لكان منطوق الحكم مختلف ليشمل قطاعات أخرى من المؤقتين ، فقد طبق القاضي مبدأ قضائيا معروفا ومرتبط بطلبات الدعوى فهو لا يستطيع تجاوز طلبات الدعوى عند الفصل فيها ،.
هناك ميزة في الحكم وهو أنه تعرض للمخالفة التي اقترفها مجلس الوزراء في قراره التنفيذي رقم 641 لسنة 2012 الصادر بناء على القانون 19 لسنة 2012، والذي صدر عن وزارة كمال الجنزوري باشتراط مضى مدة 3 سنوات للعامل المنقول على الباب الأول أجور للتثبيت بينما نص القانون 19 على أن تكون مدة الخدمة 6 شهورا فقط، سواء أيا كان عقده طالما هو على موازنة الدولة باب أول أجور فأوضح مخالفة القرار الوزاري لنص القانون، وهو أول تطبيق للقانون الصادر من أكثر من عامين في ابريل 2012.
ما يهمنا حاليا هو تأييد الحكم إذا تم الطعن عليه ليكون حجة أمام الجميع.
حالات من العمالة المؤقتة
مناديب توزيع الخبز

وأشار محمد عبد الحكيم مندوب توزيع خبز بالبحيرة لتأسيس المشروع في 1996، وأنهم ظلوا يعملون به رغم انخفاض المقابل المادي الذي تمثل في جنيهين عن كل مشترك، إلى أن قامت الثورة فأعطتهم دفعة أمل في تحسين أوضاعهم، وأنهم فوجئوا بمجلس مدينة دمنهور ومحافظ البحيرة يدعونهم في أول مارس 2011 لتوقيع عقود اكتشفوا انها تهدر ما فات من سنين الخدمة، إلا أنهم وافقوا باعتبارها طريقا للتثبيت ونصت على أنها عقود عمل دائمة طبقا لقانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003. وفي أول أبريل 2012 أخبروهم بالتثبيت علي باب أول أجور طبقا لقانون العاملين المدنيين بالدولة 47 لسنة 78 لكن بمرتبات أقل على أن يتم تحسين أوضاعهم تدريجيا فوافقوا، وانخفضت مرتباتهم طبقا لهذه العقود من حوالي 700 جنيها شهريا إلى 593 جنيها فقط، لكنهم رضوا على أمل التثبيت. وفي مطلع عام 2013 ارتفعت رواتبهم وفقا لقرار الحد الأدنى للأجور فتقاضوا 945 جنيها باعتبار أن باقي الـ1200 استقطاعات، ففرحوا بالزيادة التي استمرت شهرين فقط، حيث انخفضت رواتبهم في مارس 2013 بمقدار 250 جنيها قيل أنها سوف تذهب لصندوق دعم مصر، فوافقوا صاغرين، ثم انخفضت مرة أخرى في أبريل ليعودوا إلى رقم 593 جنيها.
وأضاف: حتى كانت المحطة الأخيرة بتطبيق منظومة الخبز الجديدة التي تقضي بصرف الخبز على البطاقات التموينية بالبطاقة الذكية وعدم الاحتياج لموزعين، والتي بدأ تطبيقها في 11 يناير2015، ثم عاد المحافظ ليطالب المندوبين بتجميع بطاقات تموينية بعدد 250 لكل مندوب حتى يستحقون راتب لثلاثة أشهر قادمة، بعدها لا يعرفون شيئا عن مصيرهم.
وكشف عبد الحكيم عن ملف فساد مالي طبقا للائحة الداخلية لمشروع الخبز والتي تقضي بصرف وجبة غداء يوميا، وزي موحد للموزعين مرة سنويا، وإقامة حفل سنوي تحت عنوان يوم الوفاء يتكلف 250 ألف جنيه، وبحساب إجمالي هذه المزايا تصل إلى عشرة ملايين و250 ألف جنيها سنويا، لم ير موزعو الخبز منها مليما على مدى سنوات تطبيق اللائحة من 2004 حتى اليوم. كما جاء في كلمته.
عمال الزراعة

وقال السيد النجار من العمالة الزراعية بجهاز مدينة الشروق، إن قضيتهم لا تخرج عن قضية مندوبي توزيع الخبز، وأنه جاء للمؤتمر على أمل أن يتكاتف العمال المؤقتين معا في نقابة تجمعهم حتى يكونوا قوة، لأنه سمع تصورا لإجمالي عدد العمال المؤقتين في مصر يصل إلى 250 ألف عاملا.
وذكر أن العمالة الزراعية في المدن الجديدة تبلغ حوالي 6 آلاف عاملا، منهم 600 في مدينة الشروق، وأن سلوك الدولة معهم مماثل لسلوكها مع عمال توزيع الخبز، وهو المماطلة والتسويف، وأن لهم قضايا مرفوعة في كل محافظة في محاولة للحصول على حقهم في التثبيت، خاصة وأنه لا يمكن إطلاق العمل العارض أو الموسمي على ما يقوم به، إذ أنه يقوم به من سنة 2010.
عمال وزارة الأوقاف : خدم المساجد”
وشرح إبراهيم زعبوب من خدم المساجد بالأوقاف، أن قضية عمال الأوقاف تتضمن مسلكا لا يمكن أن يصدر عن دولة، فقد عمدت الوزارة إلى التخلص من حوالي 6 آلاف عاملا من عمال الأوقاف العاملين بالمساجد بأن رفعت دفاتر الحضور والانصراف بالمساجد، وأوقفت صرف مرتباتهم، وطالبتهم بالتوقيع علي إقرارات موثقة في الشهر العقاري تمثل جريمة مكتملة الأركان، بالتنازل عن جميع حقوقهم مقابل تعيين جديد، حيث ينص الإقرار على قبول أن يكون تعيينه من تاريخ موافقة لجنة شئون العاملين بالوزارة، ولا يحق لهم المطالبة بأي مدة سابقة بالأوقاف، وأن كان ثمة دعاوى مرفوعة متداولة بخصوص المطالبة بمدة في الأوقاف سابقة على تاريخ التعيين، سيكون هذا الإقرار بمثابة تنازل عن تلك الدعاوى.
وأضاف أنه بعد عدد كبير من الوقفات الاحتجاجية التي كان آخرها مطاردة الأمن للمتجمعين أمام الوزارة والقبض على 27 منهم احتجزوا بقسم عابدين بتهمة التظاهر، واتهم خمسة منهم بالإرهاب، تفرق العمال وقرروا التوقيع على الاقرار الذي توزعه الوزارة على أمل التعيين حتى لو بإهدار سنوات الخدمة، لكن الذين وقعوا وعددهم حوالي خمسة آلاف و500 اكتشفوا أنه لن يكون هناك تعيين، بل فوجئوا بمن يقول لهم اتركوا تليفوناتكم وسوف نتصل بكم، وحاليا كافة العمال بلا عمل وبلا رواتب يضاف إليهم ممن لم يوقعوا وعددهم 500 عاملا.
وأوضح، أنه حتى المسابقة التي أعلن فيها عن تلقي طلبات بالوزارة كان الغرض منها أن يتقدم من لم يوقع بالتنازل لهذه الوظائف فيتم مفاوضته للتنازل عن أي دعاوى قضائية، مقابل وهم الوظيفة. فما كان من العمال إلا القيام بتحرير محاضر في أقسام الشرطة ورفع القضايا، بعد أن تساءلوا: إذا كان هناك أماكن للتعيين في المسابقة فلماذا لم يأخذونا أصلا؟.
وأشار علاء عبد التواب لأهمية محاضر إثبات الحالة في إثبات حقوقهم في الراتب وفي رفع دفاتر الحضور والانصراف التي تثبت أنهم لم ينقطعوا عن العمل، وفي النهاية إذا أصرت الوزارة على مسلكها سوف يكون فصلا تعسفيا، وبالتالي لن يحصل العمال إلا على شهرين مكافأة عن كل عام خدمة، لكن هذا لا يمنع من مواصلة المطالبة بالتعيين على وظيفة دائمة واستمرار التقاضي.
بيان المؤتمر
كما أصدر الممثلون الحاضرون للمؤتمر بيانا صحفيا حول موقف العمالة المؤقتة ومطالبها
ضع تعليقا