حقوق اجتماعية | حجز قضية ملكية أهالي القرصاية لأرضهم إلى جلسة 17 مارس للحكم
قررت محكمة القضاء الإداري حجز قضية أحقية أهالي جزيرة القرصاية في الأراضي محل النزاع بينهم وبين القوات المسلحة، للحكم لجلسة 17 مارس القادم.
كان تقرير هيئة مفوضي الدولة الصادر بتاريخ 21 أغسطس 2013 في القضية قد جاء لصالح الأهالي، حيث أوصت الهيئة في تقريرها الذي جاء في 25 صفحة بأن يكون الحكم في الدعوى “بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها التزام وزارة الدفاع بسحب أفراد القوات المسلحة وفرقها المتواجدة على أرض الجزيرة منها، وإلزام الحكومة المصروفات”.
وتعود أحداث الدعوى حين قامت الحكومة، في مشهد واضح من الانحياز لمصالح الأطراف القوية ضد مصالح المواطنين أصحاب الحق، بإصدار قرار من مجلس الوزراء في 21 يونيه 2007 بعدم تجديد عقود إيجار أراضي جزيرة القرصاية للأهالي أصحاب الحيازة القانونية لأراضي الجزيرة في ذلك العام، في الوقت نفسه كانت القوات المسلحة كانت قد وضعت يدها على قطعة أرض بالجزيرة النيلية تبلغ مساحتها حوالي خمسة أفدنة، فيما اعتبر تمهيدا للاستيلاء عليها لصالح استثمارات خدمية وسياحية، تبعه محاولات السلطات استخدام القوة من قبل قوات تابعة للجيش لإخلاء الجزيرة بشكل قسري، مما دفع الأهالي للجوء الى القضاء، ونجح الأهالي بالفعل في إلغاء القرار الوزراي بحكم من الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري في 16 نوفمبر 2008. ثم عادت الحكومة لتطعن على حكم إلغائه، ففصلت في ذلك المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر 6 فبراير 2010 برفض الطعن الحكومي مؤكدة على أحقية الأهالي في أراضي الجزيرة، ومذكرة في حيثيات الحكم بأن “واجب الدولة الأساسي حفظ السلم والأمن الداخلي وأن تراعي فيما يصدر عنها من قرارات وإجراءات ما يحفظ أمن المواطنين وسلامتهم ومصادر رزقهم المشروعة”.
إلا أن ذروة الظلم الذي تعرض له أهالي الجزيرة كانت في فجر يوم الأحد 18 نوفمبر 2012، حين اقتحمت قوات الجيش الجزيرة واستخدمت الأسلحة النارية والذخيرة الحية في مطاردة الأهالي، مما أسفر عن مقتل المواطن “محمد عبد الموجود”، وإصابة آخرين كما ألقت القبض على 25 شخصا، وهم من يحاكمون الآن عسكريا بتهم عدة على رأسها التواجد على أراضي عسكرية والتعدي على القوات المرابطة هناك. ومنذ ذلك الحين تتمركز قوات الجيش على شواطئ الجزيرة شرقا وغربا مما تسبب في ترويع السكان ومحاصرة مصدر رزقهم الأساسي، حيث تستمر القوات المسلحة في منع الصيادين من استخدام أغلب شواطئ الجزيرة للصيد، فضلا عن تقويض حق سكان الجزيرة في العيش في أمان ومواصلة حياتهم اليومية والتنقل بحرية.
وعلى إثر ذلك قام محامو أهالي جزيرة القرصاية بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحقوقية وهي: المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومؤسسة الهلالي للحريات، برفع دعوى قضائية أمام مجلس الدولة برقم 21604 لسنة 67 قضائية ضد رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع وأخرين طعنا على قرار تحويل بعض أراضي جزيرة القرصاية إلى منطقة عسكرية، وتداولت الدعوى بالجلسات حتى تم وضع هيئة المفوضين لتقريرها.
وطالبت هيئة الدفاع بندب قضاة تحقيق مدنيين للتحقيق في الجرائم المنسوبة للقوات المسلحة خلال أحداث 18 نوفمبر 2012 من قتل وإصابة مواطنين بالرصاص الحي والخرطوش، وتقديم المسئولين عنها من قيادات وأفراد الشرطة العسكرية إلى المحاكمة الجنائية أمام القضاء المدني، إلا أن كلا القضيتين المتداولتين حاليًّا يتم الفصل فيهما داخل ساحات القضاء العسكري بزعم أنه جهة الاختصاص استنادًا إلى ادعاء ملكية الأرض للقوات المسلحة، والذي بدوره يخوّل القضاء العسكري الحق في نظر القضايا وفقًا لقانون الأحكام العسكرية، الذي يسمح بمثول المدنيين أمام القاضي العسكري في حالات يحددها، مخالفًا بذلك حق المواطن في المثول أمام قاضيه الطبيعي ما يهدد بإهدار العدالة، خصوصًّا في تلك الحالات التي تكون فيها القوات المسلحة الخصم والحكم في الوقت ذاته، وهو ما يتنافى مع مبادئ استقلال القضاء وحيادية أحكامه.