حدث | الأمم المتحدة تطلع على سجل الحقوق المنقوص في مصر – بيان مشترك

نيويورك/القاهرة: تعرّضت مصر للمساءلة من قبل منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وذلك للمرّة الأولى منذ انطلاقة الربيع العربي. أثناء مثولها أمام لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في جنيف، في ١٤ نوفمبر/تشرين الثاني، تمّت مساءلة الدولة حول عدم اتخاذها الإجراءات لمعالجة تفشي غياب الاجتماعية والمستوى الواضح لانعدام المساواة الذي غذّا ثورة ٢٠١١.
وقد قامت اللجنة، المكلّفة بالإشراف على مدى الالتزام بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بتوجيه نقد شديد لوفد الحكومة لعدم توفيرها معلومات حديثة متعلّقة بجملة من قضايا حقوق الإنسان. مثال على ذلك، كان موضوع الحق في السكن في مصر. فعندما طلبت اللجنة مزيد من التفاصيل متعلّقة بالموضوع، أقر الوفد المصري بعدم حيازته لمعلومات كافية بمتناول اليد. فالتقرير الأخير الذي قدّمه الوفد للجنة كان قل قلل عدد المناطق العشوائية الموجودة في البلاد بحوالي الثلثين، بالمقارنة مع أرقام الحكومة ذاتها. كما تم توجيه النقد اللاذع حول فشل الحكومات المتعاقبة بمعالجة أزمة البطالة التي تعاني منها البلد حالياً. وقد صرّح أحد أعضاء اللجنة قائلاً، “لا أرى أي أثر لخطّة توظيف في مصر.”
بموجب العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي صدّقته عليه مصر في ١٩٨٢، فإن الدولة مطالبة بإثبات ما قامت به للاستجابة لتعهّداتها المتعلّقة بحقوق الإنسان، وذلك كل خمس سنوات. لكن مصر لم تقدّم تقريرها للجنة منذ ١٣ عاماً.
نظراً لكون المظالم الاجتماعية، في مجالات مثل العمل والسكن والرعاية الصحية والتعليم ومستويات المعيشة، هي من العناصر الرئيسية التي أدّت إلى الثورة، فإن القواعد والمعايير المنصوص عليها في العهد الدولي تصبح ذات أهمية خاصة في عملية الانتقال الهشة في البلاد. علاوة على ذلك، فإن فشل الإدارات المتعاقبة بعد الثورة في اتخاذ الخطوات ذات المغزى في هذه المجالات، لا تُعتبر خيانة لمطالب الربيع العربي فحسب، بل هي بمثابة انتهاك للعهد الدولي.
بالرغم من الحاجة الماسة لإحداث تغيير اجتماعي في البلاد، قامت سلسلة من الإدارات المتعاقبة بمنح الأولوية لمتطلّبات الأسواق العالمية على حساب مطالب المواطنين. في الوقت ذاته، تستمرّ معاناة الناس العاديين من ارتفاع معدّلات البطالة، والارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية، وفشل الخدمات الاجتماعية في مجالات كالرعاية الصحية والإسكان والتعليم والمياه والصرف الصحي. اليوم، وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات على الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، يعاني واحد من كل ثلاثة أطفال من سوء التغذية المزمن، وثلث الشباب يعانون من البطالة، وربع السكّان يعيشون في الفقر. ومع الارتفاع المتصاعد لتكاليف المواد الغذائية الأساسية وخفض الإعانات للفقراء، فإن عدداً أكثر فأكثر من الأسر تجد نفسها غير قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية كالسكن، والطاقة، والغذاء.
وقد تم تفصيل هذه الاتجاهات المقلقة من خلال ، وقّع عليه ائتلاف من ٥٨ منظمة مجتمع مدني محلية وعالمية، المقدّم إلى لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل جلسة الأمس. وكما توضّح الوثيقة، فإن حالة مصر المؤسفة في مصر تقوم على مقاربة “العمل كالمعتاد” في السياسات الاجتماعية والاقتصادية، والتي تتنكّر لمتطلّبات القانون الدولي لحقوق الإنسان. فقد استمر القصور الواضح في الاستثمار في القطاعات الاجتماعية الرئيسية، بل وتراجع من حيث قيمته الحقيقة، كما لم يتم التصدّي لاحتياجات الفئات الضعيفة. عوضاً عن ذلك، يكشف التقرير القناع عن السجل البائس للحكم الانتقالي، الذي انتهج سياسات التقشّف المالي متأملاً الفوز بقروض أجنبية بدلاً من استكشاف خيارات أكثر عدلاً لتوليد الإيرادات. وقد تم أيضاً اقتراح ضرائب تنازلية على السلع والخدمات في محاولة قصيرة النظر للحد من العجز المالي في البلاد. في الواقع، لقد تساءلت اللجنة عن سبب مفاخرة الحكومة حول تقليل المساهمات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في وقت أن هذه السياسات تقوّض النظام الوطني للحماية الاجتماعية. كما سُئل الوفد المصري عن كيفية استهداف الدولة للمساعدات الاجتماعية، وهو أمر حيوي خاصة خلال المراحل الانتقالية والأزمات. لكن هذه الأسئلة المهمّة لاقت الصمت من ممثلي الحكومة.
هناك حاجة إلى إجراء تدابير ملموسة، كالإصلاح التدريجي للسياسات المالية، لمواجهة القهر الاجتماعي المتجذّر الذي كان يميّز عهد مبارك. علاوة على ذلك، تساءلت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن استدامة المرحلة الانتقالية في البلاد، في حال لم تتماشى السياسات الاجتماعية والاقتصادية مع التزامات حقوق الإنسان بموجب العهد. أمّا أسئلة اللجنة حول قمع الإدارة العنيف للإضرابات والاحتجاجات العامة، فهي تشير إلى أن على دولة مصر اتخاذ خطوات لتسهيل إيجاد أنظمة شفافة وتشاركية لانخراط المجتمع المدني في عمليات الإصلاح السياسي.
بعد حوارها مع الحكومة، سوف تصدر اللجنة مجموعة من النتائج والتوصيات الملزمة لمصر بموجب العهد. لكن هذه التوصيات سيكون لها أهمية خاصة لشركاء مصر الدوليين، بما في ذلك الجهات المانحة والمؤسسات الدولية، بحكم التزامها بحقوق الإنسان خارج أقاليمها، التي تتشارك ومصر واجب ضمان أن تعمل علاقات التجارة والاستثمار والتنمية على احترام وحماية وإحقاق جميع حقوق الإنسان للمصريين.
الموقعون:
- ECESR المركز المصري للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية
- CESR مركز الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية
- شبكة حقوق الأرض والسكن (هابيتات)
- مؤسسة الشهاب للتطوير والتنمية الشاملة
- المركز المصري للاصلاح المدني و التشريعي