أخبار عاجلةالمكتبة القانونيةخصخصة و قضايا فسادسياسات اقتصاديةمكتبة | تقارير ومذكرات

تقرير هيئة المفوضين بشأن بطلان عقد مدينتى

مجلس الدولة

هيئة مفوضى الدولة

محكمة القضاء الإدارى

دائرة العقود الإدارية ـ بالقاهرة

تقرير مفوض الدولة فى الدعوى رقم 12622 لسنة 63 ق

المقامة من /

1 ـ  حمدى الدسوقى الفخرانى

2 ـ ياسمين حمدى الفخرانى

ضـــد /

1 ـ  رئيس مجلس الوزراء       بصفته

2 ـ  وزير الإسكان والمرافق و المجتمعات العمرانية الجديدة       بصفته

3 ـ  رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة        بصفته

4 ـ  الشركة العربية للمشروعات و التطوير العمرانى        خصم متدخل

” الواقعات “

بتاريخ 4 / 1 / 2009 أقام المدعيان دعواهما الماثلة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، وأعلنت قانوناً للمدعى عليهم بصفاتهم ، طالبين فى ختامها الحكم

أولاً : بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبى للمدعى عليهم فيما تضمنه من امتناعهم عن فسخ عقد بيع أرض مدينتى المؤرخ 1 / 8 / 2005 وملاحقه  والمتمثل فى بيع ثلاثة وثلاثون مليون وستمائة ألف متر للشركة العربية للمشروعات و التطوير العمرانى ـ المدعى عليه الرابع ـ

ثانياً : وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات.

وقال المدعيان شرحاً للدعوى ، أن المدعى الأول كان قد تقدم بطلب الى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لكى تخصص له أرض لإنشاء منزل له ولأولاده عليها بمدينة القاهرة الجديدة ، إلا أن الهيئة المدعى عليها أفادت بأنه يتعين عليه أخذ رقم للطلب وإنتظار الإعلان عن المزاد الذى سيخصص لذلك ولم يتم إخطاره بأى مزاد ، إلا أنه فوجئ بصورة من عقد بيع أرض مدينتى منشور على موقع جريدة اليوم السابع ، و الذى أتضح فيه أنه قد تم تخصيص مساحة أرض جبارة للشركة العربية للمشروعات و التطوير العمرانى وذلك دون إتخاذ الإجراءات القانونية الازمة فى هذا الشأن سواء الواردة بالقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات و المزايدات ولائحته التنفيذية أو تلك الواردة بالقانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، هذا بالإضافة الى مخالفة العقد للدستور المصرى لان به مخالفات قانونية جسمية أدت الى إهدار المال العام ـ أموال الشعب ـ وذلك بتخصيص أرض تزيد قيمتها على 165 مليار جنيه بالمجان للشركة المذكورة ، بالإضافة الى أحقية الشركة فى الحصول على مساحة أرض إضافية قدرها 800 فدان ـ بالشفعة فى حال تصرف الهيئة المدعى عليها فيها للغير ، على أن تقوم جهة الإدارة بتوصيل كافة المرافق ( مياه ـ كهرباء ـ تليفونات ـ طرق ـ صرف صحى ) الى الأرض محل التداعى ، ونعى المدعيان على هذا التعاقد مخالفته للدستور و القانون ، الأمر الذى حدا بهما الى إقامة الدعوى الماثلة بغية الحكم لهما بالطلبات سالفة الذكر فى صدر الوقائع.

وقد نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة بجلسة 8 / 3 / 2009 وما تلاها من جلسات حيث أودع الحاضر عن المدعيين حافظة مستندات من بين ما طويت عليه 1 ـ صورة ضوئية من قرار وزير الإسكان و المرافق رقم 104 لسنة 2007 المتضمن إعتماد المخطط التفصيلى و تقسيم المرحلة الأولى من مشروع مدينتى 2 ـ صورة ضوئية من أسعار بيع شقق مشروع مدينتى 3 ـ صورة ضوئية من أسعار بيع فيلات المشروع ، وقد ردت جهة الإدارة على الدعوى وقدمت حافظتى مستندات من بين ما طويتا عليه 1 ـ صورة ضوئية من عقد البيع الابتدائى وملاحقه موضوع الدعوى الماثلة 2 ـ محضر إجتماع مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة المؤرخ 19 / 3  /2006 ، وأودعت مذكرة دفاع طلبت فى ختامها الحكم :

أولا ً : بصفة أصلية عدم قبول الدعوى لإنتفاء شرط المصلحة و الصفة

ثانياً : بصفة إحتياطية عدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى

ثالثاً : على سبيل الاحتياط رفض الدعوى مع إلزام المدعيين المصاريف

وأثناء نظر الشق العاجل من الدعوى حضر الأستاذ / شوقى السيد المحامى بصفته وكيلاً عن الشركة العربية للمشروعات و التعمير العمرانى وطلب التدخل إنضمامياً الى جانب جهة الإدارة فى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى وإحتياطياً رفض الدعوى مع  إلزام المدعيين المصروفات ، و التدخل هجوميا بطلب إلزام المدعيين بدفع مبلغ مليون جنيه تعويضاً رمزياً عما أصاب الشركة الطالبة من أضرار مادية و أدبية ، وأودع صحيفة معلنة بذلك ، كما أودع حافظتى مستندات من بين ما طويتا عليه 1 ـ حديث وزير الإسكان و المرافق عن أرض مدينتى الذى بث فى برنامج البيت بيتك للتليفزيون المصرى 2 ـ السجل التجارى للشركة المتدخلة  3 ـ ملحق رقم 1 ، 2 للعقد محل التداعى ، وبجلسة 16 / 3 / 2010 قررت المحكمة إحالة الدعوى الى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير برأيها القانونى فيها.

ونفاذاً لذلك فقد وردت الدعوى إلينا لإعداد التقرير الماثل.

( الرأى القانونى )

بعد الإطلاع على الأوراق و المستندات .

ومن حيث أن الفيصل فى تكييف الدعوى هو ما تنتهى اليه المحكمة بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم ، فللمحكمة أن تستظهر مرامى تلك الطلبات ومقصود الخصوم منها وأن تعطى الدعوى على ضوء ذلك وصفها الحق وتكييفها الصحيح على هدى ما تستنبطه من واقع الحال فيها وملابساتها .

( يراجع حكم المحكم الإدارية العليا الصادر فى الطعن رقم 2745 و 3020 لسنة 34 ق ، بجلسة 15 / 12 / 1990 ، الموسوعة الإدارية الحديثة ، الجزء 33 ، قاعدة رقم 96 ، ص 188 )

وبناءً على ذلك فإن المدعيين يطلبان وفقاً للتكييف الصحيح ـ الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع ببطلان العقد المؤرخ 1 / 8 / 2005 و المبرم بين الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة و الشركة العربية للمشروعات و التطوير العمرانى وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

ومن حيث أن طلب الشركة العربية للمشروعات و التطوير العمرانى التدخل إنضمامياً الى جانب جهة الإدارة فإن المادة 126 من قانون المرافعات تنص على أنه ( يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب مقدم شفاهة فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة.)

ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز التدخل إنضمامياً الى جانب أحد الخصوم والذى يقصد من ورائه المتدخل مساعدة الخصم فى الدفاع عن حق يدعيه وإشترط المشرع لذلك توافر المصلحة الشخصية لدى المتدخل بإعتبار أن المصلحة هى شرط عام لكل طلب أو دفع أمام المحكمة كما حدد المشرع الإجراءات المتعلقة بتقديم طلب التدخل وذلك إما بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو إبدائه شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصوم.

( حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى الطعن رقم 209 لسنة 41 ق ، بجلسة 5 / 11 / 2000 ، مجموعة مبادئها القانونية التى قررتها فى السنة 46 ـ الجزء الأول ـ ص 51 )

ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن الشركة المتدخلة طلبت التدخل إنضمامياً الى جانب جهة الإدارة فى رفض الدعوى ، وأودعت صورة من العقد الإبتدائى المؤرخ 1 / 8 / 2005 والمتضمن شراؤها للأرض محل التداعى ـ الموضحة الحدود و المعالم بالعقد سالف الذكر ـ فإن الشركة بما لها من صفة فى الشراء للأرض ، فمن ثم يكون لها مصلحة فى دفع أى إجراءات تمس بهذا العقد ، وبالتالى تتوافر لها المصلحة فى طلب التدخل الإنضمامى الى جانب الجهة الإدارية المدعى عليها ، ويكون الطلب قائماً على سنده المبرر له قانوناً فمن ثم يكون مقبولاً.

ومن حيث أنه عن طلب تدخل الشركة المذكورة هجومياً بطلبها الحكم بإلزام المدعيين بتعويض قدره مليون جنيه عن الأضرار المادية و الأدبية التى لحقت بها من جراء إساءة إستعمال حق التقاضى . فإن البحث فى إختصاص المحكمة بنظر الطلب سواء كان ذلك ولائياً أو نوعياً يعد من المسائل الأولية التى يتعين على المحكمة التصدى لها دون توقف مع طلب من أحد الخصوم لتعلقه بالنظام العام ومن حيث أن الطلب المذكور مقام من أحد أشخاص القانون الخاص ضد أحد من أشخاص القانون الخاص فمن ثم تخرج المنازعة بشأنه من نطاق الإختصاص الولائى المقرر لمحاكم مجلس الدولة ، مما يتعين معه و الحال كذلك التقرير بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر مثل هذا الطلب وإحالته الى المحكمة المختصة عملاً بحكم المادة 110 من قانون المرافعات ، مع إبقاء الفصل فى مصروفاته عملاً بمفهوم المخالفة لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لإنتفاء الصفة و المصلحة لرافعيها فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد إستقر على أن شرطا الصفة و المصلحة يندمجا معاً وتتحقق المصلحة فى كل حالة يكون رافعها فى حالة قانونية خاصة بالنسبة الى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل القرار يؤثر فى مصلحة جدية له.

ومن حيث إنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى أنه تم بيع الأراضى المملوكة للدولة بثمن لا يتناسب البته مع السعر السائد على نحو ما ذكره المدعيان ولم تجحده جهة الإدارة أو تعقب عليه ، ومن شأن ذلك إهدار جزء من ثروات مصر وعوائدها التى كان من الممكن لو أحسن التصرف فيها أن تعود على المدعيين وغيرهم من المواطنين المصريين بإرتفاع فى دخولهم ومستوى معيشتهم وتحسين فى الخدمات التى تؤديها الدولة وخاصة ما تعلق منها بتأمين المجتمع و العمل على تطويره ، مما يكون معه للمدعيين مصلحة جدية تبرر لهم اللجوء الى القضاء ومنازعة مسلك جهة الإدارة بغية القضاء لهما بالطلبات التى أبدوها إنتصاراً لمبدأ المشروعية وسيادة القانون ومراعاة الصالح العام ، ومن ثم فلا مناص ولا محيص من التقرير و الحال هذه برفض الدفع لإفتقاده للسند القانون المبرر له.

ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون فإن المادة الحادية عشر من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق فى بعض المنازعات قد إستثنت المسائل التى يختص بها القضاء المستعجل من وجوب العرض على اللجان المنصوص عليها بالمادة الأولى من القانون المذكور.

ومن حيث أن الدعوى الماثلة مقترنة بشق مستعجل فمن ثم وإعمالاً للقواعد السالف بيانها فإنها تكون مستثناه من العرض على لجان التوفيق فى بعض المنازعات ، ويكون هذا الدفع فى غير محله متعيناً والحال هذه التقرير برفضه.

ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لإنتفاء القرار الإدارى فإن الدعوى الماثلة إنما تدخل فى عداد دعاوى العقود الإدارية التى تستدعى ولاية القضاء الكامل فلسنا أمام قرار إدارى بل عقد إدارى تكاملت كافة أركانه وعناصره ، وبناء على ذلك يغدو الدفع الماثل فى غير محله ، مما لا مندوحة معه من التقرير برفضه.

ونود أن نشير بأننا نكتفى بما ورد فى الأسباب بالنسبة لهذه الدفوع الثلاثة دون الإشارة اليها فى المنطوق.

ومن حيث أنه عن شكل الدعوى ، فإنها من دعاوى العقود الإدارية التى تستدعى ولاية القضاء الكامل والتى لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء ، وإذا استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية فمن ثم تغدو مقبولة شكلاً.

ومن حيث إنه عن الموضوع ، فإن المشرع قد أصدر القانون رقم 89 لسنة 1998 م بإصدار قانون تنظيم المناقصات و المزايدات والذى نشر بالجريدة الرسمية ـ العدد 19 فى 8 / 5 / 1998 م وبدأ العمل به إعتباراً من 8 / 6 / 1998 م طبقاً للمادة الرابعة من مواد إصداره ـ كما صدر قرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 م بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه ونشر بالوقائع المصرية العدد 201 فى 6 / 9 / 1998 م وبدأ العمل بأحكامه إعتباراً من 7 / 9 / 1998 م.

ومن حيث إن المادة الأولى من مواد إصدار القانون سالف الذكر تنص على أنه ( يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن تنظيم المناقصات و المزايدات وتسرى أحكامه على وحدات الجهة الإدارية للدولة ـ من وزارات ومصالح ، وأجهزة لها موازنات خاصة ـ وعلى وحدات الإدارة المحلية وعلى الهيئات العامة خدمية كانت أو إقتصادية.

ويلغى القانون رقم 147 لسنة 1962 م بشأن تنفيذ أعمال خطة التنمية الإقتصادية ، وقانون تنظيم المناقصات و المزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 م كما يلغى كل حكم يخالف القانون المرافق.)

ومن حيث إن المشرع قد خصص الباب الثالث من هذا القانون فى بيع و تأجير العقارات و المنقولات والمشروعات والترخيص بالإنتفاع أو بإستغلال العقارات وأفرد له المواد من 30 حتى 35 لبيان القواعد الحاكمة له حيث تنص المادة 30 منه على أن ( يكون بيع وتأجير العقارات و المنقولات و المشروعات التى ليس لها الشخصية الإعتبارية والترخيص بالإنتفاع أو بإستغلال العقارات بما فى ذلك المنشآت السياحية و المقاصف عن طريق مزايدة علنية عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة.

ومع ذلك يجوز إستثناء وبقرار مسبب من السلطة المختصة التعاقد بطريق الممارسة المحدودة فيما يلى : ……………………)

وتنص المادة 31 منه على أنه ( يجوز فى الحالات العاجلة التى لا تحتمل إتباع إجراءات المزايدة أو الممارسة المحدودة أو يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من ……………)

وتنص المادة 32 منه على أنه ( تتولى الإجراءات فى الحالات المنصوص عليها فى هذا الباب لجان تشكل على النحو المقرر بالنسبة للجان فتح المظاريف ولجان البت فى المناقصات ، وتسرى على البيع أو التأجير أو الترخيص بالإنتفاع أو بإستغلال العقارات بطريق الممارسة المحدودة وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة البيع أو التأجير أو الترخيص. )

وتنص المادة 33 منه على أنه ( تشكل بقرار من السلطة المختصة لجنة تضم الخبرات و التخصصات النوعية اللزمة ، تكون مهمتها تحديد الثمن أو القيمة الأساسية لمحل التعاقد وفقاً للمعايير و الضوابط التى تنص عليها اللائحة التنفيذية ـ على أن يكون الثمن ـ أو القيمة الأساسية ـ سرياً. )

وتنص المادة 34 منه على أن ( يكون إرساء المزايدة على مقدم أعلى سعر ومستوفى للشروط ، ……. )

ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن العمل بأحكام القانونين رقمى 147 لسنة 1962 و 9 لسنة 1983 سالفى الذكر توقف إعتباراً من تاريخ العمل بأحكام القانون 89 لسنة 1998م أنف البيان فى 8 / 6 / 1998م ، وكذلك أى حكم أخر يخالف أحكام هذا القانون والذى جعل الأصل فى التصرف فى الأراضى المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية و الهيئات العامة الخدمية منها أو الإقتصادية للأفراد سواء بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالإنتفاع بها أو بإستغلال العقارات أن يتم عن طريق مزايدة علنية ، عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة ، وإستثناء إما بطريق الممارسة المحدودة فى حالات واردة على سبيل الحصر أو التعاقد بطريق الإتفاق المباشر فى حالات عاجلة معينة حصراً على أن تتبع فى هذه الحالات الإجراءات المنصوص عليها فى القانون 89 لسنة 1998 ولائحته التنفيذية.

ومن حيث إن نصوص القانون رقم 89 لسنة 1998م سالف الذكر من قبيل النصوص الآمرة ، ومن ثم لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها أو النزول عنها لتعلقها بالنظام العام وإرتباطها بالقواعد الحاكمة للتصرف فى أملاك الدولة.

ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدنى تنص على أنه ( لا يجوز إلغاء نص تشريعى إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم ، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. )

مؤدى ذلك أن النص التشريعى الذى يتضمن قاعدة عامة يجوز إلغاؤه بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق وان قرر قواعده التشريع ويقصد بالتعارض فى هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على موضوع واحد بحيث يستحيل إعمالهما معاً.

ومن حيث إنه من المقرر أن المشرع إذا وضع نصاً تشريعياً فقد وجب إلتزامه ويمتنع مخالفته ، ومن المسلمات أنه فى حالة تعارض نص تشريعى مع نص تشريعى أخر وعدم إمكانية التوفيق بينهما فى الحدود التى رسمت لكل منهما يجب تغليب التشريع الأعلى مرتبة على التشريع الأدنى منه إعمالاً لمبدأ تدرج القاعدة القانونية ، فإن تساويا فى المرتبة ولم يمكن التوفيق بينهما أعتبر النص اللاحق ناسخاً للنص السابق.

ومن حيث أن أغراض القانون 89 لسنة 1998م سالف الذكر ومجال تطبيقه كشفت عنها نصوصه صراحة وبخاصة المادة الأولى من مواد الإصدار والتى وردت عباراتها مطلقه ، حيث حددت الجهات المخاطبة بأحكامه وقررت فى إفصاح جهير سريان جميع أحكامه بصفة مطلقة وعلى نحو حتمى ووجوبى وبدون إستثناء ، ومقررة إلغاء أى حكم يخالف أحكامه ، وبالتالى تسرى أحكامه على جميع وحدات الجهاز الإدارى للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازانات خاصة وعلى جميع الهيئات العامة خدمية كانت أو إقتصادية ، وآية ذلك كله المغايرة فى الصياغة التشريعية لنص تلك المادة و المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1983م بشأن تنظيم المناقصات و المزايدات ـ الملغى ـ والتى كانت تنص على أن تسرى أحكام القانون المرافق على جميع الوزارات والمصالح و الحكم المحلى والهيئات العامة وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى القوانين أو القرارات الخاصة بإنشائها ، فى حين لم ترد هذه الصياغة فى القانون الحالى ، وعلى ذلك فإن الأحكام التى وردت فى القوانين أو اللوائح التى كانت سارية قبل نفاذ القانون 89 لسنة 1998م سالف الذكر وتتعارض مع نصوصه تعتبر منسوخة جملة وتفصيلاً ولا يجوز إعمالها فى ظل المجال الزمنى لسريان هذا القانون وتلتزم الجهات الخاضعة لأحكامه عند تصرفها فى الأراضى المملوكة للدولة بالإجراءات و القواعد المنصوص عليها فى هذا القانون ، وإلا كان تصرفها مخالفاً للقانون ووقع باطلاً.

وبالإبتناء على ماتقدم فإن أى إعلان من جانب أية جهة إدارية خاضعة لأحكام القانون 89 لسنة 1998م سالف الذكر ـ عن التصرف فى أملاك الدولة أو الطلبات التى تقدم الى الهيئات العامة بشأن تخصيص ـ أو شراء ـ الأراضى المملوكة للدولة أو تأجيرها أو الترخيص بالإنتفاع بها يجب أن يتم وفقاً لأحكام القانون رقم 89 لسنة 1998م المشار اليه.

ومن حيث بتطبيق ما تقدم على واقعات النزاع الماثل ، وكان الثابت من الإطلاع على الأوراق أن الشركة العربية للمشروعات و التطوير العمرانى تقدمت بطلب الى الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة بشأن حجز مساحة من الأرض بمدينة القاهرة الجديدة قدرها ثمانية آلاف فدان تقريباً لإقامة مشروع إسكان حر على جزء منها يقدر خمسة آلاف فدان بحيث يكون مجتمعاً متكاملاً بما فيه من أبنية ومرافق ـ موضحة الحدود والمعالم بالعقد المؤرخ 1 8 2005 ـ وبتاريخ 1 8 2005 وافقت الهيئة المذكورة على حجز مساحة خمسة آلاف فدان لإقامة مشروع للإسكان الحر للشركة المذكورة ، أما فيما يتعلق بمساحة ثلاثة آلاف فدان يتم الاتفاق على أسلوب إستغلال تلك المساحة لاحقاً بنظام المشاركة مع الهيئة ، إلا أن الشركة المذكورة تقدمت الى الهيئة المذكورة مرة ثانية بطلب لزيادة مساحة مشروع الاسكان الحر بإضافة مساحة ثلاثة آلاف فدان وهى المساحة التى كان قد تم إرجاء التعاقد عليها سلفاً ، وقد وافقت الهيئة على ذلك بموجب كتابها رقم 5628 المؤرخ 20 11 2005 ، ومن ثم فإن إجمالى المساحة التى قامت الهيئة بتخصيصها ـ حجزها ـ للشركة هى ثمانية آلاف فدان ـ يراجع العقد الإبتدائى المؤرخ 1 8 2005 والملحق رقم 3 لذات العقد المؤرخ 21 12 2005 ـ على أن يتم سداد قيمة الأرض للهيئة فى شكل عينى عبارة عن وحدات سكنية كاملة التشطيب بالمشروع نسبتها ( 7% ) سبعة بالمائة من إجمالى مسطحات الوحدات السكنية شاملة ما يخصها من أراضى بإعتبار أن مساحة أرض المشروع مقام عليها عمارات سكنية فقط.

ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المذكورة قد تقدمت بطلب الى الهيئة المدعى عليها لحجز الأرض مثار النزاع ـ شراء الأرض ـ مقابل حصة عينية على النحو السالف بعد تاريخ العمل بأحكام القانون رقم رقم 89 لسنة 1998م  فى 8 6 1998 ولم تراع الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة أحكام هذا القانون ، وإنما قامت بقبول طلب الشركة وفحصه طبقاً لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979م بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة واللوائح الداخلية واللائحة العقارية بالهيئة ، ولما كانت القواعد و الإجراءات الواردة بالقانون 59 لسنة 1979 تخالف الأحكام الواردة فى القانون رقم 89 لسنة 1998م بشأن بيع و تأجير أملاك الدولة والترخيص بالإنتفاع وبإستغلال العقارات فمن ثم فإنه إعتباراً من تاريخ العمل بالقانون 89 لسنة 1998 تعتبر أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار اليه منسوخه ويتعين الإلتزام بالاحكام الواردة بالقانون 89 لسنة 1998م .

ومن جماع ما تقدم فإن عقد البيع الإبتدائى المؤرخ 1 8 2005 والملحق رقم 3 المؤرخ 21 12 2005 المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى بشأن حجز ثمانية آلاف فدان ـ ثلاثة وثلاثون مليون وستمائة ألف متر مربع ـ قد إرتكن الى سند غير مشروع وإتبعت بشأنه إجراءات مخالفة للقانون ومن حيث أنه لا محاجة بأن الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة ما زالت مستمرة فى حجز وتخصيص الأراضى المملوكة لها طبقاً للقانون رقم 59 لسنة 1979م واللائحة العقارية سالفى الاشارة ، ذلك أنه وإن كانت إعتبارات العدالة تقتضى المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة إلا أن ذلك مرهون بألا يكون عن طريق تطبيق نصوص قانونية ملغاة على حساب تعطيل النصوص القانونية الصحيحة الواجبة التطبيق.

وبناءً على ما تقدم فإن جهة الإدارة قد خالفت فى إجراءاتها الخاصة بالعقد مثار النزاع الماثل أحكام القانون الواجب التطبيق ، فمن ثم يكون قد لحق به عيب جسيم ينحدر به الى مدارك البطلان ، الأمر الذى يتعين معه والحال هذه التقرير ببطلان عقد البيع الإبتدائى المؤرخ 1 8 2005 فيما تضمنه من حجز مساحة ثمانية آلاف فدان بمدينة القاهرة الجديدة للشركة العربية للمشروعات والتعمير ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها بطلان الملحق رقم 2 المؤرخ 21 12 2005 ، ومن حيث أنه من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

نرى الحكم :

أولاً : بقبول تدخل الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى إنضمامياً الى جانب جهة الإدارة.

ثانياً : عدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب الشركة المذكورة فى البند أولاً بالزام المدعيين بالتعويض، وإحالته الى المحكمة المختصة ، مع إبقاء الفصل فى مصروفات هذا الطلب.

ثالثاً : قبول الدعوى شكلاً ، وفى الموضوع ببطلان عقد البيع الإبتدائى المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى بتاريخ 1 8 2005 مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الوارد بالأسباب ، وإلزام جهة الإدارة والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى المصروفات مناصفة بينهما.

المقرر                                                                                  مفوض الدولة

مصطفى أبو اليزيد الحلفاوى                                                      مصطفى سيد الآبى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى