مثلت مصر اليوم أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في جنيف بمناسبة الاستعراض الدوري الرابع لها في دورة اللجنة الـ51، ليشرح الوفد الحكومي كيفية أخذ مصر بالالتزامات المتعلّقة بحقوق الإنسان، كطرف في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خلال المرحلة الانتقالية المضطربة التي تمر بها البلاد. وتعد هذه هي المرة الأولى التي تمثل فيها مصر أمام إحدى هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، وذلك منذ ثورة يناير ٢٠١١.
وقام الوفد المصري الرسمي بعرض التقرير الذي يبرز مدى التزام الحكومة المصرية بتنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي يشمل ثلاثة أقسام رئيسية، وهي القواعد العامة لحماية واحترام مبادىء حقوق الإنسان في مصر، والذي يشمل بعض المحاور منها الهيكل الأساسي للدولة والإطار القانوني العام لحماية حقوق الإنسان في مصر والمستجدات التشريعية وسبل الانتصاف الوطنية للإنفاذ الفعال لمبادئ حقوق الإنسان في مصر. كذلك شمل التقرير، التناول الموضوعي للحقوق الواردة بالعهد، وتناول عرض كافة الحقوق الواردة بالعهد وفقا لمعطيات الواقع المصري. وشمل التقرير أيضا، الرد على التوصيات السابقة للجنة حول التقرير الأولي، وتناول التقرير في هذا القسم عدة محاور منها عرض الجهود المصرية لمواجهة الفقر، والأمية، والبطالة، والحد من عمل الأطفال، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي المقابل تم إعداد تقرير موازي لتقرير الحكومة المصرية، بالمشاركة بين ائتلاف واسع يتشكّل من ٥7 منظمة مجتمع مدني مصرية شاركت في الصياغة.
ويقول التقرير الموازي أن الحكومات الانتقالية المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير 2011 فشلت في الشروع بالإصلاحات الهيكلية المطلوبة لمعالجة الأنماط الطويلة الأمد في زيادة الفقر ومستوى عدم المساواة الصارخ وانتشار الحرمان الاجتماعي على نطاق واسع.
ويوضّح التقرير، المقدّم إلى لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أنه منذ أن خرج الشعب المصري إلى الشوارع في ٢٠١١ للمطالبة بمستقبل أفضل، لم يتم فعل سوى القليل لمعالجة القفزات في معدّلات البطالة، والارتفاع المذهل لأسعار المواد الغذائية، وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية كالرعاية الصحية والإسكان والتعليم والمياه والصرف الصحي.
وبدأت جلسة مساءلة مصر بتوجيه اسئلة منن اللجنة إلى الوفد المصري المكون من المستشار/ سناء خليل من وزارة العدل ود. عماد عزت من الصحة، ود. كاميليا صبحي من الثقافة، وآخرون علاوة على ممثلين من سفارة مصر في سويسرا.
وجاءت أسئلة اللجنة كالتالي: لماذا ينخفض الانفاق العام من الناتج المحلي على الصحة والتعليم، لماذا أقريتم قانون التصالح مع الفساد ولم تنفذ أحكام استرداد الممتلكات العامة، ما هي مشروطية الديون وقروض صندوق النقد والمساعدات ومدى تنفيذ مصر لتلك الشروط، ما هو مدى احترام دستور مصر الجديد لحقوق المرأة والاقليات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ما مدى مشاركة المجتمع والمجتمع المدني في الخطة الاقتصادية التي أعدتها وأرسلتها الدولة المصرية لصندوق النقد، هل تم استشارة المواطنين المعنيين ومنظمات المجتمع المدني في التخطيط والتنفيذ بمشروع القاهرة ٢٠٥٠، لماذا يتم تهجير سكان المقابر والعشوائيات والأخلاء القسري للبعض من مساكنهم، لماذا تتأخر الحكومة في تقديم التقارير للجنة، وهل يعكس ذلك عدم اهتمام مصر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كيف يمكنكم حماية حقوق الأقليات العرقية والدينية في بلادكم، لماذا لم نرى محاولات لمواجهة البطالة خاصة للشباب والنساء منذ ثورة 2011، كيف سيتم تطبيق الدولة للحد الأدنى للأجور بالنسبة للقطاع الخاص وغير الرسمي، هل اخترتم ١٢٠٠ جنيه حد أدنى للأجوروهو ما لا يكفي حياة كريمة لأسرة مصرية لأسبوع واحد؟.. في مصر لا يوجد اعتراف إلا بتنظيم نقابي واحد، وهناك تقييد على حق الإضراب، ويتم التنكيل بالنقابيين، فهل لدى الوفد الحكومي المصري أفكار عن تعديل هذه القوانين التي تحد من حرية العمل النقابي وتشكيل النقابات وتعددها؟
وأشارت اللجنة بشكل عام إلى أن مصر تعاني من فراغ قانوني بسبب إلغاء دستور 2012 وعدم إصدار دستورا جديدا بعد. فكان رد الوفد المصري: لا يوجد فراغ تشريعي في مصر ويتم العمل بالقوانين السارية حتى انتخاب برلمان جديد.
هذا وقد حذر بعض أعضاء اللجنة من مشروطية صندوق النقد، والسير بخطى سريعة في سياسة الخصخصة، والغاء شبكات الضمان الاجتماعي، وعلق أحد أعضائها قائلا: من خلال الخبرة في بلادنا، لا ينبغي أن تكون التدابير لحل المشكلات هي اتباع سياسات التقشف وشروط قرض البنك الدولي، بل البدء من ضمانات حقوق الإنسان وعليكم أن تكيفوا ظروفكم لمراعاة هذه الحقوق.
وبدأ الوفد المصري في الرد على أسئلة اللجنة، بتعديد النجاحات التي حققتها مصر في التعليم والثقافة.. الخ، ونجاح الـ”ثورتين”. كما جاء في كلمة المستشارة/ سناء خليل.
وبشكل عام جاءت إجابات ممثلي الوفد المصري الحكومي عامة وتحتوي على معلومات ناقصة وقديمة، وتتحدث عن سياسات وقوانين ما قبل الثورة؛ بالرغم من أن أسئلة اللجنة انحصرت في الفترة الانتقالية، للدرجة التي دعت أحد أعضاء اللجنة إلى القول “قدمتم لنا إحصائيات عن التعليم في ٢٠٠٦ ونحن الآن في ٢٠١٣، نرجو تحديث البيانات”.
وقال الوفد: أن دستور ٧١ أدرج كافة الحقوق من العهدين الدوليين، موضحا أن قضية إضراب عمال السكك الحديد دليل على قدرة المواطنين على استخدام العهد الدولي في محاكم مصر، مشيرا إلى أن الدستور الجديد سيتضمن بابا خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و”هذا نجاح” على حد قوله.
ومن جانبه قال د. عماد عزت، أن ختان الاناث وجه بالحملات التليفزيونية والإذاعية الناجحة، مشيرا إلى أن دراسة ٢٠٠٧ لآراء الشباب في الختان خير دليل على نجاح الحملات وتراجع الظاهرة.
وفي معرض إجابة الوفد المصري عن أسئلة تخص أوضاع المرأة المصرية، قال أنه المرأة حصلت على الحق في التصويت عام ١٩٥٦.. مصر حريصة على حقوق المرأة، وأنه ان تم رفض تحديد كوتة للمرأة في المجالس الإدارية لأن ذلك يعتبر تمييزا، راصدا أعداد النساء في بعض المجالات.. المناصب الوزارية 3, في القضاء 41 قاضية مصرية, وفي النيابة الإدارية 436.
وقالت اللجنة: تحدث الوفد المصري عن تغليظ العقوبات في قضية التعدي على المرأة أوالتحرش بها ولكن هل تم معاقبة أحد بهذا القانون الجديد.. أي هل تم التحقيق مع أو معاقبة من قاموا بجرائم اغتصاب ضد المدافعات عن حقوق الإنسان وجرائم خلال وبعد ثورة يناير؟.
وعن الحريات وحقوق الإنسان قال ممثل الوفد المصري: نوازن بين الأمن القومي وحرية عمل منطمات المجتمع المدني، وقد شكلنا المجلس القومي لحقوق الإنسان لسد الفراغ في المرحلة الانتقالية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وردا على تعليق اللجنة بأن تقرير الدولة المقدم لها ينفي وجود أي أقليات في مصر، قالت ممثلة مصر: سأتحدث عن الأقليات في مصر كمصرية ومعظم أصدقائي مسيحيين؛ المسيحيون في مصر يرفضون تسميتهم أقلية، تتمثل قضية الأقليات في الحقوق السياسية فقط، ولكن لا تتضمن في المجتمع المصري لعدم الاعتراف بوجودها، نحن كمسلمين نرفض التمييز، قبل المسيحيين”، والتمييز العرقي والديني ليس مشكلة أساسية في مصر، الدولة ترفض تماما وصف المسيحيين كأقلية والبهائيين لم يطلبوا أن يتم تسميتهم بالأقليات، مضيفة: قضايا الأقليات ليست من اختصاصكم، اختصاصكم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقط”!.
وعن الأوضاع الاقتصادية فتا تاوفد “تأخرنا في توقيع قرض الصندوق؛ لأننا وجدنا له تأثيرات سلبية خاصة المواطن البسيط، مشيرا إلى أن خط الفقر في مصر يبلغ ٢٥٦ جنيا شهريا للفرد، وخط الفقر المدقع ١٧١.٥ جنيها للفرد شهريا.. لقد اضطررنا لتخفيض الإنفاق على الصحة والتعليم بسبب أن حوالي ٢٥٪ من الموازنة يذهب لفوائد الديون، مشيرا إلى ارتفاع نسبة البطالة من 2011 إلى 2012 من 12% إلى 12.7%، مضيفا أنه تم تشجيع شراكات القطاع العام والخاص من أجل إيجاد فرص عمل”. وبخصوص التعديلات الضريبية قال الوفد: التعديلات فقط ستكون على ضريبة المبيعات على المشروبات الكحولية وغير الكحولية, الحديد, الأسمنت, الاتصالات والسجائر، لكن لن يتم التعديل الضريبي على زيوت الطعام, البن, الأخشاب, الأسمدة.
وهنا رد أحد أعضاء اللجنة: جواب الحكومة أكد ان مصر لها سياسة لخفض الإنفاق على الصحة والتعليم، واتساءل لماذا؟ هل لإرضاء صندوق النقد؟.
ورد ممثل الوفد المصري على سؤال اللجنة بخصوص أوضاع ١٢٢١ منطقة عشوائية في مصر، قائلا لدينا ٤٢٢ منطقة عشوائية فقط، مشيرا إلى “نجاح المشروع القومي للإسكان، ومشروع (ابني بيتك) واستمرارها، خاتما قوله “ليس من بين أعضاء الوفد متخصصا في الإسكان وسنوافيكم بالمعلومات الناقصة فيما بعد”!.
وقالت ممثلة مصر للتعليم، أن الوزارة توفر وجبات للطلبة في المدارس لمحاربة ظاهرة التسرب من التعليم، وأن توجه الطلاب للمدارس الخاصة لا علاقة له بأي تدهور في المدارس الحكومية، ولكنه مرتبطا بالرغبة في تعلم لغات عديدة.
وطالبت اللجنة الدولة المصرية بإلغاء قانون تجريم الإضرابات الصادر من المجلس العسكري عام 2011، فقالت ممثلة مصر عن النقابات: هناك قيود في القانون على حق الإضراب والقيود هي إخطار قبل الإضراب وموافقة النقابة العاملة التابعة لها.
ضع تعليقا