بيانات صحفية بيانات مشتركة تجارة حرة واستثمار سياسات اقتصادية

تجارة واستثمار | مصر والدول النامية في منظمة التجارة العالمية: كفاح من أجل دعم القطاع الزراعي

logo

headerC

يحضر وزير التجارة المصري المؤتمر الوزاري التاسع لمنظمة التجارة العالمية (WTO) بين ٣ و٦ ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٣، وذلك في مدينة بالي الإندونيسية، لمناقشة جملة من القضايا الهامة المتعلّقة بنظام التجارة الدولي، بما فيها الزراعة وتسهيل التجارة (TF). وفي هذا لإطار، يسعى جدول أعمال منظمة التجارة العالمية لمزيد من ترسيخ النموذج التجاري العالمي الذي تقوده الشركات متعددة الجنسية، والتي ثبت أنه يمثّل الكثير من التحدّيات التنموية في البلدان النامية والبلدان الأقل نموا (LDC).
وقد أدى هذا النموذج الاقتصادي لسياسات أعاقت، بشكل مباشر، قدرة مصر على تطوير اقتصادها وتوفير الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لمواطنيها. وقد أدت هذه السياسات إلى خلل في الاستقرار المالي، واتساع الفجوات الاجتماعية، وانعدام قدرة المواطنين المهمشين على الحصول على الخدمات بأسعار السوق، وتفاقم أزمة المناخ، وتهديد الأمن الغذائي.
وحيث أن عيوب النظام الاقتصادي المهيمن الحالي قد تبلورت في مصر، تخشى منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية أن تشرع منظمة التجارة العالمية لمزيد من التكريس لهذا النموذج في المؤتمر الوزاري المقبل في بالي، فتتبخّر الآمال في تحقيق نظام تجاري عادل ومتعدد الأطراف يحترم احتياجات التنمية في العالم الثالث.

أمّا بالنسبة لجدول أعمال وزراء التجارة، فقد يأتي التفاوض على شروط اتفاقية بشأن الزراعة والأمن الغذائي على حساب اتفاقية تيسير التجارة، بما أن الآثار المترتبة على هذه الأخيره ستلغي أحكام الاتفاقية الأولى. كما يدعو اقتراح لمجموعة الـ٣٣ (G33)، وهي مبادرة بقيادة الهند، إلى الإعفاء من التزامات الدعم المحلي للدول التي تحتاج للانخراط في مبادرات الأمن الغذائي لحماية المزارعين المحليين والسكان الأكثر عرضة. اعربت مصر عن مساندتها لهذة المبادرة ولكن لاقت محاولتها بالاحباط والفشل. فقد أعربت الولايات المتحدة عن تحفظاتها حول هذا الاقتراح، رغم أنها، كما الاتحاد الأوروبي، تعطي لنفسها حق دعم مزارعيها وبعض الصادرات بشكل غير عادل، وذلك بمئات من المليارات سنويا؛ فمن ثم يمكننا استضاح الآتي: يوجه الاتحاد الأوروبي ثمانية وثلاثين في المائة من ميزانيتهه السنوية إلى دعم الفلاحين في حين توجه مصر نصف في المائة للدعم الزراعي بشكل عام.

وعلاوة على ذلك، فإن التفاوض حول تيسير التجارة سيعني أن الأهداف التي اقترحتها مجموعة الـ٣٣ ستكون غير قابلة للتحقيق. فشروط تيسير التجارة يمكنها أن تضع الكثير من الأعباء على البلدان النامية، مما يجعلها غير قادرة على الإنفاق على أهداف التنمية الرئيسية، كالأمن الغذائي، على سبيل المثال. وفي حين تنظر الدول المتقدمة إلى مثل هذه المفاوضات كوسيلة لتعزيز العلاقات التجارية والمساهمة في تنمية الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، فإنها تتجاهل الآثار السلبية الكامنة في مثل هذه المفاوضات.

لن يؤدّي تيسير التجارة سوى لمزيد من الواردات من الدول المتقدّمة، ما سيؤدّي في نهاية الأمر إلى إلحاق الضرر بالصناعات المحلية والمنتجين في بلدان العالم النامي، وذلك بسبب عدم قدرة هذه البلدان على المنافسة مع الأسواق الأكثر تطورا. ثانيا، قد تواجه البلدان النامية أعباء مالية ناجمة عن إلغاء التعريفات الجمركية وعن التكاليف المحتملة لآلية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية، في حالة عدم قدرة الدولة على تنفيذ بنود الاتفاق.

وسيؤدّي هذا العبء المالي إلى تحويل الإنفاق بعيدا عن أهداف التنمية للدولة، وذلك لمجرّد تلبية الالتزامات المفترضة في اتفاقيات تيسير التجارة. ولمحاولة الالتفاف على العواقب التي لا يمكن تجنبها الناتجة عن تيسير التجارة، فإن المعاملة الخاصة والتفضيلية تصبح ضرورية. ومع ذلك، فإن المناقشات حول المعاملة الخاصة والتفضيلية لا تتمتّع بالاهتمام الكافي في جدول أعمال الاجتماع الوزاري التاسع – كما وضح الوفد المصري في عدد من الاجتماعات الدولية السابقة.

وقد أطلق وزراء الدول المتقدمة المفاوضات حول جدول أعمال ما بعد بالي، بما في ذلك المفاوضات حول توسيع اتفاق تكنولوجيا المعلومات (ITA) المتعددة الأطراف، فضلا عن اتفاقية التجارة في الخدمات (TISA). ويتم الدفع بالمفاوضات حول هتين النقطتين، بالرغم من المخاطر الواضحة على البلدان النامية. فتوسيع اتفاقية تكنولوجيا المعلومات لن يعود بالفائدة سوى للشركات عبر الوطنية، مما قد يعني دفع المصنعين المحليين للتوقّف عن العمل، نظرا لأن الاتفاقية ستؤدّي إلى التضييق على نقل التكنولوجيا بسبب احتكارات البراءة. كما أنها ستؤدّي إلى تآكل حيّز السياسات في البلدان النامية وإعاقة قدرتها على خلق صناعة محلية، وتوليد فرص العمل، وتطوير التقنيات.
وبالمثل، فإن التفاوض على اتفاقية التجارة بالخدمات يستتبع تقليص دور الدولة في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، مما سيؤدي بدوره إلى تهميش الفئات الاجتماعية غير القادرة على تحمّل أعباء الخدمات الضرورية بسبب ارتفاع تكاليفها.

تطالب منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية بجدول أعمال عادل للتجارة، من شأنه التغلّب على التحديات المذكورة أعلاه واحترام احتياجات البلدان النامية ومواطنيها. سوف تظل تلك المطالب مشروعة طالما تتعرض دول العالم الثالث لتلك الشروط غير المنصفة. على سبيل المثال، بعد انضمام اليمن مؤخرا الى منظمة التجارة العالمية، اشترط عليها تحقيق شروط اتفاقية “التجارة لحقوق الملكية الفكرية” خمسة سنوات قبل بقية الدول الأقل نموا.

وبما أن جدول الأعمال يبدو وكأنه يمثّل “لائحة برغبات الشركات” التي ستفاقم الكثير من التحديات التي تواجهها مصر. وبالرغم من الجهود المصرية لوضع نظام تجاري عادل، تشترط منظمة التجارة العالمية بالاجماع على أي اتفاقية من أجل تمريرها مع الوضع في الاعتبار الحالة المتفرقة التي يشهدها وزراء التجارة. تستكشف الوثيقة المرفقة مزيد من هذه القضايا، وتقترح مجموعة من التوصيات والسياسات الاقتصادية التي من شأنها احترام حقوق الإنسان؛ على افتراض أن التجارة هي أداة للتنمية، لا عائق لها.

:بيان من شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية


ضع تعليقا

اضغط للتغليق