بيئة | خطاب الرئيس السيسي في مؤتمر باريس للمناخ: حديث ايجابي تناقضه أفعال الدولة
ذكر الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه أمس ممثلا المجموعة الافريقية في اليوم الأول من مفاوضات تغير المناخ التي تنعقد في باريس مسؤولية الدول المتقدمة في الحد من الانبعاثات ونقل التكنولوجيا وتمويل إجراءات التكيف مع آثار التغير المناخي في الدول الأكثر تعرضا لمخاطره، يأتي الخطاب متناقضا مع مساهمات مصر في الحد من الانبعاثات ومع مخطط مصر للتنمية.
المسؤولية المشتركة:
بينما تحدث السيسي عن المسؤولية المشتركة للحد من الانبعاثات ومن تأثيرات التغير المناخي، يظل التوجه العام للخطاب هو ضرورة تحمل الدول المتقدمة للعبء الأكبر من الحد من الانبعاثات، وعبء تمويل إجراءات التكيف ونقل الكنولوجيا لدول أفريقيا والدول النامية. ولم يتضمن الخطاب أية مشاركة واضحة من الحكومة المصرية للحد من انبعاثاتها، وذكر السيسي الاسهامات المقدمة، والتي لا تتضمن أية أهداف واضحة للحد من الانبعاثات، كما لا تذكر خطة واضحة لاستخدام التمويل الدولي للحد من الانبعاثات أو من إجراءات التكيف، مما يجعل الحصول على تلك التمويلات غير مجدي على أقل تقدير. كما يطرح سؤال عدالة توزيع التمويلات المقدمة للتكيف في القطاعات المتضررة.
اقرأ أيضا : ما الاهمية المطلقة لقمة باريس؟ 18 سؤال عن ما يجب أن تعرفه عن مؤتمر باريس للمناخ
وضع خطة لضمان عدم ارتفاع درجة الحرارة العالمية عن 1.5 درجة مئوية:
ينص تقرير لجنة الخبراء الحكوميين لتغير المناخ IPCC على ضرورة الابتعاد التدريجي عن الوقود الأحفوري والتخلص منه تماما بحلول عام 2100 للحفاظ على درجة الحرارة العالمية لأقل من 2 درجة مئوية، وبينما ناشد الرئيس بالوصول لاتفاقية ملزمة لجميع الدول لضمان بقاء درجة الحرارة العالمية لأقل من 1.5 درجة مئوية، وعلى الرغم من ايجابية هذة النقطة، فإن خطة التنمية المصرية التي تتضمن استخدام الفحم في توليفة الطاقة، ولا تتضمن أية مجهودات حقيقية في طريق التحول لاستخدام الطاقة المتجددة، لا تتماشى مع تقرير لجنة الخبراء لل2 درجة، ناهيك عن ال1.5 التي ذكرها الرئيس في خطابه.
اقرأ أيضا : قبيل مفاوضات باريس المناخية: مصر تقدم التزامات ضعيفة وغير محددة
الاتفاقية الملزمة:
تحدث السيسي وغيره من الرؤساء عن الاتفاقية الملزمة التي ستوقع في مؤتمر باريس و التي ستضع حدًا لتحدي التغير المناخي الذي يمثل أحد أخطر التحديات التي يواجهها العالم أجمع لتفادي صراع الموارد الذي لن يسلم منه العالم دولًا متقدمًة كانت أو نامية، ولكن في حقيقة الأمر، لن يتم بأي حال توقيع اتفاقية تعفي الدول النامية من المشاركة في الحد من الانبعاثات، وقد فشلت مفاوضات الأمم المتحدة للمناخ في عام 2008 لتملص بعض الدول من مسؤولياتها في الحد من الانبعاثات، ولتفادي فشل المفاوضات في باريس، لابد من تقديم مساهمات جادة وطموحة من كل الدول مع أخذ عدالة التوزيع في الاعتبار، فلابد من تقديم وعود أكثر تفصيلًا وأكثر طموحًا من مصر والمجموعة الافريقية لضمان نجاح المفاوضات.
Abdel Fattah El Sisi, President of Egypt, stresses importance of adaptation measures to combat #climatechange #COP21 pic.twitter.com/r7wZQJrozK
— UN Environment (@UNEP) November 30, 2015
عن الأجيال القادمة:
يظل الحديث عن الأجيال القادمة أحد إشكاليات مفاوضات التغير المناخي، فبينما يذكر المفاوضين مرارًا وتكرارًا ضرورة حماية حق الأجيال القادمة في الموارد من الطاقة والغذاء والأوطان الصالحة للعيش، يبدو ذلك الحلم بعيدًا كلما تأخرت الإرادة السياسية عن الوصول لاتفاقية ملزمة لجميع الأطراف. وبينما ناشد السيسي بحفظ حق الأجيال القادمة، تظل السياسات المصرية
التنموية في كل من الديون والطاقة والغذاء وغيرها مثيرة للجدل، وشديدة التناقض مع مبادئ حفظ حق الأجيال القادمة في الموارد بأنواعها.
بينما يبدو الخطاب متماشٍ مع روح المؤتمر ومع أهمية الحدث، فالتناقض بين الخطاب والخطط التنموية المقدمة من مصر والسياسات المصرية على أرض الواقع في مجالات الطاقة والصناعة وغيرها تمثل عائق كبير أمام نجاح المفاوضات. وسوف تكشف أيام المؤتمر المقبلة الكثير فيما يخص مدى جدية الوعود الموضوعة في إطار القلق والطموح التي يلقيها المفاوضين في كلماتهم الافتتاحية، وما يتوصلون إليه من اتفاقيات خلف الأبواب المغلقة.