تابع المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ببالغ القلق الأنباء الواردة عن تعنت الدولة ورفضها استكمال تغطية تكاليف المصاب معوض عادل معوض الملقب بـ(الشهيد الحي)، ومن ثم قام المركز المصري برفع دعوى جديدة أمام محكمة القضاء الإداري لإلزام الدولة باستكمال دفع تكاليف علاج معوض، على الرغم من أن الحكم السابق للقضاء الإداري يلزمها بدفع أية تكاليف مهما بلغت.
وأصيب معوض، الطالب في السنة الرابعة بكلية الصيدلة جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، بطلق ناري في الرأس أدى إلى كسر عظام الجمجمة وارتشاح بالمخ، وشلل كامل بالأطراف ودخول في غيبوبة وحالة حرجة، أثناء قيامة بالمشاركة في إسعاف المصابين في أحداث محمد محمود في نوفمبر 2011 بالمستشفى الميداني بميدان التحرير.
وقد جاءت تقارير الأطباء باستحالة علاجه داخل مصر مما سيؤدى إلى تدهور حالته وهذا ما حدث بالفعل، وبينما ظل معوض قابعا في غيبوبته -بمستشفى القصر العيني الفرنساوي- خاض أهله معارك مع الدولة، في عهد المجلس المجلس العسكري يليه عهد المعزول محمد مرسى، واجهوا فيها تعنت أجهزة الدولة وتراخيها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إنقاذ مصاب ثورة وتحمل تكاليف علاجه بالخارج.
وعلى خلفية ما سبق قام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وقتها برفع دعوى بمحكمة القضاء الإداري طالب فيها بإلزام الدولة باعتماد المبالغ اللازمة لعلاجه بالخارج، طبقا للتوصيات الصادرة من الأطباء المعالجين وتوصيات المستشار الطبي بلندن، وإنهاء كافة الإجراءات المتعلقة بعملية السفر والإقامة لاستكمال عملية العلاج، وعليه قررت المحكمة حجز القضية إلى الثاني من أبريل 2013 للنطق بالحكم، هذا الحكم الذي كان بمثابة انتصار جديدا لمصابي الثورة ومدخل لإعادة حقوقهم المسلوبة من قبل الدولة، حيث نص على أن يختص المجلس القومى لرعاية أسر الشهداء والمصابين بتوفير العلاج المناسب لمصابي الثورة وفقا لاحتياجات كل منهم التي تحددها التقارير الطبية من المؤسسات العلاجية المعتمدة، وتوفير التأهيل الطبي اللازم لهم، وصرف كافة نفقات العلاج التي تتحملها أسر المصابين، وعليه تلتزم الدولة بدفع مبلغ 75 ألف جنيه استرليني هو تكاليف علاج معوض بالمستشفى الملكي لعلاج الأعصاب ببريطانيا.
وبينما كان الحكم يستوجب التنفيذ الفوري تلقته مؤسسات الدولة بمزيد من التعنت والتراخي، فعندما ذهبت والدة معوض إلى خالد بدوى رئيس المجلس القومي لمطالبته بتنفيذ الحكم قال لها: “معوض بتاعك ده مالوش ورق عندنا”، ثم قال لها “إستني بقى لما نشوف لك خبير أجنبي يشوف الحالة”، علما بأن خالد بدوى المحسوب على التيار الإسلامي والمنتمي لتنظيم الجهاد في السابق ما زال جالسا على كرسي الأمين العام لصندوق المجلس القومى حتى هذه اللحظة وبعد عزل محمد مرسى ومحاكمة رموز نظامه ولا ندرى لماذا تم الإبقاء على منصبه حتى الآن!.
وعن طريق الضغط القانوني والاحتجاجي فى الشارع قامت الدولة بتنفيذ الحكم وعليه غادر المصاب معوض عادل معوض سريره بمستشفى القصر الفرنساوى إلى المستشفى الملكي لعلاج الأعصاب بريطانيا في 15 يوليو 2013.
وبالرغم من تقرير مستشفى القصر العيني الفرنساوى الذي يفيد بأن الخدمة الطبية التي تقدم لمعوض بالخارج لا توجد داخل مصر، علاوة على تقرير المستشار الطبي بلندن الذي أفاد بأن حالة معوض في تحسن ولا بد من استكمال علاجه هناك حتى يتماثل للشفاء، حتى أن حكم القضاء الإداري لم يخصص حوالى 75 ألف جنيه استرليني فقط بل شمل أيه مبالغ أخرى لعلاجه بالخارج طبقا للتوصيات الصادرة من الأطباء والمستشار الطبي بلندن، فإن الدولة ترفض استكمال دفع تكلفة العلاج حيث نفذ المبلغ الذي تم تحديده بموجب الحكم السابق في السابع من أكتوبر 2013، بل والمؤسف أن قام المجلس القومى بإرسال خطاب إلى المستشار الطبي بلندن يوصى بعودة معوض لانتهاء فترة علاجه، علما بأن تقارير الأطباء الأخيرة أوصت باستكمال علاجه حتى العاشر من يناير 2014، حيث تحسنت حالة معوض بشكل ملحوظ جدا على مدار ثلاثة أشهر، فجهازه التنفسي أصبح يعمل بشكل طبيعي دون الاستعانة بأي أجهزة صناعية فهو يشاهد التلفاز ويستطيع التجول بحديقة المشفى.
الشهيد الحي هو قصة تمثلت فيها آلام كل المصابين ومعاناة ذويهم على مدار ثلاثة أنظمة، وأربع حكومات بدت وكأنها تعاقب المصابين على مشاركتهم في الثورة، فما زالت آلام معوض مستمرة إلا أن تمسكه بالحياة فاق التوقعات فحالته المرضية في طريقها إلى التحسن، لذا فإن المركز المصري يدين أداء الحكومة الحالية تجاه ملف المصابين فبدلا من أن يقوم بتكريمهم وتوفير كل الخدمات الصحية المطلوبة لعلاجهم في الداخل والخارج، تتركهم أسرى الألم.. سجناء داخل أروقة المستشفيات التي لا تقدم لهم الحد الأدنى لما هو مطلوب على المستوى الصحي أو النفسى، فهناك العديد من المصابين فقدوا حياتهم بسبب الإهمال وآخرهم المصابة صابرين محمد، لذا فعلى الدولة أن تنظر إلى هذا الملف بعين الاهتمام والجدية على الأقل كما تهتم بصحة المخلوع حسنى مبارك والمعزول محمد مرسى.
إن أهل البطل معوض لا يريدون أية مساعدة مادية من أحد، يريدون فقط حقهم الذي كانوا يظنون أن القضاء أعاده إليهم بعد كل هذا الوقت الضائع هدرا، ولذلك فقد قرر أهل معوض وأصدقائه والمتعاطفين معه تنظيم وقفة احتجاجية أمام المحكمة غدا أثناء نظر الدعوى، رفضا لتعنت ومماطلة المسئولين بالدولة عن استكمال علاج أحد أبطال الثورة.
ضع تعليقا