يصدر اليوم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرة السنوي عن احتجاجات العام 2013 ،التقرير يعد الأكبر من اصدرات هذا العام من المركز،
[pullquote align=”right”]
44
صفحة تحليلة ل 5212 احتجاج طوال عام 2013[/pullquote]
يعرض التقرير البيانات المرصودة للاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في مصر خلال عام 2013 في ثلاثة أقسام رئيسية، يقدم أولها نظرة عامة للإيقاع الزمني والمكاني للاحتجاجات ومقارنة بين تصنيفاتها الرئيسية وهي العمالية والاجتماعية والاقتصادية. بينما يختص القسمان التاليان بعرض الاحتجاجات العمالية، ثم الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية بصورة تفصيلية كل على حدة. ويتضمن التقرير إضافة إلى ذلك ملحقين يقدم الأول عرضا لمنهجية بناء قاعدة البيانات ا اعتمد عليها وتوضيحا للخيارات المختلفة وراء رصد وجمع وتصنيف البيانات، في حين يقدم الملحق الثاني جداول مختارة لأهم ملامح بيانات الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في مصر خلال عام 2013.
أقسام التقرير تعرض لبيانات الاحتجاجات العمالية والاقتصادية والاجتماعية دون السعي إلى تعسف الخروج بأي استنتاجات تعميمية. الهدف من وراء ذلك هو أن يتاح ﻷصوات المحتجين أنفسهم من خلال احتجاجاتهم أن ترسم صورة عامة، قد لا تكون مكتملة أو واضحة، ولكنها تبقى في النهاية أكثر صدقا من أي صورة يتم فرضها وفق فرضيات مسبقة.
يقول التقرير في مقدمته:
“
.. وعلى رغم المؤشرات المختلفة الدالة على أهمية الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في رسم تفاصيل المشهد المصري في السنوات الأخيرة، فإن الاهتمام بها لم يخرج عن أطره التقليدية والتي تميل إلى القفز إلى تعميمات مسبقة عن الأسباب والدلالات العامة لهذه الاحتجاجات. ويغلب دائما على هذه التعميمات انحيازات سياسية متغيرة أو أيديولوجية دائمة. فمن جانب تبدل توصيف المعلقين لهذه الاحتجاجات حسب علاقتهم بالنظام الحاكم في أي فترة، بين كونها نتيجة تحريض فئات ما معادية للنظام، وبين كونها تعكس بوضوح فشل هذا النظام. ومن جانب آخر اتصف تناول معلقين آخرين لهذه الاحتجاجات بمحاولة فرض قوالب أيديولوجية جاهزة عليها والخروج بنتائج متعسفة في أغلب الأحيان.
“

—ما غاب على وجه التحديد في أي رصد للإحتجاجات هو أي مقاربة ذات منهج علمي واضح لفهم وتفسير ظاهرة الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية. وهو أمر طبيعي إن أخذنا في الاعتبار حقيقة أن مثل هذه المقاربة لا يمكن لها إلا أن تقوم على أساس صلب من البيانات يتوافر لها أكبر قدر من الشمولية في تغطية أكبر عدد ممكن من الاحتجاجات، كما يتوافر لها العمق من خلال جمع أكبر قدر ممكن من التفاصيل عن كل احتجاج، ثم يتوافر لها بعد ذلك القابلية للتحليل من خلال تصنيف التفاصيل المختلفة والربط بينها بطريقة تتيح قراءة البيانات المتاحة على أكثر من مستو ومن خلال مقاربات مختلفة. وحيث أن هذا الأساس الضروري لم يكن له وجود حتى اليوم فقد ظلت المقاربات المنهجية لتناول الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في مصر مستحيلة عمليا.
هذا الوضع هو ما سعى فريق العمل في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى تغييره من خلال العمل على بناء قاعدة بيانات متكاملة للاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في مصر. وهو العمل الذي بدأ قبل أكثر من ثمانية عشر شهرا وشمل تصميم وبناء أول قاعدة بيانات شاملة للاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية، وإدخال بيانات أكثر من 5212 احتجاج خلال عام 2013 من خلال الرصد اليومي لكل مصادر المعلومات المتاحة عنها. وفي حين يستمر العمل على تطوير وإعادة هيكلة قاعدة البيانات هذه حتى اليوم فإن التقرير الحالي هو أول منتج من نوعه يعتمد عليها.
ينبغي ملاحظة أن هذا التقرير لا يدعي مطلقا أنه دراسة منهجية متكاملة للاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية في مصر يسعى إلى الوصول إلى نتائج تعميمية صحيحة وحاسمة حول الظاهرة وأسبابها، فمثل هذه الدراسة تتطلب تراكما للبيانات لا يمكن توافره خلال عام واحد. في المقابل فإن ما يسعى هذا التقرير إلى تقديمه هو قراءة وصفية معمقة للبيانات التي تم رصدها تهدف إلى طرح سبل مختلفة لتبين الأنماط التي تكشف عنها أرقامها. أو يمكن القول أن هذا التقرير يهدف في الأساس إلى رسم صورة طبوغرافية للاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية بعداها الرئيسيان هما الزمان والمكان، ورواسمها هي أنواع الاحتجاجات وفئات المحتجين وأسباب الاحتجاج ووسائله. من خلال هذه الصورة يصبح استنطاق الاحتجاجات ذاتها بصوتها الخاص ممكنا. ويلتزم التقرير بأن تكون أي استنتاجات له مرتبطة بهذا الصوت حتى وإن أدى ذلك إلى محدوديتها وافتقادها إلى الشمول. ويعكس هذا إدراكا لحقيقة أن اتساع الرؤية وشموليتها هي أهداف بعيدة المدى تتحقق فقط مع تراكم البيانات عبر فترة مناسبة من الزمن مما يتيح أبعادا جديدة للمقارنة كما يتيح تعميق بعض الملامح الأساسية مع حذف العرضي والمؤقت.
في النهاية فإننا نكرر التأكيد على أمرين، أولهما أن المنتج الأساسي الذي يعد هذا التقرير في أحد وظائفه وسيلة لتقديمه إلى المهتمين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مصر هو قاعدة بيانات الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية والتي يتيحها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على شبكة الإنترنت بأمل أن تكون موردا مفيدا للباحثين والمهتمين. وثانيهما أن هذا التقرير بخلاف ما يعرضه من محتوى يهدف في الأساس إلى تقديم مقاربة مختلفة للتعامل مع الاحتجاجات يستبدل القراءة الانطباعية الخاضعة للتحيزات السياسية والأيديولوجية لها بقراءة منهجية تستكشف الإمكانيات المختلفة التي تتيحها البيانات وعلاقاتها الداخلية. وفي حين يبقى هذا منتجاً مبكراً لعمل مستمر فإننا نرجو أن يكون خطوة أولى على الطريق الصحيح وندعو المهتمين من المتخصصين وغيرهم إلى الاشتباك مع المشروع في مجمله سواء بالاستفادة بما يتيحه من بيانات أو من خلال النقد والتصويب.
ضع تعليقا