تعذيب وابتزاز ومصير غامض.. ورقة حقائق فلسطينية تكشف الأوضاع المأساوية للعمال الغزيين داخل الخط الأخضر منذ بداية العدوان

كشف مركز بيسان للبحوث والإنماء، ومركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات” الفلسطينيان، عن الأوضاع المأساوية التي يعيشها العمال الغزيين داخل الخط الأخضر، منذ بداية العدوان على القطاع في أكتوبر الماضي.
وأوضح المركزان، في ورقة حقائق بتاريخ 19 نوفمبر 2023، أن الحرب على القطاع تزامنت منذ اليوم الأول مع شن حملة اعتداءات وانتهاكات واسعة بحق العمال الغزييّن اللذين يعملون في داخل الخط الأخضر واعتبارهم “عمال غير قانونيين”، وتسبب ذلك لهم بمأساة كبيرة، ولا يوجد حتى اللحظة أرقام وإحصائيات دقيقة عنها، كما تعرضوا لعمليات ابتزاز من أرباب العمل الإسرائيليين، وأيضا إلى العديد من الانتهاكات الجسيمة من سلطات الاحتلال، ومنها التعذيب والتنكيل ونقلهم إلى قطاع غزة تحت النيران بغياب أي ضمانات للحماية.
ووفق ورقة الحقائق، ما يزال أعداد كبيرة من العمال داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية محفوف بالمخاطر، في ظل ضعف السلطة الفلسطينية في تحمل مسؤولياتها القانونية والاجتماعية اتجاههم، كما لا يزال مصير آلاف العمال يكتنفه الغموض حتى الآن، فمنهم من هم مفقودين أو ما يزالون متواجدين داخل الخط الأخضر ولا يستطيعون الوصول إلى مكان آمن.
وتضمنت ورقة الحقائق نداءات عاجلة للجهات المسؤولة والمعنية، شملت المطالبة بتحرك الأطراف الثالثة المتعاقدة في اتفاقيات جنيف وتحملهم المسؤولية والضغط على سلطات الاحتلال لتوفير الحماية للعمال الفلسطينيين من قطاع غزة، الذين ما يزالون متواجدين داخل الخط الأخضر، والكشف عن مصير المفقودين منهم، وضمان عودة آمنة لهم.
كما شملت النداءات دعوة منظمة العمل الدولية التحرك العاجل لتوفير كافة المستلزمات الضرورية للعيش الكريم للعمال الذين فقدوا عملهم والضغط على الجهات الإسرائيلية لضمان مستحقاتهم التشغيلية من قبل مشغليهم، وأيضا الصليب الأحمر الدولي لتحمل مسؤولياته بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والعمل على ضمان عودة آمنة للعمال إلى قطاع غزة.
وشدد المركزان على ضرورة توفير السلطة الفلسطينية أماكن الاستقبال الملائمة للعمال، وتوفير الاحتياجات المطلوبة لضمان العيش الكريم لهم، وتوفير الخدمات الطبية والعلاج والرعاية الأساسية والإغاثية حتى انتهاء العدوان على القطاع، ويترك للعمال حق تقرير المصير الشخصي بالعودة، في حال توفرت الظروف المواتية من ضمان الحفاظ على حياتهم وعدم تعرضهم للمساس بسلامتهم الجسدية وكرامتهم الإنسانية.
للاطلاع على الورقة الكاملة من
كان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أدان تجاهل بيانات منظمة العمل الدولية الانتهاكات والاعتداءات الإجرامية التي تعرض لها عمال قطاع غزة في الأراضي المحتلة والاعتداء عليهم واعتقال بعضهم تعسفيا والاستيلاء على متعلقاتهم وأجورهم من قبل سلطات الاحتلال، وتجاهل الشهادات الموثقة إعلاميا لعدد من هؤلاء الضحايا، وعدم الشروع في الحصول على بيانات هؤلاء العمال تمهيدا للكشف عن مصير بقيتهم والتحقيق فيما تعرضوا له من اعتداءات.
وأوضح المركز المصري في بيان سابق، أن صيغة البيان الصادر عن المدير العام للمنظمة بتاريخ 27 أكتوبر 2023 يثير الشكوك بشأن انحيازاته ومدى إيمانه بمواثيقها، حيث تجاهل اختفاء الآلاف من عمال قطاع غزة والطرف المسؤول عن مقتل عدد من عمال المنظمات الدولية والإغاثة والمنشآت الطبية والإسعاف والحماية المدنية، والصحافة والإعلام، حيث تتطلب هذه الوقائع إدانتها بشكل واضح والتحقيق الفوري بشأنها، لا المساواة بين الضحية والمعتدي.
كما أشار إلى أن توقيت إصدار بيان المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جاء في الوقت الذي كان آلاف العمال من قطاع غزة عالقين أو معتقلين في سجون الاحتلال، دون أي إشارة لهذه الجرائم المرتكبة ضدهم.
كما يكشف بيان آخر للمنظمة بتاريخ 6 نوفمبر 2023، عن انحياز متعمد لرواية الاحتلال في توصيف المجزرة بحق الفلسطينيين، وتجاهله أي إدانة لجرائم الاحتلال ضد المدنيين، بالحديث عن فقدان ما لا يقل عن 61% من فرص العمل، أي ما يعادل 182 ألف وظيفة في قطاع غزة، دون الإشارة لمسؤولية الكيان المحتل عن هذه المأساة.
وأشار بيان المنظمة إلى أن وضع سوق العمل في غزة سيئ للغاية حتى قبل النزاع الحالي، إذ يعاني سكان غزة منذ فترة طويلة من استمرار ارتفاع معدلات الفقر والهشاشة وأحد أعلى معدلات البطالة في العالم، والتي بلغت 46.4% في الربع الثاني من عام 2023، وأن أحياء بأكملها في غزة دمرت منذ أكتوبر الماضي، وتضررت البنية التحتية بشدة، وأغلقت الشركات أبوابها، وحدث نزوح داخلي واسع النطاق، كما أدى نقص المياه والغذاء والوقود إلى إصابة النشاط الاقتصادي بالشلل، متجاهلا التطرق إلى الدور المباشر للحصار والعدوان المستمرين على القطاع في هذه الجرائم.
وفي بيان سابق صادر عن المركز المصري، قال عادل سباعنة، المسؤول الإعلامي في منتدى “شارك” الشبابي في فلسطين، وأحد المسؤولين المتطوعين لمساعدة عمال غزة، إن ما يقرب من 13 ألف عامل من غزة كانوا موجودين في الأراضي المحتلة منذ السابع من أكتوبر الماضي، تمكن عدد منهم من الخروج مباشرة إلى الضفة الغربية لصعوبة العودة إلى غزة في ذلك الوقت، بينما ما يزال جزء آخر عالقا مختبئا في الداخل خوفا من التنكيل به، والجزء الثالث معتقل لدى شرطة الاحتلال.
وأوضح سباعنة لـ”المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن مدينة رام الله في الضفة الغربية استقبلت ما يزيد عن 3 آلاف عامل، فضلا عن عمال آخرين توجهوا إلى محافظات فلسطينية مجاورة، ومراكز إيواء، جميعهم تبدو عليهم علامات الاعتداء من عناصر جيش الاحتلال، بعد طردهم وملاحقتهم.
وأشار الناشط الفلسطيني إلى أن عدد العمال من أبناء غزة المعتقلين في سجون الاحتلال يقدر بالمئات، دون وجود أي معلومات عن مصيرهم أو ظروف اعتقالهم، لافتا إلى أن الأعداد المفرج عنها حتى الآن لا يتعدى العشرات، جميعهم في أوضاع صحية سيئة، وتعرضوا للتعذيب والإساءة الجسدية والمعنوية، فيما قدرت وسائل إعلام عبرية عدد المرحلين بـ3 آلاف عامل.
ويهيب المركز المصري بالمسؤولين في منظمة العمل الدولية مراجعة تقارير المقررين الخواص في الأمم المتحدة عن الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين، ومن بينهم العمال في قطاع غزة، مؤكدا أن مضمون هذه التقارير وغيرها لا يجب التعامل معه بمنطق “إثارة القلق” فقط، وإنما يجب أن تعقبه تدخلات فاعلة لوقف هذه الجرائم.