إصداراتاصدارات خاصةالنشرة الاقتصاديةبيانات المركزبيانات المركزبيانات صحفيةحقوق اجتماعيةحقوق اجتماعيةدراساتسياسات اقتصاديةعمل ونقاباتملفات

“واقع ومستقبل الحماية الاجتماعية في مصر”.. دراسة للمركز المصري في تحديات وحلول سياسات الدعم والضمان الاجتماعي

بالتوازي مع موافقة مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي المقدم من الحكومة في 14 يناير 2025، في انتظار تصديق رئيس الجمهورية عليه لاعتماده بشكل نهائي، يُصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة تفصيلية بعنوان: “واقع ومستقبل الحماية الاجتماعية وسياسات الدعم والضمان الاجتماعي في مصر: دراسة في التحديات والحلول”، أعدها الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني.

تأتي هذه الدراسة في وقت تشهد فيه مصر تصاعدًا في التحديات الاقتصادية والاجتماعية، حيث تقدم تحليلًا شاملًا لأنظمة الحماية الاجتماعية والدعم النقدي والعيني، بوصفها أدوات أساسية لضمان حقوق المواطنين في مستوى معيشي كريم. تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على العلاقة بين الحماية الاجتماعية وسياسات الدعم، وتأثيرها على الطبقة العاملة والفئات الأكثر احتياجًا، مع التركيز على تطور التشريعات الوطنية في هذا المجال.

تعتمد الدراسة على البحث المكتبي وتحليل نتائج الدراسات الميدانية لتوضيح المفاهيم الأساسية المرتبطة بالحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والدعم، مع التفرقة بين هذه المفاهيم. كما تتناول الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي تضع معايير للحق في الضمان الاجتماعي.

وتناقش الدراسة الحق في الضمان الاجتماعي ومعاييره، وسبل قياسه وتحققه، إلى جانب تحليل تطور مخصصات الدعم بمختلف أنواعها وأثرها على الناتج المحلي الإجمالي وإجمالي المصروفات الحكومية. كما تستعرض تطور مفهوم الضمان الاجتماعي في الدستور المصري، مع النظر في القوانين المتعلقة به، بما في ذلك القانون الجديد الخاص بالدعم النقدي الذي أقره مجلس النواب في نوفمبر 2024. وتعتمد الدراسة على العديد من الدراسات والتقارير لتقييم فعالية برامج الدعم النقدي المشروط وغير المشروط.

تتمثل إحدى الأهداف الرئيسية للدراسة في توثيق التطور التاريخي لأنظمة الدعم والضمان الاجتماعي في مصر، مع التركيز على السياق القانوني والاقتصادي الحالي، بهدف تقديم رؤية شاملة حول تأثير السياسات المعتمدة على الفقراء والطبقة العاملة.

تشير الدراسة إلى أن مصر تواجه أزمة متفاقمة تتمثل في ارتفاع معدلات الفقر التي تجاوزت 35% من السكان، فضلاً عن معدلات التضخم التي بلغت 40% في عام 2023 واستمرت عند مستويات مرتفعة بلغت 30% في عام 2024. كما يعاني المواطنون من ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية في وقت تتقلص فيه مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية. ومع تآكل قيمة المساعدات النقدية بسبب التضخم وارتفاع أسعار الغذاء، تزداد معدلات الفقر والجوع بشكل ملحوظ.

ورغم هذه التحديات، تظل برامج الدعم العيني، مثل البطاقات التموينية، تلعب دورًا أساسيًا في تخفيف حدة الفقر، حيث أسهمت في خفض معدلات الفقر بنسبة تزيد عن 10%. إلا أن التحول نحو الدعم النقدي يمثل تهديدًا لفعالية هذه البرامج، خاصة في ظل التضخم المستمر وارتفاع الأسعار.

من جهة أخرى، أظهرت الدراسة الأرقام التي كشفت عنها مسوحات وزارة التعليم في أغسطس 2021، والتي تشير إلى أن 12.7 مليون طفل مصري يعانون من سوء التغذية، بما في ذلك 3.3 مليون طفل يعانون من السمنة المفرطة، و8.2 مليون طفل يعانون من الأنيميا، و1.2 مليون طفل يعانون من التقزم. مما يعكس الحاجة الملحة إلى تحسين برامج الدعم العيني مثل الوجبات المدرسية لتخفيف آثار سوء التغذية، بينما يمثل التحول إلى الدعم النقدي تحديًا إضافيًا في ظل التضخم المستمر.

تستعرض الدراسة أيضًا تأثير القانون الجديد للضمان الاجتماعي والدعم النقدي على معدلات الفقر في مصر، مع التركيز على انعكاسات السياسات الحالية على الفئات الأكثر ضعفًا. كما توضح التحديات التي يواجهها التحول من الدعم العيني إلى النقدي، وتقدم توصيات لضمان فعالية برامج الدعم في تحقيق أهداف الحماية الاجتماعية.

وتتناول الدراسة تحليل السياسات الموجهة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي تركز على تقليص الدعم العيني وتحويله إلى دعم نقدي، تحت ذريعة تخفيض عجز الموازنة العامة. ومع ذلك، تُظهر البيانات أن هذه السياسات لم تؤدِ إلى تحسن الوضع المالي، بل ساهمت في زيادة العجز الذي ارتفع من 134.5 مليار جنيه في 2010/2011 إلى 1243 مليار جنيه في 2024/2025. وتوضح الدراسة أن فوائد وأقساط الديون تستحوذ على 62.1% من إجمالي استخدامات الموازنة، بينما لا تمثل مخصصات الدعم سوى 16.4% فقط. وبالتالي، فإن إلغاء الدعم العيني لن يؤدي إلى تحسين العجز بل سيزيد من معاناة الفقراء.

في ضوء هذه التحديات، تؤكد الدراسة على ضرورة تبني سياسات شاملة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل معدلات الفقر، مع مراقبة حقيقية لتأثير التضخم على البرامج الحالية وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه عبر آليات شفافة وفعالة.

توصيات الدراسة

خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحسين فعالية سياسات الحماية الاجتماعية في مصر. من أبرز هذه التوصيات مراجعة أوجه الخلل في مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي وتعديلها قبل التصديق عليه، حيث فرضت بعض مواده أعباء إضافية على الفقراء بدلاً من تخفيفها. كما أوصت بإعفاء المستفيدين من كافة الرسوم المتعلقة باستخراج الشهادات والوثائق الرسمية المطلوبة بموجب القانون أو ردها إليهم في حالة استحقاقهم.

كما شددت الدراسة على ضرورة الحفاظ على برامج الدعم العيني مثل دعم الخبز، والعمل على تحسين آليات توزيعه وضمان وصوله إلى مستحقيه، خاصة في ظل التضخم. وفيما يتعلق بالإنفاق الحكومي، دعت الدراسة إلى مراجعة أولوياته بما يدعم تحسين برامج الحماية الاجتماعية، وتوجيه الاستثمارات في الزراعة والصناعة لتقوية الاقتصاد الوطني.

تؤكد الدراسة أيضًا على ضرورة تطوير قاعدة بيانات شاملة لتحديد الفقراء وتوزيعهم جغرافيًا، بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه. كما دعت إلى ضرورة تحديث قيمة الدعم التمويني دوريًا وفقًا لمعدلات التضخم، وتعزيز الاستثمار في التعليم والصحة باعتبارهما أساسين للتنمية البشرية وحماية المواطنين.

نبذة عن الباحث:

إلهامي محمد محمد الميرغني هو باحث اقتصادي ومستشار إداري ذو خبرة عملية تمتد لأكثر من 43 سنة في مجال الاستشارات الاقتصادية والإدارية. وُلد في عام 1955، وحصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من كلية التجارة، جامعة القاهرة، في عام 1977.

عمل الميرغني في عدة مواقع مرموقة على مدار مسيرته المهنية، حيث بدأ مسيرته في عام 1979 كباحث بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ثم شغل مناصب مختلفة في مؤسسات حكومية وخاصة، مثل مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية، والشركة السعودية لمشاريع البيئة (سيبكو)، ومركز السجيني للاستشارات الاقتصادية والإدارية في المملكة العربية السعودية، حيث قدم استشارات قيمة لعدد من المؤسسات في مجالات التنظيم والإدارة.

ساهم الميرغني في العديد من الدراسات والتطويرات في مجال التنظيم والإدارة، بما في ذلك إعادة تنظيم وزارات ومؤسسات حكومية، وتطوير الشركات والمؤسسات الكبرى، بالإضافة إلى إعداد دراسات جدوى اقتصادية في مجالات متعددة، بما في ذلك المشروعات الصغيرة، والتنمية الاقتصادية، والتخطيط الاستراتيجي. كما قام بكتابة العديد من الأبحاث والدراسات التي تناولت قضايا اقتصادية وإدارية، والتي نُشرت في العديد من الصحف والمجلات المصرية.

على مدار سنوات عمله، نظم الميرغني تدريبات للعديد من الشركات والأفراد في مجالات مختلفة، مثل إعادة هيكلة الشركات، وتطوير الأداء والإنتاجية، والإدارة المالية، بالإضافة إلى مشاركته في عدة ورش عمل وندوات علمية، كما نشر العديد من الكتب والدراسات التي أثرت في مجالات الاقتصاد والتنمية في مصر والعالم العربي.

إلى جانب هذه الخبرات العملية الغنية، فإن الميرغني عضو في عدد من الجمعيات العلمية والمهنية، مثل جمعية الاقتصاد السياسي والإحصاء، والجمعية المصرية العلمية للإدارة، بالإضافة إلى مشاركته في عدة منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

للاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:

 


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى