ظن البعض أن ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 والتي رفعت شعار (عيش، حرية، عدالة اجتماعية) ستظل حبيسة مطالبها الديمقراطية دون أن تنتفض الجماهير الفقيرة والمستغلة طارحة مطالبها الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق جوهر الشعار المرفوع. فمن الواضح أن مرور عام ونصف على بداية الثورة وإسدال الستار على عملية انتخاب رئيس الجمهورية، ما هما إلا مقدمة لتتويج شهور طويلة من الاحتجاجات في أماكن العمل المختلفة قبل الثورة وأثنائها وبعدها ليعود المحتجون إلى مقدمة المشهد ويصبوا جم غضبهم على نظام بات وأضحى لا يهتم بمطالبهم وتحسين شروط عملهم وحياتهم.. الدليل على ذلك أن الحركة لم تكتف بزيادة وتيرتها الاحتجاجية لما فوق الضعف في النصف الأول من شهر يوليو الحالي (271 حدثا احتجاجيا) بالمقارنة بالنصف الثاني من شهر يونيه الفائت (119 حدثا)، بل وصل الأمر إلى أن يغير العمال وجهتهم الاحتجاجية لتصبح قصر الرئاسة نفسه بدلا من رصيف مجلس الشعب في الماضي القريب من نهاية سنوات حكم المخلوع.
وفي نظرة تفصيلية على تلك الاحتجاجات التي رصدها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنجد أن القطاع الحكومى استحوذ على النصيب الأكبر منها، حيث شهدت هيئاته المختلفة 127 احتجاجا. فى حين قام الأهالى بـ73 احتجاج، أما القطاع الخاص فجاء في المرتبة الثالثة بـ35 حالة احتجاج، في الوقت الذي شهد قطاع الأعمال العام 19 حالة، بينما قام الطلاب بـ9 حالات احتجاجية، في الوقت الذي سجل أصحاب الأعمال الحرة 8 حالات فقط.
واختلفت أشكال الاحتجاجات ما بين 62 وقفة احتجاجية، 53 حالة قطع طريق، 43 حالة إضراب عن العمل، 41 حالة تظاهر، 38 حالة اعتصام، 13 حالة تجمهر، 11 حالة إضراب عن الطعام، 4 حالات احتجاز مسئول، 4 حالات اقتحام مكاتب مسئولين، ومسيرة واحدة، وحالة قطع مياه عن مدينة.
أما عن الفئات المحتجة، فقد جاء العاملون بالهيئات الحكومية فى المقدمة بـ75 حالة احتجاج، الاهالى (63) العاملون بالمصانع والشركات (54)، المعلمون (18)، القطاع الطبي “أطباء وتمريض وفنيين” (11) الطلاب (9) أمناء الشرطة (8) السائقون (7) وكل من المعاقين والخريجون وعمال المخابز (4) لكل منهم، أعضاء هيئة التدريس (3) أصحاب المحلات وحاملى الأمتعة (2) لكل منهما، وحالة واحد لكل من المحامين، الصيادين، المسعفين، المرشدين السياحيين، المحالين للمعاش، الخفراء، النساء.
كما احتلت القاهرة المركز الأول في عدد الاحتجاجات بـ50 حالة احتجاج، المنيا (23) شمال سيناء (19) الغربية (17) الشرقية، كفر الشيخ، الفيوم (15) لكل منهم، أسيوط (12) الدقهلية (11) البحيرة ، الاسكندرية (10) لكل منهما، السويس، الاسماعيلية (9) لكل منهما، سوهاج (7) القليوبية، الأقصر (6) لكل منهما، بني سويف، جنوب سيناء، دمياط، البحر الأحمر، أسوان (4) لكل محافظة، مرسى مطروح، المنوفية، الجيزة، بورسعيد، قنا (3) أحداث احتجاجية لكل منهم، ثم الوادى الجديد حالة واحدة، بالإضافة إلى حالة أخرى موزعة على محافظات مختلفة.
هذا وقد تصدر تحسين ظروف المعيشة ورفع الرواتب وصرف الحوافز والبدلات، الاحتجاجات بـ76 حالة، و73 حالة للمطالبة بالتثبيت والتعيين، و26 حالة احتجاجا على الانفلات الأمنى وأعمال البلطجة، و10 حالات للمطالبة بالعودة للعمل، ومثلهم بسبب انقطاع المياه، و6 حالات احتجاجا على الفساد، و5 حالات ضد الفصل التعسفي، وأخرى للمطالبة بتوفير فرص عمل، ومثلهم بسبب نقص مياه الري، و4 حالات بسبب النقل التعسفي، و3 حالات للمطالبة بوحدات سكنية، وأخرى ضد صعوبة الامتحانات، ومثلهم بسبب حوادث الطرق وتردى الخدمات، وحالتان بسبب حجب نتائج الامتحانات والمعاملة السيئة وتركيب محطات محمول واختفاء اشخاص، بالإضافة إلى المطالبة بتسلم الوظائف.
ومن العمال من احتج على إغلاق المصنع، أو المطالبة بعودة الشركات للقطاع العام، أو نقل تبعية الشركات، تسوية الحالة الوظيفية، أو منعهم من دخول أماكن عملهم، أو بسبب الايقاف عن العمل، والمطالبة بتجديد العقود.
أما الأهالى فمنهم من احتج للمطالبة بوجود مطبات صناعية لوقف نزيف الأرواح على الطرق، أو تملك الأراضي، تأخر إقلاع طائرة، غرق قرية بالمياه، المطالبة بتوفير تطعيمات الأطفال.
كما احتج السائقون بسبب فرض غرامات مرورية، ونقص الوقود، والمطالبة باسقاط مديونياتهم المبالغ فيها من أقساط سيارتهم.
كما احتج الطلاب بسبب منع الوجبات بالمدينة الجامعية، وصعوبة الامتحانات، وحجب النتائج.