مقررو الأمم المتحدة يطالبون الحكومة المصرية بمراجعة شاملة ومستقلة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية (مذكرة مشتركة)

وجّه سبعة من المقررين الخاصين لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة مذكرة مشتركة إلى الحكومة المصرية، معربين فيها عن قلقهم البالغ إزاء مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي يناقشه مجلس النواب.
ويهدف المشروع إلى إلغاء قانون الإجراءات الجنائية الحالي الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، إلا أنه واجه انتقادات حادة من نقابات مهنية ومنظمات حقوقية وخبراء قانونيين، محليين ودوليين، الذين حذروا من تأثيره السلبي على حقوق المواطنين في منظومة العدالة الجنائية، سواء كانوا متهمين أو ضحايا أو شهودًا أو مدافعين.
في مذكرتهم، عبر المقررون الأمميون عن تقديرهم لجهود الحكومة المصرية في تعديل قانون الإجراءات الجنائية كجزء من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لكنهم أبدوا مخاوفهم من الصلاحيات الموسعة التي ستمنحها التعديلات الجديدة للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والمدعين العامين دون رقابة قضائية. كما أشاروا إلى الصياغة الغامضة لبعض الأحكام والمواد في مشروع القانون، والتي قد تهدد ضمانات المحاكمة العادلة، وتتنافى مع أحكام الدستور المصري، مما يقوض الحقوق والحريات المحمية دستوريًا.
وأبرز الخبراء أن مشروع القانون يمنح صلاحيات واسعة للجهات المكلفة بإنفاذ القانون والنيابة العامة دون رقابة قضائية كافية، مما يهدد ضمانات المحاكمة العادلة. كما أعربوا عن قلقهم من الصياغة الغامضة لبعض مواد القانون، التي قد تؤدي إلى انتهاكات دستورية وتقويض الحقوق الأساسية مثل حرية التعبير والتجمع السلمي.
وانتقدت المذكرة الحبس الاحتياطي المطول الذي تسمح به المواد المقترحة، مشيرة إلى أن الحدود القصوى الجديدة لا تزال تسمح بالحبس الاحتياطي لفترات طويلة. وذكّر المقررون بأن المادة 9 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أن الاحتجاز السابق للمحاكمة يجب أن يكون استثناءً وليس قاعدة، ولأقصر فترة ممكنة. كما أبدوا قلقهم من استمرار ممارسة “التدوير”، التي تُستخدم لإبقاء الأفراد رهن الاحتجاز لأجل غير مسمى.
وأثارت المذكرة أيضًا مخاوف بشأن توسيع سلطات النيابة العامة لتشمل مراقبة الرسائل والاتصالات وحسابات التواصل الاجتماعي دون ضمانات كافية، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للحق في الخصوصية. كما انتقد المقررون الإجراءات القضائية عن بُعد، مشيرين إلى أنها قد تعيق المتهمين ومحاميهم من إعداد دفاع فعال.
كما عبر المقررون عن قلقهم من مواد تسمح بإجراء تحقيقات دون حضور محامي المتهم، وتقييد حق المحامين في الاطلاع على الملفات واستجواب الشهود، إضافة إلى فرض قيود على علانية المحاكمات ونقل وقائع الجلسات. وأشاروا إلى أن هذه التعديلات قد تقوض الضمانات الأساسية للحق في محاكمة عادلة، وتتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
في ختام المذكرة، دعا المقررون الأمميون الحكومة المصرية إلى إجراء مراجعة مستقلة وشاملة لمشروع القانون وإعادة النظر فيه، على أن تشمل هذه العملية مشاورات واسعة النطاق مع الخبراء القانونيين وممثلي المجتمع المدني لضمان تماشي مشروع القانون مع التزامات مصر بموجب الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لاسيما فيما يتعلق بضمان الشفافية والمحاكمة العادلة وحماية الحريات الأساسية.
وعبر المقررون عن استعدادهم لتقديم المساعدة الفنية لهذا الغرض، داعين إلى إجراء مراجعة مستقلة وشاملة لمشروع القانون، مع إعادة النظر في المواد التي قد تفتح الباب لإساءة استخدام السلطة، خاصة فيما يتعلق بقضايا الإرهاب والأمن القومي.
صدرت المذكرة في 8 يناير 2025، من الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الإخفاء القسري أو غير الطوعي، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقررة الخاصة المعنية بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، عملًا بقرارات مجلس حقوق الإنسان 51/8 و54/14 و52/9 و50/17 و52/4 و53/12 و49/10.
للاطلاع على النص الكامل للمذكرة مترجمًا إلى العربية، يمكن زيارة موقع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عبر الرابط التالي: