النشاط القانونى بلاغات و عرائض حقوق اجتماعية خصخصة و قضايا فساد سكن سياسات اقتصادية

مذكرة 1 بدفاع المركز المصرى فى قضية بطلان عقد بالم هيلز


مجلس الدولة

محكمة القضاء الإدارى ـ الدائرة الثامنة ـ عقود

مذكرة بدفاع

السيد / حمدى الدسوقى الفخرانى                                           طاعن

ضــــــــد

السيد / رئيس مجلس الوزراء بصفته                                               مطعون ضده

السيد / وزير الإسكان بصفته                                                         مطعون ضده

السيد / رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بصفته          مطعون ضده

شركة بالم هيلز للتعمير                                                                خصم مدخل

فى الدعوى رقم 49065 لسنة 64 ق

المحدد لنظرها جلسة 14 / 12 / 2010 ـ مرافعة

الـدفـــاع

أولاً : الإختصاص الولائى للقضاء الإدارى بنظر هذا النزاع

وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم الإختصاص الولائى لمحكمة القضاء الإدارى وبإختصاص القضاء المدنى لتعلق النزاع بمسألة من مسائل القانون الخاص تأسيساً على أن العقد موضوع النزاع ليس من العقود الإدارية بل هو من العقود المدنية المتعلقة بالملكية وأنه عقد بيع لقطعة أرض من أملاك الدولة مما يدخل دائرة الدومين الخاص ومن ثم ينحسر الإختصاص بنظر المنازعات الناشئة من هذا العقد عن محاكم القضاء الإدارى ، وينعقد لجهة القضاء العادى .

يذهب العميد سليمان الطماوى إلى أن العقود الإدارية تختلف إختلافاً جوهرياً عن عقود القانون الخاص التى تبرمها الإدارة ، ذلك أن هذا النوع الأخير من العقود تحكمه من الناحية الموضوعية قواعد القانون الخاص ، ويسرى عليه فى هذا الصدد ما يسرى على العقود التى يبرمها الأفراد فيما بينهم . أما العقود الإدارية فتتجلى فيها إمتيازات السلطة العامة ، والتى لا نظير لها فى علاقات الأفراد فيما بينهم ، نظراً لمقتضيات سير المرافق العامة.

وفى مجال تعليقه على البند (11) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة ، إذ جاء فيها ذكر العقود الإدارية الثلاثة على سبيل التمثيل ، يؤيد ذلك نهاية المادة التى تقول ” ……….أو بأى عقد إدارى آخر ” ، وإنتهى إلى إستبعاد فكرة “العقود الإدارية بتحديد القانون” من نطاق القانون المصرى . وحسناً فعل المشرع ، لأن إختصاص القضاء الإدارى يجب أن يقتصر على مجالات القانون العام . أما تطبيق قواعد القانون الخاص ، فالمحاكم القضائية أدرى به وبمقتضياته من القضاء الإدارى . وهذا هو ما انتهت إليه محكمة القضاء الإدارى فى حكمها الصادر فى 9 ديسمبر سنة 1956 “… لم يعد هذا الإختصاص مقصوراً على عدد معين من عقود الإدارة ، بل انطوى على كافة العقود الإدارية وامتد إلى مختلف المنازعات المتعلقة بتلك العقود … فقد أصبحت العقود الإدارية فى مصر عقوداً إدارية بطبيعتها ، ووفقاً لخصائصها الذاتية لا بتحديد القانون ولا وفقاً لإرادة الشارع…”

(انتهى ما نقلناه من مرجع العميد الدكتور سليمان الطماوى الأسس العامة للعقود الإدارية “دراسة مقارنة” ، الطبعة الثالثة 1975 دار الفكر العربى  ص 21 ، ص 49 ، 50)

وذهب قضاء النقض إلى أنه ولئن كان القانون لم يعرف العقود الإدارية و لم يبين خصائصها التى تميزها عن غيرها من العقود التى يهتدى بها فى القول بتوافر الشروط اللازمة لها و لحصانتها و صيانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل إلا أن إعطاء العقود التى تبرمها جهة الإدارة وصفها القانونى الصحيح بإعتبارها عقوداً إدارية أو مدنية إنما يتم على هدى ما يجرى تحصيله منها و يكون مطابقاً للحكمة من إبرامها . لما كان ذلك و كانت العقود التى تبرمها الإدارة مع الأفراد – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه و أظهرت الإدارة نيتها فى الأخذ بشأنها بأسلوب القانون العام و أحكامه و إقتضاء حقوقها بطريق التنفيذ المباشر و ذلك بتضمين العقد شروطاً إستثنائية غير مألوفة بمنأى عن أسلوب القانون الخاص ، أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها .

( طعن النقض رقم 373 – لسنــة 54 – تاريخ الجلسة 05 06 1985 – مكتب فني 36 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 862 ، وطعن النقض رقم 1258 – لسنــة 58 – تاريخ الجلسة 26 06 1990 – مكتب فني 41 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 361 ، والطعن رقم 554 – لسنــة 60 – تاريخ الجلسة 29 05 1994 – مكتب فني 45 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 918 ، والطعن رقم 558 – لسنــة 68 – تاريخ الجلسة 26 01 2009)

وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد تواتر على أن العقد الإدراى شأنه شأن العقد المدنى من حيث العناصر الأساسية لتكوينه لا يعدو أن يكون توافق إرادتين بإيجاب وقبول لإنشاء إلتزامات تعاقدية تقوم على التراضى بين طرفين أحدهما الدولة أو أحد الأشخاص الإدارية ، بيد أنه متميز بأن الإدارة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وإمتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها ، وذلك بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة مرفق من المرافق العامة ، كما أنه يفترق عن العقد المدنى فى كون الشخص المعنوى العام يعتمد فى إبرامه وتنفيذه على أساليب القانون العام ووسائله إما بتضمينه شروطاً إستثنائية غير مألوفة فى عقود القانون الخاص سواء كانت هذه الشروط واردة فى ذات العقد أو مقررة بمقتضى القوانين واللوائح أو بمنح المتعاقد مع الإدارة فيه حقوقاً لا مقابل لها فى روابط القانون الخاص بسبب كونه لا يعمل لمصلحة فردية ، بل يعاون السلطة الإدارية ويشترك معها فى إدارة المرفق العام أو تسييره أو إستغلاله تحقيقاً للنفع العام بينما يجعل مصالح الطرفين فى العقد المدنى متساوية ومتوازنة إذ أن كفتى المتعاقدين غير متكافئة فى العقد الإدارى تغليباً للمصلحة العامةعلى المصلحة الفردية مما يجعل للإدارة سلطة مراقبة تنفيذ شروط العقد وتوجيه أعمال التنفيذ واختيار طريقته وحق تعديل شروطه المتعلقة بسير المرفق وتنظيمه والخدمة التى يؤديها وذلك بإرادتها المنفردة حسبما تقتضيه المصلحة العامة دون أن يتحدى الطرف الآخر بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين ولها حق توقيع الجزاءات على المتعاقد وحق فسخ العقد وإنهائه بإجراء إدارى دون رضاء هذا المتعاقد ودون تدخل القضاء ، وعلى ما تقدم فإن العقد الإدارى هو العقد الذى تكون الإدارة طرفاً فيه ، ويتعلق بنشاط مرفق عام من حيث تنظيمه وتسييره بغية خدمة أغراضه وتحقيق احتياجته مراعاة لوحدة المصلحة العامة ، وتأخذ فيه الإدارة بأسلوب القانون العام بما تضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة فى عقود القانون الخاص ، فإذا توفرت لتلك العناصر الثلاثة فى العقد أضحى عقد إدارياً تختص بنظر المنازعات الناشئة عنه محاكم مجلس الدولة دون غيرها طبقاً لنص البند الحادى عشر من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972.

(حكم المحكمة الإدارية العليا ـ طعن رقم 4151 لسنة 38 ق.ع ـ جلسة 4 /  9 / 2004)

ولما بات من المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن العقود التى تبرمها الإدارة مع الأفراد بمناسبة ممارستها لنشاطها فى إدارة المرافق العامة وتسييرها ليست سواء ، فمنها ما يعد عقوداً إدارية تأخذ فيها الإدارة بوسائل القانون العام بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وإمتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد الأخر ، وقد تنزل الإدارة مفضلة التعاقد طبقاً لأسلوب القانون الخاص ، بحيث تقف مع المتعاقد معها على قدم المساواة متجردة من رداء السلطة العامة وامتيازاتها . ومن حيث إنه لا مراء فى أن الهيئات العامة هى من أشخاص القانون العام وأن ما تبرمه من عقود تتصل بنشاط وتسيير المرافق القائمة تعد عقوداً إدارية متى أخذت فيها بأسلوب القانون العام بأن ضمنتها شروطاً استثنائية غير مألوفة فى عقود القانون الخاص.

وحيث إن “هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة هي هيئة عامة أنشئت بموجب القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة ، ومن ثم فإنها تعد من أشخاص القانون العام . نقلاً عن حكم المحكمة الدستورية العليا فى الطعن رقم 14 – لسنــة 22 قضائية تنازع – تاريخ الجلسة 13 03 2005 – مكتب فني 11 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 2913” .

وعلى هدى ما سبق ، وإذا كان العقد الطعين المبرم بتاريخ 23 / 8 / 2006 بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كطرف أول و شركة بالم هيلز للتعمير كطرف ثان ، وذلك لإقامة مشروع للإسكان الحر على المساحة المبينة بالعقد وهى (230) فدان تعادل (966000) متر مربع (فقط تسعمائة وستة وستون ألف متر مربع لاغير). ومن ثم كانت الإدارة طرفاً فى العقد الطعين ، وقد أبرمت هيئة المجتمعات العمرانية العقد محل التداعى بصفتها أحد الأشخاص المعنوية العامة والتى جعلها المشرع بموجب القانون رقم 59 لسنة 1979 لها شخصية إعتبارية مستقلة كما قرر سريان أحكام قانون الهيئات العامة فيما لم يرد فيه نص بقانونها “مادة 27” ، وأعتبرها جهاز الدولة المسئول عن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وتنميتها من كافة النواحى الإجتماعية والإقتصادية والعمرانية وناط بها فى المادة 28 بحث وإقتراح وتنفيذ ومتابعة خطط وسياسات وبرامج إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة ، وفى نطاق تحقيق الهيئة أغراض المرفق العام القائمة على أمره أبرمت العقد محل التداعى فطبقاً للتمهيد الوارد بصلب العقد محل التداعى أبرمت الهيئة هذا العقد رغبة منها فى دفع عجلة التنمية بهذه المجتمعات بخطى أوسع … وللمشاركة فى تحقيق تلك الغاية المستهدفة ، وهو ما يوضح علاقة العقد محل النزاع بالمرفق العام .

ومن حيث إنه فى سبيل هذا التعاقد يتجلى أن الهيئة ولت وجهها شطر اساليب القانون العام بأن ضمنت العقد شروطاً إستثنائية غير مألوفة فى روابط القانون الخاص ، فعلى سبيل المثال أحال العقد فى البند الأول لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة واللوائح الداخلية للهيئة وتعديلاتها ، وكذا كافة القرارات والشروط العامة … وجعلها متممة ومكملة فيما لم يرد به نص فى العقد الطعين ، وفى البند الخامس جعل للهيئة حق إمتياز على الأرض محل التعاقد وما يقام عليها من منشآت ضماناً للمبالغ المستحقة على الشركة ، كما تلتزم الشركة ـ الطرف الثانى ـ بتنفيذ المشروع وفقاً للبرنامج الزمنى المعتمد من الهيئة وفقاً للبند الثامن ، وفى البند التاسع عشر يكون للهيئة الحق فى التأكد من قيام الشركة بتنفيذ المشروع بالمرور الدورى فى أى وقت ، وكذا التأكد من مطابقة ما يقوم به من أعمال للتخطيط والتقسيم المعتمد ، ويحق للهيئة وقف الأعمال المخالفة وإزالتها إدارياً على نفقة الشركة ،  كما يحق للهيئة أيضاً إنقاص أرض المشروع بل وإلغاؤها بالكامل طبقاً للبند العشرين .

ومن ثم يمكننا القول بيقين لا يخالطه شك أن عقد البيع موضوع النزاع توفر له عناصر ومقومات العقد الإدارى من حيث وجود الإدارة طرفاً فى العقد وهو ما يمثل الجانب العضوى فى معيار تميز العقد (مدنى / إدارى ) ، وكذلك إتصال العقد بالمرفق العام ، وإتباع أساليب القانون العام بشأنه ، وهما ما يمثلان الجانب الموضوعى فى معيار التمييز ، وترتيباً على ذلك ينعقد الإختصاص للقضاء الإدارى بالمنازعات المتعلقة بتكوين العقد وصحته وتنفيذه وإنهاؤه أو نهائيته المقدمة من أحد طرفيه فى نطاق ولايته الكاملة واختصاص القضاء الإدارى بالفصل فى المنازعات الناشئة عن العقد الإدارى مطلق وشامل لأصل هذه المنازعات وما يتفرع عنها. ويصبح الدفع بعدم الإختصاص الولائى لا أساس له ولا سند ، وفى غير محله جديراً بالرفض.

ثانياً : إختصاص الدائرة الثامنة ـ عقود ـ بنظر الدعوى

طلبت الشركة فى مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 23 / 11 / 2010 إحالة الدعوى إلى الدائرة السابعة الخاصة بمنازعات الإستثمار أو إلى الدائرة الثانية المختصة بنظر المنازعات المتعلقة بهيئة المجتمعات العمرانية على سند من قول حاصله أنها شركة مساهمة تخضع لقانون الإستثمار ومن ثم ينعقد إختصاص الدائرة السابعة وأن هيئة المجتمعات العمرانية تختص بنظر المنازعات المتعلقة بها الدائرة الثانية وتمسكت بقرار رئيس مجلس الدولة رقم 357 لسنة 2010 وأفصحت بصدر مذكرة دفاعها أن هذا القرار هو ـ فعلاً ـ المنظم لعمل الدوائر بمجلس الدولة.

وحيث إنه وفقاً لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 333 لسنة 2006 بشأن تشكيل دائرة مستقلة لمنازعات الاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى ، وأخيراً القرار رقم 357 لسنة 2010 الصادر نفاذاً لقرار الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة للعام القضائى 2010 / 2011 بشأن إعادة تنظيم سائر الدوائر بمحاكم القضاء الإدارى الذى حدد إختصاص دائرة المنازعات الإقتصادية والإستثمار بمجلس الدولة (الدائرة السابعة) بأنها دائرة تختص بنظر المنازعات التى تنشأ بمناسبة تطبيق جميع القوانين ذات الصلة بالإقتصاد والإستثمار  وكما ورد بصلب القرار الذى تستند إليه الشركة ـ الخصم المدخل ـ أن الإختصاص الجامع للدائرة السابعة الدائرة السابعة هو جميع المنازعات الإدارية المثارة بين المستثمرين والجهات الإدارية ، كما أن إختصاص الدائرة الثانية هو المنازعات الإدارية المتعلقة بالمجتمعات العمرانية وتمليك الأراضى والمساكن ، وذلك فيما يتعلق بالمنازعات الإدارية الناتجة عن التصرفات القانونية التى تثور بين الهيئة من ناحية وبين المتعاملين معها من ناحية أخرى والتى تدور فى فلك القرارات الإدارية ـ والغير مرتبطة بالعقود الإدارية ـ مثل قرارات التخصيص وإلغاؤها . ولما كان هذا النزاع يدور صراحة حول بطلان عقد إدارى ، مما يستنهض به ولاية قاضى العقد دون غيره ، ومما يستتبعه إختصاص الدائرة الثامنة التى تختص بنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بالعقود الإدارية التى تدخل فى إختصاص محكمة القضاء الإدارى نفاذاً لصحيح قرار رئيس مجلس الدولة رقم 357 لسنة 2010 .

وإضافة إلى ما سلف ، إن توزيع الإختصاص بين دوائر المحكمة الواحدة وهى محكمة القضاء الإدارى لا يرقى ليكون متعلقاً بالنظام العام لوحدة المحكمة رغم تعدد دوائرها وتشعب اختصاصاتها ، ذلك أن المستقر فى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن “توزيع الإختصاص بين دوائر محكمة القضاء الإدارى من المسائل التنظيمية ، ولا يصلح سبباً للطعن” (المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم 723 لسنة 24 قضائية عليا ـ جلسة 28 / 11 / 1982 ـ س 28 ص 195) ، وأن “توزيع الإختصاص بين دوائر محكمة القضاء الإدارى ودوائر المحكمة الإدارية العليا من المسائل التنظيمية التى لا تصلح سبباً للطعن على الحكم الصار فى الدعوى ـ ولا يجوز اعتبار ذلك من أسباب بطلان الحكم” (المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم 1695 لسنة 40 قضائية عليا ـ جلسة 8 / 7 / 1995 ـ س 40 ص 2109) ، وأن “توزيع الإختصاص بين دوائر المحكمة الإدارية العليا هو أمر تنظيمى لحسن سير العمل ولا يعد هذا التوزيع من النظام العام كما أن مخالفته لا يترتب عليها فقدان الحكم صفته كحكم” (المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم 1923 لسنة 41 قضائية عليا ـ جلسة 24 / 1 / 1998 ـ س 43 ص 779).

وعلى ذلك يعد هذا الدفع فاقداً أساسه وسنده من صحيح الواقع والقانون حرياً بالرفض .

ثالثاً : الرد على ما ساقته الشركة ـ من أباطيل ـ حول عدم صلاحية الدائرة لنظر الدعوى ومن ثم طلبها إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى على سند من الفقرة (5) من المادة 146 من قانون المرافعات

ذهبت الشركة ـ الخصم المدخل ـ الطرف الثانى فى العقد الطعين أن المحكمة قد أبدت رأيها فى قضية “مدينتى” وكان خصوم الدعويين وكذا موضوعها وأسباب الدعويين يصلان إلى حد التطابق واستندت تأسيساً لطلبها إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى طبقاً للفقرة (5) الواردة بالمادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 .

وحيث إن حقيقة ما تطلبه الشركة هو إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى إستناداً إلى سبق صدور حكم ـ حاز قوة الأمر المقضى ـ من ذات الدائرة فى نزاع مماثل أو حتى متطابق على حد قولها وهو الحكم الرقيم 12622 لسنة 63 ق الصادر بجلسة 22 / 6 / 2010.

ولما كانت الفقرة (5) من المادة 146 تنص على أنه : ” يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم فى الأحوال الآتية :

5 ـ إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى ، أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل إشتغاله بالقضاء ، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً ، أو كان قد أدى شهادة فيها .”

ويلاحظ بالنسبة لهذه الحالة المتعددة الصور ما يلى :

ـ أن الإفتاء أو الترافع أو الكتابة أو النظر أو أداء الشهادة يجب أن يكون فى نفس الدعوى . فإن كان فى دعوى أخرى ، فلا يصلح سبباً لعدم الصلاحية ولو كانت هذه الدعوى دعوى مشابهة . أو دعوى مرتبطة.

ـ أن المقصود بسبق نظر الدعوى كقاض هو سبق نظرها فى مرحلة أو درجة أخرى ، فليس لقاض نظر القضية أمام محكمة أول درجة أن يشترك فى نظرها أمام المحكمة الإستئنافية . أما سبق نظر القضية فى نفس الدرجة فإنه لايحول دون صلاحية القاضى ولو كان قد أبدى رأياً فيها .

( المرافعات الإدارية فى قضاء مجلس الدولة للمستشار حمدى ياسين عكاشة ، طبعة منشأة المعارف سنة 1998 ، الكتاب الثالث ، صـ 1470 ــ وأيضاً الوسيط فى قانون القضاء المدنى للدكتور فتحى والى ـ طبعة جامعة القاهرة سنة 2009 ، صـ 179 ، 180 )

فضلاً عن أنه ليس سبباً لعدم الصلاحية أن يكون القاضى قد أبدى رأياً علمياً مجرداً فى مؤلف قانونى أو بحث علمى منشور فى مجلة علمية .

( الموسوعة الشاملة فى التعليق على قانون المرافعات للدكتور أحمد مليجى طبعة نقابة المحامين سنة 2007 ، المجلد الثالث صـ 450 ـ وأيضاً المستشار حمدى ياسين عكاشة ، مرجع سابق صـ 1470 ـ ود / فتحى والى ، مرجع سابق صـ 179 )

1 ـ كما أنه لا يعتبر سبباً لعدم الصلاحية أن يكون القاضى قد أبدى رأياً قانونياً فى دعوى أخرى مشابهة أصدر حكماً فيها ، لأن معنى القول بغير ذلك أن يمتنع على القاضى أن ينظر فى دعويين متشابهتين ، وهو قول غير معقول .

2 ـ ولا يعد سبباً لعدم صلاحية القاضى لنظر الدعوى كونه قد أبدى رأياً قانونياً فى قضية مشابهة وأصدر فيها حكمه ، ولو كان قد أصدر عدة أحكام متخذاً بصددها وجهة نظر خاصة.

( 1ـ حكم محكمة إستئناف مصر فى 26 / 12 / 1930 ـ فى طلب الرد رقم 216 لسنة 48 ، 2ـ الإسكندرية الإبتدائية 3 / 12 / 1923 المجموعة الرسمية 28ـ مشار إليهم د/ أحمد مليجى ، مرجع سابق صـ 450 ، صـ 452 )

  • فضلاً عن أن الشركة إستندت فى تأسيس هذا الطلب إلى مبدأ قضائى ورد بالطعن رقم 1360 لسنة 38 قضائية عليا الصادر بجلسة 14 / 11 / 1998 ، ومفاده أن إعداد تقرير هيئة مفوضى الدولة فى أية دعوى ومن شارك فى ذلك من أعضائها ـ هيئة مفوضى الدولة ـ يكون غير صالح لنظرها والفصل فيها بذاتها بعد ذلك كقضاء جالس. (نقلاً عن مذكرة الخصم المدخل ص3)

ولما كان هذا المبدأ لاخلاف عليه ، كما أنه لا وجود له من قريب أو بعيد بتلك الدعوى إذ أفصح الحكم عن أن سبب عدم الصلاحية هو جلوس من قام بإعداد تقرير هيئة المفوضين بدعوى منظورة أمام القضاء أو حتى من شارك فيه كقاض فى ذات الدعوى ، وهو ما لا وجود له واقعاً.

  • واستندت أيضاً إلى طعن النقض رقم 651 لسنة 61 ق جلسة 5 / 6 / 1995 وحيث إن السبب الذى ارتكز عليه الطاعنون فى هذا الطعن المشار إليه هو أن السيد عضو يمين الدائرة التى أصدرت الحكم الإبتدائى كان عضواً فى الدائرة الإبتدائية بهيئة إستئنافية التى حكمت بعدم الإختصاص قيمياً والإحالة إلى المحكمة الإبتدائية .. وانتهت محكمة النقض إلى أن ذلك لا ينبئ أن القاضى كون رأياً خاصاً فى موضوع الدعوى ، ومن ثم فإنه لا يفقد صلاحيته لنظر الدعوى ، وتم رفض الطعن.
  • وكذا استندت إلى طعن النقض رقم 7481 لسنة 63 ق جلسة 5 / 6 / 1995 وهو طعن بالبطلان على حكم صادر من محكمة النقض طبقاً لنص المادة 147 / 2 مرافعات وكان سبب عدم الصلاحية المدعى به فى هذا الطعن هو قيام إحدى دوائر محكمة النقض بإحالة طعن ينظر أمامها لوجود مانع لديها ، فأحالته دون بيان لهذا المانع ولا شخص من تعلق به . وأشترك ثلاثة مستشارين من الدائرة المحال منها فى إصدار الحكم من الدائرة المحال إليها ، وعلى ذلك إنتهت محكمة النقض أيضاً إلى عدم جواز الطعن لعدم بيان المانع وما إذا كان يتعلق بأسباب الصلاحية.

ولما وردت أسباب عدم الصلاحية لنظر النزاع على سبيل الحصر ولا يجوز التوسع فى تفسيرها أو القياس عليها ( طعن رقم 1495 لسنة 33 ق.ع ـ جلسة 1 / 12 / 1990 )

وعلى ذلك فإن ورود تلك المبادئ القانونية التى إستندت إليها الشركة فى مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 23 / 11 / 2010 ما هو إلا إجتزاء أخل بمضامينها القانونية بل جانبهم التوفيق فى إختيارها ، ومن ثم فهو إستدلال معيب وقياس فاسد ، مما يضحى معه طلب الإحالة إلى دائرة أخرى لعدم صلاحية رئيس وعضو يمين هيئة المحكمة لنظر تلك الدعوى لا يستوى على أى أساس من الواقع أو القانون ، فضلاً عن أنه ظاهر التهاتر خليقاً بالرفض.

رابعاً : الصفة والمصلحة

ومن حيث إنه فى خصوص مدى توفر شرطى الصفة والمصلحة فى الطاعن ، فإنه لما كانت المادة 25 من الدستور تنص على أنه “لكل مواطن نصيب فى الناتج القومى يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة” ، وكما تنص المادة 29 منه على أن ” تخضع الملكية لرقابة الشعب وتحميها الدولة ” وكذا المادة 30 من الدستور تنص على أن “الملكية العامة هى ملكية الشعب وتتمثل فى ملكية الدولة والأشخاص الإعتبارية العامة” ، وأيضاً المادة 33 منه التى تنص على أن “للملكية العامة حرمة وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقاً للقانون” ، والمادة 64 التى تنص على أن “سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة” ، والمادة 65 “تخضع الدولة للقانون” وأخيراً وليس آخراً المادة 68 والتى قررت أن “التقاضى حق مصون للناس كافة” . ولما كان العقد محل التداعى يرد محله على أرض تعد من الأملاك العامة وهى ملك للشعب بكل أفراده ملكية على الشيوع ، الأمر الذى يجعل لكل مواطن من أفراد هذا الشعب حقاً فى هذه الأموال وفى القلب منها اللجوء للقضاء ، وواجب عليه الدفاع عنها وفق ما يقرره القانون بإتباع الإجراءات والرخص والوسائل المقررة لكفالة هذه الحماية ، فضلاً عن أن الدولة بجميع سلطاتها تخضع للقانون شأنها شأن الأفراد فلا سيادة لأحد فوق القانون ، وأن لكل مواطن الحق فى التقاضى.

وحيث إن الطاعن يطلب بطلان العقد الطعين برغم كونه من الأغيار عن العلاقة التعاقدية  وذلك للإعتبارات الآتية:

أولاً بإعتباره عقد إدارى يتصل بروابط القانون العام ويخضع لقواعد القانون الإدارى وإذ فصلت المحكمة الإدارية العليا فى أكثر من حكم وأفصحت عن إستقلال  قانون القضاء الإدارى وقررت ذاتيته الخاصة بداية من حكمها الصادر فى 2 يونيه سنة 1956 حيث تقول “إن روابط القانون الخاص تختلف فى طبيعتها عن روابط القانون العام ، وإن قواعد القانون المدنى قد وضعت لتحكم روابط القانون الخاص ، ولا تطبق وجوباً على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص يقضى بذلك . فإن لم يوجد فلا يلتزم القضاء الإدارى بتطبيق القواعد المدنية حتماً وكما هى ، وإنما تكون له حريته واستقلاله فى إبتداع الحلول المناسبة للروابط القانونية التى تنشأ فى مجال القانون العام بين الإدارة فى قيامها على المرافق العامة وبين الأفراد ، فله أن يطبق من القواعد المدنية ما يتلائم معها . ومن هنا يفترق القانون الإدارى عن القانون المدنى فى أنه غير مقنن ، حتى يكون متطوراً غير جامد ، ويتميز القضاء الإدارى عن القضاء المدنى فى أنه ليس مجرد قضاء تطبيقى مهمته تطبيق نصوص مقننة مقدماً ، بل هو على الأغلب قضاء إنشائى لا مندوحة له من خلق الحل المناسب ، وبهذا أرسى القواعد لنظام قانونى قائم بذاته ، ينبثق من طبيعة روابط القانون العام ، واحتياجات المرافق ومقتضيات حسن سيرها ، وايجاد مركز التوازن والمواءمه بين ذلك وبين المصالح الفردية ، فابتدع نظرياته التى استقل بها فى هذا الشأن او سبق بها القانون الخاص ، سواء فى علاقة الحكومة بالموظف ، اوفى المرافق العامة وضرورة استدامتها وحسن سيرها او فى العقود الادارية ، او فى المسئولية ، او فى غير ذلك من مجالات القانون العام “الطعن رقم 157لسنة 2 ق.ع وفى ذات المعنى الطعن رقم 1289 لسنة 8 ق.ع بجلسة 2 /1 / 1965”. وثانياً بإعتباره عقد غير مشروع لإبرامه على خلاف القانون ـ المناقصات والمزايدات ـ مما يجعل أحد أركانه القانونية مصاباً بخلل كونه مشوب بعيب من عيوب الرضا ، والذى تضمن ـ العقد ـ إساءة إستعمال من الجهة الإدارية ـ هيئة المجتمعات العمرانية  ـ لسلطاتها فى التصرف فى الملكية العامة وهى الأرض محل العقد ،وثالثاً بإعتباره من مواطنى جمهورية مصر العربية ومخاطب بأحكام الدستور ويحق له الدفاع عن حق من حقوقه المتعلقة ببيع جزء من أراضى الدولة ، ومن ثم فلا مناص من إعتبار تلك الدعوى منازعة ذات طبيعة موضوعية ، ولا تعد منازعة ذاتية ، إذ لا يوجد ثمة تعارض منطقى بين دعوى الإلغاء والعقود الإدارية فى تلك الدعوى فيما يتعلق بشرطى الصفة والمصلحة ، خاصة وأنها دعوى بطلان عقد محله ملكية عامة ومن ثم يمكن القول بإتساع شرطى الصفة والمصلحة لإعتبارات تتعلق بالشرعية والنظام العام فلا يشترط لأن تقوم المصلحة فيها على حق أهدره العقد الطعين بل يكفى لتوفر الصفة والمصلحة أن يكون الطاعن فى حالة قانونية خاصة ومن شأن العقد محل التداعى أن يؤثر فيه ، والقول بغير ذلك يؤدى إلى استغلاق أبواب القضاء أمام من ينهض للدفاع عن الحقوق العامة وفى القلب منها حماية الملكية العامة.

كما ذهبت المحكمة الإدارية العليا : وحيث إن مفهوم المصلحة فى الدعوى الماثلة باعتبارها من المنازعات الإدارية يتسع بحيث لا تتقيد فيها المصلحة حرفياً بحق أو مركز قانونى ذاتى أو شخصى لرافع الدعوى ، فضلاً عن ذلك فإن مجلس الدولة الفرنسى قد تخفف فى تطلب شروط المصلحة فيما يتعلق بهذه المنازعات ، وقد صار على نهجه مجلس الدولة المصرى ، إذ يستوى فى توافر المصلحة لرافع الدعوى أن يكون المساس بمصلحته فى تاريخ رفع الدعوى أو فى تاريخ لاحق ومهما كانت الدرجة التى يكون عليها المساس بالمصلحة طالما قدرت المحكمة كفاية هذه الدرجة.

كما أن من المستقر عليه إندماج الصفة فى المصلحة فى الدعاوى الإدارية وهو ما يعبر عنه بالمصلحة المانحة للصفة فى التقاضى. ولما كانت هذه الأحكام فى شأن المصلحة فى الدعاوى الإدارية قد أوجبتها الطبيعة القانونية لهذه الدعاوى ، كما فرضه هدفها الأسمى الذى استنت من أجله هذه الوسيلة القضائية لتكون ضماناً لمبدأ المشروعية الذى يرتكز عليه بناء الدول المتحضرة ، والذى يؤسس عليه البنية التحتية التى يؤسس عليها بناء الحقوق والحريات المكفولة دستورياً ودولياً.

” الطعنين رقمى 5546 و 6013 لسنة 55 ق.ع بجلسة 27 / 2 / 2010 ، وأيضاً حكم القضاء الإدارى فى الطعن رقم 12622 لسنة 63 ق بجلسة 22 / 6 / 2010 “

ولا مناص من تطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية على المنازعات الإدارية فيما لم يرد به نص فى قانون مجلس الدولة ـ بشرط عدم تعارض نصوص قانون المرافعات مع طبيعة هذه المنازعة ـ حكم دائرة توحيد المبادئ فى الطعن رقم 1522 لسنة 27 ق.ع بجلسة 9 / 4 / 2007 ، وإن كان المشرع قد إشترط ـ فى نص المادة 3 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ونص الماة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ـ لقبول أى دعوى أو طلب أو دفع أن يكون لصاحبه فيه مصلحة شخصية ومباشرة يقرها القانون ، بيد أن المشرع لم يعرف المصلحة أو يحدد مضمونها تاركاً ذلك للفقه والقضاء. وبناءً على ذلك يكون القضاء هو الذى يحدد مفهوم المصلحة بالنسبة للدعاوى المطروحة فى ساحته على حسب موضوعها ، ويقوم بتفسيرها بما يتوافق مع الدور الذى يقوم به القضاء الإدارى فى حراسة الشرعية وسيادة القانون “راجع حكم الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 31314 ، 30952 لسنة 56 ق.ع بجلسة 14 / 9 / 2010 “

كما قرر حكم الإدارية العليا سالف الذكر أن لكل مواطن مصرى صفة ومصلحة فى النعى على مثل التصرف ـ من بيع لأراضى الدولة بالمخالفة للقانون وبمقابل أثمان بخسة ـ  وولوج سبيل الدعوى القضائية دفاعاً عن حقه فى هذا المال من دون أن تختلط دعواه فى هذه الحالة بدعوى الحسبة ، وانتهى إلى وجود مصلحة حقيقة ـ وليست نظرية ـ فى طلب الحكم ببطلان مثل تلك العقود.

وعلى هدى ما تقدم جمعيه ، فإننا نطلب القضاء بتقرير صفة الطاعن فى الدعوى الماثلة والإلتفات عن الدفع بعد قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة أو مصلحة .

خامساً : عن طلب القضاء ببطلان العقد محل النزاع

ومن حيث إنه عن طلب بطلان العقد المحرر بتاريخ 23 / 8 / 2006 والمبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية “الطرف الأول البائع” وشركة بالم هيلز للتعمير “الطرف الثانى المشترى” وذلك لإقامة مشروع للإسكان الحر على المساحة المبينة بالعقد وهى (230) فدان تعادل (966000) متر مربع (فقط تسعمائة وستة وستون ألف متر مربع لاغير) ، وحيث إن العقد محل النزاع هو عقد بيع جرى إبرامه بالأمر المباشر على خلاف صريح وصحيح القانون وليس تخصيصاً كما هو وراد بتمهيد العقد.

تجدر الإشارة ـ بادئ ذى بدء ـ إلى أن ما تبرمه الجهات الإدارية من عقود إنما تبرمها بوصفها قوامة على الشأن العام ، فمن قوامة الدولة على الشأن العام تتفرع التفاريع إلى الهيئات والمصالح وسائر الوحدات العامة التى تنقسم إلى نوع نشاط ومكان إقليم ومجال تخصص ، فالشأن العام هو شأن الجماعة مصالحاً وأوضاعاً ومقاصد منشودة . والجماعة تشخصها الدولة ، وهى لا تتشكل من هيئة واحدة ولكنها تتكون من الناحية التنظيمية من هيئات كبرى تتوزع عليها مراحل تشكل العمل العام ، وذلك بما عرف من سلطات التنفيذ والتشريع والقضاء ـ فالدولة كتنظيم مشخص للجماعة ـ يستمد من هذا التنظيم مبرر قيامه ، ويستمد منه كذلك شرعية نفاذ القول على الغير بشأن أوضاع الجماعة حفاظاً وضبطاً وتسييراً وتنمية فى كل المجالات ، هذه الدولة تقوم على مفهوم النيابة عن الجماعة والتمثيل لها.

ومن هنا ، فإن وظائف التنفيذ لا تستمد أى من الجهات الشرعية ممارستها إلا بوصف هذه الجهة ممثلة أو نائبة عن غيرها ، فلا يوجد من يتصرف فى شأن عام إلا وهو مفوض فى ذلك لا أصيلاً عن نفسه ولا صاحب شأن بذاته هيئة كانت أو مجلساً أو فرداً ، إنما هو قوام على الشأن عام بموجب وصف تمثيلى وصفة تفويضية أتته من مستند عام دستوراً كان أو قانوناً أو قراراً فردياً ، وهو ما يعبر عنه بالإختصاص فى مجال القانون العام.

ومن جهة أخرى ، فإن أى تصرف يصح وينفذ على نفس المتصرف وماله بموجب توفر شروط أهلية المتصرف التى تمكنه من إلزام نفسه بقول يصدر عنه ، بينما يصح أى تصرف وينفد فى حق غير المتصرف بموجب ما يتوفر للمتصرف من ولاية إمضاء القول على الغير . والولاية إما خاصة أو عامة ، وتكون الولاية عامة متى توفر لها مكنة إمضاء القول على غير ليس محدداً ولا محصوراً ولا معيناً ، وهى ما يتعلق بالدولة فى الشئون العامة وما يتفرع عن أجهزتها وتنظيماتها وهيئاتها ووحداتها وأفرادها . وهى لا تقوم إلا بمستند شرعى من دستور أو قانون أو لائحة أو قرار فردى ، فليس من سلطة عامة إلا وهى مقيدة ومحدودة بمستند شرعيتها وبقدر ما تكون السلطة وبقدر ما تتفسح المكنة بقدر ما ترد القيود والضوابط ، وهذا شأن العقد الإدارى بإعتباره صادراً عن ولاية تستند لاختصاص مفوض بإجراء التصرف فى شأن يتعدى ذات مصدر القرار إلى مال ومصالح وشئون هو أمين عليها بموجب حكم قانونى وفى نطاق ما جرى تخويله به وتفويضه فيه . وذلك بحسبان أن مال الدولة بأجهزتها المختلفة ـ عاماً كان أو خاصاً ـ مملوك لا لمن يديره ولا لمن هو مخول مكنة التصرف فيه ، إنما هو للدولة كشخص إعتبارى عام . وبناء عليه لا تصح إرادة أى من الجهات الإدارية القوامة على هذا المال إلا بشروط التفويض الصادر إليها والمنظم لإرادتها من أحكام موضوعية وإجراءات وردت بالتشريعات ، فالأمر أمر ولاية عامة وهو أمر نيابة لا تمارس إلا بشرطها المضروب وفى نظامها المعين وبالقيود الضابطة لها.

حكم الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 31314 ، 30952 لسنة 56 ق.ع بجلسة 14 / 9 / 2010

وتواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا على انه من الأصول المسلمة أن الإدارة لا تستوى مع الأفراد فى حرية التعبير عن الإرادة فى إبرام العقود إدارية كانت أو مدنية ، ذلك أنها تلتزم فى هذا السبيل بإجراءات وأوضاع رسمها الشارع فى القوانين واللوائح كفالة لإختيار أفضل الأشخاص للتعاقد سواء من حيث الأهلية أو حسن السمعة أو الكفاية الفنية أو المالية ، وضمانا فى الوقت ذاته للوصول إلى أنسب العروض وأكثرها تحقيقاً للصالح العام بحسب الغاية التى تستهدفها الإدارة من إبرام العقود.

الطعن رقم 456 لسنة 17 ق.ع بجلسة 5 / 4 / 1975 ، حكم الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 31314 ، 30952 لسنة 56 ق.ع بجلسة 14 / 9 / 2010.

ومن مؤدى ما تقدم ، أنه متى حدد المشرع ـ بموجب ما يسنه من قوانين ولوائح ـ طريقة معينة وإجراءات محددة لإبرام عقود الإدارة ، تقديراً من المشرع بأن هذه الطريقة هى التى يتحقق بها المساواة و تكافؤ الفرص ـ حسبما يوجبه الدستور ـ فضلاً عن حرية المنافسة وما تثمره من تنافس تتحقق به المصلحة العامة ، حيث يتبارى المتقدمون فى تقديم أفضل العروض . ففى هذه الحالة تختلط طريقة التعبير عن الإرادة ـ بإتباع هذه الطريقة أو عدم إتباعها ـ بمشروعية الإرادة ذاتها ، ومن ثم لا تكون الإرادة والتى هى قوام ركن الرضا فى العقد صحيحة ومعتبرة إلا بإتباع هذه الطريقة ، خاصة إذا كان المقبل على التعاقد مع جهة الإدارة يعلم حقيقة أو حكماً ـ من خلال علمه المفترض بالقوانين واللوائح التى توجبه هذه الطريقة سبيلاً لإبرام العقد ـ بوجوب إتباع هذه الطريقة لتحقيق هذا الغرض .

ومن حيث إنه عن خضوع إبرام العقد محل التداعى لقانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 من عدمه ، فإنه لما كانت المادة (27) من القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة قد نصت على أن “تنشأ هيئة تسمى “هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة” تكون لها شخصية إعتبارية مستقلة تسرى فى شأنها أحكام قانون الهيئات العامة فيما لم يرد به نص فى هذا القانون …”

ومن حيث إن المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 89 لسنة 1998 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أن “يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن تنظيم المناقصات والمزايدات ، وتسرى أحكامه على وحدات الجهاز الإدارى للدولة ـ من وزارات ، ومصالح ، وأجهزة لها موازنات خاصة وعلى وحدات الإدارة المحلية ، وعلى الهيئات العامة ، خدمية كانت أو إقتصادية ، ويلغى القانون رقم 147 لسنة 1962 بشأن تنفيذ أعمال خطة التنمية الإقتصادية ، وقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 ، كما يلغى كل حكم آخر يخالف أحكام هذا القانون.

ومن حيث إن المشرع قرر فى إفصاح جهير سريان أحكام قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 على وحدات الجهاز الإدارى للدولة والإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والإقتصادية ، بما مفاده إخضاع هذه الجهات لأحكامه وأن تفرقة بين كون هذه الجهات تنتمى إلى وحدات الجهاز الإدارى للدولة والإدارة المحلية التى تسرى عليها الأنظمة الحكومية أو تندرج فى عداد الهيئات العامة التى تنظمها قوانين ولوائح خاصة.

وهذا النهج الذى سلكه المشرع ـ فى هذا القانون ـ يغاير نهج قانون المناقصات والمزايات السابق الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 والذى كان ينص على سريان أحكامه على الهيئات العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى القوانين أو القرارات المتعلقة بها.

وإذ عمد المشرع إلى إلغاء ذلك القانون بموجب القانون رقم 89 لسنة 1998 المشار إليه ، وأخضع بنص آمر جميع الهيئات العامة لأحكامه بصفة مطلقة ، ومن دون أن يقيد ذلك بما يرد من نصوص وقرارات متعلقة بتلك الهيئات ، فإنه لا محيص من القول بخضوع تلك الهيئات لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات من دون الأحكام الواردة فى القوانين واللوائح المنظمة لها ، وهو ما يستوجب من هذه الهيئات أن تصدع لأحكام هذا القانون ولا تتولى عنها حولاً بقالة أن لها قوانينها ولوائحها الخاصة أو أن من سلطاتها وضع لوائح خاصة بها لا تتقيد فيها بالأحكام والنظم والقواعد المعمول بها فى الجهات الحكومية.

ولا يحاج فى ذلك بأن قوانين ولوائح هذه الهيئات هى تشريعات خاصة وأن قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه قانون عام ، وأن القاعدة أن الخاص يقيد العام ، وأن العام لا يلغى الخاص ، ذلك أنه من المقرر قانوناً أن العام يلغى الخاص بالنص صراحة على إلغائه ، أو بإستعمال عبارت فى سن أحكامه لا يمكن معها تطبيق هذه الأحكام إلا بالقول بنسخ الأحكام الواردة فى التشريع الخاص ، تغليباً لإرادة المشرع الحديثة على إرادته السابقة ، كما هو الحال لما فعله المشرع فى المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 89 لسنة 1998 المشار إليه ، فقد جاءت عبارات هذا النص ـ على نحو ما سلف بيانه ـ جلية المعنى قاطعة الدلالة على سريان أحكام قانون المناقصات والمزايدات المشار إليه على الهيئات العامة ومن دون أن يقيد ذلك بما خلت منه نصوص القوانين والقرارات المتعلقة بتلك الهيئات كما كان الحال فى قانون المناقصات والمزايدات السابق ، وهو ما لا يتأتى إعماله إلا بالقول بنسخ جميع الأحكام التى تضمنتها تلك القوانين والقرارات فيما تعارضت فيه مع أحكام هذا القانون ، بما فى ذلك قواعد التصرف فى الأراضى الفضاء المملوكة للدولة والمحافظات المنصوص عليها قانون نظام الإدارة المحلية وقانون الأراضى الصحراوية والقانون رقم 7 لسنة 1991 وقانون ضمانات وحوافز الإستثمار.

(حكم الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 31314 ، 30952 لسنة 56 ق.ع بجلسة 14 / 9 / 2010)

كما استظهرت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصرى ” أن المشرع في القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار إليه ناط بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إنشاء وإدارة المجتمعات الجديدة وقرر إنفرادها وهيمنتها كأصل عام على أمور هذا النشاط باعتبارها جهاز الدولة المسئول دون غيرها عن ذلك وأجاز للهيئة في سبيل تحقيق أهدافها أن تجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق البرامج والأولويات المقررة وأن تتعاقد مباشرة مع الأشخاص والشركات والمصارف والهيئات المحلية والأجنبية وأوجب أن يكون الانتفاع بالأراضي والمنشآت الداخلة في المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً للأغراض والأوضاع المقرر قانوناً ووفقاً للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوي الشأن إلا أن القانون المشار إليه خلا من بيان الوسيلة التي يتعين إبرام تلك التصرفات بها وإجراءات وضمانات تلك الوسيلة وهو الأمر الذي يقتضي الرجوع في شأنه والحالة هذه إلى الشريعة المنظمة لهذا الأمر وهو قانون تنظيم المناقصات والمزايدات والذي جاء في نص المادة الأولى منه واضح العبارة وقاطع الدلالة على سريان أحكامه على الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وهو ما يستوجب من هذه الهيئات الالتزام بهذه الأحكام وعدم التولي عنها حولاً بقالة أن لها قوانينها ولوائحها الخاصة أو أن من سلطتها وضع لوائح خاصة بها لا تتقيد فيها بالأحكام والنظم والقواعد المعمول بها في الجهات الحكومية.

ويؤكد ذلك – فضلاً من صراحة النص – ما ورد بالأعمال التحضيرية لهذا القانون حيث نصت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون على أن “تسري أحكام القانون على …. كما تسري أحكامه على الهيئات العامة ويشمل ذلك الهيئات القومية ولا يعتد بأي نص خاص في القوانين أو القرارات الخاصة بإنشاء تلك الهيئات …. ” ولدى مناقشة مشروع القانون بمجلس الشعب أبدى أحد الأعضاء تخوفه مما قد يثار من جدل حول سريان القانون على الهيئات الاقتصادية باعتبار أن لها قوانينها الخاصة وأن القاعدة أن الخاص يقيد العام. وتحدث رئيس اللجنة المشتركة قائلا: “السؤال هو: هل الهيئات الاقتصادية ستخضع لهذا القانون إذ إن هناك قانوناً عاماً وقانوناً خاصاً ؟! إنني أعتقد أن السيد الدكتور وزير المالية قد أوضح في لجنة الخطة والموازنة أن جميع الهيئات الاقتصادية خاضعة للقانون الجديد سواء كانت خدمية أو اقتصادية ….”. وحسم رئيس المجلس هذا الجدل بقوله “ما دامت المادة الأولى نصت علي أن القانون يحكم الأجهزة ذات الموازنات الخاصة والهيئات العامة فهذا قاطع بأن أي نص خاص بقوانين هذه الأجهزة لا يسري وهذا باتر وواضح …. ويجب ألا نخشى من هذا ….”. كما تحدث وزير المالية قائلاً “الشركات أياً كانت تخرج عن هـذا المشروع …. لكن الهيئات ووحدات الإدارة المحلية هي التي تخضع لمشروع هذا القانون وتدخل في نطاقه”. ومن هذا العرض للأعمال التحضيرية باعتبارها مما يلقي الضوء على أحكام القانون عند إعمالها بعد صدوره كما يستخلص منها إدراك التوجهات العامة التي توضح مقاصد التشريع وأسباب إعداده يتضح بجلاء أن نية المشرع اتجهت منذ البداية إلى إخضاع جميع الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية ووحدات الإدارة المحلية لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات وتبلور في صورته النهائية في نص المادة الأولى من مواد إصدار القانون سالفة البيان.

لما كان قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 قد أفرد باباً مستقلاً نظم فيه السبل الواجب إتباعها لبيع وتأجير العقارات والمنقولات والمشروعات والترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات فإنه يكون قد نسخ ما قبله من قوانين أو لوائح كانت سارية في شأن ما تناوله بالتنظيم بما مؤداه تقيد جميع الجهات الخاضعة لأحكامه في تصرفاتها تلك بالإجراءات المنصوص عليها فيه – مشروع العقد المعروض قد بدأت إجراءات إبرامه بعد العمل بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الجديد فمن ثم فإنه يخضع لأحكام هذا القانون ويتعين الالتزام في شأنه بما ورد في القانون المشار إليه من إجراءات وضوابط وأحكام .”

(راجع الفتوى رقم 520 سنة الفتوى 55 تاريخ الجلسة 26/6/2001 تاريخ الفتوى 2/9/2001 رقم الملف 369/1/54 رقم الصفحة 116، والفتوى رقم 521 سنة الفتوى 55 تاريخ الجلسة 26/6/2001 تاريخ الفتوى 2/9/2001 رقم الملف 379/1/54 رقم الصفحة 116 ، والفتوى رقم 522 سنة الفتوى 55 تاريخ الجلسة 26/6/2001 تاريخ الفتوى 2/9/2001 رقم الملف 380/1/54 رقم الصفحة 116 )

كما ورد أيضاً بالأعمال التحضيرية وعلى لسان رئيس مجلس الشعب معلقاً على المادة الأولى من مواد إصدار قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 قائلاً : ” أن هذا النص واضح من الناحية القانونية ، ولا يمكن أى جهاز خاص له قانونه لأن نص المادة الأولى واضح تماماً وباتر ، وإلغاء أى نص أخر واضح حتى ولو كانت القوانين والقرارات المنشئة له تجيز وضع اللوائح الخاصة بها ، أولا مشروع هذا القانون يلغى قوانين ، واللوائح أدنى مرتبة من القوانين ” … ” لقد ألغى الخاص أى الأجهزة ذات الموازنات الخاصة “

“راجع مضبطة الجلسة السابعة والستين ( 21 من أبريل سنة 1998م ) لمجلس الشعب “

وأيضاً من مبادئ إفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة :

أملاك الدولة – قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 – قانون خاص في شأن التعاقدات نسخ كل ما قبله من نصوص تخالف أحكامه وردت في قوانين أخرى – من النصوص المنسوخة: تلك الخاصة بالتعاقدات في قوانين الإدارة المحلية والقانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية والقانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة والقانون رقم 8 لسنة 1997 بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار – سريانه بصفة مطلقة على جميع أشخاص القانون العام – استثناء من ذلك: التصرفات التي تمت صحيحة قبل العمل بأحكامه.

(الفتوى رقم 526 سنة الفتوى 59 تاريخ الجلسة 5/1/2005 تاريخ الفتوى 15/5/2005 رقم الملف 402/1/54)

كما إنتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصرى إلى سريان أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 على الترخيص بالإنتفاع بقطعة الأرض موضوع العقد المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية وشركة مصرفون للأتصالات

(راجع فتوى رقم 188 بتاريخ 15 / 3 / 2004 ملف رقم 54 / 1 / 389 )

وكما صدر القانون رقم (148) لسنة 2006 بتعديل أحكام قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998 متضمناً إضافة مادة جديدة برقم 31 مكرراً تنص على أنه “استثناء من أحكام المادتين 30 و 31 من هذا القانون ، يجوز التصرف فى العقارات أو الترخيص بالإنتفاع بها أو باستغلالها بطريق الإتفاق المباشر لواضعى اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قاموا بإستصلاحها أو بإستزراعها من صغار المزارعين ، بحد أقصى مائة فدان فى الأراضى الصحراوية والمستصلحة ، وعشرة أفدنة فى الأراضى الزراعية القديمة ، وكذلك بالنسبة إلى زوائد التنظيم ، وفى غير ذلك من حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة ، وذلك كله وفقاً للقواعد والإجراءات التى يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية ، يتضمن الشروط التى يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص ، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس المقابل العادل به وأسلوب سداده”.

وحيث إن مفاد التعديل المتقدم أنه وضع إستثناء من أحكام المادتين (30 و 31 ) المنصوص بهما على وجوب ولوج طريق المزايدة العلنية العامة أو المحلية أو بالمظاريف المغلقة فى حالات بيع وتأجير العقارات والمنقولات … واستثنى الشارع من الطريق الوجوبى السابق ذكره حالات حددها على سبيل الحصر يتم التعاقد بشأنها بطريق الممارسة المحدودة ، ومنح مكنة التعاقد بطريق الإتفاق المباشر فى الحالات التى لاتحتمل إتباع إجراءات المزايدة أو الممارسة المحدودة وذلك فيما لا يجاوز عشرين ألف جنيه بالنسبة إلى رئيس الهيئة ومن له سلطاته فى الجهات الأخرى ، وأيضاً فيما لا يجاوز خمسين ألف جنيه بالنسبة إلى الوزير المختص ومن له سلطاته. وحيث إن الشارع بإضافته المادة 31 مكرر بموجب القانون رقم (148) لسنة 2006 وضع أيضاً حالات محددة على سبيل الحصر إذا وجدت يتم أستثناء الأحكام المنصوص عليها فى الماتين 30 و 31 من قانون المناقصات والمزايدات ومن ثم يتم التصرف بطريق الإتفاق المباشر ، وذلك فى حالات وضع اليد الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قام بالإستصلاح والإستزراع من صغار المزارعين ، ولم يسكت المشرع على ذلك بل وضع حد أقصى ـ مكمل ومتمم لنفاذ أحكام تلك المادة ـ مائة فدان فى الأراضى الصحراوية والمستصلحة ، وعشرة أفدنة فى الأراضى الزراعية القديمة ، وأضاف إلى ما تقدم حالات الضرورة المحققة لإعتبارات إجتماعية أو إقتصادية تقتضيها المصلحة العامة ، وهو ما يخرج نطاق تطبيقه عن النزاع القائم.

ومن غير الجائز وفقاً لقواعد التدرج التشريعى للقاعدة القانونية أن تأتى لائحة بأحكام مخالفة لأحكام قانون ، فمن المسلم به فقهاً وقضاء أن التشريعات درجات أو مراتب وأن كل درجة أو مرتبة يجب أن تتقيد بالتى تعلوها ، وأن القاعدة القانونية يتم إلغاؤها صراحة أو ضمناً بموجب قاعدة قانونية جديدة صادرة من نفس المصدر الرسمى للقاعدة القانونية الملغاة أو عن مصدر رسمى أعلى منه ،  لأن الأصل أن السلطة التى تملك الإلغاء هى السلطة التى تملك الإصدار أو الإنشاء أو سلطة أعلى منها إذ من يملك الأكثر يملك الأقل ، وإذا تعارض تشريعان من درجات متفاوتة وجب تغليب التشريع الأعلى وإهدار التشريع الأدنى.

ومن الجدير بالذكر أن المحكمة الإدارية العليا سبق أن تعرضت بل أفاضت فى نزاع مماثل  لموضوع وجب تطبيق قانون المناقصات والمزايدات عندما خصصت محافظة الأسكندرية مساحة 170 فدان بمدخل مدينة الاسكندرية لإقامة مشروعات خدمية بمعرفة القطاع الخاص دون اتباع قواعد قانون المزايدات والمناقصات، وعندما رفعت دعوى قضائية وثار نزاع حول القانون الواجب التطبيق أكدت المحكمة الادارية العليا أن قانون المزايدات والمناقصات هو الواجب التطبيق  حيث ذهبت انه ” ومن حيث إن المشرع أصدر القانون رقم 89 لسنة 1998 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات والذي نشر بالجريدة الرسمية – العدد 19 في 8 / 5 / 1998 وبدأ العمل به اعتباراً من 8 / 6 / 1998 طبقاً لحكم المادة الرابعة من مواد إصداره – كما صدر قرار وزارة المالية رقم 1367 لسنة 1998 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه ونشر بالوقائع المصرية العدد 201 تابع في 6 / 9 / 1998 وبدأ العمل بأحكامه اعتباراً من 7 / 9 / 1998 .

ومن حيث إن المادة الأولى من مواد إصدار القانون سالف الذكر تنص على أنه : ( يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن تنظيم المناقصات والمزايدات وتسري أحكامه على وحدات الجهة الإدارية للدولة – من وزارات ومصالح ، وأجهزة لها موازنات خاصة – وعلى وحدات الإدارة المحلية وعلى الهيئات العامة ، خدمية كانت أو اقتصادية.

ويلغى القانون رقم 147 لسنة 1962 بشأن تنفيذ أعمال خطة التنمية الاقتصادية ، وقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 كما يلغى كل حكم آخر يخالف أحكام القانون المرافق .

ومن حيث إن المشرع خصص الباب الثالث من القانون سالف الذكر في بيع وتأجير العقارات والمنقولات والمشروعات والترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات وأفرد له المواد من 30 حتى 35 لبيان القواعد الحاكمة له حيث نصت المادة 30 منه على أن : ( يكون بيع وتأجير العقارات والمنقولات والمشروعات التي ليس لها الشخصية الاعتبارية والترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات بما في ذلك المنشآت السياحية والمقاصف عن طريق مزايدة علنية عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة .

ومع ذلك يجوز استثناء ، وبقرار مسبب من السلطة المختصة ،التعاقد بطريق الممارسة المحدودة فيما يلي : ….

وتنص المادة 31 من ذات القانون على أنه : ( يجوز في الحالات العاجلة التي لا تحتمل إتباع إجراءات المزايدة أو الممارسة المحدودة أن يتم التعاقد بطريقة الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من : ……..

وتنص المادة 32 منه على أنه : ( تتولى الإجراءات في الحالات المنصوص عليها في هذا الباب لجان تشكيل على النحو المقرر بالنسبة للجان فتح المظاريف ولجان البت في المناقصات ، وتسري على البيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات بطريق الممارسة المحدودة ذات القواعد والإجراءات المنظمة للشراء بطريق الممارسة المحدودة وذلك كله بما لا يتعارض مع طبيعة البيع أو التأجير أو الترخيص .

وتنص المادة 33 منه على أن : (تشكل بقرار من السلطة المختصة تضم الخبرات والتخصصات النوعية اللازمة ، تكون مهمتها تحديد الثمن أو القيمة الأساسية لمحل التعاقد وفقاً للمعايير والضوابط التي تنص عليها اللائحة التنفيذية – على أن يكون الثمن – أو القيمة الأساسية – سرياً .

ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن العمل بأحكام القانونين رقمي 147 لسنة 1962 و 9 لسنة 1983 سالفي الذكر توقف اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 89 لسنة 1998 أنف الذكر في 8 / 6 / 1998 وكذلك أي حكم آخر يخالف أحكام هذا القانون والذي جعل الأصل في التصرف في الأراضي المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية للأفراد سواء بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلال العقارات أملاك الدولة أن يتم عن طريق مزايدة علنية ، عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة واستثناء إما بطريق الممارسة المحدودة في حالات محدودة أو التعاقد بطريق الاتفاق المباشر في حالات عاجلة معينة حصراً على أن تتبع في هذه الحالات الإجراءات المنصوص عليها في القانون المذكور ولائحته التنفيذية .

ومن حيث إن النصوص المشار إليها تعتبر من قبيل النصوص الآمرة ،ومن ثم لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها أو النزول عنها لتعلقها بالنظام العام وارتباطها بالقواعد الحاكمة للتصرف في أملاك الدولة .

ومن حيث إن مؤدى نص المادة الثانية من القانون المدني أن النص التشريعي الذي يتضمن قاعدة عامة يجوز إلغاؤه بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق وإن قرر قواعده ذلك التشريع ويقصد بالتعارض في هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على موضوع واحد يستحيل إعمالهما فيه معاً .

ومن حيث إنه من المقرر أن المشرع إذا وضع نصاً تشريعياً فقد وجب التزامه ويمتنع مخالفته ، ومن المسلمات أنه في حالة تعارض نص تشريعي مع نص تشريعي آخر وعدم إمكانية التوفيق بينهما في الحدود التي رسمت لكل منهما يجب تغليب التشريع الأعلى مرتبة على التشريع الأدنى منه إعمالاً لمبدأ تدرج القاعدة القانونية، فإن تساويا مرتبة ولم يمكن التوفيق بينهما أعتبر النص اللاحق ناسخاً للنص السابق .

ومن حيث إنه من المقرر أن النظام القانوني لا يتجزأ وأن القانون فور صدوره ودخوله حيز التنفيذ يدخل في نسيج الهيكل التشريعي العام القائم في الدولة في إطار سيادتها التشريعية وحيث أن أغراض القانون رقم 89 لسنة 1998 سالف الذكر ومجال تطبيقه كشفت عنها نصوصه صراحة وخاصة المادة الأولى من مواد إصداره المذكورة سلفاً والتي وردت عباراتها مطلقة، حيث حددت الجهات المخاطبة بأحكامه وقضت صراحة بسريان جميع أحكامه وبصفة مطلقـــة وعلى نحو حتمي و وجوبي وبدون استثناء الأحكام التى وردت في نصوص خاصة أو في القوانين أو القرارات المنشئة والمنظمة لتلك الجهات ومقررة إلغاء أي حكم يخالف أحكامه ، وبذلك تسرى أحكامه على جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازنات خاصة وعلى وحدات الإدارة المحلية وعلى جميع الهيئات العامة خدمية كانت أو اقتصادية.

ويؤكد ذلك المغايرة في الصياغة التشريعية لنص تلك المادة والمادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن تنظيم المناقصات و المزايدات ( الملغى ) و التي كانت تنص على إنه: ( تسرى أحكام القانون المرافق على جميع الوزارات والمصالح ووحدات الحكم المحلى والهيئات العامة وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القوانين أو القرارات الخاصة بإنشائها، في حين لم يرد هذا النص في صياغة المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 89 لسنة 1998 و التي نصت صراحة على إلغاء قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983.

فضلاً عن ذلك فإنه بتقصي الأعمال التحضيرية للقانون المذكور ومنها مذكرته الإيضاحية بشأن المادة الأولى من مواد إصداره آنفة الذكر و التي كشفت عن مقصود الشارع من إصدار هذا القانون و أسباب إعداده – فإنه يبين أن أحكامه قد نسخت ما قبلها من أحكام وردت في القوانين أو القرارات المتعلقة بإنشاء وتنظيم الجهات المخاطبة بأحكامه لاشتمال أحكامه لذلك المجال المخصوص بحيث صار لا مجال لإعمال قاعدة أن النص الخاص يقيد النص العام.

ومن حيث إنه لما كان القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات قد أعاد من جديد تنظيم موضوع التصرف في أملاك الدولة تنظيماً كاملاً وشاملاً على نحو ما أورده من أحكام تفصيلية – أفرد لها الباب الثالث منه طبقاً لما سلف بيانه – متضمنة القواعد والإجراءات الواجب اتباعها بشأن التصرف في أملاك الدولة وذلك قبل إبرام العقود بشأنها – أيا كانت طبيعتها سواء كانت من قبيل العقود الإدارية أو المدنية – وعلى ذلك فإن الأحكام التي وردت في القوانين أو اللوائح التي كانت سارية قبل نفاذه وتتعارض مع نصوص هذا القانون تعتبر منسوخة جملة وتفصيلاً ولا يجوز إعمالها في ظل المجال الزمني لسريان القانون الجديد سالف الذكر وتلتزم الجهات الخاضعة لأحكام القانون المذكور عند تصرفها في الأراضي المملوكة للدولة بالإجراءات والقواعد والأحكام المنصوص عليها في ذلك القانون وإلا كان تصرفها مخالفاً للقانون.

ومن حيث إنه – بالبناء على ما تقدم – فإن أي إعلان من جانب أية جهة إدارية عن التصرف في أملاك الدولة أو طلبات تقدم إلى وحدات الإدارة المحلية بشأن طلب شراء الأراضي المملوكة للدولة أو المملوكة لها أو تأجيرها أو الترخيص بالانتفاع بها بعد نفاذ القانون رقم 89 لسنة 1998 فإنها تخضع لأحكامه، أما عمليات بيع أو تأجير الأراضي المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية المعلن عنها قبل نفاذ القانون المذكور فإنها تظل محكومة بالقواعد القانونية التي كانت قائمة ومنتجة لآثارها عند إجراء هذه التصرفات احتراماً للمراكز القانونية الذاتية المكتسبة لذوى الشأن لخلو القانون رقم 89 لسنة 1998 من ثمة نص يقرر سريان أحكامه على الوقائع السابقة على سريانه بأثر رجعى.”

( راجع قضاء المحكمة الإدارية العليا  فى الطعن رقم 9820 – لسنــة 48 – تاريخ الجلسة 06 07 2003 )

فإننا نطلب وبحق ـ وعلى هدى ما سبق ـ بطلان عقد البيع المحرر بتاريخ 23 / 8 / 2006 والمبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية ” وشركة بالم هيلز للتعمير .

دفاع الطاعن

خالد على عمر المحامى

أحمد حسام المحامى

مذكرة 1 دفاع المركز المصرى فى قضية بطلان عقد بالم هيلز