لا للتصالح على قضايا الفساد والخصخصة.. نعم لتنفيذ حكم عودة "مصر شبين الكوم للغزل والنسيج" لقطاع الأعمال العام

الأربعاء 28 مارس 2012
استقبل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ببالغ الانزعاج خبر تكليف الدكتور كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء، الشركة القابضة للغزل والنسيج بإجراء اتصالات مع المستثمر الهندي ومجموعة “أندوراما” الإندونيسية، لفتح باب المفاوضات حول النزاع على شركة مصر غزل شبين للغزل والنسيج، ويأتي ذلك في حين تتردد أنباء عن تولي الوزيرة فايزة أبو النجا حاليًا ملفات التصالح بين الحكومة والمستثمرين العرب والأجانب بتكليف من الجنزوري، وهو ما يعتبر التفاف على أحكام قضائية صادرة توجب عودة الشركة لقطاع الأعمال العام مرة أخرى.
ويعد التصالح مع المستثمر الهندي ومجموعه اندوراما هو الإعمال الأول للمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012، والذي سبق وأن حذر المركز من تمريره من قبل المجلس العسكري في 3 يناير الماضي لأنه يفتح الباب للتصالح على الفساد الاقتصادي الذي قام به مبارك ورجال نظامه سواء كانوا رجال حكم أو رجال أعمال، وهو ما يعوق المحاسبة التى يجب أن تتم مع كل من اعتدى على مقومات الاقتصاد المصري في ظل هذا النظام وتربح منه دون وجه حق أو أضر به، كما سيجعل كل الجرائم التي تمت حتى الجنائية منها في شأن الملف الاقتصادي مجرد أخطاء إدارية تحتاج فقط إلى إعادة التقييم المالى والتوازن العقدى وهو ما سيسهل عمليات الإفلات من العقاب.
جدير بالذكر أن الشركة قد تم تأميمها بموجب القانون رقم 72 لسنة 1963، والتي تم بيعها في ديسمبر 2006، أظهرت حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان بيعها في 21 سبتمبر 2011، أنها من الشركات المصنفة كـ”رابحة” وأن لجنتي تقييم الشركة والتحقق من صحة التقييم أثبتتا ذلك بقولهما “إن الشركة تحقق أرباحا متنامية من سنة إلى أخرى، وبالتالي لم تحقق أي خسائر منذ إنشائها عام 1959 حتى منتصف 2004“.
ولأن الفساد هو السمة الغالبة في عمليات الخصخصة والبيع والتي قضت على حقوق العمال والصناعة الوطنية، كان من الطبيعي أن تشهد عملية التقييم للشركة تدنيا للقيمة التقديرية لأصولها، حيث أن التقييم وفقا لقواعد الخصخصة التي تم بها البيع هو 149.04 مليون جنيه، بينما التقييم وفقا للقيمة السوقية للأصول 305.01 مليون جنيه والتقييم وفقا لصافي التدفقات النقدية 287.4 مليون جنيه فيما بلغ التقييم وفقا للربحية 309.5 مليون جنيه، علاوة على تدني حساب سعر المتر المربع من المباني المملوكة وقيمته،هذا بالإضافة إلىالتقييم “الصفري” لسعر الآلات والمعدات، ليصل بنا الحال في النهاية لاستيلاء شركة أندوراما شبين تاكستيلعلى 70% من أصولها وتبقي 18% فقط في يد الشركة القابضة و12% لاتحاد المساهمين.
المدهش في الأمر أن الحكومة وصناع القرار، وفي مواجهة حكم استرداد الشركة، قرروا عبر الشركة القابضة للغزل والنسيج وبتكليف من مجلس الوزراء، تقديم طعن ضد حكم استرداد الشركة (محدد له جلسة 4 أبريل المقبل) بحجة تفويت الفرصة على المستثمر في خطواته نحو التحكيم الدولي، والحقيقة بالطبع هي السعي لإلغاء حكم بطلان البيع ليتسلم المستثمر الشركة مرة أخرى وبقوة القانون.
إن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية منطلقا من دفاعه عن حقوق ومطالب العمال، وعن تحقيق تنمية حقيقية عبر تطوير الصناعة الوطنية بالاستثمار بها بدلا من تعريض اقتصاد الدولة للخطر بعمليات خصخصة وبيع لقلاعنا الوطنية في صفقات زكمت رائحة فسادها الأنوف، يطالب بتنفيذ الحكم الصادر باسترداد الشركة وبطلان عقد بيعها، وسعيا منه لسرعة تنفيذ هذا الحكم وعدم التلاعب به قام بتحريك دعوى جنائية لإجبار الحكومة على التنفيذ الفوري، دون طرح اي تفاوض أو تصالح مع مستثمرين لا يهتمون بتنمية المجتمع الذي يستثمرون فيه، ويحرصون على رعاية مصالحه الوطنية، وعلى رأسها الحفاظ على الممتلكات العامة كما قالت المحكمة في حيثيات حكمها.