في اليوم العالمي للبيئة.. المركز المصري يطالب الحكومة بسياسات أكثر صرامة للحد من البلاستيك والانبعاثات الكربونية ووقف التعدي على المساحات الخضراء

يحتفل العالم في الخامس من يونيو من كل عام بيوم البيئة العالمي، الذي تستضيف كوت ديفوار فعالياته العام الحالي، لتسليط الضوء على التحديات البيئية الملحة وسبل التصدي لها، ويركز موضوعها في 2023 على الحلول المستدامة للتلوث البلاستيكي في إطار حملة دحر التلوث البلاستيكي.
لم يكن يدور في تصور مخترعي مادة البلاستيك – والذي اعتبر بمثابة ثورة في عالم الصناعة آنذاك – أن يكون سببا من أسباب هلاك كوكبنا، ومساهما أساسيا في تلوثه، والعبث بمناخه، إذ يعد عدم قابليته للتدمير، والتخلص منه على درجة لا مثيل لها مقارنة بالمواد الاصطناعية الأخرى.
وتخنق المواد البلاستيكية الكوكب، بإنتاج أكثر من 400 مليون طن كل عام، نصفها مصمم للاستخدام الأحادي فقط، بينما يعاد تدوير أقل من 10% منها فقط، وينتهي المطاف بما يقدر بنحو 19-23 مليون طن في البحيرات والأنهار والبحار، وفقا للأمم المتحدةـ وفي هذه الأيام، تعوق المواد البلاستيكية مكبات النفايات وتتسرب إلى المحيطات وتتحول إلى دخان سام، ما يجعلها أحد أخطر التهديدات على الأرض.
كما تجد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة طريقها إلى الطعام الذي نتناوله، والماء الذي نشربه وحتى الهواء الذي نتنفسه، وتحتوي العديد من المنتجات البلاستيكية على إضافات خطرة، قد تشكل تهديدا جديا للصحة، كما تشير التقديرات إلى استهلاك كل شخص أكثر من 500 ألف جزيء بلاستيكي سنويًا، وربما أكثر من ذلك بكثير إذا اٌحتسبت الجزئيات بلاستيكية في الهواء.
وتضر اللدائن بلاستيكية – التي يُتخلص منها أو تُحرق – بصحة الإنسان وبالتنوع البيولوجي، حيث تلوث كل نظام بيئي من قمم الجبال إلى قيعان البحار، ما يستدعي ضرورة تبني حلول عاجلة لوقف استخدامها قبل أن تتسبب في مزيد من الأضرار للكوكب وسكانه وبيئته.
في مارس 2022، أيد رؤساء الدول ووزراء البيئة وممثلون آخرون من 175 بلداً قرارًا تاريخيًا في الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة لإنهاء التلوث البلاستيكي وإبرام اتفاق دولي ملزم قانونًا بحلول عام 2024، يعكس بدائل متنوعة لمعالجة دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية، وتصميم المنتجات والمواد القابلة لإعادة الاستخدام والقابلة لإعادة التدوير.
والمركز المصري إذ يرحب بإعلان الحكومة المصرية استراتيجية وطنية تهدف إلى تخفيض التأثير السلبي للبلاستيك على الصحة والبيئة والاقتصاد والمجتمع، وتطلعها لتخفيض استهلاك الأكياس البلاستيكية إلى 100 كيس للفرد في السنة بحلول عام 2025، و50 كيساً للفرد في السنة بحلول عام 2030، فضلا عن إطلاق الاستراتيجية الوطنيّة لتغيُّر المناخ 2050، يعيد التذكير بالأخطار الجسيمة التي تهدد الحياة في مصر بشكل نتيجة الممارسات ضد البيئة.
ويطالب المركز السلطات المسؤولة باتخاذ سياسات أكثر صرامة نحو دحر التلوث البلاستيكي، وتقليل الانبعاثات الكربونية، والتخفيف من الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ، فضلا عن تسريع الجهود نحو خفض تدريجي لاستخدام الفحم غير المترافق بنظام التقاط الكربون، وإلغاء الدعم للوقود الأحفوري.
كما ينبه إلى خطورة انعكاسات التغيرات المناخية على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في عدد من القطاعات من بينها: الصحة، والصناعة، والزراعة، والنقل، والأنشطة البحرية، وغيرها، فضلا عن تأثيراتها على العاملين في هذه القطاعات، ما يستدعي ضرورة التحرك العاجل لمواجهة آثارها، وتسهيل إجراءات التقاضي في القضايا المتعلقة بالحقوق البيئية.
ويؤكد المركز المصري ضرورة تشديد آليات حماية البيئة البحرية وحماية نهر النيل، وحماية الهواء والتربة من التلوث، فضلا عن وقف التعديات على المساحات الخضراء، وإعلان خطة بمعدل زمني واضح لتوسيع رقعتها، نظرا لأهميتها الكبيرة لحماية حياة البشر بشكل عام، فوفقا لدراسة لجامعة بومبيو فارا الإسبانية يمكن تقليل عدد الوفيات بسبب الحر بزيادة مساحة المناطق المشجرة في المدن بنسبة 30%.
وانطلاقا من إيمانه بضرورة التحرك العاجل لمواجهة التأثيرات السلبية لتغير المناخ، وأولوية قضايا حماية البيئة في هذه الفترة الحرجة، كان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حرص قبل واثناء انعقاد مؤتمر المناخ COP27، الذي استضافته مصر نهاية العام الماضي، على إطلاق حملة (سكة السلامة – الطريق إلى COP27).
وأصدر المركز العديد من الأوراق البحثية والتقارير الخاصة بالبيئة، من بينها موضوعات عن حماية البيئة البحرية وحماية نهر النيل، وحماية الهواء والتربة من التلوث، وكذلك موضوعات عن الطرق التي يستطيع من خلال المواطنون الإبلاغ عن المشاكل البيئية للجهات المختصة.
ومن أبرز التقارير والموضوعات التي قدمها المركز الهيدروجين الأخضر وأهمية استخدامه والتوجه العالمي له باعتباره طاقة نظيفة لا تلوث البيئة، والتنبيه لخطورة تسريب بقع الزيت بالبحار، وتأثيره المدمر على الكائنات البحرية.
وفي تقرير آخر تناول المركز أهمية استزراع المانجروف للتخفيف من الآثار السلبية للتغير المناخي، ولحماية الشواطئ من التآكل، ودعم الاقتصاد من خلال الاستفادة منه.
كما أصدر ورقة بحثية بعنوان (دراسة التنظيم التشريعي لبعض الصناعات الخطرة والحماية القانونية المقررة للحد من تأثيراتها البيئية)، قدمت توصيات تشريعية، من بينها الالتزام بخوض مناقشة مجتمعية قبل الترخيص بإنشاء مصانع تباشر نشاطات صناعية تمثل خطرا على البيئة المحيطة، وتغليظ العقوبات بقانون البيئة لتصل إلى غلق المنشأة، وتشديد الرقابة على المخالفين، والحظر التام لإقامة المنشآت الصناعية داخل المناطق السكنية بنص القانون، التوسع في استخدامات الطاقة النظيفة، وإعادة تدوير النفايات الخطرة، وإعداد قاعدة بيانات موسعة للمخلفات المرصودة، وإتاحتها للباحثين.
وأعد المركز تقريرًا عن سندات الكربون وأهميتها في الحد من تلوث البيئة بمخلفات المصانع، كما ناقش المركز تلويث وسائل النقل للبيئة، وقدم عدة مقترحات لحل المشكلة، فضلا عن تناوله خطورة هجوم القرش بسبب الصيد الجائر بالبحر الأحمر مما يهدد الحياة البحرية والبشرية.
وعرض المركز كذلك، بعض القضايا التي رفعها محاموه لمنع تلوث النيل والبيئة، كما عرض تطورات قضية أهالي قرى العون بأسوان، ومطالبتهم بحقوقهم المهدرة، حيث ساعد الأهالي على زيادة الرقعة الخضراء وساعدوا في خلق بيئة صحية، ومازالوا يطالبون الحكومة بالوفاء بتعهداتها في تقديم الخدمات لهم.
وركزت الحملة على محاور استهدفت المساهمة في مواجهة التأثيرات السلبية الناتجة عن التغير المناخي، وتأثيراتها على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خاصة في مصر، التي تعد من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن هذه التأثيرات، والدعوة لاتخاذ آليات وإجراءات حاسمة للحد منها.
وشمل المحور الأول للحملة التوعية بآثار التغيرات المناخية، وانعكاساتها على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في عدد من القطاعات من بينها: الصحة، والصناعة، والزراعة، والنقل، والأنشطة البحرية، وغيرها، فضلا عن تأثيراتها على العاملين في هذه القطاعات.
أما المحور الثاني فناقش إجراءات التقاضي في القضايا المتعلقة بالحقوق البيئية، في ظل التزامات الحكومة بتعهداتها بشأن المواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة عليها في هذا الإطار، وتناول المحور الثالث للحملة مدى التزام الحكومة بشأن تقليل الانبعاثات الكربونية، الذي يعد المحور الرئيسي لمؤتمر الأطراف.
ويؤكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية استمراره في دعم القضايا البيئية من خلال وحدة العدالة البيئية، وأنه سيواصل تلقي الاستفسارات والشكاوى، ويقدم الدعم القانوني فيما يرد له من قضايا وشكاوى تتعلق بالحقوق البيئية، مشددا على أن الدفاع عن البيئة سيستمر طالما بقيت المشكلات البيئية بلا حل.