تقارير صحفيةعمل ونقابات

طلال شكر.. تكريم مستحق لسيرة لا يغيبها الموت (بروفايل)

يوجه المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التحية لعمال وعاملات مصر ونقابييها، قبل أيام من الاحتفال بعيدهم في الأول من مايو، تقديرا لنضالاتهم نحو نيل حقوقهم، في الوقت الذي ما يزالون يواجهون كثيرا من التحديات بشأن أوضاع العمل، في ظل ظروف اقتصادية غاية في الصعوبة، تعيق طريقهم نحو بيئة عمل آمنة وحياة كريمة، وبهذه المناسبة، يحتفي بالقيادي النقابي والعمالي الراحل طلال شكر، تقديرا لمسيرته العامرة بالنضال كأحد أبرز النماذج التي أثرت في الحركة النقابية والعمالية في تاريخ مصر.

عشرات من الأعوام امتد خلالها التاريخ الحافل للقيادي النقابي والعمالي الراحل طلال شكر، مناضلا في الخط الأول من أجل حقوق العمال والدفاع عن قضاياهم وقضايا الحريات العامة والعدالة الاجتماعية، تاركا إرثا جديرا بالاحتفاء لا يغيبه حتى الموت.

بعد أيام من الاحتفال بعيد العمال 2022، اختطف الموت من الحركة النقابية والعمالية أحد أبرز رموزها ومعلميها برحيل طلال شكر، الذي أفقدها أحد أعمدتها الرئيسية، لذا لم يكن غريبا أن يرحل في شهر العمال كخير وداع له تكريما لمشواره الذي أفناه في خدمة أبناء الطبقة العاملة.

لم تمنع الظروف الصحية طلال شكر من الحرص على استكمال دوره النقابي حتى آخر نفس من حياته، فكان يتابع لحظة بلحظة الانتخابات النقابية في دورتها الأخيرة، دائم التواصل والاطمئنان على أعضاء النقابات التي ساهم في تأسيسها وبناء قدراتها، كواحد من أهم المنظمين والمدربين في تاريخ الحركة النقابية المصرية.

ولد طلال شكر في قرية تيرة في مركز طلخا بمحافظة الدقهلية، في 8 مايو عام 1946، وشاء القدر أن يتوفى في نفس يوم مولده في 8 مايو عام 2022، داخل أحد المستشفيات بعد إجراء عملية قسطرة بالقلب.

وكان المنظر اليساري البارز طلال شكر في طليعة عمال شركة النصر للتليفزيون، واستطاع وقتها أن يكسب ثقة زملائه ليصبح عضوًا باللجنة النقابية للشركة في أول انتخابات نقابية وأول دورة نقابية له في عام 1979، وفي ثاني دورة له أصبح أمينًا عامًا للجنة النقابية وعضو مجلس الإدارة المنتخب، حتى خروجه على المعاش في 2006.

الهدوء الذي كان يتمتع به النقابي الراحل في جميع مواقفه كان هدوء فاعلا ومؤثرا، امتزج بروح قتالية عالية حملها في جميع معاركه النقابية والعمالية التي خاضها مع الكثيرين من أبناء جيله، وعلى رأسها معركة كشف الفساد في الشركة ذاتها، حيث كان عضوا مساهما في تأسيس حزب التجمع الوطني ومكتبه العمالي، وكانت صفحات جريدة “الأهالي” وقتها ساحة لهذه المعركة، بالإضافة على دوره البارز في العديد من  المعارك الأخرى.

وكان شكر أحد أبناء تنظيم الشباب الاشتراكي، كما التحق بجميع الأشكال التنظيمية العمالية التي تشكلت منذ مطلع الألفية كاللجنة التنسيقية للدفاع عن الحقوق والحريات النقابية، ولجنة الدفاع عن أموال المعاشات وحماية الحقوق التأمينية، ودار الخدمات النقابية والعمالية، ونقابة أصحاب المعاشات.

وشارك أيضا في تأسيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وتولى مسؤولية مكتب عمال الحزب، وانتخب في المؤتمرين الأول والثاني عضوا في اللجنة المركزية للحزب وعضوا في المكتب السياسي حتى وفاته.

وشارك شكر، في صياغة رؤية معاصرة لحقوق العمال وتحويلها إلى ثقافة في الأوساط العمالية لدعم تنظيم قواعدهم وظهور لجانهم النقابية المدافعة عن حقوقهم لدى مؤسسات عملهم وأصحاب الأعمال، كما يعد مرجعا قانونيا وخبيرا هاما في قضايا التأمينات والمعاشات، ودعم صوت ومطالب العمال في دساتير مصر الأخيرة وتعديلاتها، وكذلك تقديم رؤية واضحة بشأنها للمشرع المصري عند صياغته قوانين العمل، وشغل منصب نائب رئيس نقابة أصحاب المعاشات، فضلا عن مشاركته في تأسيس اتحاد العمال المستقل، الذي كان بدوره أداة رئيسية في دعم الحركة النقابية والعمالية، بالإضافة إلى دعمه اللامحدود لجميع التنظيمات العمالية التي ظهرت بعد ثورة 25 يناير 2011.

وكان القيادي الراحل نموذجا للمنظم النقابي والمدرب العمالي سواء من خلال دار الخدمات النقابية أو من خلال عمله ضمن خبراء منظمة العمل الدولية، كما شارك مع رفاقه نبيل عبدالغني وصلاح الأنصاري في تأسيس عشرات النقابات العمالية المستقلة وبناء قدراتها، كما شارك في طرح فكرة اتحاد عمال مصر الديمقراطي والدعوة له حتى مؤتمره التأسيسي.

آمن شكر دوما بأهمية ودور المرأة في العمل النقابي، فكانت قائمته دائما تضم عناصر نسائية، آملًا في دعم تواجدهن النقابي، وهو ما استكمله طوال مسيرته حتى وفاته، بتدريب ودعم الكوادر النسائية داخل النقابات العمالية، وتشجيعهن على خوض الانتخابات على رأس هذه النقابات.

في مسقط رأسه، حظي القيادي الراحل بجنازة مهيبة تليق بتاريخه النضالي الحافل، الذي كان يعدو خلف حقوق الجميع دون كلل أو تعب أو انتظار لتقدير يستحقه.

ترك المناضل الراحل أثرا كبيرا في الحركة النقابية والعمالية، وفي الكثير من الأجيال النقابية التي تتلمذت على يديه، ويبقى عزاؤنا لرفاقه وأصدقائه ومحبيه في خسارتهم، في استكمال مسيرته في الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية والعمالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى