غير مصنف

تزامناً مع مناقشته بالبرلمان.. المركز المصري يذكر باعتراضات حملة “نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية”: تشريع يقوض العدالة

يستنكر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية موافقة مجلس النواب في جلسته العامة، الأحد 29 يناير 2024، على عدد من مواد الإصدار في مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، خلال مناقشة تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه.

وفي هذا السياق، يذكر المركز المصري اعتراضات حملة “نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية”، والتي تضم مجموعة واسعة من النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية والخبراء القانونيين، على مشروع القانون المعيب.

كان المجلس وافق في جلسته السابقة، من حيث المبدأ، على مشروع القانون بعد 12 جلسة تم فيها إدراج مناقشة مشروع القانون سالف الذكر من حيث المبدأ، وذلك حرصاً من المجلس على مشاركة أكبر عدد ممكن من النواب في مناقشة مشروع القانون.

ومن هذا المنطلق، يعيد المركز المصري التذكير بأوجه اعتراضه والعديد من الجهات المعنية من النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية والخبراء القانونيين ومقرر مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، على مشروع القانون المعيب، آملين أن تجد هذه الملاحظات آذاناً صاغية تبعد المخاوف وتعزز نزاهة سير العدالة.

جاءت مناقشة مشروع القانون دون إجراء حوار مجتمعي حقيقي يضم كافة الأطراف المعنية، بما يعزز توجهات تشريعية تثير المخاوف بشأن احترام المعايير الدستورية والدولية لحقوق الإنسان. كما يمثل المشروع تراجعًا عن ضمانات المحاكمة العادلة ومبادئ حقوق المتهمين والمحتجزين، مما يهدد بتقويض ركائز العدالة والنظام القانوني المصري، لذا يكرر المركز المصري مطالبته بسحب المشروع فوراً.

ويتساءل المركز بشأن ادعاءات مسؤولين حكوميين وأعضاء بمجلس النواب بأن المشروع جاء استجابة لمخرجات “الحوار الوطني” لعام 2023، على الرغم من أنه يأتي بتعديلات تشريعية تزيد من السلطات الممنوحة للجهات الأمنية، وتقيد حقوق الدفاع، وتكرّس مفهوم الحبس الاحتياطي كأداة للعقاب بدلاً من كونه إجراءً احترازياً. بدلاً من أن يعكس هذا القانون توجهًا نحو إصلاح الإجراءات الجنائية وضمان حقوق الأفراد أمام القانون، يبدو المشروع تعبيرًا عن مزيد من السيطرة الأمنية وتقليص ضمانات المحاكمة العادلة.

يواصل المركز تسليط الضوء على أوجه اعتراض حملة “من أجل قانون عادل للإجراءات الجنائية” على مشروع القانون، وهي:

  1. عدم تلبية طموحات الشعب المصري: مصر بحاجة إلى قانون جديد يتماشى مع التعديلات الدستورية والتطورات الحديثة في مجال العدالة الجنائية، لكن المشروع المطروح لا يقدم أي جديد، حيث إن أكثر من 70% من بنوده هي تكرار للقانون الحالي.
  2. إغفال حقوق المتهم ودفاعه: رغم الاهتمام باستخدام الوسائل الحديثة مثل المحاكمة عن بُعد، فإن المشروع يفتقر لتوظيف هذه الوسائل في تعزيز حقوق المتهم ودفاعه، مثل تفعيل تقنيات التصوير والتوثيق في التحقيقات والمحاكمات وتقديم وسائل بديلة للحبس الاحتياطي.
  3. إعفاء المعتدين على المال العام من العقاب: يمنح المشروع الفرصة للمتهمين بالاعتداء على المال العام للتصالح في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية، مما يفتح الباب للفساد ويفقد الردع القانوني.
  4. التوسع في صلاحيات مأموري الضبط القضائي: المشروع يمنح مأموري الضبط القضائي صلاحيات واسعة، بما في ذلك التحقيق في القضايا، مما يتجاوز اختصاصات النيابة العامة والقضاء.
  5. توسيع صلاحيات السلطات الأمنية: لا يقتصر التفويض الواسع على كبار المسؤولين فقط، بل يمتد ليشمل جميع مأموري الضبط القضائي، بما في ذلك غير المتخصصين في الأمور القانونية.
  6. تقييد حق المتهم في الدفاع: المشروع يسمح بمنع المتهم ودفاعه من الاطلاع على الأوراق والملفات، ويمنعهم من مناقشة بعض الشهود في قضايا قد تكون سببًا في الحكم على المتهم.
  7. التوسع في سلطات النيابة العامة: يعزز المشروع من سلطات النيابة العامة في التحقيق، بما في ذلك رفع الدعوى الجنائية في جميع المخالفات والجنح دون حاجة للتحقيق، مما يعارض مبادئ العدالة.
  8. تقليص سلطات القضاة: يوسع المشروع من سلطات النيابة العامة على حساب القضاة، مما يهدد الاستقلالية القضائية ويزيد من تدخل السلطات التنفيذية في الإجراءات الجنائية.
  9. سلطات المراقبة الواسعة: يمنح المشروع النيابة العامة صلاحيات واسعة لمراقبة الاتصالات وتسجيل المحادثات الخاصة، مما يشكل تهديداً للخصوصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين.
  10. عدم تقنين المراقبة الإلكترونية: يسمح المشروع بالتحفظ على الأموال ومنع السفر قبل صدور حكم بالإدانة، مما يتعارض مع مبدأ البراءة حتى تثبت الإدانة.
  11. منع التواصل بين المحبوسين وأسرهم: يتيح المشروع للنيابة العامة منع المحبوسين احتياطيًا من التواصل مع غيرهم من المحبوسين وأسرهم، ما ينتهك حقوق الإنسان.
  12. إجراءات تحكم على المتهمين بشكل مسبق: لا يتضمن المشروع أي ضمانات كافية لحماية حقوق المتهمين قبل صدور حكم بالإدانة، بما في ذلك منعهم من السفر والتحفظ على أموالهم دون تحديد حد زمني.
  13. استغلال العمل السجني: المشروع يسمح بتشغيل المحبوسين دون احترام الحد الأدنى للأجور، مما يمثل استغلالاً لهم.
  14. حجب الشهادات عن المتهمين: يسمح المشروع بعدم سماع المتهم ودفاعه لشهود الإثبات، وهو ما يمثل تراجعًا خطيرًا في ضمانات المحاكمة العادلة.
  15. إلغاء حق التعويض للمحبوسين احتياطيًا: تضع بنود المشروع قيودًا صارمة على إمكانية تعويض المحبوسين احتياطيًا، مما يؤدي إلى إفراغ الحق من مضمونه.
  16. المحاكمة عن بُعد: لا يعالج المشروع بشكل كافٍ المشاكل التي قد تنشأ من المحاكمة عن بُعد، والتي تؤثر سلباً على حقوق المتهمين في التواصل مع محاميهم وحقهم في محاكمة عادلة.

وبناءً على ذلك، يوصي المركز بـ:

– طرح المشروع للحوار المجتمعي مع كافة المعنيين لضمان توافقه مع احتياجات المجتمع واحترام حقوق الأفراد.

– تعديل بنود الحبس الاحتياطي وتقنين استخدامه كإجراء استثنائي.

– تعزيز حقوق الدفاع واستدعاء الشهود، وضمان التفاعل المباشر بين المتهم ودفاعه مع هيئة المحكمة.

– إلغاء النصوص التي تمنح حصانات للمسؤولين عن الانتهاكات.

– ضمان التعويض المالي والمعنوي للمتضررين من الاحتجاز التعسفي.

ومن هذا المنطلق، يدعو المركز المصري لحقوق الإنسان كافة القوى الحية في المجتمع المصري إلى رفض مشروع القانون بصيغته الحالية، والعمل على صياغة قانون يعزز العدالة ويحترم حقوق الأفراد، ويؤكد على ضرورة فتح باب الحوار المجتمعي قبل إقرار أي تعديلات تهدد الحريات الأساسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى