بيان صحفي بشأن إطلاق “موازنة المواطن” لعام 2016 -2017
أطلقت وزارة المالية المصرية موازنة المواطن لعام 2016 في ورشة عمل يوم 29 سبتمبر بمشاركة ممثلي البنك الدولي والشراكة الدولية للموازنات، في إطار جهود الوزارة لتحسين مستوى الشفافية والمشاركة، حيث تهدف الموازنة مساعدة المواطن غير المتخصص على فهم الموازنة من خلال تخليصها من المصطلحات التقنية.
وبينما يعتبر نشر موازنة المواطن للسنة الثالثة على التوالي خطوة محمودة من جانب الوزارة، إلا أن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينوه إلى أن الموازنة خلت من العديد من الجوانب المطلوبة لتوضيح سياسات الدولة المالية أمام المواطن، كما أن وزارة المالية تأخرت في توقيت نشرها وافتقدت الموازنة لجودة وشمولية المعلومات المتاحة.
والجدير بالذكر أن وزارة المالية لم تقم بنشر البيان المالي لموازنة العام 2016-2017 في الوقت المناسب للعام الثاني على التوالي، حيث صدر متأخراً أكثر من 50 يوماً عن الموعد المحدد قانوناً، وتم اعتماد الموازنة بلا مناقشة مجتمعية، بل وتم التحايل على نسب الإنفاق الاجتماعي المحددة دستوريا عند اعتمادها من مجلس الشعب.
لذا فقد جاء إصدار موازنة المواطن كإجراء لاحق لاعتماد الموازنة ليضع المواطن أمام الأمر الواقع، فمن المفترض أن تساهم موازنة المواطن في تبسيط الموازنة على رجل الشارع حتى يدلي برأيه فيها خلال مرحلة النقاش المجتمع المجتمعي والبرلماني حول هذه الوثيقة، ولكن عمليا صدرت الموازنة المبسطة بعد اعتماد الموازنة الأصلية بثلاثة أشهر، وقد تأخر صدور موازنة المواطن في العام المالي الماضي أيضا وكنا قد انتقدنا ذلك في بيان سابق.
ويأتي موعد صدور موازنة المواطن لعام 2016-2017 قبل ثلاثة أيام فقط من نهاية فترة السماح للنشر التي تطلبها مؤسسة الشراكة الدولية للموازنات -تماما كالعام الماضي-، وهو ما يدعونا للتساؤل حول الهدف الرئيسي للحكومة من اصدار موازنة المواطن ان كان ينبع من رغبة حقيقية في خلق حوار مجتمعي حول الموازنة قبل اعتمادها، أم هو فقط محاولة لرفع تقييم الحكومة في تقرير الشفافية والمشاركة الذي يصدر عن مؤسسة الشراكة الدولية للموازنات بدون تحمل تبعات الحوار المجتمعي؟
الوثيقة رغم ذلك وفرت شرح مبسط ووافٍ لزيادة الإيرادات العامة والتوقعات متوسطة المدى بشأنها وتأثير سياسات الحكومة عليها، ولكنها أهملت في نفس الوقت شرح بعض من أهم الملفات مثل “ملف الديون”، حيث لم تفرد مساحة كافية لشرح الزيادة في معدلات الاستدانة ومعدلات الفائدة والإطار الزمني للتسديد، وخصوصا وأن بند خدمة الدين يعد من أكبر البنود في قسم المصروفات العامة.
ومن الملاحظ أيضاً تجاهل الوثيقة تماماً لحزمة القروض المزمعة وفي مقدمتها قرض البنك الدولي المقدر بثلاثة مليار دولار، قرض صندوق النقد الدولي المقدر باثني عشر مليار دولار كجزء من حزمة إقتراضية تفوق الواحد والعشرين مليار دولار في الفترة القادمة وعدم مناقشة الآثار الإجتماعية المتوقعة من وراءها.
و الأهم من ذلك هو إدراج تطبيق ضريبة القيمة المضافة كإحدى خطوات الإصلاح الضريبي وكخطوة “لتعزيز عدالة النظام الضريبي” وهي مغالطة متعمدة تعتمد إما على جهل أو تجهيل المواطن، حيث أن الضرائب الغير مباشرة تعد ضرائب غير عادلة، وتقر موازنة المواطن بأنها عامل أساسي لتوفير الإيرادات الحكومية المستهدفة في العام المالي الجاري، كما تعمد المنشور تجاهل الأثار السلبية المتوقعة لهذه الضريبة تماماً.
وبينما كان ينبغى أن تقدم الوثيقة شرحا وافيا وإن لم يكن تقنيا للمشروعات القومية الكبرى، لم تتطرق الوثيقة إلى التكاليف، والعوائد المتوقعة، فرص العمل، أو الإطار الزمني لتنفيذ تلك المشروعات مكتفية بإدراج أسماء جذابة بلا مادة حقيقية تشرح ماهيتها، في لمحة إعلانية لا تلبي حاجة المواطن في أن يكون ملما بأهمية أو جدية هذه المشروعات وهو ذات الأمر الذي نبهنا إليه في بياننا عن موازنة المواطن للعام السابق.
ولهذه الأسباب مجتمعة يرى المركز المصري أن موازنة المواطن في شكلها الحالي ليست إلا محاولة دعائية لإظهار الحكومة في ضوء المهتم بالمشاركة المجتمعية دون أن تبذل أية جهود في هذا الإتجاه. وفي هذا الإطار يعيد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مناداة وزارة المالية بتعزيز البيانات الموضحة في الوثيقة، وأن تقوم بنشر موازنة المواطن مرتين، المرة الأولى: تكون بهدف تبسيط البيان المالي لتشجيع وتفعيل المشاركة الشعبية في عملية صياغة الموازنة، ومرة أخرى مع الموازنة المعتمدة لشرح ما آلت إليه الموازنة وسياسات الحكومة بعد المشاركة المجتمعية بهدف توضيح أثر المشاركة الشعبية وتشجيعها.