المركز المصري يطعن على إقالة رئيس المركزي للمحاسبات، ويحذر من استمرار الغرق في مستنقع الفساد
المركز المصري يطعن على قرار إقالة هشام جنينة محذرا من الغرق في مستنقع الفساد
التصالح مع الفساد من عوامل تدمير الاقتصاد وليس تشجيع الاستثمار
تقدم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اليوم بطعن لمحكمة القضاء الإداري على القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعفاء المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من منصبه اعتبارا من 28 مارس 2016.
واعتبر المركز القرار التفافا على القانون ومحاولة للنيل من استقلال الجهاز، والسيطرة عليه وعلى ما يصدره من “تقارير الرقابة على أموال الدولة، والأشخاص الاعتبارية العامة، والجهات الأخرى التي يحددها القانون، ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة، ومراجعة حساباتها الختامية” كما نص دستور 2014 والذي خالفه قرار رئيس الجمهورية بالقانون 89 لسنة 2015 حيث أعطاه الحق في عزل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما حدث بالفعل بقرار الإعفاء.
كانت تصريحات قد نسبت إلى جنينة مؤخرا أنه خلال الفترة التي قضاها فى منصبه والتي تزيد عن ثلاث سنوات، اكتشف وقائع فساد تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه مما استدعى الى تشكيل لجنة تقصي حقائق بتكليف من رئيس الجمهورية كشفت بعد 14 يوما أن التصريحات المنسوبة لجنينة اتسمت بـ”التضليل والتضخيم وفقدان المصداقية والإغفال المتعمد وإساءة توظيف الأرقام والسياسات وإساءة استخدام كلمة الفساد”.
تاريخ من محاباة الفساد
وبصرف النظر عن الدراسة التي قدمها جنينة ورد اللجنة عليه، فقد شاهدنا مجموعة من الإجراءات للتصالح مع رجال الأعمال على العقود الإدارية، أيضا مع كبار الموظفين والمستثمرين لرد الأموال التي حصلوا عليها دون وجه حق بعد صدور القرار بقانون رقم 16 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، والذي أجاز التصالح في جرائم المال العام والاختلاس، وكانت نتيجته التصالح في قضايا الاختلاس ضد أكثر من تسعين من أصل مائة وثلاثة مسؤولين في وزارة الداخلية متهمين بالفساد، فأصبحت منظومة العدالة لا تؤدي أحد أغراضها الأساسية، ألا وهو الردع.
كما سبق هذا القانون قانون اخر هو 32 لسنة 2014 الذي منع اي طعون على عقود الدولة من غير الدولة او المستثمر، مانعة أي طرف ثالث قد يرى في تلك التعاقدات شبهات فساد وإهدار موارد، خاصة ان القانون قنن للتعاقدات ذات الأمر المباشر.
كل هذه الملامح وغيرها أسفر عنها إعلان الشفافية الدولية لـ”مؤشر مدركات الفساد” المختص بترتيب الدول حول العالم حسب مدى انتشار الفساد بين الموظفين وكبار متخذي القرار، ليعلن تراجع مجموع نقاط مصر في عام 2015 من 37 إلى 36 نقطة من أصل 100 درجة (الأعلى أكثر شفافية)، ولكن نتيجة تفشي الفساد في دول مثل المغرب وبيرو وأرمينيا والجابون، وتراجع ترتيب تلك الدول، فقد تغير مركز مصر من 94 إلى 88 والذي بالطبع لا يعبر عن انتصار جهود محاربة الفساد في مصر بقدر ما يعبر عن انتصار الفساد نفسه في تلك الدول.
ضمن كل هذه السياقات من عودة أبرز رموز الفساد للحياة السياسية والعامة في مقابل تعويضات مالية، و تراجع وضع مصر في مؤشر مدركات الفساد، ثم عزل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بعد كشفه إهدار مبالغ ضخمة من أموال الشعب، تتضح الصورة بجلاء وهي لا جدوى من وجود دستور وقوانين وسياسات لمحاربة الفساد ما دام يمكن التصالح مع الفاسدين وإقالة من يكشف فسادهم، هل هذه هي الرسالة التي يحاول القائمون على الحكم إيصالها للشعب؟.
المركز المصري يعلن في هذا الطعن عن انحيازه التام لدولة القانون العادل والمنصف للحقوق وضرورة استقلالية الأجهزة الرقابية حفاظا على أموال الشعب، ويطالب بأن تكون كل التقارير التي تخص مصالح الشعب وأمواله وميزانية دولته متاحة ومعلنة بأكبر قدر من الشفافية والمصارحة، كما يؤكد على ضرورة محاسبة الفاسدين المتلاعبين بمقدرات ومستقبل الشعب وردعهم بتطبيق القوانين بشكل متساو دون وساطة أو محسوبية بوصفهما عناصر تغذي الفساد.
طعن المركز المصري على قرار إقالة المستشار هشام جنينة
طعن المركز المصري على قرار إقالة المستشار هشام جنينة