في يوم السبت الموافق 3 ديسمبر 2016 سوف تصدر المحكمة الدستورية العليا حكمها حول مدى دستورية المواد (7، 8، 10، 19) من القرار بقانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في التظاهر، وإذا كانت المادة السابعة تحدد صور التجريم المحظورة وقد تضمنت عبارات فضفاضة ومطاطة مما يخالف القواعد الدستورية في صياغة المواد العقابية، كما أن المادة التاسعة عشر تحدد العقوبات وقد تضمنت مغالاة في العقاب، فضلا عن العدوان على حق القاضي في تفريد العقوبة، وذهب تقرير المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا إلى “لا يجوز للدولة -في مجال مباشرتها لسلطة فرض العقوبة صونا لنظامها الاجتماعي- أن تنال من الحد الأدنى لتلك الحقوق التي لا يطمئن المتهم في غيابها إلى محاكمة تتم إنصافا، غايتها إدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة وفقا لمتطلباتها التي بينتها المادة (67) من دستور سنة 1971 المقابلة لنص المادة (96) من الدستور الحالي”، وانتهى التقرير إلى التوصية بـ”الأمر الذي يصم نصي المادتين السابعة والتاسعة عشرة المطعون فيهما، فيما تضمناه من تجريم أفعال الإخلال بالأمن، وتعطيل مصالح المواطنين، وتعطيل حركة المرور، بالغموض والتجهيل والالتباس على أواسط الناس بصورة ينحسم بها كل جدل حول حقيقتها، وبما يفقدها الوضوح واليقين اللذين يتعين أن تنضبط بهما النصوص العقابية، وبما تتردى معه النصوص المطعون فيها، في النطاق المحدد سلفا، في حومة المخالفة الدستورية لأحكام المواد (54، 94 ،95، 96) من الدستور، ما يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها (1)، (2).
ومن الجدير بالذكر أن الحكم بعدم دستورية المادتين 7 و19 من قانون التظاهر حال صدوره سوف يستفيد منه كافة الذين صدرت أحكام بحبسهم استنادا لهاتين المادتين.
أما المادتين 8 و10 فهما جوهر القانون كما وصفهما تقرير مفوض المحكمة الدستورية، فالمادة الثامنة تحدد قواعد الإخطار بالتظاهرة وطريقة تقديمه للداخلية، والمادة العاشرة تتيح للداخلية قبل التظاهرة بـ24 ساعة إلغاء التظاهرة أو تأجيل موعدها أو تغيير مكانها، أو تغيير مسارها، وعلى طالب التظاهر اللجوء للمحكمة للطعن على هذا القرار، وقد رأينا مخالفة المادتين للدستور ودفعنا بعدم دستوريتهما أمام مجلس الدولة الذى صرح باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، وقد ذهب تقرير المفوض بالمحكمة الدستورية العليا إلى دستورية المادتين واتفاقهما مع المعايير الدولية، فقدم فريق الدفاع مرافعته لتبيان مخالفة المادتين للمعايير الدولية، وفي هذا الإطار ينشر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية البحث الذى أعده وحرره المحامي الحقوقي/ إسلام خليفة، في شأن الحق في التجمع السلمى وفق المعايير الدولية ومدى اتفاق المادتين 8 و10 مع تلك المعايير من عدمه، وهو البحث الذى اعتمد عليه فريق الدفاع بشكل رئيسي في مرافعته أمام المحكمة الدستورية العليا ردا على تقرير مفوضي المحكمة.
ويعرض الفصل الأول للبحث تطور النصوص الدستورية التي تناولت حق التجمع السلمي، ثم يجيب الفصل الثاني على التساؤل المتعلق بكون التجمع السلمي حق أم حرية، والآثار القانونية المترتبة على كل من الوصفين، ويتناول الفصل الثالث القيم المتعلقة بحق التجمع السلمي، وخصائصه والفرق بينه وبين حرية الرأي والتعبير، ثم ينتقل في الفصل الرابع لعرض نطاق حق التجمع السلمي والقيود التي يمكن أن ترد عليه وضوابطها، وبالفصل الختامي (الخامس) يبين ضوابط مبدأ التناسب الدستوري، ويطبق تلك الضوابط على المادتين الثامنة والعاشرة من قانون التظاهر. آملين أن يكون هذا البحث إضافة للمكتبة الحقوقية والدستورية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قد يرى البعض أنه وقد انتهى أنصار هذا الرأي إلى عدم دستورية المواد المطعون فيها في هذا النطاق، بما مؤداه زوال وصف التجريم عن الأفعال المحظورة بموجب المادة السابعة، فإن ذلك يرتب سقوط المادة التاسعة عشرة في مجال انطباقها على مرتكب الأفعال المحظورة التي خلصنا إلى عدم دستوريتها. إلا أن أمر الحكم بالسقوط تقدره المحكمة الدستورية العليا الموقرة حال تقديرها عدم دستورية النصوص المطعون فيها في النطاق المحدد. الأمر الذي نرى معه الدلوف إلى بحث دستورية العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة عشرة المطعون فيها.
(2) وقد يرى البعض أن الغموض والتجهيل قد شاب نص المادة السابعة في خصوص فعل الإخلال بالأمن دون غيره، إذ جاء هذا الفعل مستغرقا أفعالا لا حصر لها تشمل كافة الجرائم المعاقب عليها وكذلك كافة المحظورات أيا كانت، وأنه كذلك أحال السلطة القضائية إلى مشرع يحدد ماهية الأفعال المعاقب عليها والتي تندرج تحت هذا المفهوم (الإخلال بالأمن). وأما أفعال تعطيل مصالح المواطنين أو تعطيل حركة المرور، فإنها محددة وعلى قدر من الوضوح يحمل اتفاقها مع ضوابط المحكمة الدستورية العليا في شأن التجريم والعقاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ