القضاء الإداري يرفض نظر الشق العاجل في دعوى المركز المصري للمطالبة بوقف أعمال الهدم بمنطقة جبانات القاهرة التاريخية

قررت الدائرة الرابعة في محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة رفض نظر الشق العاجل في الدعوى رقم 54318 لسنة 77 ق، ضد رئيس مجلس الوزراء، ووزيري الآثار والإسكان، ورئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، ومحافظ القاهرة، ورئيس صندوق التنمية الحضرية، ورئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بصفاتهم، للمطالبة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن توفير الحماية اللازمة للمقابر والمباني الأثرية وذات التراث المعماري المتميز بمنطقة جبانات القاهرة التاريخية وتحديد حرم لهذه الآثار، بما ترتب على ذلك من آثار أخصها وقف أعمال الإزالة والهدم لجميع هذه المقابر والمباني.
وأقام محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الدعوى بصفتهم وكلاء عن د. جليلة القاضي، ود. مونيكا حنا، والمهندس طارق المري، والسيدة سالي سليمان، ود. داليا حسين، وهم مجموعة من أساتذة واستشاريي الحفاظ على التراث العمراني، والمهتمين بمجالي الآثار والتراث المصريين، على خلفية عمليات الإزالة التي تجري على قدم وساق بمنطقة جبانات القاهرة التاريخية في حي الخليفة بمنطقة جنوب القاهرة- والمعروفة بمقابر الإمام الشافعي ومقابر السيدة نفيسة، التي يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي، والتي تقع حاليا شمال وجنوب وشرق طريق صلاح سالم.
وفي أواخر القرن التاسع عشر تم تخصيص هذه المقابر لدفن لكبار موظفي وأعيان الدولة، وبنيت على الطرز المبني عليه المقابر التي تسبقها، تلك المنطقة المخصصة منذ مئات السنين ليواري فيها الموتى الثرى، لا سيما الراحلين من رجالات ورموز الفكر والثقافة والسياسة والدين والفن وأفراد العائلة المالكة، وتضم بين جنبات مقابرها رفات مجموعة كبيرة من عظماء النضال الوطني والفكر والتاريخ المصريين.
وإذ كان يأمل المركز المصري أن تنظر الدعوى نظرا لأهميتها بشكل مستعجل ليصدر فيها حكما عاجل بوقف أعمال الإزالة، إلا أن محاميي المركز أخطروا اليوم شفاهة برفض المحكمة نظر الدعوى بشقها العاجل وإحالتها لهيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بشأنها.
ومؤخرا انتشرت الأخبار والصور والاستغاثات والمناشدات بشأن الاعتداء على المنطقة وإزالة عدد من مبانيها الأثرية عشوائيا، في الوقت الذي يتم تنفيذ أعمال إنشائية بها لا تناسب بأي من الأحوال طبيعتها ومبانيها، وتعرضها لأخطار داهمة، ليس أقلها محو جزء من تاريخ مصر ومبانيها التراثية وإهانة رفات عدد لا يستهان به من عظمائها في شتى المجالات، حيث أزيلت مقابر عدة منها مقبرة عبدالحميد باشا صادق (رئيس البرلمان المصري من 1902 حتى 1909 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني) ومقبرة عبدالله أفندي زهدي (من أشهر الخطاطين في تاريخ مصر وهو كاتب المخطوطات على المسجد النبوي وسبيل أم عباس ومسجد الرفاعي، وغيرها)، ومدفن حسن أفندي الليثي (رسام كسوة الكعبة المعظمة)، ومدفن عشق بريان معتوقة الخديوي إسماعيل، فضلا عما يتم تداوله من أنباء بشأن إزالة قبر الإمام ورش، صاحب ثاني أكثر قراءات القرآن شيوعا في العالم الإسلامي.
وتحوي المنطقة عددا كبيرا من المقابر ذات الطراز المعماري المتميز منها مدافن أمير الشعراء أحمد بك شوقي، مدفن السيدة أم كلثوم، حوش الملكة فريدة، مدفن محمود سامي البارودي، سبيل ومقام الإمام جلال الدين السيوطي، مدفن الأمير فؤاد وأسمهان وفريد الأطرش، قبة وجامع محمود باشا الفلكي، مسجد فاطمة الزهراء، وغيرها من مقابر الشخصيات التاريخية والرموز المصرية والمساجد والقباب والأسبلة.
ومنذ فترة ليست بالقليلة بدأت أعمال هدم وإزالة مساحات من حرم منطقة مقابر القاهرة التاريخية لتنفيذ مخططات إنشاء وتوسعة عدد من الطرق والمحاور، ما تسبب في هدم أو تهدم أو الإضرار بعدد من المباني ذات الطراز المعماري المتميز في غيبة أية بيانات أو إيضاحات حكومية بخصوص حدود المخطط وتفاصيله، وفي غيبة أي تأمين أو إشراف فعلي من الجهات المختصة بالدولة لحماية المباني المذكورة أو الحرم المقرر قانونا لحمايتها مثل مفتشي وخبراء وزارة الآثار أو الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، عدا فرق وعمال الهدم والإزالة.
وفي عددها رقم 74 الصادر في 29 مارس 2023، نشرت صحيفة الوقائع المصرية قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 233 لسنة 2023، الذي نص في مادته الثانية علي: “إضافة 86 مدفنا بنطاق حي الخليفة والمقطم، تبدأ بمسلسل رقم (1) “أمير الشعراء أحمد بك شوقي” وتنتهي بمسلسل رقم (86) “حوش مناع”.
وفي التوقيت ذاته، تم إخطار حراس عدد من المقابر الواردة بالقرار المذكور بالتخطيط لإزالتها ومنها حوش محمد راتب باشا السردار، حوش عائلة العظم السورية، الفريق إسماعيل سليم باشا، رشوان باشا عبدالله، البرنس يوسف كمال، نشأت دل قادن زوجة الخديوي إسماعيل، علي باشا فهمي، محمود سامي البارودي، أحمد شفيق باشا، إبراهيم الهلباوي، محمد محمود باشا وهي المدافن المسجلة بموجب القرار المذكور، بل وتم وضع علامات تفيد بذلك على الجدران الخارجية لبعض هذه المدافن.