الدستورية العليا تنظر فى مدى دستورية المواد (12، 14، 20) من قانون الطوارىء والمتعلقة بحجية أحكام القضاء
فى اليوم العالمى لحقوق الانسان نظرت هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا اليوم الأحد الموافق 10 ديسمبر 2017 أولى جلسات الطعن 103 لسنة 39 قضائية دستورية بشأن عدم دستورية بعض نصوص قانون الطوارىء
حيث دفع المحاميان محمد شبانة وخالد على المستشار القانونى للمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعدم دستورية نصوص المواد 12 و 14 و 20 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ “قانون الطوارىء” أثناء نظر الطعن 21713 لسنة 70 ق ع أمام الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا والتى قدرت جدية الدفع وأحالت القضية للمحكمة الدستورية العليا منذ 24 يناير 2017 .
وقد قررت هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا بعد الاستماع لمرافعتهما اليوم حجز الدعوى للتقرير
وتعود وقائع هذه القضية إلى اتهام محمد فهيم حسين بإرتكاب إحدى الجرائم الارهابية والتى عرفت إعلامياً بـ(خلية الزيتون) وذلك قبل عام 2010، وقد خضع المتهم لتعذيب من أجل إكراه على الاعتراف بأفعال لم يرتكبها، وتم إحالة المتهم لمحاكمة جنائية فى ظل حالة الطوارىء التى كانت مفروضة على البلاد آن ذاك، واستمرت القضية تنظر أمام محكمة أمن دولة عليا طوارىء وقبل حجز القضية للحكم تم إنهاء حالة الطوارىء المفروضة على البلاد، وبعد ذلك تم حجزها للحكم فقررت المحكمة براءة المتهم من كل ما نسب إليه وقضت بإدانة متهمين آخرين.
إلا أن المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى بتاريخ 21/9/2014 أصدر قرار إلغاء الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة في القضية رقم 308 لسنة 2010 جنايات الزيتون المقيدة برقم 2 لسنة 2010 كلي غرب القاهرة القاضى ببراءة المتهم، إعادة محاكمته أمام دائرة أخرى، رغم عدم وجود حالة طوارىء فى هذا التوقيت وأنه لا يملك تلك الرخصة إلا حال فرضها.
ورغم ذلك تم اعادة محاكمة المتهم غيابياً أمام محكمة جنايات القاهرة واعتبرت نفسها محكمة أمن دولةعليا طوارىء وأصدرت حكماً غيابياً باعدامه، مما دفعنا لرفع طعن أمام القضاء الإدارى لإلغاء قرار رئيس الوزراء بعدم العتداد بحكم البراءة وإعادة المحاكمة، إلا أن محكمة القضاء الإدارى قضت بعدم اختصاصها، فقمنا بالطعن على حكمها أمام المحكمة الإدارية العليا والتى قضت لصالحنا بإحالة هذه النصوص للمحكمة الدستورية.
وقد أكدت المحكمة فى حيثيات إحالة تلك النصوص للمحكمة الدستورية أن الدستور قد نظم إعلان حالة الطوارئ، وحدد الإجراءات والضوابط اللازمة لذلك، والحد الأقصى لمدة إعلانها ومدها، على الوجه المنصوص عليه في المادة (154)، ونظم المشرع في القرار بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ أسباب إعلان حالة الطوارئ والشروط المطلوبة في قرار إعلانها، وسلطات جهة الإدارة المستمدة من قانون الطوارئ والتي لها أن تمارسها أثناء مدة إعلان حالة الطوارئ ، والمحاكم المختصة بالفصل في القضايا المتعلقة بالجرائم التي تقع بالمخالفة للأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه وفقاً لقانون الطوارئ .
وتنص المادة (12) من القرار بالقانون المشار إليه على أن “لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية”.
كما ينص في المادة (14) على أن ” يجوز لرئيس الجمهورية عند عرض الحكم عليه أن يخفف العقوبة المحكوم بها أو أن يبدل بها عقوبة أقل منها، أو أن يلغي كل العقوبات أو بعضها اياً كان نوعها أصلية أو تكميلية أو تبعية، أو أن يوقف تنفيذ العقوبات كلها أو بعضها، كما يجوز له إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى، أو مع الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون القرار مسبباً.
فإذا صدر الحكم بعد إعادة المحاكمة قاضياً بالبراءة وجب التصديق عليه…”.
وينص في المادة (17) على أن ” لرئيس الجمهورية أن ينيب عنه من يقوم مقامه في اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون كلها أو بعضها في كل أداء في الجمهورية أو في منطقة أو مناطق معينة منها”.
وينص في المادة (19) على أن ” عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون محالة عليها، وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أيامها.
أما الجرائم التي لا يكون المتهمون فيها قدقدموا إلي المحاكم فتحال إلي المحاكم العادية المختصة، وتتبع في شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها”.
كما ينص في المادة (20) على أن ” يسري حكم الفقرة الأولى من المادة السابقة على القضايا التي يقرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها طبقاً لأحكام هذا القانون.
ويبقى لرئيس الجمهورية كافة السلطات المقررة له بموجب القانون المذكور بالنسبة للأحكام التي تكون قد صدر من محاكم أمن الدولة قبل إلغاء حالة الطوارئ ولم يتم التصديق عليها، والأحكام التي تصدر من هذه المحاكم طبقاً لما تقرره هذه المادة والمادة السابقة”.
فالحماية التى كفلها الدستور للقضاء وردت على ثلاثة مستويات، الأول: هو حماية استقلال السلطة القضائية، باستقلالها بشئون أعضائها كافة وبمنع تدخل جهة الإدارة في شئون جهات القضاء، وحماية استقلال القضاة وحظر عزلهم ، وحظر التدخل في شئون العدالة، وجعل ذلك جريمة من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، والمستوى الثاني يتعلق بحماية عمل القاضي بحظر تدخل أية سلطة في القضايا المنظورة أمامه وتجريم التدخل في القضايا، والمستوى الثالث يخص احترام نتيجة عمل القاضي بوجوب تنفيذ الأحكام التي تصدر، وتجريم تعطيل أو الامتناع عن تنفيذ الأحكام.
وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا في قضائها على أنه يتعين على السلطة التنفيذية بوجه خاص ألا تقوم من جانبها بفعل أو امتناع يجهض قراراً قضائياً قبل صدوره، أو يحول بعد نفاذه دون تنفيذه تنفيذاً كاملاً ، وليس لعمل تشريعي أن ينقض قراراً قضائياً، ولا أن يحور الآثار التي رتبها.
“حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/6/1996 في القضية رقم 34 لسنة 16 قضائية دستورية”.
ومن حيث أن نصوص المواد 12 و 14 و 20 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 1958 بشأن حالة الطوارئ تضمنت منح رئيس الجمهورية سلطة التصديق على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة ولم تعتبر تلك الأحكام نهائية إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية عليها، كما منحته سلطة إلغاء الأحكام الصادرة من المحاكم المشارإليها وسلطة الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، وأجازت له المادة (17) أن ينيب عنه من يقوم مقامه في الاختصاصات المنصوص عليها في القانون ومنها الاختصاص بالتصديق على الأحكام، وبإلغائها ، وبالأمر بإعادة المحاكمة.
كما أن رئيس الجمهورية طبقاً للدستور لا يملك أي سلطة تسمح له بالتعرض للأحكام الجنائية إلا في حدود ممارسة حق العفو المنصوص عليه في المادة (155) من الدستور التي تنص على أن ” لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة أو تخفيفها ، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب”.
ولم يمنح الدستور رئيس الجمهورية سلطة التصديق على أحكام القضاء أو إلغائها أو الأمر بإعادة المحاكمة ، فحكم القضاء الجنائي نافذ بذاته وفقاً للقواعد التي يحددها القانون لنفاذه سواء من تاريخ صدوره ، أو بفوات مواعيد الطعن، أو باستثناء طريق الطعن المقرر قانوناً وتعليق نفاذ الحكم الجنائي على تصديق رئيس الجمهورية يمسخ الحكم عملاً إدارياً من مرتبة أدنى من فئة أخرى من أعمال الإدارة التي تنفذ بذاتها من غير حاجة إلي تصديق جهة إدارية أو مسئول إداري عليها، ويغير من طبيعة وقوة وقيمة حكم القضاء على وجه يشكل تدخلاً غير جائز دستورياً في عمل القضاء.
ذهبت المحكمة إلى أن ما تضمنته النصوص المشار إليها من منح رئيس الجمهورية الاختصاص بإلغاء الحكم الصادر من المحاكم المشار إليها لا يبقى معه للقضاء أي استقلال ، ويحيل القضاء جهة إدارية تابعة لرئيس الجمهورية الذي يتحكم في نتيجة عملها، ويتحول الحكم من عمل قضائي إلي عمل إداري من طبيعة أعمال الإدارة التي يجوز للرئيس أن يتدخل لسحبها، وجاء على خلاف القاعدة في شأن أحكام القضاء، وهي أنه لا يلغي حكم القاضي إلا قاضي مثله، ولا يلغي حكم محكمة إلا محكمة مختصة طبقاً لأحكام القانون، وبطريق طعن يحدده القانون، وقيام رئيس الجمهورية بإلغاء الحكم على الوجه المشار إليه بتجاوز مرحلة العدوان على حجية الحكم إلي مرحلة إعدام الحكم، كما أن الدستور حجب عن رئيس الجمهورية أي اختصاص يسمح له بطلب إعادة محاكمة شخص بعد صدور حكم ببراءته أو بإدانته، وإقحام المشرع لرئيس الجمهورية في هذا الاختصاص لا يستظل بظل أي نص من نصوص الدستور، ويشكل تدخلاً محظوراً في أعمال القضاء، وإخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات، وعدواناً على استقلال القضاء، وتكون نصوص القانون المشار إليها مشوبة بشبهة عدم الدستورية لمخالفتها المواد 5 و 94 و 100 و 184 و 188 من الدستور.
وإذا كان الدستور قد عصم القضاء من تدخل السلطة التنفيذية في شئونه أو في شئون العدالة والقضايا، ولم يمنح الدستور رئيس الجمهورية أي اختصاص يجيز له التأثير في القضايا، وليست له صفة قضائية تجعل منه تعقباً أو رقيباً على أحكام القضاء فإن سماع النصوص المشار إليها لرئيس الجمهورية بالتصديق على الحكم وبإلغائه وبالأمر بإعادة المحاكمة – في ظل نص في قانون الطوارئ لا يسمح للمتهم بالطعن على الحكم الصادر ضده من المحاكم المشار إليها في قانون الطوارئ – يجافي المبادئ الأساسية للعدالة التي تحكم عمل القضاء، ويهدر مبدأ المحاكمة العادلةالمقرر في المادة (96) من الدستور والتي تنص على أن ” المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة ، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ..” وقد وضعت المحكمة الدستورية العليا المحاكمة العادلة بأنها ” المحاكمة المنصفة ” لتكون غاية كل محاكمة جنائية هي إنصاف المتهم، وليس تحقيق عدل شكلي ، يكتفي فيه بوقوف المتهم أمام قاضي وتنتفي المحاكمة المنصفة والمحاكمة العادلة إذا كان يصير حكم القضاء – وهو حاصل أعمال جهة التحقيق والدفاع والقضاة – بيد سلطة غير سلطة القضاء ، ويبقى معلقاً غير نافذ حتى يصدق عليه رئيس الجمهورية، وله أن يلغيه وأن يأمر بإعادة المحاكمة، بحسب النتيجة التي يريدها ويقبلها دون معيار أو ضابط من القانون، وهو أمر ينطوي على تسخير القضاء لرئيس الجمهورية، وعلى إخلال بمبدأ المحاكمة العادلة، وتشوب نصوص المواد المشار إليها شبهة مخالفة المادة (96) من الدستور.
ومن حيث غن الدستور فرض في المادة (53) مبدأ المساواة بين المواطنين وإذا كانت ظروف إرتكاب الجريمة قد تؤثر على العقوبة التي يحددها المشرع وكان إعلان حالة الطوارئ يستدعي أحياناً التوسع في تجريم بعض السلوك، فإنه لا يجوز أن ينعكس أثرذلك على عدالة المحاكمة أو على احترام الحكم الصادر فيها، فمبدأ المساواة بين المواطنين يوجب أن لا يكون لوقت ارتكاب الجريمة أو ظروف ارتكابها تاثير على الحق في المحاكمة العادلة ، ولا يجوز أن ينتقص من حقوق متهم من غيره لأن ذلك يخل بالحماية القانونية المتكافئة التي يجب أن يتمتع بها جميع المواطنين متى تماثلت مراكزهم القانونية، ولم يمنح المشرع رئيس الجمهورية سلطة التصديق على الأحكام الصادرة في القضايا الجنائية العادية، أو سلطة إلغائها والأمر بإعادة محاكمة المتهم فيها ، ونصوص القانون المتضمنة منحه هذا الاختصاص بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم المنصوص عليها في قانون الطوارئ مشوبة بشبهة عدم الدستورية لإخلالها بمبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليه في المادة 53 من الدستور.
ولا يجوز الاستناد إلي أن النصوص القانونية التي منحت رئيس الجمهورية الاختصاصات المشار إليها وردت في قانون الطوارئ الذي ينظم أوضاعاً استثنائية تبرر مخالفة أحكام الدستور وتعطيل احكامه، فالدستور النافذ حالياً الصادر عام 2014 لم يتضمن نصاً يجيز تعطيل أي حكم من أحكامه أثناء إعلان حالة الطوارئ على غرار ما نص عليه الدستور الصادر عام 1923 في المادة (155) والدستور الصادر عام1930 في المادة (144) حيث أجازا تعطيل بعض أحكام الدستور وقتياً في زمن الحرب أو أثناء قيام الأحكام العرفية – وعدم تضمين الدستور الساري – الصادر بإرادة شعب مصر صاحب السيادة – نص مماثل لنص المادتين المشار إليهما – قصد منه فرض احترام الدستور على جميع سلطات الدولة وعدم التخلي عن تطبيق أحكامه وفي مقدمتها المبادئ الضامنة والحامية لحقوق وحريات المواطنين، ولاستقلال القضاء، والحظر على السلطتين التنفيذية أو التشريعية أن تعطل أي حكم من أحكام الدستور مهما كانت الذريعة، كما أن الدستور حين ألزم الدولة بمواجهة ومكافحة الإرهاب في المادة (237) قيد سلطتها في هذا الشأن بقيد ضمان الحقوق والحريات العامة، فالدستور لم يضح بحقوق وحريات المواطنين، وصانها وحماها في كل الظروف ورد عنها كل يد تمتد إليها بالانتقاص أو الحرمان أو العدوان في أي وقت ولو عند إعلان حالة الطوارئ.
كما أن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة، ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحقوق والحريات العامة ، ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، وتستوي قواعده على القمة من البناء القانوني للدولة ، وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها، وهذه القواعد والأصول هي التي يرد إليها الأمر في تحديد ما تتولاه السلطات العامة من وظائف أصلية، وما تباشره كل منها من أعمال أخرى استثناء من الأصل العام الذي يقضي بانحسار نشاطها في المجال الذي يتفق وطبيعة وظيفتها، وإذا كانت هذه الأعمال الاستثنائية قد أوردها الدستور على سبيل الحصرو التحديد، فلا يجوز لأي من تلك السلطات أن تتعداها إلي غيرها، أو تجور على الضوابط والقيود المحددة لها، فيشكل عملها حينئذ مخالفة دستورية تخضع – متى انصبت على قانون أو لائحة – للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور للمحكمة الدستورية العليا دون غيرا بغية الحفاظ على مبادئه وصون أحكامه من الخروج عليها، وقانون الطوارئ هو محض نظام استثنائي قصد به دعم السلطة التنفيذية وتزويدها بمكنات معينة تحد بها من الحقوق والحريات العامة، بهدف مواجهة ظروف طارئة تهدد السلامة العامة أو الأمن القومي للبلاد، وتبعاً لذلك لا يجوز التوسع في تطبيقه ويتعين التزام التفسير الضيق لأحكامه، ويجب على السلطة التي حددها قانون الطوارئ – وتتمثل في رئيس الجمهورية أو من ينيبه – أن تتقيد بالغاية المحددة من قانون الطوارئ ، وبما لا يخرج عن الوسائل التي تتفق مع أحكام الدستور، وإلا وقع ما اتخذته في حومة مخالفة الدستور، ونصوص الدستور لا تتعارض أو تتهادم أو تتنافر فيما بينها، ولكنها تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها، والقانون المنظم لحالة الطوارئ يتعين أن يتقيد بالضوابط المقررة للعمل التشريعي ، وأهمها عدم مخالفة نصوص الدستور الأخرى، إذ أن صدور قانون الطوارئ بناء على نص في الدستور لا يعني ترخيص هذا القانون في تجاوز باقي نصوص، ولا يجوز أن يتخذ قانون الطوارئ الذي رخص به الدستور ذريعه لإهدار أحكامه ومخالفتها، ويظل قانون الطوارئ على طبيعته كعمل تشريعي يتعين أن يلتزم بأحكام الدستور كافة، وفي مقدمتها صون حقوق وحريات المواطنين .
“حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/6/2013 في القضية رقم 17 لسنة 15 قضائية دستورية”.
وفي ضوء ما تقدم ، فإن نصوص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ – في الحدود التي تنطبق فيها على النزاع الماثل – قد شابها شبهة عدم الدستورية، فإن المحكمة عملاً بنص المادة (29/2) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – توقف نظر الطعن ، وتحيل الأوراق إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادة (12) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ فيما تضمنته من النص على أن ” لا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية ” ، والمادة (14) من القانون المشارإليه فيما تضمنته من تخويل رئيس الجمهورية إلغاء حكم المحكمة المنصوص عليها في القانون مع الأمر بإعادة المحاكمة، ونص المادة (20) من القانون المشار إليه والمتضمن سريان حكم الفقرة الأولى من المادة (19) على القضايا التي يقرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها، وأن تبقى لرئيس الجمهورية كافة السلطات المقررة له بموجب قانون الطوارئ بالنسبة للأحكام التي صدرت من محاكم أمن الدولة قبل إلغاء حالة الطوارئ ولم يتم التصديق عليها، والأحكام التي تصدر من محاكم أمن الدولة بعد انتهاء حالة الطوارئ ، وذلك لمخالفة المواد المشار إليها من القانون أحكام المواد 5 و 53 و 94 و 95 و 96 و 97 و 100 و 184 و 188 و 237 من الدستور.
ومن الجدير بالذكر أنه فى حالة إستجابة المحكمة الدستورية لهذا الطعن وقضائها بعدم دستورية تلك النصوص، فإن كل الأحكام التى ستصدر من محاكم أمن الدولة العليا طوارىء تطبيقاً لقانون الطوارىء رقم 162 لسنة 1958 سوف تصبح نافذة بذاتها ولا تعلق على تصديق الحاكم العسكرى عليها ، كما لا يجوز له طلب إعادة محاكمة المتهمين الصادر بشأنهم أحكام منها، وكذلك يجوز للمتهمين سلوك طريق النقض طعناً على هذه الاحكام.