أحكامأحكامالمكتبة القانونيةالنشاط القانونىحقوق اجتماعيةخصخصة و قضايا فسادسياسات اقتصاديةعمل ونقاباتمكتبة | أحكام

الحيثيات الكاملة لحكم بطلان خصخصة غزل شبين

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار

الدائرة السابعة

*********

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الأربعاء الموافق 21/9/2011

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حمدي ياسين عكاشة                       نائب رئيس مجلس الدولة

                                                                                              ورئيس المحكمة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / تامر عبد الله محمد علي               نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار /محمد محمد  السعيد محمد             نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / حسام محمد إكرام                              مفوض الدولة

وسكرتارية السيد/ أحمد محمد عبد النبي                                                 أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

في الدعوى رقم 34517 لسنة 65 القضائية

المقامة من:

1 ـ حمدي مجاهد عبد الغني

2 ـ إبراهيم عبد الرؤوف مصطفي عيسي (خصم متدخل)

3 ـ محمود محمد مصطفي موسي (خصم متدخل)

4 ـ حمدي الدسوقي محمد الفخراني (متدخل انضمامي للمدعي)

ضــــــــد:

1-   رئيس مجلس الوزراء                                                     بصفته

2-   وزير الاستثمار                                                             بصفته

3-   رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس   بصفته

4-   رئيس مجلس إدارة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج              بصفته

5-   نيرايندازا كومار مالباني

بصفته رئيس مجلس إدارة شركة اندوراما شبين تكستيل

6-   رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بصفته                       (خصم مدخل)

7-   مدير شعبة الغزل والنسيج والملابس بالإسكندرية بصفته     (خصم مدخل)

وفي الدعوي رقم 40848 لسنة 65 القضائية

المقامة من:

حسن سعد الصواف

عن نفسه وبصفته عضو مجلس إدارة ورئيس اتحاد العاملين

 المساهمين بشركة اندوراما شبين تاكستيل

ضــــــــد:

1-   رئيس مجلس الوزراء                                                      بصفته

2-   وزير الاستثمار                                                               بصفته

3-   رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس   بصفته

4-   رئيس مجلس إدارة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج                بصفته

5-   نيرايندازا كومار مالباني

بصفته رئيس مجلس إدارة شركة اندوراما شبين تاكستيل

وفي الدعوي الفرعية

المقامة من:

رئيس مجلس إدارة شركة اندوراما شبين تاكستيل    بصفته

ضــــــــد:

1-   رئيس مجلس الوزراء                                                  بصفته

2-   وزير الاستثمار                                                           بصفته

3-   وزير المالية                                                               بصفته

4-   رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس بصفته

5-   حمدي مجاهد عبد الغني

6-   إبراهيم عبد الرؤوف مصطفي عيسي    (خصم متدخل في الدعوى الأصلية)

7-   محمود محمد مصطفي موسي             (خصم متدخل في الدعوى الأصلية)

8-    حسن سعد الصواف عن نفسه  وبصفته عضو مجلس إدارة ورئيس اتحاد العاملين المساهمين بشركة اندوراما شبين تاكستيل

**********

الوقـــــــــائع:

*******

         أقام المدعى حمدي مجاهد عبد الغني  الدعوى الأولى ابتداءً بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنوفية  بتاريخ 26/9/2010 وقيدت بجدولها برقم 9271 لسنة 11 القضائية  طالباً في ختامها الحكم: بقبول الدعوي شكلاً ، وبصفه مستعجلة بإيقاف القرار الصادر من الجهة الإدارية ببيع كامل الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وحق إيجار الأرض لمدة خمس وعشرون عاماً للمدعي عليه الخامس وما يترتب علي ذلك من آثار ، وفي الموضوع بإلغاء القرار وما يترتب علي ذلك من آثار وأخصها بطلان عقد البيع لكامل الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وحق الإيجار للأرض لمدة خمس وعشرون عاماً وما يترتب علي ذلك من آثار.

 

       وقال المدعي شرحاً لدعواه أن شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بشبين الكوم كانت إحدى قلاع صناعة الغزل والنسيج بشبين مصر ومقرها مدينة شبين الكوم ومساحتها 157 فدان مائة وسبعة وخمسون فداناً بالجهة البحرية من المدينة وتتكون الشركة من عدد 6 وحدات إنتاجية و 17 مخزن إنتاج ومعدات وخامات وجاري استكمال الوحدة السابعة ويوجد عدد 3 مخازن بمدينة الإسكندرية لمكان الشحن كالاتي:-

مخزن  سلفاجو مينا البصل 60652 متر مربع ، ومخزن عوادم مينا البصل 831 متر مربع ، ومخزن  القباري 403.10 متر مربع  بإجمالي مساحة قدرها  2140.62 متر مربع ، ومجهزة بمعدات إطفاء مائي حديث – ثاني أوكسيد الكربون- بودرة كيماوية جافة بالإضافة إلي شبكة حنفيات وخراطيم إطفاء وباشبوري ، وأن الشركة تقوم بإنتاج خيوط الأقطان وخيوط المخلوط بالألياف الصناعية وخيوط الإكريليك ويتم بيع هذه المنتجات لجميع دول العالم ، وكانت الشركة تقوم بتشغيل عدد كبير من العاملين غالبيتهم من أبناء محافظة المنوفية مما سبب انتعاشاً اقتصاديا للمواطنين ، وفي غضون عام 2006 قامت الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس بإجراء القيود اللازمة في دفاترها وإقفال حسابات الشركة تنفيذا لقرار الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة في 1/10/2006 تمهيداً لبيع أصولها حيث قامت الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس بتحصيل ما للشركة من حقوق وتسوية ما عليها من التزامات لحين الانتهاء منها وتم الآتي:-

1-   الموافقة علي إعدام 99 ألف جنية لعدم التمكن من تحصيلها.

2-   العمل علي التصرف في مخزون قطع الغيار الموجود في الشركة بمعرفة الشركة القابضة.

3-  الموافقة علي تحمل الفوائد المستحقة لاتحاد المساهمين عن الفترة من 1/7/2006 حتى 14/2/2007 وكذا المكافأة المنصرفة للعاملين بمناسبة تنفيذ قرار البيع .

وقررت الجمعية العامة غير العادية الموافقة علي انقضاء شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج طبقا لأحكام المادة 39 من القانون 203 لسنة 1991 مع نقل مالها من حقوق وما عليها من التزامات للشركة القابضة طبقا لقرار الجمعية العامة غير العادية للشركة في 1/10/2006 والموافقة علي شطب شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج من السجل التجاري وإلغاء البطاقة الضريبية والتسجيل بالضرائب علي المبيعات وقيام الشركة القابضة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذ ذلك، حيث اجتمع مجلس إدارة شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بتاريخ 29/11/2006 وتم عرض تقرير النشاط المقدم من القطاع المالي عن انجازات الشركة في الفترة من يوليو / أكتوبر 2006 ، وبتاريخ 29/1/2007 تم دعوة الجمعية العمومية غير العادية للشركة بمقر الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بمقرها بالقاهرة للنظر في نقل كافة الأراضي المملوكة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج إلي الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس ، ثم وبتاريخ 21/12/2006 قامت رئاسة الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس وكذا رئاسة شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بتحرير عقد بيع كامل الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وحق الإيجار للأرض لمدة خمسة وعشرون عاما وذلك بمبلغ 174.051.398 جنيه ( فقط مائة وأربعة وسبعون مليون وواحد وخمسون ألف وثلاثمائة وثمانية وتسعون جنيهاً).

       وأضاف المدعي بياناً لدعواه ، أن قرار البيع قد خالف قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 بتأجير الأرض لمدة خمس وعشرون عاماً ، وأهدر حقوق العمال الذين تم تشريدهم وتصفيتهم وإحلال آخرين بدلاً منهم بعقود مؤقتة ، واختتم المدعي صحيفة دعوا بالطلبات آنفة الذكر.

وقد عين لنظر الشق العاجل من الدعوي أمام محكمة القضاء الإداري الدائرة بالمنوفية جلسة 28/12/2010 ، وتدوول نظرها بالجلسات علي النحو الثابت بمحاضرها وفيها قدم المدعي حافظتي مستندات طويتا علي ( صورة ضوئية من الطعنين رقم  30952- 31314  لسنة 56 ق عليا الخاص بقضية مدينتي ، صورة ضوئية عن بعض المعلومات الخاصة بالشركة ، صورة ضوئية من قرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج في شأن الموافقة علي انقضاء شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، صورة اجتماع مجلس الإدارة رقم 7 بتاريخ 16/12/2006 ، وجدول أعمال رقم 8 بتاريخ 21/1/2007 ، ودعوة لحضور الجمعية العامة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وصورة من عقد بيع الشركة المؤرخ 21/12/2006) ومذكرتي دفاع صمم فيهما علي طلباتة انفة البيان وطلب المدعي بمحضر الجلسة تدخل كل من محمود محمد مصطفي موسي و ابراهيم عبد الرؤوف مصطفي عيسي وقدم الحاضر عن جهة الإدارة مذكرة دفاع دفع فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، كما قدم الحاضر عن شركة اندوراما شبين تاكستيل أربعة حوافظ بالمستندات طويت علي المستندات المعلاة على غلاف كل منها ومن بينها ( صورة ضوئية من السجل التجاري رقم 19336 بشأن تأسيس شركة شبين الكوم للغزل والنسيج شركة مساهمة مصرية ، وصورة ضوئية من السجل التجاري رقم 8558 بشأن تأسيس الشركة المدعي عليها الرابعة ، وصورة ضوئية من القرار الصادر برقم 1969/1 من الشركة القابضة للقطن والنسيج والملابس بإخطار الشركة المدعي عليها الرابعة بما انتهي اليه قرار الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة بجلستها المنعقدة في 1/10/2006 بالموافقة علي العرض المقدم منها لشراء الأصول الثابتة لشركة مصر شبين الكوم للغزل بدون الأرض والمساكن والنادي الرياضي بمبلغ 174.051.398 جنيه بخلاف حق الانتفاع السنوي للأرض بواقع 5% من قيمتها حسب قواعد التقييم المعتمدة من مجلس الوزراء في يناير 2004 وبالشروط والأوضاع الواردة بالقرار وهي :-

1-     شركة اندوراما بنسبة 70% بقيمة قدرها 121.8 مليون جنيه.

2-     الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بنسبة 18% بقيمة قدرها 31.3 مليون جنيه.

3-     اتحاد العاملين المساهمين بالشركة بنسبة 12% بقيمة قدرها 20.9 مليون جنيه.

وصورة ضوئية من عقد البيع الصادر من الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس وشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج والذي بموجبه قاما بالبيع للشركة المدعي عليها الرابعة الأصول المبيعة محل القرار المؤرخ 8/10/2006 نفاذا لقرار الجمعية العمومية غير العادية المؤرخ 1/1/2006 ، وصورة ضوئية من كشف حضور اللجنة المشكلة بالقرار رقم 101 لسنة 2004 لإعداد مشروع كراسات الشروط والمعلومات الخاصة بعملية البيع لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وصورة تقرير استشاري مقدم من لجنة التقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية وزارة المالية بشأن معاينة وتقييم 14 عمارة سكنية بمدينة شبين الكوم التابعة لشركة شبين الكوم للغزل والنسيج محل التداعي وقامت بوضع السعر بمظروف مغلق ليكون تحت نظر اللجنة الرئيسية المشكلة للطرح للبيع بالمزايدة ، وصورة ضوئية من الصورة الرسمية لمحضر اجتماع الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس برئاسة وزير الاستثمار بصفته رئيس الجمعية العامة للشركة ، وصورة من حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوي 42978/60ق ، وعدد 3 نماذج من الإعلان المنشور من الشركة عن بيع الشركة بطريق المزايدة ، وصورة من كراسة الشروط العامة لبيع كامل المقومات المادية والمعنوية للشركة ، ودفعت شركة اندوراما شبين تاكستيل على وجه حافظة مستنداتها الأولى بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى لعدم تعلقها بقرار إداري ، وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، واحتياطياً برفض الدعوى ، وفي جميع الأحوال بإلزام المدعي بالمصاريف والأتعاب.

وبجلسة 10/5/2011 قررت محكمة القضاء الإداري بالمنوفية إحالة الدعوي إلي محكمة القضاء الإداري دائرة الاستثمار بالقاهرة للاختصاص.

         كما أقام المدعى حسن سعد الصواف عن نفسه وبصفته رئيس اتحاد العاملين المساهمين بشركة أندوراما شبين تاكستيل  الدعوى الثانية  (رقم 40848 لسنة 65 القضائية) بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنوفية  بتاريخ 14/3/2011 وقيدت بجدولها برقم 4152 لسنة 12 القضائية  طالباً في ختامها الحكم: أولاً ـ  وبصفة مستعجلة : بوقف تنفيذ عقدي البيع المؤرخين 21/12/2006، 15/2/2007 موضوع الدعوي وبفرض الحراسة القضائية علي شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج شركة تابعة مصرية وتعيين لجنة من المتخصصين بالشركة أو خارجها لإدارة الشركة وتشغيلها وتمكين اتحاد العاملين والعمال والموظفين من دخول مقار ومصانع الشركة للقيام بأعمالهم.

ثانيا ـ وفي الموضوع ببطلان عقدي البيع المذكورين وفسخهما وإلغاؤهما واعتبارهما كأن لم يكونا مع ما يترتب علي ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية دون إعلان ، وإلزام المدعى عليهم بالمصاريف والأتعاب.

         وقال المدعي عن نفسه وبصفته شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 21/12/2006 وعقد البيع الابتدائي المؤرخ 15/2/2007 باعت الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس شركة قابضة مساهمة مصرية وشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج شركة تابعة مساهمة مصرية إلي شركة أندوراما شبين تاكستيل شركة مساهمة مصرية كامل الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وحق إيجار لمدة 25 سنة للأرض الواقعة بمدينة شبين الكوم محافظة المنوفية والبالغ إجمالي مساحتها 431091 متر مربع وشمل البيع كافة الأصول المادية والمعنوية والمصنع والآلات وخطوط الإنتاج وكافة المباني والمنشآت والتوسعات والاستراحة ومحطة المياه ومحطة رفع المجاري دون الأرض وكافة المنقولات المملوكة للشركة بما في ذلك وسائل النقل والآلات وخطوط الإنتاج والمعدات والأثاث والمكاتب وتجهيزات المصنع والأدوات والعقارات بالتخصيص ، وكافة حقوق الشركة الخاصة بنظم المعلومات وكافة التراخيص والتصاريح والموافقات الصناعية والبيئية  وتراخيص استيراد الأقطان وقوائم العملاء والموردين وحقوق المعرفة والأسرار التجاري والسمعة التجارية والأسماء التجارية والعلامات التجارية ، والسجلات والدفاتر المالية والمحاسبية والمستندات الخاصة بالأصول المبيعة وملفات العاملين ، وتم هذا البيع نظير مبلغ إجمالي وقدره ( 174051398 جنيه) مائة وأربعة وسبعون مليون وواحد وخمسون ألف وثلاثمائة وثمانية وتسعون جنيه شاملاً الضرائب المستحقة عن نقل ملكية الأصول المبيعة أو مستندات الاستحواذ وتسديد الثمن على أقساط ، وتضمن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 15/2/2007 أن مباني المصنع تتكون من ست مصانع ، وأن مباني المخازن تتكون من اثنا عشر مخزناً ، ومنح المشتري أسعاراً مخفضة للمرافق والكهرباء والمياة والغاز الطبيعي وفقاً للقرار الجمهوري رقم 30 لسنة 2005 .

       وأضاف المدعي عن نفسه وبصفته أن عملية البيع قد شابها العديد من أوجه البطلان لمخالفتها للدستور والقانون لانعدام الثمن وإساءة استعمال السلطة والانحراف بها عن الصالح العام ، وإذ قام المشتري بإغلاق أبواب الشركة ومصانعها ومنع العاملين من دخولها ومباشرة أعمالهم تمهيداً لبيع آلات ومعدات ومحتويات مصانع الشركة كخردة وهدم منشئاتها ومصانعها لبيع الأراضي المقامة عليها ، الأمر الذي يتوفر معه الطلب وقف التنفيذ والطلبات العاجلة ركني الجدية والاستعجال ، واختتم المدعي صحيفة دعواه بالطلبات آنفة الذكر.

 وقد عين لنظر الشق العاجل من الدعوي أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية جلسة 7/6/2011 وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوي إلي هذه الدائرة بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص ، حيث وردت الدعوي إليها وقيدت بجدولها بالرقم المبين بصدر هذا الحكم ، وعين لها جلسة 3/7/2011 حيث قدم الحاضر عن المدعي حافظة مستندات طويت على بعض الصور الضوئية من أوراق لبيان القيمة الدفترية والاقتصادية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج .

وبجلسة 3/7/2011 طلب الحاضر عن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس التصريح له باستخراج صورة رسمية من المحضر رقم 4419 لسنة 2006 إداري شبين الكوم ، والعريضة رقم 2893 لسنة 2005 عرائض شبين الكوم والمقيدة برقم 5426 أموال عامة استئناف طنطا ، فقررت المحكمة بذات الجلسة 3/7/2011 التأجيل لجلسة 11/7/2011 ليقدم أطراف الدعوى ما لديهم من مستندات ومذكرات ، وصرحت باستخراج صورة رسمية من المحاضر المبينة بمحضر الجلسة ، إلا أن طالب التصريح باستخراج المحاضر المنوه عنها بمحضر الجلسة لم ينهض إلى استخراج صورة من محضر الجلسة لضم تلك المحاضر. وبجلسة 11/7/2011 قدم الحاضر عن المدعي حمدي مجاهد عبد الغني حافظة مستندات طويت علي صورة ضوئية من الإعلان عن بيع كامل المقومات المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وقدم الحاضر عن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس مذكرة بدفاع الشركة طلب في ختامها الحكم بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر النزاع ، وبعدم قبول الدعوى لوجود مشارطة تحكيم تقضي باختصاص مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بتسوية أي نزاع عن طريق التحكيم ، وباعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ موافقة رئيس المحكمة على تحديد جلسة لنظر الدعوى ، وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، واحتياطياً برفض الطعن ، وفي جميع الأحوال بإلزام المدعي بالمصروفات وأتعاب المحاماة ، وقدم كذلك ستة حوافظ بالمستندات المبينة على غلاف كل منها طويت علي صور ضوئية من التقارير السنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ابتداءً من 2001 وحتى 14/2/2007 ، وصورة ضوئية من عقد بيع شركة مصر شبين الكوم، وصورة ضوئية من النظام الأساسي لشركة مصر شبين الكوم ، وصورة ضوئية من الضوابط والحوافز التي وافقت عليها اللجنة الوزارية للخصخصة في كيفية بيع الشركات ، وصورة ضوئية من اعتماد تقرير لجنة التحقق من صحة وإجراءات تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وصورة ضوئية من محضر اجتماع الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بشأن عملية طرح شركة مصر شبين الكوم بجلسة 1/10/2006 ، وكتاب وزير المالية بالموافقة علي بيع مساهمات المال العام بشركة مصر شبين الكوم بناء علي موافقة المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية ، وصورة ضوئية عن الإعلان عن بيع المقومات المادية والأدبية لشركة مصر شبين الكوم ، وصورة ضوئية من كراسة الشروط ، وصورة ضوئية من العرض المقدم من شركة اندوراما ، وصورة ضوئية من محضر إثبات حالة بتسليم اللجنة مظروف لجنة التحقق من صحة إجراءات وقواعد التقييم لشركة مصر شبين الكوم ، وصورة ضوئية من محضر فض العروض ، ومذكرة دفاع مقدمة من شركة اندوراما شبين تاكستايل.

وبذات جلسة 11/7/2011 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 40848 لسنة 65 القضائية إلى هذه الدعوى (34517 لسنة 65 القضائية) للارتباط ، والتأجيل لمدة شهرين لجلسة 11/9/2011 ، وأحالت الدعويين إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الدعويين ، وصرحت لجميع الخصوم بالإطلاع وتقديم مستندات ومذكرات خلال أسبوعين ، وضم المستندات التي سبق للمحكمة التصريح  للشركة القابضة باستخراجها وعلى أن تحال الدعويين إلى هيئة مفوضي الدولة بعد ضمها خلال الميعاد ، كما صرحت للشركة المدعى عليها الخامسة بإقامة دعواها الفرعية وإعلانها خلال الميعاد مع تقديم المستندات والمذكرات لمن يشاء خلال الأسبوعين قبل الإحالة إلى هيئة مفوضي الدولة .

       وبتاريخ 19/7/2011 أقامت شركة اندوراما شبين تاكستيل ويمثلها رئيس مجلس الإدارة بصفته دعوي فرعية في مواجهة الدعويين المنضمتين رقمي 34517 و 40848 لسنة 65 القضائية طالباً  في ختامها الحكم: بقبول الدعوى الفرعية شكلاً وفي الموضوع بإلزام المعلن إليه الأول والثاني والثالث والرابع ضامنين متضامنين في مواجهة باقي المعلن إليهم بأن يدفعوا للشركة الطالبة ( المدعية فرعياً ):

1-  مبلغ قدره 133674961 دولار أمريكي ( مائة وثلاثة وثلاثون مليون وستمائة وأربعة وسبعون ألف وتسعمائة واحد وستون دولار أمريكي ) تعويضا مادياً مبدئيا عما أصابها من أضرار مادية مع حفظ الحق في تعديله وزيادته.

2-  مبلغ وقدره 52212820 دولار أمريكي ( اثنان وخمسون مليون ومائتان واثنا عشر ألف وثمانمائة وعشرون دولار ) قيمة ما فاتها من كسب وضياع الفرصة الفائتة وغيرها من التعويضات مع حفظ الحق في تعديله وزيادته .

3-  مبلغ 50000000 دولار أمريكي ( خمسون مليون دولار ) قيمة التعويض الأدبي مع حفظ الحق في تعديله وزيادته .

       وقال المدعي بصفته شرحا لدعواه الفرعية أن الدولة في شخص المعلن اليهم الأول والثاني والثالث قامت بطرح الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج سابقا ( المدعي عليها الرابعة ) في الدعوي الأصلية دون الأرض المقامة عليها والمساكن والنادي الرياضي ، وذلك للبيع بطريق المزايدة بنظام المظاريف المغلقة وتم الإعلان عن ذلك بالجرائد اليومية وهي الأخبار بتاريخ 29/6/2005 وبتاريخ 12/7/2005 والأهرام بتاريخ 18/9/2005 والأخبار بتاريخ 25/9/2005 وتحدد يوم 2/10/2005 موعداً لفض المظاريف بواسطة لجنة الفحص والبت المشكلة بموجب القرار رقم 99 لسنة 2004 برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة وممثل عن كل من وزارة المالية وأعضاء من ذوي الخبرة المالية والقانونية بالشركة القابضة والشركات التابعة وممثل من الهيئة العامة للاستثمار وذلك وفقا للقواعد والإجراءات المتبعة وبما يحقق المنافسة والعلانية والشفافية وتكافؤ الفرص لكل الراغبين في التقدم للمزايدة ، وان الشركة المدعية فرعياً تقدمت بأفضل العروض وقامت اللجنة بممارسة مقدمي العروض وهم (شركة أندوراما ، والسيد/ محمد جمال الدين سعيد البزار ، واتحاد العاملين المساهمين بالشركة والسيد / نبيل أحمد فسيخ) طالبة منهم رفع الأسعار وتحسين العروض ، إلا أن الممارسة توقفت بسبب البلاغ المقدم إلى نيابة الأموال العامة بتاريخ 24/12/2005 و 14/3/2006 والمقيدة بمحضر إداري رقم 4419 لسنة 2006 إداري شبين الكوم ، والعريضة المقيدة برقم 2893 لسنة 2005 عرائض شبين الكوم والمقيدة برقم 5426 أموال عامة استئناف طنطا ، طعناً على إجراءات عملية طرح شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، والتي انتهى فيها قرار المستشار النائب العام بحفظ البلاغ المقدم منتهياً إلى صحة كافة الإجراءات التي تمت واتفاقها وصحيح القانون والقرارات المنظمة للبيع وصار للقرار حجية مانعة من معاودة الإدعاء بتوافره ، وعقب ذلك تمت موافقة المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية بتاريخ14/8/2006 على عرض البيع على الجمعية العامة غير العادية للشركة ، حيث وافقت بالإجماع بتاريخ 1/10/2006 على العرض المقدم من الشركة المدعى عليها الخامسة لكونه أفضل العروض المقدمة ، وأوفت الشركة بجميع التزاماتها المالية وتم توقيع العقد بتاريخ 21/12/2006 ، إلا أن الشركة الطالبة فوجئت بعد مرور أكثر من خمس سنوات علي موافقة الجهات المعنية ورسو المزاد عليها وإتمام البيع ونقل الملكية وسداد كافة التزامات عقد البيع والإيجار واستقرار مركزها القانوني بدعوي مقامة عليها بطلب الحكم بقبول الدعوي شكلاً ، وبصفه مستعجلة إيقاف القرار الصادر من الجهة الإدارية ببيع كامل الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وحق إيجار الأرض لمدة خمسة وعشرون عاماً للمدعي عليها الخامسة  ، وفي الموضوع بإلغاء القرار وما يترتب علي ذلك من اثار واخصها بطلان عقد البيع لكامل الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وحق الإيجار للأرض لمدة خمسة وعشرون عاما وما يترتب علي ذلك من آثار ، وأن الدعوى قد أحيلت إلى دائرة الاستثمار وهي دعوى لا تتشابه ظروفها وحالة بيع شركة عمر أفندي ، فقد تمت عملية طرح بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وفقاً لأحكام القوانين السارية ، وتم البت فيها وفقاً لحكم القانون وبعلانية وشفافية والحرص على المال العام ولم يشب إجراءاتها أي بطلان أو عيب ، وانه حتى الآن تفي الشركة بالتزاماتها العقدية وتطوير الشركة وضخ كافة الاستثمارات في الشركة بإقامة خطوط إنتاج حديثة ، والوفاء بحقوق العاملين ومنحهم مزاياهم رغم طرد العاملين لممثلي الشركة الطالبة ، وأنها أقامت دعواها الفرعية باعتبار أنه لو صدر الحكم فسوف يترتب عليه حرمان الشركة من المشروع الاستثماري الذي تم طرحه بطريق المزايدة وأبرمت العقد بحسن نية ، ولم يصدر عنها أي خطأ ، وبالتالي سيكون صدور حكم ضدها بفسخ التعاقد أو بطلانه من المحكمة مرتباً لأضرار دفعها لإقامة هذه الدعوى الفرعية بطلب التعويض المادي والأدبي على سبيل الاحتياط ، وقدرت الشركة الطالبة قيمة التعويض على النحو المبين بصحيفة دعواها الفرعية بصفة مبدئية  ، واختتم صحيفة الدعوى الفرعية بطلباته آنفة الذكر المتعلقة بالدعوى الفرعية وطلب في الدعويين الأصليتين الحكم :

أصلياً : (1) قبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر النزاع لانعقاد الاختصاص لمحاكم القضاء العادي (المحاكم الاقتصادية)

(2) عدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإداري محل الطعن ، ولرفعهما بعد الميعاد.

واحتياطياً : بعدم قبل الدعويين والتدخلات الانضمامية لرفعهما من غير ذي مصلحة أو صفة.

ومن باب الاحتياط الكلي : رفض الدعويين والتدخلات الانضمامية بشقيها المستعجل والموضوعي.

وفي جميع الأحوال إلزام المدعي بالمصاريف والأتعاب.

وبتاريخ 20/7/2011 أودعت الشركة المدعى عليها الخامسة والمدعية فرعياً مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم:

أولاً ـ في الدعويين الأصليتين :أصلياً : (1) قبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر النزاع لانعقاد الاختصاص لمحاكم القضاء العادي (المحاكم الاقتصادية)

(2) قبول الدفع عدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإداري محل الطعن ، ولرفعهما بعد الميعاد.

واحتياطياً : بعدم قبل الدعويين لرفعهما من غير ذي مصلحة أو صفة.

ومن باب الاحتياط الكلي : رفض الدعويين بشقيها المستعجل والموضوعي.

ثانياً ـ وفي الدعوى الفرعية : الحكم بالمبالغ الواردة بصحيفة الدعوى الفرعية.

وفي جميع الأحوال إلزام المدعيان والخصوم المتدخلين بالمصاريف والأتعاب.

 

وخلال الأسبوعين (الأجل المضروب لتقديم المستندات واستخراج المحاضر المنوه عنها بمحضر جلسة 3/7/2011) لم يتم تقديم المحاضر المطلوب استخراجها رغم التصريح بضمها.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعويين الأصليتين والدعوى الفرعية ارتأت فيه الحكم:

أصليا : بعدم قبول الدعوى رقم 40848 لسنة 65 قضائية لرفعها من غير ذي صفة وإلزام رافعها المصروفات.

واحتياطيا: بقبول تدخل حمدي الدسوقي محمد الفخراني (متدخلاً انضمامياً للمدعي) في الدعوى رقم 34517 لسنة 65 ق ، وبقبول الدعوي شكلاً ، ورفضها موضوعاً وإلزام رافعها المصروفات.

وعن التعويض في الدعوي الفرعية:

بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وإلزام رافعها المصروفات.

ونظرت الدعوى أمام المحكمة بجلسة 11/9/2011 قدم الحاضر عن المدعي في الدعوى رقم 40848 لسنة 65 القضائية سند وكالته عن المدعي ، كما حضر المدعي في الدعوى رقم 34517 لسنة 65 القضائية بشخصه ، وحضر باقي الخصوم في الدعويين ، وأعاد الحاضر عن المدعى عليها الخامسة طلب استخراج صورة رسمية من التحقيقات في المحضر الإداري رقم 4419 لسنة 2006 إداري شبين الكوم والعريضة رقم 2893 لسنة 2005 عرائض شبين الكوم المقيدة برقم 5426 أموال عامة استئناف طنطا ومذكرة النيابة فيها ـ وهي ذات المحاضر والمستندات التي سبق للمحكمة التصريح باستخراجها بجلسات 3/7/2011 و 11/7/2011 و لم ينهض أحداً لاستخراجها وتقديمها ، وبجلسة 11/9/2011 قررت المحكمة التصريح للخصوم بالإطلاع والتعقيب على تقرير هيئة مفوضي الدولة وتقديم المستندات والمذكرات من الخصوم خلال أجل غايته السبت الموافق 17/9/2011 ، وحجز الدعوى ليصدر الحكم فيها بجلسة اليوم.

       وخلال الأجل المضروب من المحكمة للإطلاع على ملف الدعوى وتقرير هيئة مفوضي الدولة والتعقيب عليه وتقيم المستندات والمذكرات من الخصوم ، أودعت الشركة المدعى عليها الخامسة والمدعية فرعياً مذكرة دفاع طلبت في ختامها:

 أولاً ـ وفي الدعوى الأصلية : أصلياً بفتح باب المرافعة في الدعويين رقمي 34517 و 40848 لسنة 65 القضائية والدعوى الفرعية. واحتياطياً ـ (أ) بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعويين ، ولانتفاء القرار الإداري . (ب) بقبول الدفع المبدى من الشركة المدعى عليها الخامسة بعدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد وفقاً للمادة (24) من قانون مجلس الدولة. (جـ) بعدم قبول الدعويين المشار إليهما لرفعهما من غير ذي مصلحة أو صفة.  ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعويين بشقيهما المستعجل والموضوعي.

ثانياً ـ وفي الدعوى الفرعية :

بقبولها شكلاً. وفي الموضوع بالحكم بالمبالغ الواردة بصحيفة الدعوى الفرعية.

وفي جميع الأحوال بإلزام المدعيين والخصوم المتدخلين المصاريف والأتعاب.

كما أودعت هيئة قضايا الدولة خلال الأجل ذاته حافظة مستندات ومذكرة دفاع ، طويت الحافظة على ثلاثة عشر مستنداً تضمن صور ضوئية من النظام الأساسي لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وقرارات اللجنة الوزارية للخصخصة بتاريخ 23/11/2003 بقواعد وضوابط الخصخصة المعدلة والمعتمدة بقرار مجلس الوزراء بجلسته رقم 80 بتاريخ 6/1/2004 وتقرير لجنة التحقق من صحة تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، والخطابات المتبادلة بشأنه ، وكتاب موافقة المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية على بيع مساهمة المال العام بشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، ومحضر اجتماع الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس بتاريخ 1/10/2006 ، وخطة تطوير الشركة.

وخلال ذات الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية طلبت في ختامها الحكم أولاً ـ برفض الدعويين الأصليتين مع إلزام رافعها المصروفات. ثانياً ـ برفض الدعوى الفرعية وإلزام رافعها المصروفات.

وبتاريخ 17/9/2011 أودع الجهاز المركزي للمحاسبات حافظة مستندات طويت على أربعة مستندات على النحو المبين على غلاف الحافظة تضمنت صور ضوئية من عقد بيع الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج والملاحظات على القوائم المالية للشركة عامي 2007 و 2008 ، وتقرير مراقب الحسابات على القوائم المالية للشركة في 30/6/2006 والحسابات الختامية عن تلك السنة.

وقد التفتت المحكمة عن طلب فتح باب المرافعة بحسبان أن ما طلبته الشركة المدعى عليها من استخراج المحاضر والتحقيقات المثبتة لحفظ النيابة العام البلاغ المقدم إلى نيابة الأموال العامة بتاريخ 24/12/2005 و 14/3/2006 والمقيدة بمحضر إداري رقم 4419 لسنة 2006 إداري شبين الكوم ، والعريضة المقيدة برقم 2893 لسنة 2005 عرائض شبين الكوم والمقيدة برقم 5426 أموال عامة استئناف طنطا ، طعناً على إجراءات عملية طرح شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، والتي انتهى فيها قرار المستشار النائب العام بحفظ البلاغ المقدم منتهياً إلى صحة كافة الإجراءات التي تمت واتفاقها وصحيح القانون والقرارات المنظمة للبيع وصار للقرار حجية مانعة من معاودة الإدعاء بتوافره ، قد سبق للمحكمة التصريح باستخراجه بجلستي 3 و 11/7/2011 إلا أن أحداً لم يتقدم لاستخراج التصريح بتلك المستندات ، فضلاً عن أن أحداً من الخصوم لم ينازع في الواقعة المراد إثباتها ، في ضوء ما للمحكمة من تقدير لجدوى إثبات المستند لأمر لا نزاع علي حصوله بينما يخضع أثره على سلطة المحكمة في فحص مدى مشروعية تلك الإجراءات لتقدير المحكمة ، الأمر الذي لا ترى معه المحكمة جدوى من فتح باب المرافعة لهذا السبب ، أما حق جميع الخصوم في الإطلاع على ملف الدعوى وتقرير المفوض بها وتقديم المستندات والمذكرات فقد تقدم الخصوم بما لديهم من مستندات ومذكرات في ضوء الوقت الذي قدرته المحكم لتحقيق دفاعهم بما تلتفت معه المحكمة عن طلب فتح باب المرافعة بعد أن تهيأت الدعويين للفصل فيهما.

           وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

 

“المحكمــــــــة”

*************

       بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة قانوناً.

 

       من حيث انه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها هو من تصريف محكمة الموضوع تجريه وفقا لما هو مقرر من أن القاضي الإداري يهيمن على الدعوى الإدارية وله فيها دور ايجابي يحقق من خلاله مبدأ المشروعية وسيادة القانون ولذلك فإنه يستخلص تكييف الدعوى مما يطرح عليه من أوراق ومستندات ودفاع وطلبات الخصوم فيها وما يستهدفونه من إقامة الدعوى دون توقف على حرفية الألفاظ التي تستخدم في إبداء تلك الطلبات ودون تحريف لها أو قضاء بما لم يطلبوا أو يهدفون إلى تحقيقه ، والعبرة دائماً بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني .(حـكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4011 لسنة 50 ق ع جلسة 5/12/2006).

       وحيث إن القرار الذي يصدر من جهة الإدارة بإبرام عقد من العقود يمثل إفصاح الإدارة عن إرادتها بقصد إحداث أثر قانونى. وبتحليل العملية القانونية التى تنتهى بإبرام العقد إلى الأجزاء المكونة له، يتضح أن القرارات السابقة أو اللاحقة على العقد، كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة، وقرارات لجنة فحص العطاءات، وقرارات لجنة البت، والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة، هى بغير منازع قرارات إدارية منفصلة عن العقد، ومن ثم يجوز الطعن فيها بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة، ويمكن المطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة عليها إن كان لهذا التعويض محل. (محكمة القضاء الإدارى. الدعوى رقم 734 لسنة 7 ق. جلسة 8/1/1956ـ س 10 ص 135ـ والمحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم 666/24 ق ـ جلسة 14/4/1979 ـ م 15 سنة ص 178)

       وحيث إنه ينبغي التمييز في مقام التكييف بين العقد الذي تبرمه جهة الإدارة، وبين الإجراءات التي يمهد بها لإبرام هذا العقد أو تهيئ لمولده، ذلك أنه بقطع النظر عن كون العقد مدنياً أو إدارياً فإن من هذه الإجراءات ما يتم بقرار من السلطة الإدارية المختصة له خصائص القرار الإداري ومقوماته من حيث كونه إفصاحاً عن إرادتها الملزمة بناء على سلطتها العامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث مركز قانوني تحقيقاً لمصلحة عامة يتغياها القانون. ومثل هذه القرارات وإن كانت تسهم فى تكوين العقد وتستهدف إتمامه، فإنها تنفرد في طبيعتها عن العقد مدنياً كان أو إدارياً وتنفصل عنه، ومن ثم يجوز لذوى الشأن الطعن فيها استقلالا، ويكون الاختصاص بنظر طلب الإلغاء والحال كذلك معقودا لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها، ذلك أن المناط فى الاختصاص هو التكييف السليم للتصرف. (المحكمة الإدارية العليا. الطعنان رقما “456 و320” لسنة 17ق. جلسة 5/4/1975ـ س 20 ص 307)    

 

       وحيث إن اللجنة الوزارية للخصخصة الصادر بتشكيلها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1765 لسنة 2000 بتاريخ 20/8/2000 قد اختصت وفقاً للمادة الثانية من القرار بدراسة كل ما يتعلق بموضوعات الخصخصة في مختلف المجالات وخصها القرار بتحديد المشروعات والشركات التي يمكن طرحها للخصخصة، وما يتعين أن يبقى منها تحت سيطرة الدولة، واقتراح المعايير والضوابط التي تتم على أساسها الخصخصة ، واقتراح أوجه صرف أو استثمار ناتج الخصخصة ، ثم اعتماد توصيات الوزراء المعنيين بشأن قيمة الشركات والأصول المطروحة والجدول الزمني لطرح هذه الشركات والأصول ، ورفع تقاريرها وتوصياتها شهرياً إلى مجلس الوزراء ، وفي نطاق هذا الاختصاص أصدرت اللجنة الوزارية للخصخصة باجتماعها المعقود بتاريخ 23/11/2003 قراراً ببيع عدد من الشركات وعددها 127 شركة على أن يتم بيع 113 شركة منها على الأقل خلال الأعوام الثلاثة القادمة (2004 و 2005 و 2006) ومنها شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ( الجدول ” ب ” مسلسل ” 96 ” ) ، وأقرت اللجنة الوزارية مجموعة من القواعد الجديدة لتقييم تلك الشركات مع تقديم حوافز للمستثمرين ترغبهم في الشراء، وبجلسة 6/1/2004 وافق مجلس الوزراء بالقرار رقم (80/1/4/7) على بيع الشركات المشار إليها ومن بينها شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، والموافقة على اعتماد قرارات اللجنة الوزارية للخصخصة المعقودة بتاريخ 23/11/2003 وتعديلها بإضافة بندين جديدين برقمي (1/9) و (2/7) ، وبالتالي فقد باشرت الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، باعتبارها الجهة التي تتبعها شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج والمفوضة من وزارة الاستثمار في بيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة المتعلقة بتلك الشركة وفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1506 لسنة 2005 بشأن تنظيم حصيلة برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة ، إجراءات البيع بالإعلان بجريدة الأخبار بتاريخ 29/6/2005 و 25/9/2005 وبجريدة الأهرام بتاريخي 18 و 25/9/2005عن مزايدة بنظام المظاريف المغلقة لبيع كامل المقومات المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وفقا للشروط الواردة بكراسة الشروط ، وبعد اتخاذ كافة إجراءات المزايدة والبت فيها من قبل لجنة البت، وافق مجلس إدارة الشركة القابضة ، كما وافقت المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية على بيع مساهمة المال العام بشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج باجتماعيها بتاريخ 14 أغسطس و 5 سبتمبر 2006 ، ثم أقرت الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس باجتماعها الذي عقد بتاريخ 1/10/2006 بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، بالموافقة على العرض المقدم من شركة أندوراما العالمية باعتباره أفضل العروض الثلاثة المقدمة في الوقت المحدد في المزايدة سعراً واتفاقاً مع كراسة الشروط ، لشراء الأصول الثابتة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بدون الأراضي والمساكن والنادي الرياضي بمبلغ (174651398 جنيه) مائة وأربعة وسبعون مليون وستمائة وواحد وخمسون ألف وثلاثمائة وثمانية وتسعون جنيه ، بخلاف حق الانتفاع السنوي للأرض بواقع 5% من قيمتها حسب قواعد التقييم المعتمدة من مجلس الوزراء وبالشروط والقواعد المبينة بقرار الجمعية العامة ، واعتمدت كل من اللجنة الوزارية للخصخصة ومجلس الوزراء هذا البيع ، تم إخطار الشركة المدعي عليها الخامسة بذلك بالكتاب رقم 1969/م بتاريخ 8/10/2006 .

 

       وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن حقيقة طلبات المدعين في الدعويين إنما تتمثل في طلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار كل من اللجنة الوزارية للخصخصة والمجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية ومجلس الوزراء بالموافقة على بيع كافة الأصول الثابتة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ـ عدا الأراضي والمباني السكنية ـ إلى شركة أندوراما شبين تاكستيل والمساهم فيها كل من “أندوراما (70%) ـ الشركة القابضة (18%) ـ اتحاد المساهمين (12%)” ، وتأجير الأرض لمدة 25 سنة بمقابل حق انتفاع ثابت بواقع 5% من قيمتها سنوياً تجدد لمدة مماثلة ، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان عقد بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج المبرم بين كل من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس كنائبة عن الدولة بتفويض من وزارة الاستثمار وشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كطرف بائع ، وبين شركة أندوراما شبين تاكستيل كطرف مشتري، وبطلان جميع القرارات والتصرفات التي تقررت وترتبت خلال مراحل إعداده ونفاذه ، وإلزام الجهة الإدارية والمشترين المدعى عليهم المصروفات .

       وحيث إن النظر في قبول التدخل من عدمه يأتي في الصدارة تحديداً للخصومة عامة قبل التطرق لبحث الدعوي باستعراض الدفوع الشكلية والموضوعية والدفاع وتمحيص المستندات والأوراق المقدمة منهم جميعاً خلوصاً إلي نتيجة قد تقف عند عدم القبول وقد تنفذ إلي الموضوع ، وقبول التدخل في الدعوي إبتداءً يرتهن بما يكون للمتدخل من مصلحة مرتجاة ولا يتوقف بحال عما قد يسفر عنه الفصل في الدعوي بعدئذ حثي لا يأتي رجماً بآجل أو مصادرة لعاجل، ومن ثم فإن المحكمة تنظر التدخل في الصدارة تحديداً للخصومة قبل التطرق لبحث الخصومة شكلاً وموضوعاً .

         وحيث إنه وفقاً لحكم المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية فإن التدخل نوعان: تدخل انضمامى ويقصد به المتدخل المحافظة على حقوقه عن طريق مساعدة أحد طرفي الخصومة في الدفاع عن حقوقه، وتدخل هجومي أو خصامي  يبغى منه المتدخل الدفاع عن مصلحته الخاصة ضد طرفي الدعوى، ويشترط لقبول التدخل بنوعيه شرطان: الأول أن تكون لطالب التدخل مصلحة في التدخل ، والثاني أن يكون هناك ارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية ، ويتحقق الارتباط بوجود صلة تجعل من حسن سير العدالة نظرهما معاً لتحقيقهما والفصل فيهما بحكم واحد تلافياً لاحتمال صدور أحكام متناقضة أو يصـــعب التوفيق بينها، ويتعين أن يتم التدخل بأحد وسيلتين: الأولى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوي قبل يوم الجلسة، والثانية بطلبه شفاهة في الجلسة بحضور الخصم، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة.

       وحيث إنه بالنسبة لطالبي التدخل الانضمامي إلى المدعين فقد أبدى عدد من العاملين بشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وعدد آخر ممن خرجوا إلى المعاش المبكر التدخل الانضمامي إلى المدعين ، إلا أن طلبهم لم يكن في حضور جميع الخصوم ومن ثم كان يتعين عليهم التدخل الانضمامي بإتباع الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى وسداد رسوم التدخل وهو ما لم ينهضوا إليه ، وهو ذات الأمر بالنسبة لطلب تدخل كل من إبراهيم عبد الرؤوف مصطفي عيسي ، ومحمود محمد مصطفي موسي بما يتعين على المحكمة الالتفات عن تلك الطلبات ، بينما طلب التدخل انضمامياً إلى المدعين حمدي الدسوقي محمد الفخراني واتخذ إجراءات التدخل بموجب صحيفة معلنة وبعد سداد الرسم المقرر قانوناً ، ومتى كانت شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج من الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة والتي أوجب الدستور ومن بعده المادة (6) من الإعلان الدستوري على كل مواطن حمايتها ودعمها والذود عنها ضد كل من يحاول العبث بها أو انتهاك حرمتها، ، فقد أصبح على كل مواطن، بما في ذلك الخصم المتدخل، واجب حمايتها بالمطالبة بالتحقق من مشروعية الإجراءات التي اتخذت للتصرف فيها ومدى صحة عقد بيع أصولها وتأجير أراضيها ، ومن ثم يتوافر للمتدخل انضماميا للمدعين الصفة والمصلحة في تأييد المدعين في طلباتهم والانضمام إليهم للقضاء بهذه الطلبات ، ومن ثم فإن تدخله يكون قد تم من ذي صفة ومصلحة وبالإجراءات المقررة قانوناً بما يتعين معه قبول تدخله انضمامياً إلى المدعين.

       وحيث إنه وعن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، فمن الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضى فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضى المحكمة في الدعوى أو في شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها. (المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 382 لسنة 34 ق – جلسة 20/6/1994 ـ والطعن رقم 1597 لسنة 30 ق – جلسة 8/6/1991)

 

       وحيث إن اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى يتحدد بحسب المنازعة المعروضة على المحكمة وطبيعة القرار الإداري المطعون فيه إن وجد ، والثابت أن القرار المطعون فيه ولئن صدر وفقاً للتكييف السالف البيان ، تأسيساً على الإجراءات التي اتبعتها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس ، وهي إحدى الشركات القابضة التي تعتبر من أشخاص القانون الخاص بحسبانها من الشركات المساهمة التى يسرى عليها نصوص قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 ، وفقا لما تقضى به المادة الأولى من مواد إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى هذا القانون وبما لا يتعارض مع أحكامه، إلا أن صدوره على سند من تلك الإجراءات التي اتبعتها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس لا ينفى عن القرار المطعون فيه صفة القرار الإدارى باعتباره إفصاحا للإدارة بما لها من سلطة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ذلك جائزاً وممكنا ابتغاء تحقيق مصلحة عامة، ومن ثم لا يُخرج الدعوى الماثلة عن نطاق الاختصاص الولائى المقرر لمحاكم مجلس الدولة، أو يجعلها غير مقبولة لانتفاء القرار الإداري ، ذلك أن الدولة لم تترك أمر الخصخصة سُدى ، كما لم تترك أمر تحديد المشروعات والشركات التي تطرح للخصخصة وتلك التي تبقى تحت سيطرة الدولة ، وتنفيذ خطتها، لتوسيع قاعدة ملكية شركات قطاع الأعمال العام من خلال تنفيذ برنامج الخصخصة والتحول إلى القطاع الخاص وتطوير أداء الشركات فى إطار السياسة العامة للدولة ، لم تترك ذلك كله لشركات قطاع الأعمال العام ذاتها، سواء كانت من الشركات القابضة أو التابعة لتقرر بشأنها ما تشاء من قرارات ، وإنما حرصت على أن يكون تنفيذ هذه الخطة من اختصاص الدولة ووزاراتها ولجانها وأجهزتها الإدارية بموجب قرارات تصدر عنها وتحت رقابتها وإشرافها، وهو أمر ليس بغريب فالمال محل الخصخصة هو مال عام وحصيلة بيع المال العام هي من نصيب الخزانة العامة للدولة وليس من نصيب خزانة الشركات القابضة أو الشركات التابعة ، ومن ثم فقد أشركت الدولة معها الشركات القابضة في بعض إجراءات عمليات الخصخصة بمنحها قدر من اختصاصات الجهة الإدارية بتفويضها نيابة عن وزارة الاستثمار في اتخاذ إجراءات البيع والخصخصة وإبرام عقد البيع وفقاً لقرارات تنظيمية صادرة عن الدولة ، وليتم ذلك تحت إشراف ومراقبة ومتابعة وموافقة واعتماد الجهات الإدارية المنوط بها تنفيذ برنامج الخصخصة ممثلة في مجلس الوزراء ، ومن ثم لا تكون الشركات القابضة حين تمارس وتباشر هذا الاختصاص المفوضة به من قبل الجهات الإدارية ، مباشرة له بصفتها شخص من أشخاص القانون الخاص ، وإنما تباشره بصفتها مفوضة من الدولة في اتخاذ إجراءات محددة ضمن برنامج الخصخصة وفقاً لموافقات سابقة وأخرى لاحقة واعتماد من الجهات الإدارية المسئولة عن الخصخصة للخطوات التمهيدية والنهائية ، ومن ثم فقد صدر بتاريخ 20/8/2000 قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1765 لسنة 2000 بتشكيل اللجنة الوزارية للخصخصة (العدد رقم 197 من الوقائع المصرية بتاريخ 30/8/2000) ، ونصت المادة الثانية منه على أن (تختص اللجنة بدراسة كل ما يتعلق بموضوعات الخصخصة فى مختلف المجالات، ولها على الأخص:

  • تحديد المشروعات والشركات التي يمكن طرحها للخصخصة، وما يتعين أن يبقى منها تحت سيطرة الدولة.
  • وضع خطة شاملة للخصخصة مدعمة ببرنامج زمني في ضوء ما تقدمه الجهات المختصة من بيانات أو تقارير.
  • اقتراح المعايير والضوابط التي تتم على أساسها الخصخصة.
  • اقتراح أوجه صرف أو استثمار ناتج الخصخصة.
  • اعتماد توصيات الوزراء المعنيين بشأن قيمة الشركات والأصول المطروحة والجدول الزمني لطرح هذه الشركات والأصول)

ونصت المادة الرابعة من ذات القرار على أن (ترفع اللجنة تقاريرها وتوصياتها شهريا إلى مجلس الوزراء).

       وعلى ذلك فالشركات القابضة لا تملك أي حق في بيع أي قدر من المال العام إلا وفقاً لقرارات إدارية تصدر من السلطات الإدارية بالدولة ضمن برنامج الخصخصة تبدأ بتحديد اللجنة العليا للخصخصة المشار إليها وحدها ودون غيرها المشروعات والشركات التي يمكن طرحها للخصخصة، وما يتعين أن يبقى منها تحت سيطرة الدولة ، ووضع خطة شاملة للخصخصة مدعمة ببرنامج زمني في ضوء ما تقدمه الجهات المختصة من بيانات أو تقارير، واقتراح المعايير والضوابط التي تتم على أساسها الخصخصة ، وتوجيه صرف أو استثمار ناتج الخصخصة إلى الخزانة العامة ، ثم اعتمادها لتوصيات الوزراء المعنيين بشأن تقييم الشركات والأصول المطروحة للبيع وتحديد قيمتها والجدول الزمني لطرح هذه الشركات والأصول ، وتنتهي بتولي اللجنة رفع تقاريرها وتوصياتها شهرياً إلى مجلس الوزراء الذي يتعين عليه اعتماد أو رفض اعتماد عملية البيع التي تتم في إطار برنامج الخصخصة.

وقد أكد البند (2) من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 231 لسنة 2004 بتنظيم وزارة الاستثمار على قيام الوزارة بالعمل على تنمية وتشجيع الاستثمار من خلال (توسيع قاعدة ملكية شركات قطاع الأعمال العام من خلال تنفيذ برنامج الخصخصة والتحول إلى القطاع الخاص وتطوير أداء الشركات فى إطار السياسة العامة للدولة) ، كما أكد البند (2) من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية المشار إليه اختصاص وزارة الاستثمار بتنفيذ كافة الاختصاصات والمسئوليات المنصوص عليها في قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 ولائحته التنفيذية ، وبصفة خاصة اتخاذ القرارات اللازمة للمحافظة على حقوق الدولة في شركات قطاع الأعمال العام ، والإشراف على تنفيذ برنامج نقل الملكية للقطاع الخاص وأسلوب البيع وبرامج إعادة هيكلة الشركات التابعة وهيكلة العمالة ، واقتراح أوجه استخدام عوائد البيع ، والإشراف على الاستفادة من المنح المقدمة للمساعدة في تنفيذ برنامج نقل الملكية للقطاع الخاص ، وبرامج إعادة هيكلة الشركات التابعة.

وجاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1506 لسنة 2005 لينظم حصيلة برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة ليوجب إيداع حصيلة بيع الحصص في حساب أمانات بالبنك المركزي (لحساب الخزانة العامة للدولة)، وذلك خلال سبعة أيام عمل من تاريخ تحصيلها ، وليتم تحويل حصيلة البيع إلى حساب الجهات المشار إليها حسب مساهمة كل منها بعد استكمال إجراءات البيع وموافقة وزارتي المالية والاستثمار كتابياً ، طبقاً للقواعد المعمول بها، وذلك فيما عدا حصيلة بيع شركات قطاع الأعمال العام أو أصولها الإنتاجية أو مساهمتها في الشركات المشتركة ـ ومنها حصيلة بيع الشركة التابعة محل البيع ـ فيتولى البنك بمجرد إخطاره من قبل وزارة الاستثمار قيدها لحساب وزارة المالية بعد خصم تكاليف ومصروفات البيع المعتمدة من الجهات القائمة بالبيع” .

وبعد ذلك جاءت نصوص قرار وزير الاستثمار رقم 342 لسنة 2005 (الوقائع المصرية ـ العدد 251 في 6 نوفمبر 2005) قاطعة الدلالة على أن قيام بعض الجهات ومنها الشركات القابضة ببيع مساهمات المال العام والأصول المملوكة للدولة ، إنما يتم بتفويض من وزارة الاستثمار ولحساب الدولة وليس لحساب تلك الجهات. فقد نصت المادة الثانية من القرار المشار على أن (تلتزم كافة الجهات التى تفوضها وزارة الاستثمار فى بيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة والبنوك وشركات قطاع الأعمال العام والأشخاص الاعتبارية العامة بإيداع حصيلة البيع فى حساب يفتح بالبنك المركزى المصرى باسم “حصيلة بيع الأصول المملوكة للدولة” وذلك خلال سبعة أيام عمل من تاريخ التحصيل).

ونصت المادة الثالثة من ذات القرار على أن (على الجهة المفوضة بالبيع موافاة إدارة الأصول بوزارة الاستثمار بصورة كاملة من مستندات البيع وما يفيد تحويل الحصيلة لحساب “حصيلة بيع الأصول المملوكة للدولة” المخصص لذلك بالبنك المركزى فور إتمام عملية البيع ………..)

ونصت المادة الرابعة من القرار المشار إليه على أن (تقوم إدارة الأصول بوزارة الاستثمار بإخطار وزارة المالية بإتمام إجراءات البيع وتوريد حصيلة البيع خلال سبعة أيام عمل من تاريخ استلامها للمستندات المشار إليها في المادة السابقة).

وفي ذات السياق جاءت المادة (26 مكرراً) من اللائحة التنفيذية لقانون شركات قطاع الأعمال العام الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991 والمضافة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 980 لسنة 2006  لتوجب أن يتم طرح الشركات التابعة في إطار برنامج إدارة الأصول المعتمد أيا كانت وسيلة البيع  ، وليكون طرح الشركة التابعة بالكامل أو بأغلبية الأسهم فيها بطريق الاكتتاب أو بنظام عروض الشراء من خلال بورصة الأوراق المالية – بعد عرض الوزير المختص على المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية بحضور وزير القوى العاملة والهجرة التي تشكلت بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 127 لسنة 2006 بشأن تشكيل المجموعات الوزارية ، على أن يتم العرض على المجموعة المشار إليها لاستكمال إجراءات البيع لمستثمر رئيسي أو أكثر بصفة نهائية ، ومن ثم فإن إجراءا خصخصة أي مشروع أو بيع أي من الشركات التابعة ـ ومنها الشركة التابعة محل البيع ـ يمر بمجموعة من المراحل الإدارية المميزة:

 

أولها ـ مرحلة تقرير البيع بتحديد الشركة محل البيع لتكون محلاً للخصخصة وخروجها من تحت سيطرة الدولة ، واقتراح المعايير والضوابط التي تتم على أساسها خصخصة تلك الشركة ، واقتراح أوجه صرف أو استثمار ناتج خصخصة الشركة ، وهو ما تتولاه “اللجنة الوزارية للخصخصة” المشكلة والمحدد اختصاصها بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1765 لسنة 2000 والتي تعتمد توصيات وزير الاستثمار المختص بشأن قيمة الشركة والأصول المطروحة ، ثم تحيله لمجلس الوزراء لاعتماده.

وثانيها ـ مرحلة تفويض وزير الاستثمار للشركة القابضة المختصة لاتخاذ إجراءات طرح الشركة للخصخصة وإجراءات إبرام عقد البيع نيابة عن الدولة مالكة رأس مال الشركة بالكامل وفقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 231 لسنة 2004 بتنظيم وزارة الاستثمار ، وقرار وزير الاستثمار رقم 342 لسنة 2005 .

وثالثها ـ مرحلة موافقة المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 127 لسنة 2006 برئاسة وزير المالية على استكمال إجراءات بيع الشركة تنفيذاً لحكم المادة (26) مكرراً من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 203 لسنة 1991 المضافة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 980 لسنة 2006 التي أوجبت موافقة المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية على استكمال بيع الشركات التابعة لمستثمر رئيسي قبل العرض على الجمعية العامة للشركة القابضة للتجارة ، وذلك بالنسبة لما يتم بيعه من الشركات بعد تعديل المادة (26) مكرراً المشار إليها.

ورابعها ـ مرحلة موافقة الجمعية العامة للشركة القابضة على البيع وفقاً لقانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 .

 وخامسها ـ مرحلة عرض تفصيلات عملية بيع الشركة على اللجنة الوزارية للخصخصة ومجلس الوزراء لإقرار واعتماد البيع.

وسادسها ـ مرحة قيام (الشركة القابضة المختصة) بموافاة إدارة الأصول بوزارة الاستثمار بصورة كاملة من مستندات البيع وما يفيد تحويل الحصيلة لحساب “حصيلة بيع الأصول المملوكة للدولة” المخصص لذلك بالبنك المركزي فور إتمام عملية البيع وفقاً لقرار وزير الاستثمار رقم 342 لسنة 2005 لتقيد في خزانة الدولة ولحسابها ممثلة في وزارة المالية بعد خصم تكاليف ومصروفات البيع المعتمدة من الجهة القائمة بالبيع وفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1506 لسنة 2005 بشأن تنظيم حصيلة برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة.

       وحيث إن مفاد ما تقدم أن الجهات التي تتولى بيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة والبنوك وشركات قطاع الأعمال العام والأشخاص الاعتبارية العامة، ومنها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس إنما تقوم بإجراءات البيع نيابة عن الدولة وأشخاصها الاعتبارية العامة، وبتفويض منها، ومن ثم فإن القرارات التي تصدرها تلك الجهات ما هي في حقيقة الأمر إلا تعبيراً عن الإرادة الملزمة للدولة بقصد تنمية وتشجيع الاستثمار من خلال توسيع قاعدة ملكية شركات قطاع الأعمال العام تحقيقاً للمصلحة العامة، وتعد بهذه المثابة صادرة عن هذه الجهات باعتبارها سلطة عامة ، وتكون الموافقة عليها من المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية ثم اعتمادها من كل من اللجنة الوزارية للخصخصة ومجلس الوزراء قرارات إدارية مما يندرج الطعن عليها ضمن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.

       وحيث إنه ومما يؤكد ما تقدم أن الأموال التي تتولى تلك الجهات بيعها، نيابة عن الدولة، فهي وإن كانت من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، وفقا لما تقضى به المادة (12) من قانون قطاع الأعمال العام التي تنص على أن ” تعتبر أموال الشركة من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة…………”، إلا أن ذلك لا يحول دون إضفاء صفة القرار الإداري على القرارات التي تصدرها تلك الجهات للتصرف في هذه الأموال، إذ يتعين في هذا الشأن التمييز بين نوعين من الأعمال:

النوع الأول: ويشمل الأعمال التي تؤدى إلى اكتساب الدولة لملكية أموالها الخاصة أو التصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية كالبيع أو الهبة، أو مقيد لها كتقرير حق من الحقوق العينية الأصلية عليها كحق الانتفاع أو حق الارتفاق أو الحقوق العينية التبعية كالرهن الرسمي أو حقوق الامتياز:

وهي أعمال تصدر عن الدولة باعتبارها “سلطة عامة” وفقا للقوانين واللوائح التي تنظم كيفية قيامها بهذه الأعمال، والإجراءات والقواعد التي يتعين عليها الالتزام بها عند إجرائها لهذه التصرفات، كقوانين ولوائح المناقصات والمزايدات، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين في شأن المال المملوك لها ملكية خاصة، بغية تحقيق مصلحة عامة. وبهذه المثابة تعتبر هذه الأعمال قرارات إدارية مما يختص قضاء مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات المتعلقة بوقف تنفيذها وإلغاءها والتعويض عن الأضرار الناتجة عنها.

النوع الثاني: ويشمل الأعمال التي بموجبها تمارس الدولة الحق في إدارة واستعمال واستغلال الأموال المملوكة لها ملكية خاصة والانتفاع بها، مثلها في ذلك مثل عموم الأفراد العاديين من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين:

 وهي أعمال لا يصدق عليها وصف القرار الإداري، وتخرج المنازعات التي تثور بشأنها عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة لتختص بها جهة القضاء العادى.

       وحيث إن قضاء مجلس الدولة الفرنسي وقد اشترط لعدم إضفاء صفة الأعمال الإدارية على القرارات غير اللائحية التى تتعلق بإدارة الأموال المملوكة للدولة وأشخاصها الاعتبارية العامة ملكية خاصة Les decisions non reglementaires relatives a la gestion du domaine prive  ألا تكون هذه القرارات منفصلة “Detachable” عن إدارة المال الخاص، أو تتعلق بتسيير مرفق عام “se rattache a l’execution d’un service public”. ومن ثم قضى مجلس الدولة الفرنسى باعتبار القرارات الصادرة بتقسيم استعمال بعض الأماكن الواقعة بمبانى مملوكة للدولة ملكية خاصة بين بعض النقابات قرارات إدارية، كما قضى باعتبار القرار الصادر بالترخيص بقطع الأخشاب بإحدى الغابات المملوكة للدولة ملكية خاصة قراراً إدارياً لارتباطه بمرفق حماية الغابات.(Rene Chapus, Droit Administratif General, tom1, 11edition, p480-482)

       وحيث إنه في ضوء ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه، ولئن تعلق ضمن مراحله بإجراءات خصخصة وبيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كمال مملوك للدولة ملكية خاصة والتي تولتها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس رغم كونها شخص من أشخاص القانون الخاص ، إلا أنه يُعد قراراً إدارياً بامتياز، باعتبار أنه جاء تعبيراً عن الإرادة الملزمة لجهة الإدارة التي حددت شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ضمن برنامج الخصخصة وقررت معايير وضوابط خصخصتها ، وأنابت وفوضت الشركة القابضة المذكورة فى التعبير عن هذه الإرادة، بل واعتمدت تلك الإجراءات وأقرت بما انتهت إليه بالعرض على كل من المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية واللجنة الوزارية للخصخصة ومجلس الوزراء ، وتضمن تصرفاً ناقلاً للملكية ببيع 100% من أصول شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وآخر بتقرير حق انتفاع لمدة (25) سنة على أراضي الشركة تجدد لمدة أخرى بمقابل انتفاع ثابت لا يتغير. ومن ثم لا يكون ثمة شك في الطبيعة القانونية للقرار المطعون فيه ، وبالتالي تختص هذه المحكمة بالفصل في طلب إلغاءه ، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى والقضاء باختصاصها.

 

       وحيث إنه وعن الدفع المبدى من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ رفع الدعوى وفقاً للمادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ،فإنه ولئن نصت المادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المستبدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1976 على أنه ” يجوز بناء على طلب المدعى عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب ، وكان ذلك راجعاً إلى فعل المدعي “، إلا أن الأصل في المنازعات الإدارية هو وجوب تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة ، أما أحكام قانون المرافعات فلا تطبق إلا استثناءً فيما لم يرد فيه نص في قانون مجلس الدولة ، فإذا تعرضت هذه الأحكام نصاً أو روحاً مع أحكام قانون مجلس الدولة ، سواء في الإجراءات أو في أصول النظام القضائي فإنها لا تطبق ، ومن ثم فقد أوجبت المادة (25) من قانون مجلس الدولة بعد إيداع عريضة الدعوى إعلانها إلى ذوي الشأن في ميعاد لا يجاوز سبعة أيام من تاريخ تقديمها وهو ما يترتب عليه أن رفع الدعوى وانعقاد الخصومة يكون بإيداع عريضتها وبالتالي فإن بطلان إعلان العريضة لا يبطل إجراءات رفعها ما دامت العريضة ذاتها صحيحة ، وأودعت قلم الكتاب إيداعاً صحيحاً ، ومن ثم فقد استقر قضاء محاكم مجلس الدولة على أن الدعوى تعتبر قائمة وصحيحة بمجرد إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، أما الإعلان الذي يتم بعد ذلك إلى الخصوم فهو إجراء مستقل بذاته عن رفع الدعوى وانعقاد الخصومة ولاحق لقيامها ، وهو لا يقوم به ـ بحسب الأصل ـ الخصم ، وإنما يقوم به قلم كتاب المحكمة بقصد تنبيه الخصم إلى تحضير دفاعه في الدعوى وتقديمه ، وأن المنازعة أمام القضاء الإداري تتم على خلاف الحال في القضاء المدني بإيداع العريضة قلم كتاب المحكمة ، وان إعلان العريضة إلى الخصم ليس ركناً من أركان إقامة المنازعة الإدارية أو شرطاً لصحتها ، بل هو إجراء مستقل تقوم به المحكمة من تلقاء نفسها دون تدخل من الخصوم ـ إلا إذا طلبت المحكمة من الخصوم المساعدة في ذلك ـ فدور المحكمة في تحريك المنازعة الإدارية هو دور إيجابي وليس سلبياً معقود زمامه برغبة الخصوم (المحكمة الإدارية العليا ـ الطعون : رقم 142 لسنة 2 ق عليا ـ جلسة 9/3/1957 ـ ورقم 825 لسنة 18 ق عليا ـ جلسة 27/1/1979 ـ مجموعة الخمس عشر عاماً ـ جـ 2 ص 960 ـ ورقم 1434 لسنة 30 ق عليا ـ جلسة 4/1/1986 ـ ورقم 982 لسنة 42 ق عليا ـ جلسة 24/4/1990ـ وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11880 لسنة 47 قضائية عليا ـ جلسة 3/3/2007 ـ س 52 ـ جـ 1 ص 436) ، وقضت المحكمة الإدارية العليا كذلك (بأن مؤدى المادة (70) من قانون المرافعات المدنية و التجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 أن ثمة استقلالا بين إيداع صحيفة الطعن سكرتارية المحكمة والذي تنعقد الخصومة الإدارية به وبين إعلان ذوى الشأن بهذه الصحيفة ، وأنه نتيجة ذلك لا وجه للتمسك بحكم المادة (70) من قانون المرافعات رغم كون عدم الإعلان راجعا إلى فعل الطاعن وخطئه إذ لم تتضمن عريضة الطعن عنوان المطعون ضده ، فإغفال هذا البيان وذكره مخالفاً للحقيقة ليس من شأنه أن يبطل الطعن أو يكون مجالاً لإعمال حكم المادة المشار إليها ، طالما تم تدارك الأمر (الطعن رقم 1392 لسنــة 33 ق عليا – جلسة 9/2/1993 ـ المكتب الفني س 38 – الجزء 1 – الصفحة رقم 655) ، كما قضت المحكمة الإدارية العليا كذلك بأن (الخصومة الإدارية تنعقد في الطعن بإيداع صحيفة الطعن سكرتارية المحكمة ، وأن ثمة استقلال بين إيداع صحيفة الطعن سكرتارية المحكمة والذي تنعقد به الخصومة وبين إعلان ذوي الشأن بهذه الصحيفة ، فهذا إجراء لاحق مستقل المقصود منه إبلاغ الطرف الآخر بقيام المنازعة ودعوة ذوي الشأن لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم ، وأنه نتيجة لذلك لا يكون هناك أثر لتراخي الإعلان إلى ما بعد المدة المقررة بالمادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية مادام أن المطعون ضده قد حضر وانعقدت الخصومة صحيحة ) (حكم المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم 3187 لسنة 42 القضائية عليا ـ جلسة 31/3/2002)، ومن ثم فإن اعتبار الدعوى كأن لم تكن استناداً لحكم المادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تتأبى وتتعارض مع روابط القانون العام ، وهو ذات الحكم الذي أكده دوماً قضاء مجلس الدولة بشأن سقوط الخصومة استناداً لحكم المادتين (129) و (134) من القانون ذاته لتعارضهما مع النظام القضائي لمجلس الدولة ( الطعن رقم 1254 لسنة 25 ق عليا ـ جلسة 25/6/1983 ـ س 28 ص 925) ، بحسبان مرد الخصومة في الدعوى الإدارية هو مبدأ المشروعية وسيادة القانون ولكونها يملكها القاضي الإداري الذي يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازماً لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها.

       وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن الدفع المبدى من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ رفع الدعوى وفقاً للمادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية  يكون قد ورد فاقداً سنده وأساسه من صحيح حكم القانون بعد أن انعقدت الخصومة في الدعوى وتم الإعلان بها إعلاناً صحيحاً دوت تقيد بحكم المادة (70) المشار إليها لعدم انطباقها على هذه المنازعة الإدارية ، بما يتعين معه الحكم برفض هذا الدفع.

 

       وحيث إنه وعن الدفع بعدم قبول الدعويين لانتفاء الصفة والمصلحة بالنسبة للمدعين، فإنه من المقرر أن المصلحة هي المساس بالمركز القانوني للمدعي في الدعوي الموضوعية أو الاعتداء علي حقه الذاتي في الدعوي الذاتية، أما الصفة في الدعوي فهي “قدرة الشخص علي المثول أمام القضاء في الدعوي كمدعي أو كمدعى عليه” فهي بالنسبة للفرد كونه أصيلاً أو وكيلاً، ممثلاً أو وصياً أو قيماً، وهي بالنسبة للجهة الإدارية كون المدعى عليه صاحب الاختصاص في التعبير عن الجهة الإدارية أو الشخص الاعتباري العام المدعي عليه في الدعوي والمتصل بها موضوعاً، والذي تكون له القدرة الواقعية علي مواجهتها قانوناً بالرد وبتقديم المستندات ، ومالياً بالتنفيذ ، وبينما الصفة مسألة شكلية تتضح قبل الدخول في الدعوي فإن المصلحة مسألة ذات صفة موضوعية لا تتضح ولا تبين إلا عند فحص موضوع الدعوي فيها، ومن ثم فإن التعرض للمصلحة يكون تالياً للتعرض للصفة، فالمصلحة شرط لقبول الدعوي، بينما الصفة شرط لمباشرة هذه الدعوي أمام القضاء وإبداء دفاع فيها، ذلك أنه قد يكون الشخص صاحب مصلحة تجيز له طلب إلغاء القرار، ومع ذلك لا يجوز له مزاولة هذه الدعوي بنفسه لقيام سبب من أسباب عدم الأهلية ، ومن المسلم أن شرط المصلحة هو شرط جوهري يتعين توافره ابتداء عند إقامة الدعوى، كما يتعين استمراره قائما حتى صدور حكم نهائي فيها ، وأنه على القاضي الإداري بما له من هيمنة إيجابية على إجراءات الخصومة الإدارية التحقق من توافر شرط المصلحة وصفة الخصوم فيها والأسباب التي بنيت عليها الطلبات، ومدى جواز الاستمرار في الخصومة في ضوء تغير المراكز القانونية لأطرافها، وذلك حتى لا يشغل القضاء الإداري بخصومات لا جدوى من ورائها ، كما أن دعوى الإلغاء دعوى عينيه تنصب على مشروعية القرار الإداري في ذاته وتستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه فإذا حال دون ذلك مانع قانوني لا يكون ثمة وجه للاستمرار في الدعوى ويتعين الحكم بعدم قبولها لانتفاء شرط المصلحة.

(الطعن رقم 12915 لسنة 52 ق ـ جلسة 11/11/2006 ـ  المكتب الفني س 52 – الجزء 1- ص 129 ـ والطعن رقم 9122 لسنة 48 ق – جلسة 25/11/2006ـ  س 52 – الجزء  1 ـ  ص 142)

كما أن المستقر عليه أن الصفة تندمج في المصلحة في الدعاوى الإدارية وبخاصة دعاوى المشروعية ، وهو ما يعبر عنه بالمصلحة المانحة للصفة في التقاضي ، وهو ما أوجبته الطبيعة القانونية لهذه الدعاوى، كما فرضه هدفها الأسمى الذي استنت من أجله هذه الوسيلة القضائية لتكون ضماناً لمبدأ المشروعية الذي يرتكز عليه بناء الدول المتحضرة، والذي يؤسس عليه البنية التحتية التي يؤسس عليها بناء الحقوق والحريات المكفولة دستورياً ودولياً ، الأمر الذي لا يجوز معه تطبيق نص المادة (3) من قانون المرافعات المدنية والتجارية معدلة بالقانون رقم (81) لسنة 1996 في النزاع المثال وعلى النحو الذي يطبق بالدعاوى المدنية لما يمثله في ذلك من تعارض مع طبيعة المنازعة الإدارية وهو ما يفقد النص المشار إليه شرط انطباقه حرفياً على روابط القانون العام ، وهو ما أكدته المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ في حكمها الصادر في الطعن رقم 1522 لسنة 27ق.عليا ـ جلسة 9/4/2007 ، وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 5546 و 6013 لسنة 55 ق.عليا بجلسة 27/2/2010.

       وحيث إن المادة (6) من الإعلان الدستوري المعمول به حاليا (المقابلة للمادة (33) من دستور جمهورية مصر العربية الساقط) قد نصت على أن (للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون) ، وبذلك فقد ألقى المشرع الدستورى على عاتق كل مواطن التزاماً بحماية الملكية العامة من أى اعتداء والذود عنها ضد كل من يحاول العبث بها أو انتهاك حرمتها، الأمر الذى من شأنه أن يجعل لكل مواطن صفة ومصلحة أكيدة فى اللجوء للقضاء مطالبا بحماية الملكية العامة ، سواء بإقامة الدعوى ابتداء أو بالتدخل فى دعوى مقامة بالفعل. ومتى كانت شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج من الأموال المملوكة للدولة، فقد أصبح على كل مواطن، بما في ذلك المدعين والخصم المتدخل، واجب حمايتها بالمطالبة بالتحقق من مشروعية الإجراءات التي اتخذت للتصرف فيها ومدى صحة عقد بيع أصولها وعقد الانتفاع بأراضيها، ومن ثم يتوافر للمدعين في الدعويين الماثلتين الصفة والمصلحة كما يتوفر للخصم المتدخل على ما سلف البيان الصفة والمصلحة في تأييد المدعين في طلباتهم والانضمام إليهم للقضاء بهذه الطلبات، وبالتالي يغدو الدفع بعدم قبول الدعويين لانتفاء شرطي المصلحة والصفة غير قائم على أساس سليم من القانون مما يتعين القضاء برفضه.

       وحيث إنه وعن الدفع بعدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإداري ، فإنه دفع مردود بما سلف بيانه من توافر القرار الإداري الجائز الطعن عليه وفقاً للتكييف القانوني لطلبات المدعين ، بما يكون معه هذا الدفع خليقاً بالرفض.

       وحيث إنه وعن شكل الدعويين الماثلتين ومدى مراعاة المواعيد المقررة قانوناً لدعوى الإلغاء، وكذا عن الدفع المبدى من الشركة المدعى عليها الخامسة بعدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد المقرر بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة، والدفع بعدم قبول الدعويين لوجود مشارطة تحكيم تقضي باختصاص مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بتسوية أي نزاع عن طريق التحكيم ، فإن المحكمة ترجئ الفصل في شكل الدعويين والدفوع المشار إليها ، لحين الفصل في موضوع طلب الإلغاء.

       وحيث إن الفصل في طلب الإلغاء يغني ـ بحسب الأصل ـ عن الفصل في طلب وقف التنفيذ.

       وحيث إنه وعن موضوع طلب إلغاء القرار المطعون فيه، فإنه على الرغم من قيادة القطاع العام لنجاحات مهمة مكنت مصر من بناء أعظم مشروعاتها علي مر العصور ومنها السد العالي، وبناء قواعد هامة للصناعة الثقيلة والصناعات الاستهلاكية، وتنمية وتطوير قطاع الصناعة، بل ومكنت مصر من مواجهة التحديات الخارجية المتمثلة في الأطماع الإسرائيلية خلال الفترة الحرجة ما بين حربي 1967، و1973، التي أثبت الاقتصاد المصري خلالها وبالذات قطاعه الصناعي، قدرته علي تشكيل ركيزة أساسية للدولة، إلا أنه ومنذ بدء الانفتاح الاقتصادي فإن الحكومات المصرية المتتابعة، قد تركت هذا القطاع يغرق في سوء الأداء وسوء الإدارة وضعف كفاءة قياداته وتفشي الفساد في أرجائه، مما عرضه للخسائر وكان ذلك تمهيداً لطرح هذا القطاع للبيع للقطاع الخاص المصري والأجنبي ضمن عملية التحول نحو الاقتصاد الرأسمالي الحر في مصر، تنفيذاً لسياسات ومتطلبات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، بدلا من إصلاح هذا القطاع، مع فتح المجال أمام القطاع الخاص للعمل في جميع قطاعات الاقتصاد.

         وحيث إن الخصخصة في ذاتها ليست شراً مستطيراً يجب مقاومته ، كما أنها ليست خيراً مطلقاً يتعين أن تذلل أمامه الطرق وتفتح الأبواب على مصراعيها ، فالخصخصة إنما تعني في مفهومها الفني قيام الدولة بتحويل ملكية المؤسسات العامة أو المشروعات العامة جزئياً أو كلياً إلى القطاع الخاص، وتهدف الخصخصة إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية من خلال الاعتماد على آليات السوق والمنافسة، وتخفيف الأعباء المالية عن الدول التي تعاني من الخسارة الكبيرة في شركات القطاع العام، وتوسيع حجم القطاع الخاص، والاعتماد عليه أكثر في عملية النمو والتنمية، وعلى هذا فإن أسلوب الخصخصة يتضمن – إلى جانب تحويل ملكية المنشآت العامة إلى خاصة – التحول أيضا في أساليب العمل حيث يتم إتباع أساليب عمل جديدة تهتم في المقام الأول بالمنافسة وتلبية احتياجات السوق وهو ما يؤدي إلى الارتقاء بكفاءة وإنتاجية المؤسسات ،كما أنه يتضمن إعطاء السوق الحر والقطاع الخاص الدور الأكبر في المجتمع، وتتميز الخصخصة باستهدافها رفع الكفاءة الإنتاجية للمنشأة التي تم تخصيصها وتحسين أدائها، وتحسين نوعية وجودة الخدمات والسلع المقدمة للعملاء, وذلك من خلال الاقتراب من حاجات ورغبات العملاء، وترشيد التكاليف، وزيادة المنافسة بين الشركات، وزيادة فعالية الإدارة من خلال تقليص دور الدولة في إدارة المؤسسات العامة والتخلص من القيود الحكومية والروتينية والبيروقراطية، وتوسيع فرص الاستثمار المحلي والدولي، من خلال اجتذاب رؤوس الأموال المحلية والعالمية لشراء أو تأجير المشروعات أو الخدمات العامة، وإعادة توزيع مصادر وإيرادات الدولة بشكل أفضل ، إلا أن الشر المستطير الذي يصاحب الخصخصة المدمرة لاقتصاد الوطن هو الخصخصة القائمة على الإذعان لبيع القطاع العام بشروط المؤسسات الدولية لإعطاء القروض والتسهيلات الجديدة والسماح بإعادة الجدولة لبعض الديون الخارجية، سعياً نحو تصفية القطاع العام ، وهي الخصخصة التي بدأت الحكومة برنامجها في مصر عام 1991 بإعلان جمهوري في خطاب رئيس الجمهورية السابق بمناسبة الاحتفال بعيد العمال في الأول من مايو 1991بأن (الحكومة سوف تتبني الخصخصة كسياسة رسمية بهدف خلق اقتصاد أكثر حرية ) ، وعلى إثر ذلك تم إنشاء مكتب قطاع الأعمال العام في 1992 بموجب اتفاقية بين برنامج التنمية للأمم المتحدة UNDP والحكومة المصرية للإشراف على برنامج الخصخصة ومتابعة تنفيذه ، والتنسيق لضمان توفير بيئة تنظيمية ملائمة للخصخصة وتسهيل عملية الرقابة ورفع التقارير للجهات العليا في الداخل والخارج، والتنسيق بين الجهود التي تبذلها الأطراف المتعددة من جانب الحكومة (بما فيها الشركات القابضة والشركات التابعة لها) والمانحين ومستشاريهم من الدول الأجنبية، ومن ثم اتضحت الإرادة الأجنبية في إخضاع السيادة المصرية لسياسات الخصخصة في تقرير أصدرته السفارة الأمريكية بالقاهرة في 1991 دعت فيه مباشرة إلى التخلي عن الملكية العامة حيث ورد بالتقرير: ” إن انتشار نظام ملكية الدولة في القطاع الصناعي قد وضع عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد القومي وعلى ميزانية الدولة، بما خلقه من مشروعات عديدة تتسم بقلة الكفاءة، وتضخم العمالة بلا مبرر، ومن نظام الدعم والتحكم في تفاصيل النشاط الاقتصادي، بهدف حماية القطاع العام من المنافسة، الأمر الذي شجع على تبديد الموارد وشوه مسارها، وخنق الحافز على زيادة الإنتاج”( u.s.a embassy in cairo:foreign economic trends and their , implications for the u.s , report for the a. r.e ,april 1991 , p. 3)

 

وحيث إنه من المقرر أن أساليب الخصخصة وأشكالها تتحدد أهمها فيما يلي:

 

أولاً ـ البيع المباشر أو التجاري وهو البيع الذي يتم في حالات الشركات الخاسرة أو بيع الشركات العامة كوحدات منفصلة أو في حالة عدم وجود سوق مالية نامية تصلح لتنفيذ عمليات الخصخصة، وغالباً ما يستخدم البيع المباشر لما يعرف بالمستثمر الاستراتيجي أو المستثمر الرئيسي.

ثانياً ـ البيع للجمهور(IPO) أو لمستثمر رئيسي من خلال بورصة الأوراق المالية ،ويتم هذا النوع من البيع من خلال طرح أسهم الشركات العامة في بورصة الأوراق المالية لأكبر عدد من الجمهور ،  ويحقق هذا النوع من البيع مفهوم توسيع قاعدة الملكية في عمليات الخصخصة ،  ويتوقف نجاحه على عوامل كثيرة منها أساليب التقييم والقيم التي تطرح بها الأسهم ومدى نمو وتطور سوق المال ومؤسساته وأساليب إدارة السوق وكذلك نظافة البرنامج وعلانية وشفافية جميع الإجراءات.

ثالثاً ـ البيع لمستثمر رئيسي بالتفاوض المباشر.

رابعاً ـ البيع لاتحادات العاملين المساهمين، والذي غالباً ما يكون بتسهيلات ومزايا خاصة ومشجعة ، ويتطلب نجاح هذا الأسلوب تدريب العاملين والمديرين على التحول إلى إدارة المشروعات الخاصة.

خامساً ـ التصفية القانونية للشركات العامة وبيع مكوناتها كوحدات منفصلة أو
كأصول منتجة لشركات ومستثمري القطاع الخاص.

سادساً ـ تأجير الشركات والوحدات الإنتاجية والأصول للقطاع الخاص، لتشغيلها حيث تبقى الملكية للحكومة وتؤجر الأصول بمقابل للاستغلال من قبل المستثمرين.

       وحيث إنه وعن الإجراءات التي يمر بها البيع لمستثمر رئيسي التي تخيرتها اللجنة الوزارية للخصخصة ، فإنها تتحصل فيما يلي:

(1)  تقوم الشركات القابضة بإسناد عمليات تقييم الشركات التابعة لاستشاريين محليين وعالميين، ويتم التقييم من خلال الاستشاريين بالأسلوب الذي يتفق مع طبيعة نشاط الشركة. ويقوم المكتب الفني لوزير قطاع الأعمال العام بدور المنسق بين الاستشاريين ، كما يقوم خبراء من الشركات التابعة تحت إشراف الشركة القابضة المعنية بإجراء تقييمات مماثلة ، أو تصدر عن اللجنة الوزارية للخصخصة قواعد لتقييم الشركات خاصة الصناعية منها الخاسرة وقليلة الربحية.

(2)  يتم اعتماد هذه التقييمات من الجهاز المركزي للمحاسبات باعتباره بيت الخبرة المالي الوطني، والمراقب الوطني لحسابات الشركات العامة. ويتم هذا الاعتماد بعد المراجعة وأخذ كافة ملاحظاته موضع الاعتبار.

(3)  تعرض هذه التقييمات بعد اعتمادها من الجهاز المركزي للمحاسبات على الجمعية العامة للشركة التابعة لدراستها واعتمادها، وتصدر القرارات بالإجماع.

(4)  تعرض التقييمات بعد ذلك على مجلس إدارة الشركة القابضة للدراسة والاعتماد ويصدر القرار بالإجماع.

(5)      بعد اعتماد تقييم الشركة من الجهات المذكورة تتم موافقة اللجنة الوزارية لقطاع الأعمال العام على بيع الشركة لمستثمر رئيسي ، وبعد موافقة الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة على البيع تقوم الشركة القابضة باختيار المروج أو تتولى القيام بنفسها عملية الترويج والبيع.

(6)      يقوم المروج أو الشركة القابضة (حسب الحالة) بإعداد مذكرات البيانات ومواد الترويج وإعلانات الترويج والبيع.

(7)      تنشر إعلانات الترويج والبيع في الصحف المحلية والعالمية التي تتيح للمستثمر الإطلاع على كافة البيانات والوثائق والإفصاح عن الشركة المطروحة وتحدد له شروط البيع وتسمح له بالفحص الفني والمالي والقانوني للشركة المطروحة وإجراء التقييمات اللازمة من وجهة نظره كمشترى Due Delegence .

(8)      يتقدم المشترى قبل نهاية المدة المحددة في الإعلان بعرضه الفني والمالي.

(9)      تقوم الشركة القابضة بتشكيل لجنة لتلقى العروض وفضها ويدعى لها ممثلو الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية ويتم فض العروض في جلسة علنية.

(10) تشكل لجنة للبت في العروض المقدمة بنفس الطريقة والتكوين الخاص بلجنة تلقى العروض. وتتم عملية البت بعد تقييم فني ومالي دقيق.

(11) تحدد لجنة البت أفضل العروض من الناحية الفنية والمالية ويتم مفاوضة المشترى إذا كان العرض أقل من قيمة الشركة المعتمدة ، وتقدم اللجنة توصياتها.

(12) تعرض توصية لجنة البت على مجلس إدارة الشركة القابضة الذي يدرس توصية اللجنة ويصدر قراره (بالإجماع).

(13) يعرض قرار مجلس الإدارة على الجمعية العامة للشركة القابضة التي تصدر قرارها (بالإجماع).

(14) يعرض قرار الجمعية العامة للشركة القابضة على اللجنة الوزارية العليا للخصخصة التي تصدر قرارها (بالإجماع) بعد موافقة المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية لحالات البيع التي تتم بعد إنشائها، ثم تتم موافقة مجلس الوزراء على عملية البيع.

(15) تقوم الشركة القابضة بإعداد عقد البيع الذي يتم توقيعه مع المشترى ـ نيابة عن الدولة مالكة المال العام ـ بعد أن يكون قد سدد الثمن المتفق عليه .

( في هذا المعنى: الإصلاح الاقتصادي والخصخصة (التجربة المصرية) ـ بحث لوزير قطاع الأعمال العام / د. مختار خطاب ـ 2003 ـ مجلس الوزراء ـ وزارة قطاع الأعمال باعت في عهد الوزير الباحث 203 شركة تمتلكها الدولة)

 

       وحيث إن القاعدة المستقرة هى أن القرار الإدارى يجب أن يقوم على سبب يبرره فى الواقع وفى القانون، وذلك كركن من أركان انعقاده، والسبب فى القرار الإدارى هو حالة واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانونى هو محل القرار ابتغاء الصالح العام الذى هو غاية القرار. وأنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراها ويفترض فى القرار غير المسبب أنه قام على سببه الصحيح ما لم تكشف الأوراق عن عدم مشروعية السبب، إلا أنها إذا ذكرت أسباباً له فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإدارى للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.

       وحيث إنه وعن مدى مشروعية القرار المطعون فيه ، فإن بحث مدى سلامة القرار أو عدم مشروعيته يتصل اتصالاً مباشراً بالمراحل التي اكتنفت إصدار القرار بدءاً من مدى جواز خضوع الشركات والأصول المؤممة أو المنزوع ملكيتها للخصخصة وما ينجم عنها من مخاطر تغيير غايات التأميم أو نزع الملكية أو التصرف في الأراضي المقام عليها الشركات أو المشروعات محل التأميم أو نزع الملكية للمنفعة العامة ، ومدى مشروعية تخير وتحديد شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كأحد الشركات التي يتعين بيعها على وجه السرعة ضمن 127 شركة أخرى وضرورة أن يتم البيع خلال أعوام ثلاثة فقط تبدأ من عام 2004 وتنتهي عام 2006 ، ومروراً بمدى مشروعية الضوابط والقواعد التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة لتقييم الشركة وحوافز الاستثمار التي قررتها ذات اللجنة الوزارية للمستثمرين ترغيباً لهم في شراء الشركة ، ومدى سلامة تقييم الشركة والتزامها بضوابط وقواعد التقييم التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة ، ثم مدى تخير الدولة لأسلوب البيع من ضمن الأساليب المقررة قانوناً أو تخير أساليب لم تقررها القوانين واللوائح ، وانتهاءً بمدى مشروعية الترسية والبت على المشتري وسلامة بنود التعاقد في ضوء هدف حماية المال العام واستمرار النشاط ورعاية حقوق العاملين.

 

       ومن حيث إنه وعن مدى جواز خضوع الشركات والأصول المؤممة أو المنزوع ملكيتها للخصخصة وما ينجم عنها من مخاطر تغيير غايات التأميم أو نزع الملكية أو التصرف في الأراضي المقام عليها الشركات أو المشروعات محل التأميم أو نزع الملكية للمنفعة العامة ، فقد ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى أن التأميم إنما يعني نقل ملكية أموال المشروع الخاص إلي الدولة بأكملها أو في جزء منها وفقا لما يقرره قانون التأميم بتعويض تؤديه الدولة التي آل إليها المشروع المؤمم لأصحابه وفقا لأنصبتهم في رأس ماله , ولم يتدخل المشرع بقوانين التأميم لتصفية المشروعات التي أخضعتها لأحكامها أو لإنهاء الشخصية الاعتبارية التي كانت لها من قبل التأميم وإنما نقل المشرع مباشرة ملكيتها جزئيا أو كليا إلي الدولة مؤكدا في الحالتين احتفاظها بشخصيتها الاعتبارية السابقة واستمرارها في مباشرة نشاطها ويظل نظامها القانوني وذمتها المالية مستقلين عن شخصية الدولة وذمتها المالية . ومن ثم فإن التأميم إذا ما فرض علي المنشأة لا ينصرف إلى ما لا تملكه هذه المنشأة ، فإذا كان العقار الذي تشغله المنشأة المؤممة مؤجراً لها فإن التأميم لا يرد علي العقار إنما فقط يرد علي حق الإيجار باعتباره عنصرا من عناصر المنشأة المؤممة .

(الطعن رقم 16  لسنــة 9 ق ـ تنازع – جلسة 7/3/1992 ـ المكتب الفني س 5 – الجزء 1 – الصفحة 431).

       وحيث عن إفتاء الجمعية العامة لقسمي الفتوى والتشريع قد استقر على أن الأموال التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة تعتبر من أموال الدولة العامة ، وهذه الأموال طبقاً للمادة (87) من القانون المدني لا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم . ومن ثم فإن الأراضي المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة لا تدخل ضمن أصول الشركة ، وأن نقل المال العام من جهة إلى أخري ليس نقلاً لملك يتمكن به المنقول إليه من استغلاله والتصرف فيه ، وإنما هو في حقيقته نقل إشراف ورعاية وصيانة وإدارة لمال هو خارج عن مجال التعامل بموجب تخصيصه للنفع العام ، وقد انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في ختام فتواها إلى أن (الأراضي التي نزعت ملكيتها للمنفعة العامة لصالح الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية تُعد من الأموال العامة ، ولا تدخل ضمن أصول الشركة المصرية للاتصالات) .

(فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ـ ملف رقم 7 / 2 / 275)

كما أن كل من إدارة الفتوى لوزارتي الخارجية والعدل ، والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في فتويين لها بمناسبة طلب الرأي حول مدى جواز مساهمة إحدي المحافظات في تأسيس شركة استثمارية بالمشاركة في رأسمالها بحصة عينية عبارة عن قطعة أرض تمثل جزءاً من مسطح منزوع ملكيته للمنفعة العامة ، فانتهت إدارة الفتوى لوزارتي الخارجية والعدل في فتواها رقم 260 بتاريخ 20/7/1987 إلى عدم جواز ذلك وعدم جواز السير في إجراءات تسجيل قطعة الأرض على سند من القول بأنه ( كان يتعين على المحافظة احترام الغرض الذي نزعت من أجله ملكية العقار وهو إقامة مشروع للإسكان العاجل وعدم مجاوزته بتقديم قطعة الأرض كحصة عينية في إحدى شركات الاستثمار ) ، وبجلسة الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في 21/6/1989 انتهت إلى تأييد فتوى إدارة الفتوى المشار إليها ، وأعيد عرض الموضوع ذاته على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بناء على الطلب المقدم من وزير العدل إلى المستشار رئيس مجلس الدولة للعرض على الجمعية للعدول عن ذلك الرأي والإفتاء بقانونية التخصيص ، وبإعادة العرض بتاريخ 17/10/1990 استبان للجمعية أن: ما انتهت إليه بجلستها سالفة البيان من عدم قانونية تخصيص المسطح المنزوعة ملكيته للمنفعة العامة كحصة عينية من المحافظة في رأسمال شركة استثمارية يقوم على ما حرص الدستور على تأكيده من صون للملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون ، وأن رئيس الجمهورية في الحالة المعروضة قد أصدر قراره رقم 1071 لسنة 1969 بنزع ملكية العقارات الكائنة بزمام ناحية ساقية مكي بمدينة الجيزة للمنفعة العامة لإقامة “مشروع الإسكان العاجل لتوفير السكن الصحي للمواطنين ” ومن ثم فقد كان يتعين على جهة الإدارة (محافظة الجيزة ) احترام الغرض من نزع ملكية المسطح المشار إليه وعدم مجاوزته إلى حد تقديم جزء من المسطح كحصة عينية في رأس مال الشركة الاستثمارية ، وأنه لا ينال من ذلك القول بأن المشرع في التقنين المدني نص على حالات إنهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة كوسيلة لتحويله إلى مال خاص ، ومن بين هذه الحالات صدور قرار من الوزير المختص بإنهاء التخصيص ، وأن المحافظ بمقتضى قانون نظام الإدارة المحلية أضحت له بالنسبة لجميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاصه جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء في القوانين واللوائح ، مما يجوز معه صدور قرار من المحافظ بإنهاء تخصيص المال للمنفعة العامة وتحويله إلى مال خاص ثم استخدامه كحصة عينية في شركة ، فهذا القول مردود عليه بأن حالات إنهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة المشار إليها في المادة (88) من القانون المدني لا تنطبق إلا على الأموال العامة المملوكة للأشخاص العامة بهذا الوصف ابتداءً ، دون تلك التي نزعت ملكيتها من الأفراد لتحقيق غرض معين ذي نفع عام، والتي لا تفقد صفتها كأموال عامة إلا بانتهاء الغرض الذي خُصصت من أجله تلك الأموال للمنفعة العامة طبقاً لصريح نص المادة (88) المشار إليها ، والقول بغير ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام نزع الملكية للمنفعة العامة التي لم تتقرر إلا استثناءً وفي حدود معينة مما يتعين معه الاقتصار على تلك الحدود وعدم مجاوزتها” ، وارتأت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن تلك الأسباب التي قام عليها إفتاؤها السابق صحيحة في الواقع والقانون وأكدت الفتوى على مسائل ومبادئ متعددة منها : (أن الجهة الإدارية ليست شركة ولا تاجراً ، ولا يحق لها أن تخرج عن الغرض المحدد لنزع الملكية للمنفعة العامة جرياً وراء تحقيق مصلحتها المالية ، فذلك مما يتسم بعدم المشروعية لما فيه من إهدار للضمانات التي حددها الدستور لنزع الملكية وانحراف بهذه الوسيلة عن الغرض الذي شُرعت من أجله) ، وأنه (لا يصح في هذا المقام التعلل بالمصلحة العامة ، إذ ليست هناك مصلحة عامة تتحقق بمخالفة أحكام القانون والدستور) ، وعقبت الفتوى على القول بأن قرار رئيس الجمهورية بنزع ملكية تلك الأراضي للمنفعة العامة قد انقضى عليه ما يزيد على عشرين عاماً ، وأن ملاك تلك الأراضي تقاضوا مقابل نزع الملكية رضاءً بقيمته أو قضاءً ، فأكد الإفتاء : (أن ذلك لا يغير من وجه الرأي الصحيح في المسألة في شيء، من حيث أثر القرار في ضم ملكيتها إلى ملكية الدولة العامة ، وتخصيصها للغرض الذي حدده ذاك القرار ، وليس في القانون ما يجعل للمحافظة أو للإدارة العامة أن تخرجها من تلك الملكية إلى الملكية الخاصة للشركة الخاصة التي أرادت المحافظة أن تسهم في رأسمالها بقيمة تلك الأرض كحصة عينية فيه) ، وانتهى رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى تأييد فتواها السابقة بجلسة 21/6/1987 في هذه المسألة.

(فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم 1071 بتاريخ 18/12/1990 ـ ملف رقم 100/1/73 برئاسة المستشار عبد الفتاح محمد صقر رئيس الجمعية)

       ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن كل من التأميم ونزع الملكية للمنفعة العامة يتم بهما نقل ملكية الأموال المملوكة ملكية خاصة إلي ملكية الدولة وفقا لما يقرره قانون التأميم أو القرار الجمهوري بنزع الملكية للمنفعة العامة وذلك بتعويض تؤديه الدولة التي آلت إليها الملكية الخاصة إلى مالكي الأرض أو المشروع , وتحتفظ تلك المشروعات بشخصيتها الاعتبارية السابقة وتستمر في مباشرة نشاطها ويظل نظامها القانوني وذمتها المالية مستقلين عن شخصية الدولة وذمتها المالية ، وبذلك فإن الأموال التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة تعتبر من أموال الدولة العامة ، ولا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم ، وبالتالي لا تدخل ضمن أصول الشركة ، كما أنه من المتعين احترام الغرض الذي نزعت من أجله ملكية العقار وعدم مجاوزته إلى أي غرض مغاير، وأساس ذلك هو ما حرص الدستور على تأكيده من صون للملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون ، وأن حالات إنهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة المشار إليها في المادة (88) من القانون المدني لا تنطبق إلا على الأموال العامة المملوكة للأشخاص العامة بهذا الوصف ابتداءً ، دون تلك التي نزعت ملكيتها من الأفراد لتحقيق غرض معين ذي نفع عام ، والتي لا تفقد صفتها كأموال عامة إلا بانتهاء الغرض الذي خُصصت من أجله تلك الأموال للمنفعة العامة طبقاً لصريح نص المادة (88) المشار إليها ، والقول بغير ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام نزع الملكية للمنفعة العامة التي لم تتقرر إلا استثناءً وفي حدود معينة مما يتعين معه الاقتصار على تلك الحدود وعدم مجاوزتها” ، وبالتالي فإن الجهة الإدارية المالكة للمال العام المنزوع ملكيته أو المؤمم ليست شركة وليست تاجراً ، ولا يحق لها أن تخرج عن الغرض المحدد لنزع الملكية للمنفعة العامة جرياً وراء تحقيق مصلحتها المالية حتى ولو كانت سداد ديون الشركات التابعة الخاسرة وفق برنامج الخصخصة، فلا يجوز لها السماح بتغيير النشاط الذي تقررت له نزع الملكية للمنفعة العامة أو الذي تقرر تأميمه لغايات محددة أو التصرف في أراضي ومباني الأصول التي تقرر تأميمها أو نزع ملكيتها للمنفعة العامة ، فذلك مما يتسم بعدم المشروعية لما فيه من إهدار للضمانات التي حددها الدستور لنزع الملكية والتأميم وانحراف بهاتين الوسيلتين عن الغرض الذي شُرعتا من أجله، ولا يصح في هذا المقام التعلل بالمصلحة العامة الداعية لإتباع أسلوب الخصخصة، إذ ليست هناك مصلحة عامة تتحقق بمخالفة أحكام القانون والدستور، ومن ثم لا يجوز في مجال سياسات الخصخصة أن تكون الأرض المؤممة أو المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة المقام عليها المشروع أو مبانيها أو الشركة التابعة المراد خصخصتها وطرحها للبيع محلاً للبيع من الدولة ممثلة في مجلس الوزراء أو وزير الاستثمار أو وزير المالية أو الشركات القابضة إلى المستثمر أو المشتري للشركة أو المشروع ، أو محلاً للبيع من جانب المستثمر أو المشتري إلى الغير سواء احتفظ ذلك الغير بنشاط الشركة أو المشروع أو لم يحتفظ بذلك النشاط ، فالمال محل التأميم أو المال محل نزع الملكية قد صار في الملكية العامة للدولة ، مخصصاً للغرض الذي حدده القانون أو القرار ، وليس في القانون ما يجعل للدولة ـ أياً من كان يمثلها ـ أن تخرجها من تلك الملكية إلى الملكية الخاصة للمشتري أو المستثمر أو للشركة الخاصة المشترية ، وبالتالي لا يجوز للأموال التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو التي تكون محلاً للتأميم بحسبانها من أموال الدولة العامة ، أن تكون محلاً للتصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم ، كما لا يجوز أن تخضع للتسجيل بالشهر العقاري أو السجل العيني أو للرهن أياً كان نوعه لغير الدولة ، ولا يترتب عليها للغير أي من الحقوق العينية التبعية سواء أكان رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً أو  حق اختصاص أو حق امتياز .

 

       وحيث إنه وبإنزال ما تقدم على القرار المطعون فيه بالموافقة على بيع 100% من الأصول الثابتة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ـ عدا الأراضي والمباني السكنية ـ لشركة أندوراما شبين للغزل والمساهم فيها كل من أندوراما والشركة القابضة واتحاد المساهمين  ، وتأجير الأرض لمدة 25 سنة بمقابل حق انتفاع بواقع 5% من قيمتها سنوياً تجدد لمدة مماثلة ، فإن الثابت من الأوراق أن شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج تأسست بموجب القرار الجمهوري رقم 2369 لسنة 1962 ، ثم وبتاريخ 8/8/1963 صدر القانون رقم (72) لسنة 1963 في شأن تأميم بعض الشركات والمنشآت وشمل ضمن ما شمل تأميم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ضمن الشركات التابعة للمؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج (البند أولاً ـ شركات تخضع للقوانين 118 و 119 لسنة 1961) ، ومن ثم تكون شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج هي إحدى الشركات المؤممة لأغراض محددة هي صناعات الغزل والنسيج والملابس والتبييض والصباغة والتجهيز النهائي للصناعات المتعلقة بالقطن والمواد الليفية الأخرى ، وتجارة الخيوط والمنسوجات والملابس الجاهزة بشراء وبيع المواد الخام في مصر والخارج ، والاتجار بمصنوعات الشركة داخلياً وخارجياً ، وإنشاء وإقامة وحدات الغزل والنسيج والملابس والتبييض والصباغة ، وجميع عمليات المواد النسجية والغزل والمنسوجات ، وبالتالي تظل تلك الشركة المؤممة مملوكة ملكية عامة للدولة ، ولا يجوز للجهة الإدارية المالكة للمال العام المؤمم أن تخرج عن الغرض المحدد للتأميم جرياً وراء تحقيق مصلحتها المالية حتى ولو كانت سداد ديون الشركات التابعة الخاسرة وفق برنامج الخصخصة، فلا يجوز لها السماح بتغيير النشاط الذي تقررت له نزع الملكية للمنفعة العامة أو الذي تقرر تأميمه لغايات محددة ، كما لا يجوز لها بيع أراضي تلك الشركة لأية جهة فذلك مما يتسم بعدم المشروعية لما فيه من إهدار للضمانات التي حددها الدستور للتأميم وانحراف بهذه الوسيلة عن الغرض الذي شُرعت من أجله ، كما لا يجوز للجهة الإدارية إنهاء تخصيص المال العام المؤمم لغايات معينة إذ لا تنطبق المادة (88) من القانون المدني إلا على الأموال العامة المملوكة للأشخاص العامة بهذا الوصف ابتداءً ، دون تلك التي تم تأميمها أو نزعت ملكيتها من الأفراد لتحقيق غرض معين ذي نفع عام ، والتي لا تفقد صفتها كأموال عامة إلا بانتهاء الغرض الذي خُصصت من أجله تلك الأموال للمنفعة العامة طبقاً لصريح نص المادة (88) المشار إليها ، والقول بغير ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام التأميم ونزع الملكية للمنفعة العامة التي لم تتقرر إلا استثناءً وفي حدود معينة مما يتعين معه الاقتصار على تلك الحدود وعدم مجاوزتها، ومن ثم فمتى قامت الجهة الإدارية ببيع كافة الأصول المادية والمعنوية شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ضمن طرح الشركة في مزايدة بالمظاريف المغلقة بغاية تمليكها لآخرين ـ عدا الأرض ـ بحيث شمل البيع هذه الأصول المؤممة ومن بينها كافة الأصول المادية والمعنوية المسجلة بسجل الأصول الثابتة للشركة والمصنع والآلات وخطوط الإنتاج وكافة المباني والمنشآت والتوسعات والاستراحة ومحطة المياه ومحطة الكهرباء ومحطة رفع المجاري ، وكافة المنقولات المملوكة للشركة بما في ذلك وسائل النقل والآلات وخطوط الإنتاج والمعدات والأثاث والمكاتب وتجهيزات المصنع والأدوات والعقارات بالتخصيص ، وكافة حقوق الشركة الخاصة بنظم المعلومات وكافة التراخيص والتصاريح والموافقات الصناعية والبيئية  وتراخيص استيراد الأقطان وقوائم العملاء والموردين وحقوق المعرفة والأسرار التجاري والسمعة التجارية والأسماء التجارية والعلامات التجارية ، والسجلات والدفاتر المالية والمحاسبية والمستندات الخاصة بالأصول المبيعة وملفات العاملين وكافة أصول وسندات الملكية والسجلات والعقود (بند تعريف “الأصول المبيعة” بالبند الأول من العقد بعنوان “التعريف والتفسير” ، ومتى كان بيع تلك الأصول المؤممة والمملوكة للدولة ملكية عامة قد تضمنت تمكين المشتري وفقاً للبند الثاني من العقد من أن يكون هو (المالك الوحيد للأصول المبيعة في تاريخ الإقفال ، وله الحق وحده في استخدام كافة الحقوق المرتبطة بها) ومنها حقوق التصرف للغير، فإن قرارها المطعون فيه يكون قد تضمن بيعاً محظوراً لأصول مادية ومعنوية مؤممة ومملوكة للدولة ملكية عامة ، ومن ثم يكون قد خرج عن نطاق المشروعية خروجاً جسيماً يجعله والعدم سواء.

       وحيث إنه وعن تخير وتحديد شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كأحد الشركات التي يتعين بيعها على وجه السرعة ضمن 127 شركة أخرى وضرورة أن يتم البيع خلال أعوام ثلاثة فقط تبدأ من عام 2004 وتنتهي عام 2006 ، فإنه ولئن كان للجهة الإدارية سلطة تقدير التصرف في المال المملوك للدولة أو تخير سُبل استعماله ، إلا أن هذه السلطة ليست سلطة مطلقة ، وإنما هي سلطة يحدها عيب الانحراف في استعمال السلطة فيتعين أن تكون ثمة ضرورة ملحة أوجبت التصرف في المال العام المطلوب التصرف فيه لما يمثله من عبء على خزانة الدولة يعوق أدائها لواجباتها المقررة قانوناً ، وألا تكون الدولة ممثلة في الحكومات المصرية المتتابعة، قد تركت هذا الشركة التي تقرر بيعها تغرق في سوء الأداء وسوء الإدارة وضعف كفاءة القيادات وتفشي الفساد بما يعرضها للخسائر ، وأن تكون الدولة قد بذلت من الجهد ما يكفي لإصلاحها وإعادة هيكلتها ، وألا يكون البيع لمجرد الانصياع لمتطلبات جهات أجنبية أو اتفاقات دولية تمس سيادة القرار السياسي والاقتصادي للبلاد بغاية طرح الشركة ضمن قطاع الأعمال العام للبيع للقطاع الخاص المصري والأجنبي ضمن عملية التحول نحو الاقتصاد الرأسمالي الحر في وقت لم تكن الشركة تحتاج سوى بعض الإصلاح الرشيد.

       وحيث إن الثابت من الأوراق أن قرار اللجنة الوزارية للخصخصة الصادر بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/11/2003 المعتمد من مجلس الوزراء بجلسته رقم 80 لسنة 2004 المنعقدة بتاريخ 6/1/2004 ، قد تضمن أنه قد تم خصخصة 202 شركة ومصنع وباقي في حوزة قطاع الأعمال العام 178 شركة ، منها (59) شركة خاسرة و (52) شركة تحقق أرباحاً هامشية ، و (66) شركة رابحة ، وأنه قد تقرر بيع عدد (127) شركة منها (113) شركة على وجه السرعة خلال أعوام من 2004 إلى 2006 ، ووردت شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ضمن القائمة (ب) ( المسلسل رقم 96 ) المتعلقة بالشركات قليلة الربحية التي يبلغ إيرادات نشاطها (240.9 مليون جنيه) ، وتبلغ قيمة أرباحها (12.9 مليون جنيه) ، وتضمن القرار في البند (سادسا) منه التساؤل حول (كيف يمكن بيع هذه الشركات في هذا الزمن القصير نسبياً؟؟) وتضمن القرار في ذات البند الإجابة بأنه ( لابد من وضع ضوابط مُيسرة ومنح حوافز واضحة للمستثمرين لإمكان تحقيق الهدف ) ، والثابت مما تقدم أن شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج هى من الشركات المصنفة كشركة (رابحة) ، بل إن لجنتي تقييم الشركة والتحقق من صحة التقييم أثبتت تلك الحقيقة الدامغة بتقريرها بقولها:

(أن الشركة تحقق أرباحاً متنامية من سنة إلى أخرى ، وأنه تبين أن الشركة لم تحقق أي خسائر منذ إنشائها حتى 30/6/2004 ، فضلاً عن ذلك فإن المركز المالي للشركة يتسم بالقوة …….. ) (حافظة مستندات الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس المقدمة للمحكمة بجلسة 11/7/2011 ـ المستند رقم (4) ـ وحافظة مستندات شركة أندوراما شبين تاكستيل ـ المدعى عليها الخامسة ـ المقدمة للمحكمة بجلسة 11/7/2011 ـ المستند رقم 5) ، كما إن الثابت من الأوراق ومن قرار اللجنة الوزارية للخصخصة الصادر بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/11/2003 المعتمد من مجلس الوزراء بجلسته رقم 80 لسنة 2004 المنعقدة بتاريخ 6/1/2004 أن ثمة شركات أخرى في مجال صناعة الغزل والنسيج قد تم إدراجها ضمن الشركات المقترح بقاؤها مملوكة للدولة ضمن (رابعاً) ـ القائمة (هـ) على الرغم من أن شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كانت أكثر منها إيراداً وربحية بما كان يرشحها للبقاء دون خصخصة ضمن القائمة (هـ) إلا أنها أُدرجت ضمن القائمة (ب) قليلة الربحية المقترح بيعها ، ومن تلك الشركات:

ــ (شركة مصر حلوان للغزل والنسيج) ـ قائمة (هـ) مسلسل (1) ـ إيرادات نشاطها (46.3 مليون جنيه) ، وتحقق خسائر مقدارها (164 مليون جنيه) ، بينما إيرادات نشاط شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج (240.9 مليون جنيه) ، وتحقق أرباحاً مقدارها (12.9 مليون جنيه)

ــ (شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة) ـ قائمة (هـ) مسلسل (2) ـ إيرادات نشاطها (944.6 مليون جنيه) ، وتحقق خسائر مقدارها (105.6 مليون جنيه) ، بينما إيرادات نشاط شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج (240.9 مليون جنيه) ، وتحقق أرباحاً مقدارها (12.9 مليون جنيه).

ــ (شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار) ـ قائمة (هـ) مسلسل (3) ـ إيرادات نشاطها (159.6 مليون جنيه) ، وتحقق خسائر مقدارها (291.4 مليون جنيه) ، بينما إيرادات نشاط شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج (240.9 مليون جنيه) ، وتحقق أرباحاً مقدارها (12.9 مليون جنيه).

ومفاد ما تقدم أنه تخير الشركات لإخضاعها للخصخصة لم تكن قائمة على الدراسة والتنظيم وإنما كانت اختياراً عشوائياً لا ضابط له ، فلم تكن ثمة ضرورة ملحة أوجبت التصرف في المال العام المملوك للدولة ببيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، إذ لم تكن تمثل عبئاً على خزانة الدولة يعوق أدائها لواجباتها المقررة قانوناً ، سيما وقد ثبت أنها كانت شركة رابحة ، الأمر الذي يضحى معه تخير اللجنة الوزارية للخصخصة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لخصخصتها اختياراً لا يبرره أي سند من القانون ، ولا تكون خصخصة تلك الشركة إلا استجابة لمتطلبات تمويل الجهات الأجنبية لقرارات الخصخصة في مصر والتي كانت خير شاهد على التدخل السافر في الشئون الاقتصادية الداخلية للبلاد وتسخير أموال المنح والهبات المشروطة للمساس بسيادة الوطن وتحقيق غايات الخصخصة دون النظر لأية اعتبارات اجتماعية ، وذلك على ما تكشف عنه (اتفاقية منحة مشروع الخصخصة بين حكومتي جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية) ـ ممثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ـ الموقعة بالقاهرة بتاريخ 30/9/1993 ، والصادر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 534 لسنة 1993 والتي حظيت بموافقة مجلس الشعب المنحل وذلك بتاريخ 8/3/1994 وتصديق رئيس الجمهورية السابق بتاريخ 12/3/1994 ونشرت بالجريدة الرسمية بقرار وزير الخارجية رقم 39 لسنة 1994 بتاريخ 5/5/1994 والتي استهدفت مساعدة الممنوح (جمهورية مصر العربية) في تنفيذ برنامجه للخصخصة من خلال التطوير المؤسسي وتقديم المساعدة لبيع مشروعات وأصول عامة تبلغ 150 مشروعاً وأصل من الأصول الكبيرة التي تمتلكها الحكومة المصرية ، وهو ما يصم تخير شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج حال كونها من الشركات الرابحة بالانحراف في استعمال السلطة ، بما يجعل القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقرير بيعها ضمن الشركات المتعثرة وقليلة الربحية فاقداً سنده وأساسه من القانون.

       وحيث إنه وعن مدى توافق الضوابط والقواعد التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة لتقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وحوافز الاستثمار التي قررتها ذات اللجنة الوزارية للمستثمرين ترغيباً لهم في شراء الشركة مع أحكام قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 ، فإن الثابت من استقراء القواعد التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة لتقييم هذه الشركة وغيرها مما أُطلق عليها الشركات الخاسرة وقليلة الربحية الصادرة بتاريخ 23/11/2003 والمعتمدة بعد تعديلها من مجلس الوزراء بتاريخ 6/1/2004 أنها قد خالفت الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التي لا تجيز التصرف بالبيع في أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بعد موافقة الجمعية العامة و(طبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية)  حيث لم تدرج القواعد التي أقرتها اللجنة الوزارية للخصخصة ضمن اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام المشار إليه على الرغم من تنبيه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عضو اللجنة الوزارية الذي نبه في تعليقه على تلك الضوابط والقواعد بأنه يتعين (عرض قرارات اللجنة الوزارية للخصخصة في هذا الشأن على مجلس الوزراء لإقرارها واعتمادها) ، كما نبه إلى وجوب (صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 203 لسنة 1991 يتضمن المعنى الآتي: “يتبع في شأن تقييم الشركات الخاسرة وقليلة الربحية بقصد بيعها أو تأجيرها الضوابط التي يعتمدها مجلس الوزراء بناء على اقتراح اللجنة الوزارية للخصخصة” ، إلا أن أحداً لم يلتفت لذلك واستمرت اللائحة التنفيذية متضمنة لقواعد أخرى مغايرة للقواعد والضوابط التي أقرها مجلس الوزراء بما يجعلها والعدم سواء لافتقارها إلى أي سند يقيمها ، كما خالفت تلك الضوابط والقواعد المادة (26) من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991 التي نصت على أنه ” لا يجوز للشركة التصرف بالبيع في أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بموافقة الجمعية العامة غير العادية وطبقاً لما يأتي:

1 ـ  أن تكون الشركة عاجزة عن تشغيل هذه الخطوط تشغيلا اقتصادياً أو أن يؤدي الاستمرار في تشغيلها إلى تحميل الشركة خسائر مؤكدة.

2 ـ  ألا يقل سعر البيع عن القيمة التي تقدرها اللجنة المنصوص عليها في المادة (19) من القانون ” إذ الثابت أن شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لم تكن من الشركات العاجزة عن تشغيل خطوط الإنتاج الرئيسية تشغيلاً اقتصادياً ، كما لم يثبت أن الاستمرار في تشغيلها من شأنه أن يؤدي إلى تحميل الشركة خسائر مؤكدة ، وإنما على العكس فقد ثبت أن الشركة من الشركات التي تحقق أرباحاً وأنها قد حققت فائضاً مناسباً وأرباحاً معقولة.

       ومن حيث إنه وعن مدى مشروعية الضوابط والقواعد التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة لتقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وحوافز الاستثمار التي قررتها ذات اللجنة الوزارية للمستثمرين ترغيباً لهم في شراء الشركة ومدى اتساقها مع قواعد التقييم المستقرة والمعمول بها وأثرها على ارتفاع أو تدني قيمة الشركات محل البيع ومنها الشركة الماثلة ، فإن الثابت أن القواعد التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة لتقييم هذه الشركة وغيرها مما أُطلق عليها الشركات الخاسرة وقليلة الربحية الصادرة بتاريخ 23/11/2003 والمعتمدة بعد تعديلها من مجلس الوزراء بتاريخ 6/1/2004 قد تقدم بها الدكتور/ مختار خطاب وزير قطاع الأعمال العام تحت مسمى “حاضر ومستقبل برنامج الخصخصة” وتضمنت تسع بنود خرجت جميعها وفي مجموعها عن طرق تقييم الشركات والمشروعات المتعارف عليها اقتصادياً ومالياً ومحاسبياً سواء تلك التي تعتمد في تقييم الأصول على التكلفة التاريخية أي القيمة التي تفصح عنها القوائم المالية وتعكس ما تحملته الشركة في سبيل الحصول على أصولها في الماضي ، أو تلك التي يكون التقييم فيها على أساس التغير في المستوى العام للأسعار بأخذ عوامل التضخم في الاعتبار وتعديل قيمة الأصول إلى قيمتها بالأسعار السائدة وقت التقييم ، أو تلك التي تؤسس تقييم الأصول على أساس القيمة العادلة المتوقعة بتحديد القيمة المتوقع تحصيلها من كل أصل عند بيعه ، أو تلك التي تعتمد تقييم الشركة على أساس طريقة مضاعف الربحية ، أو التي تعتمد في تقييم الأصول على أساس القيمة الحالية للتدفقات النقدية المخصومة ، بل جاءت تلك القواعد بخليط من أسس التقييم لم تراع فيه القيمة الحقيقية لأصول الشركة محل البيع وإنما راعت فيه ـ كما ورد صراحة بتلك القواعد ـ وضع ضوابط ميسرة ، وتقديم حوافز واضحة للمستثمرين لترغيبهم في الشراء ، وهو ما حاول تبريره ـ بغير حق ـ رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عضو اللجنة الوزارية للخصخصة بمحضر جلسة اللجنة بتاريخ 23/11/2003 بقوله: (أن ما جاء بخطة السيد الدكتور وزير قطاع الأعمال العام يمثل استثناءً من السبع طرق المتعارف عليها لتقييم الشركات ليطبق على الشركات الخاسرة وقليلة الربحية ، وأن هذا الاستثناء أملته الضرورة المتمثلة في التخلص من النزيف الدائم للخسائر والذي تتعرض له هذه الشركات ، وأن الجهاز المركزي للمحاسبات يوافق على هذه السياسة ويدعم هذا التوجه القائم على التخلص من هذه الشركات بالبيع أو بتبني أسلوب استثنائي في التقييم خروجاً على القواعد العامة) ، ومن ثم فقد شاب قواعد تقييم الشركات المرشحة للخصخصة الانتقاء العشوائي لقواعد متفرقة لا رابط بينها سوى التخلص من شركات قطاع الأعمال العام مهما كان التقييم ، ووجدت تلك القواعد المخالفة مساندة ودعم وتأييد من جهاز الدولة القائم على الرقابة بغير سند من القانون وهو الجهاز المركزي للمحاسبات فأقر أسلوباً عشوائياً استثنائياً لتقييم الشركات مبرراً الاستثناء بكونه لضرورة التخلص من النزيف الدائم للخسائر في الوقت الذي تتصل تلك القواعد بشركات غير خاسرة تحقق أرباحاً حتى ولو كانت قليلة فلا يشملها سند الجهاز المذكور من إدعاء النزيف الدائم للخسائر ، ومن ثم جاءت تلك القواعد والضوابط مخالفة لطرق التقييم المتعارف عليها مالياً واقتصادياً بما يجعلها مخالفة للقانون غير جديرة بالتطبيق على الشركة محل البيع.

       ومن حيث إنه وعن مظاهر التفريط في تقييم المال العام للتخلص منه وفقاً لسياسات الخصخصة سالفة البيان ، فقد تضمنت تلك القواعد:

  •  (تحمل الشركة القابضة لتكلفة المعاش المبكر للعمالة الزائدة عن الاتفاق مع المشتري على احتفاظه بكامل العمالة الموظفة عند الشراء ، وخصم تلك التكلفة من ثمن الشراء المتفق عليه) (البند 1/5)
  • (التزام المشتري بعدم استخدام الأراضي المشتراة في غير الأغراض الصناعية ، فإذا قام بتغيير الغرض يسدد للدولة ” وزارة المالية ” الفرق بين ثمن السوق للأراضي المشتراة وبين ثمن الأراضي الصناعية في أقرب مدينة عمرانية جديدة) (البند 1/8) ، وإن كانت هذه القاعدة لم تطبق على أراضي شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لعدم تضمن البيع لأراضي تلك الشركة.
  • (تقييم الأراضي اللازمة للنشاط موضوع البيع بسعر المتر في الأراضي الصناعية بأقرب مدينة عمرانية جديدة …. ) (البند 2/1) كما لم تطبق هذه القاعدة على أراضي شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لذات السبب.
  • (تقييم المباني التي يتم مزاولة النشاط فيها بالقيمة الدفترية أو بمبلغ 150 جنيه للمتر المربع إذا قلت القيمة الدفترية للمتر المربع عن هذا المبلغ) (البند 2/2)
  • (تقييم الآلات والمعدات والأثاث ومعدات المكاتب بالقيمة الدفترية الظاهرة في آخر ميزانية معتمدة من مراقب الحسابات)(البندان 2/3 و 2/4)
  • (تقييم المخزون والمدينون بالقيمة الدفترية لهما إذا رغب المشتري في شرائهما) (البند 2/6)
  • (تقييم الشركات الصناعية قليلة الربحية الواردة في الجدول (أ) والجدول (ب) بالأسلوب والقواعد التي تقررت للشركات الصناعية الخاسرة ، وبحد أدنى المتوسط السنوي لقيمة الأرباح الصافية قبل الفوائد للسنوات الثلاث الأخيرة طبقاً للقوائم المالية المعتمدة من الجهاز المركزي للمحاسبات مضروبة في مضاعف ثمانية) (البند 2/7 ـ المعدلة بقرار مجلس الوزراء رقم 80/01/04/7 بالجلسة رقم 80 بتاريخ 6/1/2004)
  • (للجمعيات العامة لشركات قطاع الأعمال العام عند اتخاذ القرارات الموافقة على ثمن يقل عن القيمة الدفترية إذا رأت في ذلك مصلحة تقدرها) (الفقرة الأخيرة من البند 2 من قواعد تقييم الشركات الصناعية التي أقرتها اللجنة الوزارية للخصخصة بتاريخ 23/11/2003

ومن ثم يبين من مظاهر التفريط في تقييم المال العام للتخلص منه السالف بيانها بطلان وانعدام تلك القواعد لعدة أسباب:

 

السبب الأول ـ  فقد سمحت قواعد التقييم للمستثمر المشتري بتصفية جانب من العمالة بناء على رغبته المطلقة وتحديده لما أسمته القواعد بالعمالة الزائدة وتحمل الشركة القابضة لتكلفة المعاش المبكر لتلك العمالة الزائدة عن الاتفاق مع المشتري على الاحتفاظ بالعمالة الموظفة عند الشراء ، وخصم تلك التكلفة من ثمن الشراء المتفق عليه، وهو ما أدى إلى تصفية لعدد كبير من العاملين وزيادة معدلات البطالة ، وتحمل الدولة بتكلفة المعاش المبكر خصماً من ثمن الشراء الذي كان يتعين أن يكون ثمناً ناجزاً وكاملاً يتفق والقواعد الفنية المحاسبية لتقييم الأصول المباعة لا أن يكون ثمناً مخصوماً منه تلك التكلفة ، وبالتالي يكون الإدعاء بتخفيض مديونيات القطاع العام‏,‏ غير قائم على جهود الخصخصة وإنما يتم أساساً من خلال بيع الشركات بمديونياتها‏,‏ أو استخدام عائد بيع بعض الشركات التي تحقق أرباحاً كبيرة في سداد ديون شركات خاسرة‏,‏ بما يشير إلى التوظيف السيئ لعائدات الخصخصة‏، وهو ما يبخس القيمة البيعية للأصول ويتعارض مع الثمن المحدد لتقييم الأصول المشتراة.

السبب الثاني ـ فقد سمحت تلك القواعد للمستثمر (المشتري) بأمرين مخالفين للقانون، أولهما تغيير الغرض من استخدام الأرض من الأغراض الصناعية إلى غيرها من الأغراض بمحض إرادته والتسليم له بفعل ذلك صراحة وضمناً ، وثانيهما بتعديل أسلوب التقييم المعتمد من مجلس الوزراء إلى أسلوب التقييم وفقاً للقيمة السوقية متى أراد المستثمر ذلك ووقتما شاء ، وذلك بتقرير قاعدة من قواعد التقييم (البند 1/8) تقضي بالتزام المشتري بعدم استخدام الأراضي المشتراة في غير الأغراض الصناعية ، فإذا قام بتغيير الغرض يسدد للدولة ” وزارة المالية ” الفرق بين ثمن السوق للأراضي المشتراة وبين ثمن الأراضي الصناعية في أقرب مدينة عمرانية جديدة ، وهو تفريط شجع المستثمر على قبول الشراء وفقاً لما تقرره الدولة من قواعد للتقييم والتربص بفرصة تغيير الغرض كما يشاء ووقتما يريد ليقتصر الأمر على سداده لفرق التقييم دون نظر لضرورة المحافظة على استمرار النشاط وعلى نوعية وعدد العمالة القائمة ودون مراعاة لضابط تجنب بيع الأراضي وأي أصول أخرى زائدة على النشاط ووجوب نقل ملكيتها إلى الشركة القابضة المختصة وفقاً للبند (1/1) من الضوابط العامة ، وهو ما يعدم تلك القواعد من أساسها طالما كان تغيير الغرض من الأرض المشتراة والتقييم النهائي لها منوطاً برغبة المشتري ووفق أسلوب التقييم الذي يحقق مصلحته هو لا مصلحة المشروع محل البيع. وهو ما أورده البند (7/3) من العقد ـ رغم عدم تضمنه لبيع الأرض وجعلها من “الأصول غير المبيعة” عند إبرام العقد ـ حين فتح الباب أمام الشركة القابضة لبيع أراضي الشركة ، ومنح المشتري حق الأولوية في شراءها متى اعتزم الطرف البائع بيعها لآخرين ، وبذات ثمن البيع.

 السبب الثالث ـ فقد تعاملت قواعد تقييم الشركات المعتمدة من مجلس الوزراء مع كل من الشركات الخاسرة والشركات الرابحة والشركات قليلة الربحية معاملة واحدة فلم تفرق بينهم ، كما لم تحدد معياراً للتمييز بين الشركات الرابحة والأخرى قليلة الربحية أو بين الشركات الخاسرة والشركات الأخرى “قليلة الربحية” ، بل جعلت تلك القواعد رائد التقييم لها جميعاً هو (القيمة الدفترية) (Book Value‏) وهو مصطلح محاسبي يطلق على رصيد حساب الأصل أو الالتزام في قائمة المركز المالي لأي كيان اقتصادي سواء كان فرداً أو شركة أو حكومة ، وتعتمد طريقة حساب هذه القيمة على السياسة المحاسبية المتبعة في تقييد الأصل أو الالتزام، فإما تكون مساوية لقيمته الواقعية (كالنقد والودائع البنكية) أو قيمة شراءه ناقصاً مجموع الإهلاك أو قيمته التقديرية ، كما تقاس القيمة الدفترية للشركات عن طريق حساب الفرق بين إجمالي القيمة الدفترية للأصول وإجمالي القيمة الدفترية للالتزامات، مما يساوي القيمة الدفترية لحقوق الملكية وهي القيمة الدفترية للشركة، وهو أساس للتقييم يُبخس من قيمة الآلات والمعدات والأثاث ومعدات المكاتب ، ويتصادم مع غاية وهدف البيع والخصخصة القائم على استمرارية النشاط وعلى التزام المستثمر بتطوير الشركة محل البيع ، كما أنه أساس لا يفرق بين حداثة أو قدم الأصل محل التقييم ، وإذا جاز لهذا الأساس أن يتناسب مع الشركات الخاسرة فإنه بيقين لا يتفق مع تقييم الشركات الرابحة ولا الشركات المسماة قليلة الربحية.

 

السبب الرابع ـ فقد تبنت تلك القواعد‏ تقييم الأراضي اللازمة للنشاط موضوع البيع أياً كانت المدينة الكائنة بها بسعر المتر في الأراضي الصناعية بأقرب مدينة عمرانية جديدة, وهو ما يميز بغير سند بين المشتري للأرض بالمدن المصرية على اختلافها وبين المشتري لإحدى شركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة ، فبينما يشتري المستثمر الراغب في إقامة مشروع جديد بأي مدينة بالسعر السوقي للأرض فيها مضيفاً أصولاً إنتاجية وفرص عمل جديدة ‏,‏ نجد أن قواعد التقييم المشار إليها لا تبيح للمشتري لشركة قطاع الأعمال الموجودة في ذات المدن‏ إلا‏ شراء متر الأرض بسعر المتر في أراضي التنمية الصناعية بأقرب مدينة عمرانية جديدة‏ والتي سعرها وفقاً لتقدير تلك القواعد حول سعر ‏مائة وخمسون جنيهاً‏ للمتر المربع ليتمكن المستثمر من تعمد تصفية الشركة بعد ذلك وبيع الأرض أو توظيفها في استخدامات جديدة مع تحقيق أرباح تصل إلي أضعاف السعر الذي دفع في الشركة عند خصخصتها‏ ، ولا يُحظر عليه ذلك وإنما فقط توصي القواعد بتحصيل الفرق بين هذا التقييم والقيمة السوقية للأرض وهو منتهى ما يهدف إليه المستثمر ويبتغيه ، بما يفقد تلك المعايير أي قيمة قانونية تسندها.‏

السبب الخامس ـ فقد تضمنت تلك القواعد تقييم الشركات الصناعية قليلة الربحية الواردة في الجدول (أ) والجدول (ب) بالأسلوب والقواعد التي تقررت للشركات الصناعية الخاسرة ، وبحد أدنى المتوسط السنوي لقيمة الأرباح الصافية قبل الفوائد للسنوات الثلاث الأخيرة طبقاً للقوائم المالية المعتمدة من الجهاز المركزي للمحاسبات مضروبة في مضاعف ثمانية) (البند 2/7 ـ المعدلة بقرار مجلس الوزراء رقم 80/01/04/7 بالجلسة رقم 80 بتاريخ 6/1/2004) أي أن الحد الأدنى لتقييم الشركات قليلة الربحية يكون هو ثمانية أضعاف المتوسط السنوي لأرباحها خلال السنوات الثلاث قبل بيعها‏ ،‏ بما مفاده إمكانية استرداد المشتري كل ما دفعه من خلال الأرباح المعتادة في غضون ثمانية أعوام‏,‏ بينما المستقر عليه في البورصة المصرية أن مضاعف الربحية أو فترة استرداد رأس المال من خلال الأرباح السنوية‏‏ تبلغ من ‏خمسة عشر‏ عاماً إلي أكثر من‏ خمس وعشرينعاماً‏,‏ كما أن هذه القاعدة قد أغفلت إمكانية تدني أرباح الشركة بسبب سوء الإدارة حتى ولو كانت أصولها عالية القيمة‏ ، ومن ثم‏ فإن تحديد السعر بهذه الطريقة‏,‏ إنما ينطوي على إهدار المال العام‏ ، بما يفسد تلك القواعد ويبطلها.‏

السبب السادس ـ أن قواعد التقييم المشار إليها قد شابها “تفريط جد خطير” ، بتخويل الجمعيات العامة لشركات قطاع الأعمال العام برئاسة وزير الاستثمار حق الموافقة على ثمن لبيع الشركات (يقل عن القيمة الدفترية) بداعي المصلحة التي تقدرها تلك الجمعيات العامة ، وهو ما يُطلق العنان للشركات القابضة بجمعياتها العامة لبيع الشركات التابعة ـ وهي من الأموال المملوكة للدولة ـ بسعر غير مقيد بحد أدنى ، فحتى القيمة الدفترية أياً ما كانت نسبة الإهلاك فيها أجازت تلك القواعد النزول عنها إلى قيمة تدنوها بما لا يسانده أي مبرر من المصلحة العامة، ولا يفسره سوي أن غاية تلك القواعد للتقييم لم تكن سوى التخلص غير المبرر من المال العام المملوك لهذا الشعب المصري إلى أي مستثمر يقبل السعر الذي يدنو سعر القيمة الدفترية للشركات ، وهو ما يجعل تطبيق تلك القواعد على تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج (الرابحة) والمسماة “قليلة الربحية” باطلاً بطلاناً مطلقاً لا يقيله من عثرته مُقيل.

 

       ومن حيث إنه وعن مدى سلامة تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج والتزام التقييم بضوابط وقواعد التقييم سواء المقررة بقانون قطاع الأعمال العام أو القواعد والضوابط الباطلة التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة والمعتمدة من مجلس الوزراء ، ومدى إهدار التقييم للمال العام ، فإن الثابت من الأوراق أن تقييم أصول شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وإعادة التقييم قد تم وفقاً لأسس باطلة ومهدرة للمال العام على النحو السالف بيانه ، وتتمثل أهم مخالفات التقييم فيما يلي:

المخالفة الأولى : مخالفة إعادة إعداد تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج على أساس المركز المالي في 30/6/2004 دون المركز المالي للشركة في 30/6/2005 التاريخ المعاصر لطرح أصول الشركة للبيع في 25/9/2005

أنه قد تم تقييم الشركة بمعرفة اللجنة المشكلة بالقرار رقم 54 لسنة 2004 الصادر بتاريخ 16/3/2004 على أساس المركز المالي للشركة في 30/6/2003 ، إلا أنه ونفاذاً لقرار مجلس الوزراء بقواعد التقييم المعتمد بتاريخ 6/1/2004 فقد كان من المتعين أن يتم التقييم في 30/6/2005 ليكون معبراً عن القيمة الحقيقية لتقييم أصول الشركة وفقاً لآخر ميزانياتها عند الطرح للبيع في 25/9/2005 ، إلا أن الثابت الأوراق أن تقرير التحقق من تقييم أصول الشركة لتحديث التقييم قد اعتمد تاريخ 30/6/2004 ولم يعتد بالتقييم على أساس تاريخ 30/6/2005 ، بما يجعل التقييم غير معبر عن القيمة الحقيقية للأصول محل التقييم ومن ثم يضحي اعتماد التقرير باطلاً لقيامه على أساس ميزانية سابقة للميزانية الأخيرة لعام 2005 الواجب اتخاذها أساساً لتحديث التقييم وهو ما يفقده المصداقية والتعبير عن المركز المالي الحقيقي للشركة.

 

المخالفة الثانية : مخالفة الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التي حظرت التصرف بالبيع في أي أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بعد موافقة الجمعية العامة  وطبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية ، ذلك أن تقييم أصول الشركة قد اتبع الضوابط والقواعد الخاصة بتقييم الشركات الصناعية التي وافقت عليها اللجنة الوزارية للخصخصة والمعتمدة من مجلس الوزراء والمخالفة للقانون والصادرة من غير سلطة مختصة بإصدارها وبغير الأداة التشريعية المحددة قانوناً لتقييم الشركات وهي اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام ، وذلك بالمخالفة للفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التي حظرت التصرف بالبيع في أي أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بعد موافقة الجمعية العامة وطبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية ، حيث لم تدرج القواعد التي أقرتها اللجنة الوزارية للخصخصة ضمن اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام المشار إليه على الرغم من تنبيه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عضو اللجنة الوزارية الذي نبه في تعليقه على تلك الضوابط والقواعد بأنه يتعين (عرض قرارات اللجنة الوزارية للخصخصة في هذا الشأن على مجلس الوزراء لإقرارها واعتمادها)، كما نبه إلى وجوب (صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 203 لسنة 1991 يتضمن المعنى السالف بيانه ، إلا أن اللائحة التنفيذية استمرت متضمنة لقواعد أخرى مغايرة للقواعد والضوابط التي أقرها مجلس الوزراء بما يجعل تطبيق الضوابط والقواعد المعتمدة من مجلس الوزراء دون تضمينها اللائحة التنفيذية ذاتها أو دون تخويل مجلس الوزراء وضع تلك الضوابط بديلة عما تضمنته اللائحة التنفيذية والعدم سواء.

 

المخالفة الثالثة : مخالفة تقييم الشركة لحكم المادة (26) من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991 التي نصت على أنه ” لا يجوز للشركة التصرف بالبيع في أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بموافقة الجمعية العامة غير العادية وطبقاً لما يأتي:

1 ـ  أن تكون الشركة عاجزة عن تشغيل هذه الخطوط تشغيلا اقتصاديا أو أن يؤدي الاستمرار في تشغيلها إلى تحميل الشركة خسائر مؤكدة.

2 ـ  ألا يقل سعر البيع عن القيمة التي تقدرها اللجنة المنصوص عليها في المادة (19) من القانون ” إذ الثابت أن شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لم تكن من الشركات العاجزة عن تشغيل خطوط الإنتاج الرئيسية تشغيلاً اقتصادياً ، كما لم يثبت أن الاستمرار في تشغيلها من شأنه أن يؤدي إلى تحميل الشركة خسائر مؤكدة ، وإنما على العكس فقد ثبت أن الشركة من الشركات التي تحقق أرباحاً ، وهو ما قررته لجنة التقييم ولجنة التحقق من صحة تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج في تقريرها بقولها:

(أن الشركة تحقق أرباحاً متنامية من سنة إلى أخرى ، وأنه تبين أن الشركة لم تحقق أي خسائر منذ إنشائها حتى 30/6/2004 ، فضلاً عن ذلك فإن المركز المالي للشركة يتسم بالقوة …….. ) (حافظة مستندات الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس المقدمة للمحكمة بجلسة 11/7/2011 ـ المستند رقم (4) ـ وحافظة مستندات شركة أندوراما شبين تاكستيل ـ المدعى عليها الخامسة ـ المقدمة للمحكمة بجلسة 11/7/2011 ـ المستند رقم 5) ، بما يجعل تقييمها كشركة خاسرة أو قليلة الربحية تمهيداً لبيعها بغير سند من القانون والواقع.

 

المخالفة الرابعة : مخالفة الاعتداد بالتقييم الذي أجرته لجنة التحقق من صحة التقييم القائم على أساس قواعد وضوابط التقييم الصادرة عن اللجنة الوزارية للخصخصة بتاريخ 23/11/2003المعدلة بقرار مجلس الوزراء رقم 80/01/04/7 بالجلسة رقم 80 بتاريخ 6/1/2004 ، لتدني القيمة التقديرية لتلك الأصول في التقرير الذي قام البيع على أساسه ، عن القيمة الحقيقية للأصول وفقاً لقواعد التقييم الأخرى ، ويبين ذلك مما يلي:

ــ التقييم وفقاً لقواعد الخصخصة التي تم بها البيع = (149041720 مليون جنيه)

ــ التقييم وفقاً للقيمة السوقية للأصول          = (305010573,18مليون جنيه)

ــ التقييم وفقاً لصافي التدفقات النقدية               = (287412000 مليون جنيه)

ــ التقييم وفقاً لمضاعف الربحية                   = (309552000 مليون جنيه)

 

المخالفة الخامسة : بطلان عملية التقييم لما شابها من بطلان وذلك من عدة أوجه:

الوجه الأول ـ أن تقييم الأراضي قد تم دون أن تبين اللجنة الأسس الفنية المعتمدة لتحديد سعر المتر من الأراضي المملوكة للشركة وأسباب تخير سعر المتر بمدينة السادات كأقرب مدينة صناعية جديدة ، وسند نسبة التميز المضافة لسعر المتر ومدى اختصاص وسلطة وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة بقراره الصادر في 9/2/2003 في تحديد تلك النسبة وأسس تحديدها ، كما اتسم التقييم بالانخفاض الشديد في تقييم أراضي الشركة حيث لم يستند التقييم إلى تقرير خبير عقاري فتراوحت الأسعار ما بين 120 جنيه و 132 جنيه للمتر دون أسس منطقية أو واقعية ، على الرغم مما رأته لجنة التحقق من التقييم بتقدير سعر الأرض بمبلغ (250 جنيه) للمتر المربع ، وهو ما لم يؤخذ به.

الوجه الثاني ـ أن التقييم الذي تم لبيع الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لم يعتد برأي لجنة التحقق من صحة التقويم التي قررت (أن التقييم الذي تراقب صحته لا يتناسب مع مقومات الشركة ومركزها المالي) وطلبت: ( أن يتم التقييم لأصول هذه الشركة بالقيمة السوقية حفاظاً على المال العام ) ، وهو ما تم الالتفات عنه وإهداره بما يجعل مهمة لجنة التحقق بغير جدوى ، ويصبح اعتماد تقييمها عشوائياً انتقائياً يؤخذ بما تراه الجهات القائمة على الخصخصة ويُترك ما ترى تركه ، بما يغدو معه التصرف في المال العام قد تم وفقاً لأهواء سلطة اعتماد التقرير.

الوجه الثالث ـ أن تقييم المباني جاء خلواً من أسس حساب سعر المتر المربع من المباني المملوكة وقيمته ، بل اكتفت لجنة التحقق من صحة التقييم بتقرير أنها قدرت قيمة المباني طبقاً لتكلفة المتر الحالي مضروباً في نسبة الصلاحية دون بيان لهذه التكلفة وتلك النسبة.

الوجه الرابع ـ أن تقييم الآلات والمعدات تم على أسس غير واقعية حيث تحددت قيمة تلك الأصول وفقاً لصافي القيمة الدفترية الظاهرة دون مراعاة نسب الصلاحية والحالة الفنية لها، بل إن لجنة التحقق من التقييم سطرت بتقريرها في شأن (تقييم آلات النشاط الإنتاجي وآلات الخدمات والمرافق) اعتراضها على التقييم بعد أن تبين لها بحسب ما سطرته حرفياً : ( أن نسبة 74% من آلات النشاط الإنتاجي تم تقييمه على أن قيمتها الدفترية تبلغ ((صفراً)) وما زالت تعمل بخطوط الإنتاج ، ولها طاقة إنتاجية مستقبلية ، ومع ذلك لم تُدرج لها قيمة في التقييم ، وكذا آلات الخدمات والمرافق) ، إلا أن التقييم الذي تم على أساسه بيع الأصول المادية والمعنوية للشركة قام على أساس القيمة الدفترية لتلك الآلات والمعدات ولم يعتمد على القيمة السوقية لها عند التقييم في ضوء نسب صلاحيتها وحالتها الفنية والعمر المتبقي لتلك الصلاحية بحسبانها محل الاستخدام الفعلي لتشغيل مصانع الشركة.

الوجه الخامس ـ تم تقييم وسائل النقل والانتقال بالقيمة الدفترية الظاهرة لها دون مراعاة لنسب صلاحيتها وحالتها الفنية وقيمتها وفقاً للأسعار السوقية ، فضلاً عن عدم إدراج القيمة الدفترية لكل أصل من الأصول الثابتة ومجمع الإهلاك وصافي القيمة الدفترية بما يتعارض مع قواعد الإفصاح وضمانات الشفافية.

الوجه السادس ـ أن عملية تأجير أرض الشركة لمدة خمس وعشرين عاماً تُجدد لمدة أخرى وتحديد مقابل الانتفاع لها بنسبة 5% ، قد شابها مخالفة جسيمة تمثلت في سابقة تقدير مقابل الانتفاع السنوي بقيم مختلفة:

ــ بمعرفة لجنة التقييم الأولى بمبلغ (3259049 جنيه) ثلاثة ملايين ومائتان وتسعة وخمسون ألف وتسعة وأربعون جنيه.  

ــ بمعرفة لجنة إعادة التقييم بمبلغ (4041478 جنيه) أربعة ملايين وواحد وأربعون ألف وأربعمائة وثمانية وسبعون جنيه.

ــ بمعرفة لجنة التحقق من صحة التقييم بمبلغ (5388537,5 جنيه) خمسة ملايين وثلاثمائة وثمانية وثمانون ألف وخمسمائة وسبعة وثلاثون ونصف جنيه.

ومع ذلك فقد أغفلت لجنة البت وسلطات الموافقة على خصخصة الشركة تقييم قيمة مقابل الانتفاع الذي قدرته لجنة التحقق من صحة التقييم بمبلغ(5388537,5 جنيه) خمسة ملايين وثلاثمائة وثمانية وثمانون ألف وخمسمائة وسبعة وثلاثون ونصف جنيه ، وأخذت بأقل التقييمات لمقابل الانتفاع وقدره (3259049 جنيه) ثلاثة ملايين ومائتان وتسعة وخمسون ألف وتسعة وأربعون جنيه ، بفارق إهدار للمال العام قدره (2129488,5 جنيه) مليونان ومائة وتسعة وعشرون ألف وأربعمائة وثمانية وثمانون ونصف جنيه ، وهو ما يجعل تقييم قيمة عقد إيجار الأرض لمدة خمسة وعشرون عاماً تجدد لمدة أخرى باطلاً بطلاناً مطلقاً لبطلان تقييم مقابل الانتفاع وإهدار تقييم اللجنة المختصة والمعتمد من وزير الاستثمار.

الوجه السابع ـ تم بيع الأصول المادية والمعنوية للشركة ـ عدا الأرض ـ بمبلغ إجمالي قدره (174,7جنيه) مائة وأربعة وسبعون مليون وسبعمائة ألف جنيه ، بينما كان التقييم المعتمد لقيمة الأصول المادية والمعنوية الذي أعدته لجنة التحقق من صحة التقييم على أساس القيمة السوقية (197237823 جنيه) مائة وسبعة وتسعون مليون ومائتان وسبعة وثلاثون ألف وثمانمائة وثلاثة وعشرون جنيه ، وقد تم البيع والترسية على المشتري متضمناً إهدار المال العام بما يساوي الفارق بينهما وقدره (22538823 جنيه) اثنان وعشرون مليون خمسمائة وثمانية وثلاثون ألف وثمانمائة وثلاثة وعشرون جنيه ، وهو فارق في بيع أصول الشركة للمستثمر يُبطل قرارات الموافقة على هذا البيع الصادرة عن كل من اللجنة الوزارية للخصخصة ومن بعدها المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية برئاسة وزير المالية بالموافقة على التقييم والبيع باجتماعيها بتاريخ 14 أغسطس و 5 سبتمبر 2006 ، ثم اعتماد مجلس الوزراء لهذه القرارات بما يجعل تلك القرارات وما ترتب عليها من خصخصة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج باطلة بطلاناً مطلقاً

  وحيث إنه ـ وفضلاً عما تقدم ـ وعن مدى مشروعية إجراءات طرح شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج للبيع بالمزايدة العامة بالمظاريف المغلقة وإجراءات المفاوضات والبت والترسية على المشتري ، وعن القواعد القانونية الحاكمة لتنظيم المناقصات والمزايدات التي تجريها شركات قطاع الأعمال العام ، فإن الأصل أن تتم إما على أساس القواعد الخاصة للشركة التي يضعها مجس إدارة الشركة عملاً بحكم المادة (6) من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم  203 لسنة 1991، أو وفقاً لأحكام القانون العام لتنظيم المناقصات والمزايدات عند عدم وجود لوائح خاصة تنظم إجراءات المناقصات والمزايدات التي تجريها الشركات ، ولما كانت الشركة القابضة لم تقدم ما يفيد خضوع مناقصاتها ومزايداتها لأية لوائح تنظمها بالشركة ، ومن ثم تعين رقابة إجراءات تلك المزايدة وفقاً لأحكام القانون العام المنظم لإجراءات طرح المناقصات والمزايدات الساري في تاريخ الإعلان عن المزايدة.

       وحيث إن طرح شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ـ في إطار برنامج الحكومة لتوسيع قاعدة الملكية “الخصخصة” ـ في مزايدة عامة بالمظاريف المغلقة لبيع كامل المقومات المادية والمعنوية للشركة إلى مستثمر رئيسي أو لمجموعة من المستثمرين المحليين أو الأجانب قد تم وفقاً للقواعد والنصوص الحاكمة للتصرف في الأموال المملوكة للدولة ، لذلك تم النص صراحة في البند (3 ـ 6) ـ (القانون الواجب التطبيق:) من كراسة الشروط الخاصة ببيع المقومات المادية والمعنوية للشركة على أن : ( تخضع هذه المزايدة لأحكام القانون المصري) ، ومن ثم تخضع عملية البيع بكامل إجراءاتها طرحاً وبتاً وترسية وتعاقداً لأحكام القوانين المصرية ومنه قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 ، وقد أفرد المشرع في قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998، باباً كاملاً من هذا القانون للأحكام التي أوجب العمل بها في بيع العقارات والمنقولات والمشروعات والترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات، وقد نصت المادة (30) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات على أن ” يكون بيع وتأجير العقارات والمنقولات والمشروعات التي ليس لها الشخصية الاعتبارية، والترخيص بالانتفاع أو  باستغلال العقارات بما في ذلك المنشآت السياحية والمقاصف، عن طريق مزايدة علنية عامة أو  محلية أو  بالمظاريف المغلقة.

ومع ذلك يجوز استثناء، وبقرار مسبب من السلطة المختصة، التعاقد بطريق الممارسة المحددة فيما يلي :

أ- الأشياء التي يخشى عليها من التلف ببقاء تخزينها.

ب- حالات الاستعجال الطارئة التي لا تحتمل إتباع إجراءات المزايدة.

ج- الأصناف التي لم تقدم عنها أية عروض في المزايدات أو التي لم يصل ثمنها إلى الثمن الأساسي.

د- الحالات التي لا تجاوز قيمتها الأساسية خمسين ألف جنيه.

ويتم ذلك كله وفقاً للشروط والأوضاع التي تبينها اللائحة التنفيذية. ولا يجوز في أية حال تحويل المزايدة إلى ممارسة محدودة .

 

ونصت المادة (31) من القانون المشار إليه على أنه ” يجوز في الحالات العاجلة التي لا تحتمل إتباع إجراءات المزايدة أو الممارسة المحدودة.

أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من :

أ- رئيس الهيئة، أو رئيس المصلحة ومن له سلطاته في الجهات الأخرى، وذلك فيما لا تجاوز قيمة عشرين ألف جنيه.

ب- الوزير المختص، ومن له سلطاته، أو المحافظ فيما لا تجاوز قيمته خمسين ألف جنيه.

ونصت المادة (32) من القانون ذاته على أن ” تتولى الإجراءات في الحالات المنصوص عليها في هذا الباب لجان تشكل على النحو المقرر بالنسبة للجان فتح المظاريف ولجان البت في المناقصات، وتسري على البيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات بطريق الممارسة المحدودة ذات القواعد والإجراءات المنظمة للشراء بطريق الممارسة المحدودة، وذلك كله بما لا يتعارض مع طبيعة البيع أو التأجير أو الترخيص ” .

ونصت المادة (33) منه على أن  ” تشكل بقرار من السلطة المختصة لجنة تضم الخبرات والتخصصات النوعية اللازمة، تكون مهمتها تحديد الثمن أو القيمة الأساسية لمحل التعاقد وفقاً للمعايير والضوابط التي تنص عليها اللائحة التنفيذية، على أن يكون الثمن أو القيمة الأساسية – سرياً ” .

كما نصت المادة (34) من ذات القانون على أن “يكون إرساء المزايدة على مقدم أعلى سعر مستوف للشروط، بشرط ألا يقل عن الثمن أو القيمة الأساسية

ونصت المادة (35) من القانون على أن تلغى المزايدة قبل البت فيها إذا استغنى عنها نهائياً، أو اقتضت المصلحة العامة ذلك، أو لم تصل نتيجتها إلى الثمن أو القيمة الأساسية، كما يجوز إلغاؤها إذا لم يقدم سوى عرض وحيد مستوف للشروط.

ويكون الإلغاء في هذه الحالات بقرار من الوزير المختص، ومن له سلطاته بناء على توصية لجنة البت، ويجب أن يشتمل قرار إرساء المزايدة أو إلغائها على الأسباب التي بنى عليها. وتنظم اللائحة التنفيذية ما يتبع من إجراءات في حالة الإلغاء.

وتنص الفقرة الأولى من المادة (127) من اللائحة المشار إليها على أن (تلغى المزايدة أو الممارسة المحدودة قبل البت فى أى منهما إذا استغنى عنها نهائيا، أو اقتضت المصلحة العامة ذلك، أو لم تصل نتيجتها إلى الثمن أو القيمة الأساسية، كما يجوز إلغاؤها إذا لم يقدم سوى عرض وحيد مستوف للشروط)

ونصت المادة (131) من اللائحة ذاتها المستبدلة بالقرارات الوزارية وآخرها رقم 528 لسنة 2008 على أنه (يجب في جميع الحالات ألا تجاوز مدة التأجير أو الترخيص ثلاث سنوات على أن يتم قبل نهاية هذه المدة اتخاذ إجراءات الطرح من جديد بإحدى الطرق المقررة قانوناً وفى حدود أحكام هذه اللائحة.

واستثناء من حكم الفقرة السابقة يجوز وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة أن يتم التعاقد لمدة تجاوز ثلاث سنوات بناء على ترخيص من:

الوزير المختص فيما يزيد على ثلاث سنوات ولا يجاوز خمساً وعشرين سنة.

 وزير المالية بالاتفاق مع الوزير المختص فيما يزيد على خمس وعشرين سنة ولا يجاوز خمساً وسبعين سنة ، وتسعاً وتسعين سنة بالنسبة إلى المشروعات ذات الطبيعة الخاصة التي تتطلب استثمارات ضخمة لإنجازها واستغلالها.

وفي هاتين الحالتين يراعى أن تتضمن شروط التعاقد زيادة المقابل سنوياً بنسبة مئوية من قيمته.

وفي جميع الأحوال يجب تضمين الشروط تحديد المدة التي يتم التعاقد على أساسها، والنص على التزام المتعاقد وعلى نفقته بإجراء ما يلزم من تجهيزات وأعمال تطوير وصيانة مستمرة لمحل التعاقد ضماناً لإعادته للجهة المالكة بحالة جيدة في نهاية المدة).

وحيث إن مفاد ما تقدم أن العمل بأحكام القانونين رقمي (147) لسنة 1962 و 9 لسنة 1983 قد توقف اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم (89) لسنة 1998 آنف الذكر في 8/6/1998 وكذلك أي حكم آخر يخالف أحكام هذا القانون، الذي جعل الأصل في التصرف في الأراضي المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية للأفراد سواء بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلال العقارات أملاك الدولة أن يتم عن طريق مزايدة علنية، عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة، واستثناء إما بطريق الممارسة المحدودة في حالات محددة أو التعاقد بطريق الاتفاق المباشر في حالات عاجلة معينة حصراً على أن تتبع في هذه الحالات الإجراءات المنصوص عليها في القانون ولائحته التنفيذية التي تتضمن هذه الأحكام في المواد من (114) إلى (132) من هذه اللائحة.

       وحيث إنه لما كان ما تقدم، فإنه بصدور قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998 والعمل به، فقد صار هذا القانون بمثابة الشريعة العامة في شأن جميع التعاقدات التي تجريها وحدات الجهاز الإداري للدولة والأشخاص المعنوية العامة والتعاقدات المتصلة بالتصرف في المال العام بحسبانه قد تضمن تنظيماً جامعاً مانعاً لكل طرق وأساليب وإجراءات هذه التعاقدات وبالتالي يكون من حيث نطاق سريانه جامعاً لكل الوحدات الإدارية التي يتكون منها الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازنات خاصة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة خدمية كانت أو اقتصادية، وجامعاّ كذلك لكل أنواع التعاقدات التي تبرمها هذه الجهات، وأيضاً ما تجريه الدولة من تصرفات في المال العام عن طريق الشركات القابضة ، ومانعاً من تطبيق أي أحكام قانونية أخرى على هذه التعاقدات سواء كانت هذه الأحكام عامة أو خاصة، بحسبانه قد نص صراحة على إلغاء بعض القوانين التي كانت تنظم طرق وإجراءات تلك التعاقدات، كما نص على إلغاء شامل لكل ما يخالفه من أحكام أخرى سابقة عليه تنظم التصرفات التي عناها بالتنظيم . ( في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية في الطعن رقم 9820 لسنة 48ق.ع جلسة 6/7/2003، وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 55 بتاريخ 16/5/2001 جلسة 17/2/2001ملف 96/1/58 ، رقم 224 بتاريخ 22/3/2004 جلسة 14/1/2004 ملف 227/2/7 ـ وحكم محكمة القضاء الإداري في قضية مدينتي ـ الدعوى رقم 12622 لسنة 63 القضائية ـ جلسة 22/6/2010 ـ وحكم المحكمة الإدارية العليا في ذات القضية تأييداً لحكم محكمة القضاء الإداري ـ الطعنان رقما 30952 و 31314 لسنة 56 القضائية عليا ـ جلسة 14/9/2010 ).

 

       وحيث إن المستقر في قضاء مجلس الدولة وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن المشرع حدد حصراً في أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات أساليب التعاقد وهي المزايدة العامة ، والمناقصة العامة والمناقصة المحدودة والمناقصة المحلية والممارسة والأمر المباشر، ورسم لكل أسلوب منها حدوده وبين حالاته والإجراءات التي يقتضيها الأخذ به ومن خلاله، ومن ثم يكون لكل من هذه الأساليب مجال إعماله الذي لا يجوز أن تختلط خلاله بغيره من الأساليب ، وعلى ذلك فالقاعدة في المزايدة العامة هي قيامها على أساس من مبادئ العلانية والمساواة وحرية المنافسة، بما يسمح باشتراك أكبر عدد ممكن من مقدمي العطاءات والعروض للتوصل إلى أفضل الشروط وأقل الأسعار في حالة المناقصة، وأعلى الأسعار في حالة المزايدة ، ومن ثم فإنه مما يتعارض مع هذه المبادئ إجبار المتزايدين على الدخول في الممارسة بعد أن تعلقت حقوقهم بالمزايدة التي يجب أن تكون الأساس في اختيار العرض الأفضل شروطا والأعلى سعراً ، ذلك أن للممارسة حالاتها وليس من بينها تحويل المزايدة العامة إلى ممارسة ، وأنه بفتح المظاريف المغلقة المقدمة في المزايدة العامة يحظر الدخول في مفاوضات مع أحد مقدمي العروض في شأن تعديل عرضه إلا في الحدود المقررة للجنة البت والتي لا تجاوز مفاوضة مقدم العرض الأعلى المقترن بتحفظ أو بتحفظات للنزول عنها كلها أو بعضها ومفاوضة صاحب العطاء الأعلى غير المقترن بتحفظات للوصول إلى مستوى أسعار السوق أو الثمن أو القيمة الأساسية لمحل البيع ، وتلغى المزايدة قبل البت فيها إذا استغنى عنها نهائياً، أو اقتضت المصلحة العامة ذلك، أو لم تصل نتيجتها إلى الثمن أو القيمة الأساسية ، ولذلك فإنه لا يجوز للجنة البت ولا للسلطة المختصة بالاعتماد أن تحول المزايدة العامة إلى ممارسة ، وكل ما يمكن إتباعه إذا ما تبين أن الاستمرار في المزايدة يتعارض مع الصالح العام أو أن أعلى المتزايدين لم يصل عرضه إلى الثمن أو القيمة الأساسية السرية أن توصي لجنة البت بإلغاء المزايدة بعد التثبت من قيام إحدى الدواعي المبررة للإلغاء، ويعقب ذلك صدور قرار مسبب من السلطة المختصة، فإذا ما حدث ذلك، أمكن للسلطة المختصة طرح العملية في ممارسة متى تحققت إحدى الحالات التي يجوز إجراء الممارسة فيها طبقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات.

(انتهى رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع  في شان إحدى المناقصات العامة وتحويلها إلى ممارسة إلى ما يأتي:

أولا: عدم جواز تحويل المناقصة العامة إلى ممارسة في الحالة المعروضة.(وهو ما يسري على المزايدة العامة بالمظاريف المغلقة).

ثانيا: يجوز للسلطة المختصة في هذه الحالة أن تلغي المناقصة ثم تعيد طرح العملية في ممارسة إذا توافرت الشروط التي يتطلبها القانون.

يراجع في ذلك على سبيل المثال :الفتوى رقم 404 لسنة 44 ـ جلسة 21/3/1990 بتاريخ 11/4/1990 ـ رقم الملف 280/1/54 الصفحة رقم 715)

       وحيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 29/6/2005 و 12/7/2005 و 18/9/2005 و 25/9/2005 أعلنت الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس ـ في إطار برنامج الحكومة لتوسيع قاعدة الملكية (الخصخصة) ـ عن مزايدة عامة بالمظاريف المغلقة لبيع كامل المقومات المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بأسلوب بيع يتضمن بديلان :

البديل الأول ـ قيام المشتري بشراء كامل المقومات المادية والمعنوية للشركة شاملة كافة الأراضي.

والبديل الثاني ـ قيام المشتري بشراء كامل المقومات المادية والمعنوية للشركة بدون الأراضي ، وتؤجر الأراضي لمدة خمس وعشرون سنة قابلة للتجديد وبنسبة 5% من قيمة الأرض المحددة بمعرفة لجنة التحقق من صحة إجراءات وقواعد التقييم وذلك مقابل حق الانتفاع سنوياً

 ويكون البيع لمستثمر رئيسي أو مجموعة من المستثمرين المحليين أو الأجانب ، وبتاريخ 2/10/2005 انعقدت لجنة الفض والبت المشكلة بالقرار رقم 99 لسنة 2004 ، وتقدم إلى جلسة المظاريف المغلقة ثلاثة عروض:

العرض الأول ـ من شركة أندوراما العالمية على أساس البديل الثاني بقيمة إجمالية قدرها (170000000 جنيه) مائة وسبعون مليون جنيه ، ونسبة 5% من قيمة الأرض مقابل حق الانتفاع ـ شاملاً ضريبة المبيعات ـ وورد بالعرض مجموعة من التحفظات المؤثرة على قيمة العرض المقدم منه بالنقصان أخصها [ شمول العرض لقيمة ضريبة المبيعات ـ وتحميل الشركة القابضة بسداد مبلغ (2 مليون جنيه) مليوني جنيه شهرياً تسدد للمشتري اعتباراً من تاريخ عقد البيع ولمدة ثلاث سنوات لمواجهة تكلفة العمالة الزائدة والتي سيتم إعادة تأهيلها وفقاً لبرنامج تطوير وتنمية المصنع ـ أي مبلغ وقدره 72 مليون جنيه اثنان وسبعون مليون جنيه تُضاف تخصم من مبلغ العرض فيصير 98 مليون جنيه تخصم منها ضريبة المبيعات وتقدر بحوالي 17 مليون جنيه فيصير العرض 81 مليون جنيه ـ تحفظ عدم مسئولية المشتري عن أي حوافز أو زيادات طرأت بعد الإعلان عن بيع الشركة ]

العرض الثاني ـ من اتحاد العاملين المساهمين بشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج (محمد جمال الدين سعيد البزار) على أساس البديل الثاني ، ولم يتضمن العرض قيمة محددة للشراء وتضمن العرض احتساب القيمة طبقاً للضوابط المقررة بقرارات اللجنة الوزارية للخصخصة ، ويكون السداد بنسبة 25% من القيمة عند الاستلام والباقي يقسط على خمس سنوات ولم يقدم خطة للتطوير.

العرض الثالث ـ من نبيل أحمد فسيخ على أساس البديل الأول بقيمة إجمالية (90000000 جنيه) تسعون مليون جنيه ، وطلب السداد بنسبة 50% عند قبول العرض والباقي بتقسيط يتفق عليه ، وقد تم زيادة القيمة بالجلسة إلى (120000000 جنيه) مائة وعشرون مليون جنيه.

وقد أثبتت الجنة بمحضرها أن الأسعار المقدمة بجلسة فض المظاريف لم تصل إلى السعر الأساسي ، وفقاً للتقييم المعتمد ، وعلى إثر ذلك حولت اللجنة المزايدة بالمظاريف المغلقة إلى ممارسة وعقدت مجموعة من الجلسات طلبت فيها من المتزايدين الثلاثة جميعهم وليس المتزايد الأعلى سعراً تحسين وزيادة أسعارهم ، وتم كشف السعر الأساسي للمزايدة أمام مقدمي العروض كلما طلبت منهم زيادة العرض لعدم وصوله للقيمة الأساسية المعتمدة ، ولم يسفر التفاوض والممارسة بين أصحاب العروض الثلاثة عن نتائج إيجابية لبلوغ الحد الأدنى للقيمة التقديرية للبيع وفقاً للتقييم المعتمد ، وغاب صاحبي العرضين الثاني والثالث وسمحت اللجنة لنفسها بالاستمرار فيما أسمته التفاوض مع شركة أندوراما العالمية وحدها وقارنت اللجنة بين عرض أندوراما العامية الأول بتاريخ 2/10/2005 والثاني بتاريخ 28/11/2005 والثالث بتاريخ 28/11/2005 ، وعلى إثر ذلك وقبل العرض على الجمعية العامة قامت الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس بتنفيذ المعاش المبكر فبلغ من خرج على المعاش المبكر (1465 عامل) وتم تعيين (400 عامل) ليصبح عدد العمالة بالشركة عند البيع (4421 عامل) .

وبتاريخ 14 أغسطس 2006 وافقت المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية على استكمال إجراءات بيع مساهمات المال العام لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وبتاريخ 1/10/2006 وافقت الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس على العرض المقدم من شركة أندوراما العالمية لشراء الأصول الثابتة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بدون الأرض والمساكن والنادي الرياضي بمبلغ (174651398 جنيه) مائة وأربعة وسبعون مليون ستمائة وواحد وخمسون ألف وثلاثمائة وثمانية وتسعون جنيه ، بخلاف حق الانتفاع السنوي للأرض بواقع 5% من قيمتها حسب قواعد التقييم المعتمدة من مجلس الوزراء وبالشروط والقواعد المبينة بالقرار.

       وحيث إن الثابت مما تقدم أن إجراءات طرح المزايدة العامة بالمظاريف المغلقة لبيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج قد شابها العديد من المخالفات الجسيمة التي أهدرت مبادئ العلانية والمساواة وحرية المنافسة ، وأخصها :

1 ـ عدم اتخاذ إجراءات إلغاء المزايدة العامة لتحقق أحد الأسباب الوجوبية لإلغائها وفقاً لحكم المادة (35) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المتمثل في عدم وصول قيمة عروض المزايدة إلى الثمن أو القيمة الأساسية ، حيث لم يبلغ أعلى العروض بتاريخ فض المظاريف في 2/10/2005 السعر الأساسي المحدد وفقاً للتقييم المعتمد ، واستمرت العروض دون مستوى السعر الأساسي طيلة مراحل التفاوض والممارسة المحدودة وحتى البت والترسية وتوقيع العقد .

2 ـ عدم اتخاذ إجراءا إلغاء المزايدة العامة لاقتران العروض المقدمة كلها بتحفظات تطبيقاً لحكم المادة (29/ب) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه.

3 ـ قيام لجنة المفاوضات بالكشف عن السعر الأساسي لبيع الشركة وفقاً للتقييم المعتمد لأصحاب العروض وهو السعر المتعين الإبقاء عليه سرياً بالمخالفة لحكم المادة (33) من القانون المشار إليه.

4 ـ تحويل المزايدة العامة إلى ممارسة محدودة لجميع العروض الثلاثة التي تقدمت للمزايدة بالمخالفة لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (30) من القانون ذاته التي حظرت في أية حالة تحويل المزايدة إلى ممارسة محدودة ، حيث لا يجوز إجبار المتزايدين على الدخول في الممارسة بعد أن تعلقت حقوقهم بالمزايدة التي يجب أن تكون الأساس في اختيار العرض الأفضل شروطاً والأعلى سعراً ، ، وأنه بفتح المظاريف المغلقة المقدمة في المزايدة العامة يحظر الدخول في مفاوضات مع أحد مقدمي العروض في شأن تعديل عرضه إلا في الحدود المقررة للجنة البت والتي لا تجاوز مفاوضة مقدم العرض الأعلى المقترن بتحفظ أو بتحفظات للنزول عنها كلها أو بعضها ومفاوضة صاحب العطاء الأعلى غير المقترن بتحفظات للوصول إلى مستوى أسعار السوق أو الثمن أو القيمة الأساسية لمحل البيع ، ولذلك فإنه لم يكن جائزاً للجنة البت ولا للسلطة المختصة بالاعتماد أن تحول المزايدة العامة إلى ممارسة ، وكل ما يمكن إتباعه إذا ما تبين أن الاستمرار في المزايدة يتعارض مع الصالح العام أو أن أعلى المتزايدين لم يصل عرضه إلى الثمن أو القيمة الأساسية السرية أن توصي لجنة البت بإلغاء المزايدة بعد التثبت من قيام إحدى الدواعي المبررة للإلغاء، ويعقب ذلك صدور قرار مسبب من السلطة المختصة، فإذا ما حدث ذلك، أمكن للسلطة المختصة طرح العملية في ممارسة متى تحققت إحدى الحالات التي يجوز إجراء الممارسة فيها طبقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات.

5 ـ مخالفة العروض لكراسة الشروط كانت تستوجب استبعاد المتقدمين للمزايدة وإعادة طرحها من جديد ، حيث جاء العرض الأول المقدم من شركة أندوراما العالمية على أساس البديل الثاني مقترناً بمجموعة من التحفظات المؤثرة على قيمة العرض المقدم منه فألقى بتبعة تحمل ضريبة المبيعات على عاتق البائع بتضمين السعر لها ، كما ألزم العرض الشركة القابضة بقيود وشروط مخالفة للقانون وكراسة الشروط بسدادها لمبلغ (2 مليون جنيه) مليوني جنيه شهرياً إلى المشتري اعتباراً من تاريخ عقد البيع ولمدة ثلاث سنوات لمواجهة تكلفة العمالة الزائدة ، أي مبلغ وقدره 72 مليون جنيه اثنان وسبعون مليون جنيه ، فضلاً عن تحفظ عدم مسئولية المشتري عن أي حوافز أو زيادات للعاملين طرأت بعد الإعلان عن بيع الشركة ، وهي تحفظات وشروط تستوجب استبعاد العرض الأول لمخالفته للقانون وكراسة الشروط ، وهو ذات الاستبعاد الذي يستحقه العرض الثاني المقدم من اتحاد العاملين المساهمين بشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج (محمد جمال الدين سعيد البزار) على أساس البديل الثاني والذي لم يتضمن قيمة محددة للشراء وأورد تحفظاً يتعلق بأسلوب السداد لقيمة (75%) من السعر المجهول لمدة خمس سنوات.

6 ـ عدم توحيد أسس المقارنة بين العروض المقدمة من جميع النواحي كما تقضي المادة (16) من القانون والمادة (28) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته، فقد اختلف اختيار كل عرض للبديل المطروح فلم يعد ثمة مجال لمقارنة مقدم عرض للبديل الأول أو البديل الثاني مع نظير له.

7 ـ الترسية على صاحب عرض يقل سعره عن السعر الأساسي المحدد بمعرفة لجنة التحقق من صحة التقييم ، فالعبرة في مدى مناسبة سعر العرض محل الترسية والإسناد إليه إنما تكون بالسعر الأصلي للتقييم الذي تتم على أساسه خصخصة الشركة قبل إدخال أية تعديلات عليه بعد المفاوضة في شأنه، باعتبار أن المفاوضة في شروط وأسعار العروض لا يجب أن تتم إلا مع صاحب العرض المقبول مالياً وفنياً المستوفي لشروط المزايدة العامة غير المقترن عرضه بأي تحفظات أو اشتراطات خاصة لم ترد بكراسة الشروط ، وذلك للحصول على شروط وأسعار أفضل. والثابت من العرض المقدم من شركة اندوراما العالمية لشراء كامل الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم بمبلغ (174,7 مليون جنيه) مائة وأربعة وسبعون مليون وسبعمائة ألف جنيه ، تتملك منه شركة أندوراما العالمية (70%) بقيمة (122,300 مليون جنيه) مائة واثنان وعشرون مليون وثلاثمائة ألف جنيه ، في حين أن القيمة المقدرة لثمن الشركة بلغت (197237823 جنيه) مائة وسبعة وتسعون مليون ومائتان وسبعة وثلاثون ألف وثمانمائة وثلاثة وعشرون جنيه، وبذلك تظل أسعار عرض شركة أندوراما العالمية (المشتري) أقل من الأسعار التي قدرتها جهة الإدارة بواسطة لجنة التحقق من صحة التقييم لبيع الشركة بفارق يصل إلى (22538823 جنيه) اثنان وعشرون مليون وخمسمائة وثمانية وثلاثون ألف وثمانمائة وثلاثة وعشرون جنيه ، الأمر الذي كان يستوجب قانوناً وحفاظاً على المال العام وعدم الانسياق خلف تعليمات الإسراع في التخلص من أصول تلك الشركة أن تقوم لجنة البت منذ البداية باستبعاد هذا العرض لعدم توافر شروط قبوله، بدلاً من قبوله ، وكان من المتعين على الشركة القابضة ألا تقر ذلك القبول الفاسد والباطل الذي كان رائده العجلة التي اتسم بها جميع المشاركون في عملية البيع سعياً لإبرام الصفقة وبأي ثمن كان بما تسبب في إهدار المال العام وتدمير منشأة رائدة ورابحة وتشريد عمالتها ونهب حقوقهم المشروعة .

ولا يغير من ذلك القول بحق الجمعية العامة للشركة القابضة في قبول الموافقة على ثمن لبيع الشركة (يقل عن القيمة الدفترية) أو القيمة المقدرة من لجنة التقييم بداعي المصلحة التي تقدرها تلك الجمعيات العامة ، إذ أن في ذلك إطلاق العنان للشركة القابضة بجمعيتها العامة لبيع الشركات التابعة لها ـ وهي من الأموال المملوكة للدولة ـ بسعر غير مقيد بحد أدنى يجعل التوجه إلى التقييم المسبق لأصول الشركة غير ذي جدوى وهو ما يجعل تطبيق تلك القواعد على تقييم شركة مصر شبين الكوم (الرابحة) والمسماة “قليلة الربحية” باطلاً بطلاناً مطلقاً لا يقيله من عثرته مُقيل ، فحتى القيمة الدفترية أياً ما كانت نسبة الإهلاك فيها أجازت تلك القواعد النزول عنها إلى قيمة تدنوها بما لا يسانده أي مبرر من المصلحة العامة ، ولا يفسره سوي أن غاية تلك القواعد للتقييم لم تكن سوى التخلص غير المبرر من المال العام المملوك لهذا الشعب المصري إلى أي مستثمر يقبل السعر الذي يدنو سعر القيمة الدفترية للشركات ، والثابت أنه فضلاً عما تقدم فإن الجمعية العامة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج لم تناقش أمر تدني السعر المعروض الذي وافقت عليه بالمقارنة بالسعر الأصلي للتقييم ولم تبد بمحضر اجتماع تلك الجمعية في 27/10/2004 أية أسباب تبرر قبول السعر المتدني وهو ما يبطل تلك الموافقة منها ويبطل اعتماد مجلس الوزراء لذلك البيع ويجعل عملية البيع من بدايتها وحتى نهايتها والعدم سواء.

8 ـ مخالفة تأجير الأرض لمدة خمس وعشرون سنة تجدد لمدة أخرى بمقابل انتفاع ثابت قدره 5% سنوياً لحكم المادة (131) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات التي استوجبت ألا تزيد مدة التأجير أو الترخيص على ثلاث سنوات على أن يتم قبل نهاية هذه المدة اتخاذ إجراءات الطرح من جديد بإحدى الطرق المقررة قانوناً وفى حدود أحكام هذه اللائحة ، وهو ما لم يتم ، كما لم تتحقق شروط الاستثناء التي تجيز زيادة المدة بما لا يجاوز خمسة عشر سنة لعدم توفر الترخيص بذلك من الوزير المختص ، أو موافقة كل من وزير المالية والوزير المختص على زيادة المدة على خمس وعشرين سنة ، كما لم يتم تضمين شروط التعاقد زيادة المقابل سنوياً بنسبة مئوية من قيمته.

 

       وحيث إنه وترتيباً على ما تقدم ، يبين أن قرار كل من اللجنة الوزارية والمجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية ومجلس الوزراء بالموافقة على بيع كافة الأصول الثابتة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ـ عدا الأراضي والمباني السكنية ـ إلى شركة أندوراما شبين للغزل والمساهم فيها كل من “أندوراما (70%) ـ الشركة القابضة (18%) ـ اتحاد المساهمين (12%)” ، وتأجير الأرض لمدة 25 سنة بمقابل حق انتفاع ثابت بواقع 5% من قيمتها سنوياً تجدد لمدة مماثلة ، قد شابه العديد من المخالفات الجسيمة التي تبطله وتنحدر به إلى حد الانعدام بما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان عقد بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج المبرم بين كل من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس كنائبة عن الدولة بتفويض من وزارة الاستثمار وشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كطرف بائع ، وبين شركة أندوراما شبين تاكستيل كطرف مشتري، وبطلان جميع القرارات والتصرفات التي تقررت وترتبت خلال مراحل إعداده ونفاذه ، لانطوائه على بيع لأراضي وأصول شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج حال كونها من الشركات المؤممة التي لا تخضع أراضيها للتصرف فيها على أي نحو ولا يجوز تغيير الغرض من تأميمها بأي صورة ، ولتخير وتحديد شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كأحد الشركات التي يتعين بيعها على وجه السرعة ضمن 127 شركة أخرى وضرورة أن يتم البيع خلال أعوام ثلاثة فقط تبدأ من عام 2004 وتنتهي عام 2006 حال كونها من الشركات الرابحة ، ولمخالفة الضوابط والقواعد التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة لتقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، وحوافز الاستثمار التي قررتها ذات اللجنة الوزارية للمستثمرين ترغيباً لهم في شراء الشركة مع أحكام قانون قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، ولعدم اتساق تلك الضوابط والقواعد مع قواعد التقييم المستقرة والمعمول بها بما أدى إلى تدني قيمة الشركة محل البيع ، ولما عاصر عملية البيع من مظاهر التفريط والفساد في تقييم المال العام للتخلص منه وفقاً لسياسات الخصخصة سالفة البيان ، ولبطلان تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وعدم الالتزام بضوابط وقواعد التقييم سواء المقررة بقانون قطاع الأعمال العام أو القواعد والضوابط الباطلة التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة، ولإهدار التقييم للمال العام ، ولمخالفة التقييم للفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التي حظرت التصرف بالبيع في أي أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بعد موافقة الجمعية العامة وطبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية دون غيرها من القواعد ، ولحكم المادة (26) من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991 ، ولإجراء تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج على أساس مركز مالي قديم مر عليه عام عند الطرح ولا يعبر عن حقيقة الوضع المالي للأصول محل التقييم بما يفسد التقييم ويبطله ، ولجنوح التقييم إلى تحميل الدولة ديون الشركة مخصومة من ناتج التقييم دون تحميله للمستثمر المشتري ضمن صفقة البيع ، ولمخالفة التقييم الذي أجرته لجنة التحقق من صحة التقييم لقواعد التقييم الصحيحة التي تضمنها تقرير اللجنة وتدني القيمة التقديرية لتلك الأصول في التقرير الذي قام البيع على أساسه، ولتأجير الأراضي المملوكة للدولة لمدد طويلة دون الحصول على ترخيص السلطات المختصة بالموافقة على تلك المدد ، ولتدني مقابل الانتفاع وثباته ، فضلاً عن عدم مدى مشروعية إجراءات طرح شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج للبيع بالمزايدة العامة بالمظاريف المغلقة وإجراءات المفاوضات والبت والترسية على المشتري لمخالفة كراسة الشروط وأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 ، بما يجعل القرار الطعين باطلاً بطلاناً مطلقاً يصل إلى حد العدم.

       وحيث إنه وعن شكل الدعوى وميعاد قبولها الذي أرجأته المحكمة لحين الفصل في موضوع الدعوى لتبين طبيعة القرار المطعون فيه ومدى ما عسى أن يكون قد لحقه من بطلان ودرجة هذا البطلان إن وجد ، فإن القرارات التي تولد حقا أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار تلك الأوامر، أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاماً منها بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة له. إلا أن دواعي المصلحة العامة أيضا تقتضى أنه إذا صدر قرار إداري فردى معيب من شأنه أن يولد حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح الذي يصدر في الموضوع ذاته. وقد استقر الرأي على تحديد هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر هذا القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي، بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، إلا أن هناك ثمة استثناءات من موعد الستين يوما تتمثل أولاً فيما إذا كان القرار معدوماً أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا ولا تلحقه أي حصانه، وثانيا فيما لو حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه، إذ أن الغش يعيب الرضاء ويشوب الإرادة، والقرار الذي يصدر من جهة الإدارة نتيجة الغش والتدليس يكون غير جدير بالحماية. وفى هذه الأحوال الاستثنائية التي توجب سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوما، ويكون لجهة الإدارة سحب قرارها في أي وقت حتى بعد فوات هذا الموعد ، كما تكون دعوى إزالة الفعل والأثر المادي للقرار مقبولة دون تقيد بمواعيد دعوى الإلغاء.

       وحيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه يكون من الثابت أن القرار المطعون فيه قد خالف أحكام القانون والقرارات المنظمة لبيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة والبنوك وشركات قطاع الأعمال العام والأشخاص الاعتبارية العامة، وقد بلغت هذه المخالفات على نحو ما سلف بيانها حداً من الجسامة أدى إلى إهدار المال العام والتفريط فيه ببيع الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بثمن لا يتناسب مطلقاً وقيمة الأصول والحقوق والامتيازات التي حصل عليها المشترى، وتقرير حق انتفاع بأراضي الشركة لمدد مخالفة للقانون وبمقابل انتفاع سنوي ثابت لا يتغير، ، وتمكينه من التهرب الضريبي وتحميل الشركة قيمة الضرائب المستحقة الأداء ، وغيرها من المخالفات السالف بيانها ،  وهي مخالفات من شأنها أن تهوى بالقرار المطعون فيه إلى درك الانعدام، ليصبح هو والعمل المادي سواء، فلا تلحقه أي حصانة، ولا يتقيد من ثم بالمواعيد المقررة لسحب وإلغاء القرارات الإدارية، الأمر الذي يتعين معه  رفض الدفع المبدى من الشركة المدعى عليها الخامسة ـ الذي سبق أن أرجأت المحكمة الفصل فيه لحين الفصل في موضوع طلب الإلغاء ـ بعدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد المقرر بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة ، لعدم تقيد الطعن على القرارات المنعدمة بذلك الميعاد ، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً .

       ومما يؤكد انعدام القرار المطعون فيه أن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس نيابة عن الدولة ممثلة في مجلس الوزراء ووزيري المالية والاستثمار تصرفت في شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ليس باعتبارها صرحاً صناعياً ساهم على مدار تاريخه الطويل من خلال مصانعه المختلفة في تلبية الحاجات الأساسية لقطاعات عريضة من الشعب وفي تلبية متطلبات التصدير للخارج، ولكن باعتبارها رجس من عمل الشيطان يجب التطهر منه بأي ثمن ، أو بوصفها ذنباً يلقي على الشركة والدولة واجب تقديم القربان للاستغفار عن ارتكابه، وتعاملت مع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، بكل ما اشتملت عليه من آلاف العاملين والموظفين وأراض وعقارات ومباني ومصانع وآلات ومعدات، وكأنها كماً من المهملات أو كأنها أصنافاً سريعة التلف يتعين التصرف فيها على وجه السرعة قبل نهاية تاريخ الصلاحية. الأمر الذي من شأنه أن يثير الشك والريبة حول حقيقة التصرفات التي قام بها جميع المسئولين عن إتمام تلك الصفقة.

       وحيث إنه وترتيباً على ثبوت انعدام القرار المطعون فيه للأسباب سالفة البيان، فإن أثر ذلك ينعكس بالضرورة بالبطلان على العقد الذي تمخض عن هذا القرار، فينسحب هذا البطلان بحكم اللزوم على كامل الالتزامات التي ترتبت على العقد، وذلك وفقا لحكم الفقرة الأولى من المادة (142) من القانون المدني التي تنص على أنه ” في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. فإذا كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض معادل “. ذلك أن بطلان إجراءات البيع على النحو السالف بيانه تجعل جميع ما يترتب على هذه الإجراءات والعدم سواء فيضحي العقد المبرم بين الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس بصفتها مفوضة عن وزير الاستثمار الممثل للدولة مالكة الأموال محل البيع وبين شركة أندوراما شبين تاكسيل هو الآخر والعدم سواء ولا ينتج ثمة أثر قانوني، بما يستوجب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فتسترد الدولة جميع أصول ومصانع الشركة وكافة ممتلكاتها المسلمة للمشتري مطهرة من أي رهون أو التزامات يكون قد أجراها المشترى، وإعادة العاملين إلى أوضاعهم السابقة مع منحهم كامل مستحقاتهم وحقوقهم عن الفترة منذ إبرام العقد وحتى تاريخ تنفيذ هذا الحكم بكامل أجزائه، ويتحمل المشتري وحده كامل الديون والالتزامات التي رتبها خلال فترة نفاذ العقد، وكذا جميع الخسائر التي عساها تكون قد نجمت خلال مدة إدارته للشركة وسداد جميع المستحقات الضريبية شاملة الضرائب الناشئة خلال فترة نفاذ العقد، وسداد جميع القروض التي حصل عليها من البنوك بضمان العقد، وبطلان بيع المستثمر لأي نسبة من رأس مال الشركة إلى أي جهة كانت وما يترتب على ذلك من آثار، وبطلان جميع ما عسى أن يكون قد أبرمه المستثمر مع الغير من عقود أو اتفاقات بشأن أي من الحقوق أو الالتزامات الناشئة عن العقد خلال فترة نفاذه شاملة أية اتفاقات تتعلق ببيع أو بالوعد ببيع أي أصل من الأصول المادية والمعنوية محل البيع ، أو أي جزء منها للغير في الماضي أو في الحال أو المستقبل، وبطلان أية قيود أو تسجيلات بالسجل العيني أو بالشهر العقاري لأية أراضي تتعلق بهذا العقد ، وتحمل المستثمر لجميع أعباء وتكاليف فترة نفاذ العقد وسداد قيمة حقوق الإيجار أو الانتفاع بالعقارات أو الأصول أو المعدات والآلات وغيرها التي سُلمت له ، وفي المقابل إجراء المقاصة بين ما أداه المستثمر (المشتري) للدولة من مقابل للصفقة وبين ما حصل عليه وما استحق عليه من أموال أو ديون، وحصول كل من طرفي التعاقد على حقوقه الناتجة عن المقاصة.

       وحيث إن المحكمة وقد فحصت مدى مشروعية القرار المطعون فيه كأحد القرارات التي تمخض عنها بيع أحد قلاع الصناعة في مصر ، لتلحظ أن ثمة آثار ونتائج اقتصادية لبرنامج الخصخصة الذي تم تنفيذه من عام 1991 وحتى الآن ، تهيب بحكومة ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 أن تضعها محل الدراسة والاهتمام سعياً نحو مجتمع العدالة الاجتماعية وحماية المال العام وتحفيزاً للاستثمار الجاد العامل على المشاركة في النهضة الاقتصادية ومحاسبة لكل من أسهم في تجريف الاقتصاد القومي ، فلقد كان لسياسات الخصخصة وسبل تنفيذها تأثير جد خطير على الاستثمار وعلى البطالة وإهدار المال العام وشيوع الفساد ثم على سيطرة رأس المال الأجنبي وتأثيره على متطلبات حماية الأمن القومي المصري ، فقد أثرت سياسة الخصخصة على الاستثمار بقطع الطريق على تنفيذ استثمارات جديدة، حيث تحولت الاستثمارات إلى تمويل تداول أصول قائمة فعلياً، وهو ما دفع الاقتصاد إلى الجمود والركود، كما لم تستخدم الدولة حصيلة الخصخصة في بناء مشروعات إنتاجية جديدة، ذلك أن برنامج الخصخصة كان أقرب ما يكون إلى استهلاك رصيد الأصول الذي بنته الأجيال والحكومات السابقة لصالح تمويل الإنفاق الجاري للحكومة لتغطية عجزها عن توفير التمويل الضروري لهذا الإنفاق وبخاصة بسبب التهرب الضريبي لرجال الأعمال ، وغياب المسئولية الاجتماعية لهم ، والعمل على حماية المستثمر الحق حسن النية بحصوله على ما عسى أن يكون قد أنفقه من أموال بغير إضرار بالمال العام ، وبغير فساد في الحصول على العقود أو تخريب للاقتصاد.

       وحيث إنه فيما يتعلق بمدى امتداد آثار بطلان العقد إلى شرط التحكيم المحلي المنصوص عليه بالبند الواحد والعشرين من العقد، في ضوء بطلان العقد واستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي وفقا لنص المادة (23) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية التي تقضى بأن (يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته). فإن ذلك يتوقف على الطبيعة القانونية لعقد بيع الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج.

       وحيث إن المستقر عليه أن العقد الإداري يتميز عن العقد المدني أو التجاري من ثلاثة وجوه. أولها: أنه عقد يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام. وثانيها: أنه لا ينزل فيه عند إبرامه منزلة الأفراد وأشخاص القانون الخاص من بيع وإيجار ونحوه ولكنه يبرمه في إطار استخدامه لسلطته وما نيط به من أمانة إدارة المصالح العامة وإنشاء المرافق العامة وتنظيمها وتسييرها، أي يبرمه بمناسبة تصديه للشأن العام للجماعة وممارسته لوسائط الرعاية والتنظيم والضبط الذي ما قامت الأشخاص المعنوية العامة أو الهيئات العامة وما تبوأت مكانتها في المجتمع على رأس الجماعة إلا للقيام به. وثالثها: أن يظهر الشخص المعنوي العام نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وأحكامه بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص Clauses Exorbitantes .

       وحيث إن عقد بيع كامل الأصول المادية والمعنوية قد جرى إبرامه بين كل من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس وهي من شركات قطاع الأعمال العام كطرف بائع التي فُوضها وزير الاستثمار في اتخاذ إجراءات طرح الشركة للخصخصة وإجراءات إبرام عقد البيع نيابة عن الدولة مالكة رأس مال الشركة بالكامل، وقد تمت إجراءات التفويض للشركة في إبرام العقد وفقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 231 لسنة 2004 بتنظيم وزارة الاستثمار، وقرار وزير الاستثمار رقم 342 لسنة 2005، ومن ثم فإن إبرام الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس للعقد موضوع النزاع جاء باعتبارها نائبة عن الدولة، ممثلة في وزارة الاستثمار، وبتفويض منها وفقا للقرارات سالفة البيان ، وبذلك يكون أحد أطراف العقد شخصاً من أشخاص القانون العام ممثلاً في وزير الاستثمار الذي فوض الشركة القابضة المشار إليها في إبرام العقد نيابة عن الدولة . وقد تعلق العقد بتسيير مرفق عام يتمثل في مرفق الصناعة والإسهام في تنمية الصناعات المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير لإنتاج وتصنيع صناعات الغزل والنسيج والملابس والتبييض والصباغة ، وذلك وفقاً للبرنامج الذي قررته الدولة لإدارة الأصول المملوكة لها على النحو المبين بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1765 لسنة 2000 بتشكيل اللجنة الوزارية للخصخصة الصادر بتاريخ 20/8/2000 ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1506 لسنة 2005 بشأن تنظيم حصيلة برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة. ولا يعد هذا العقد بيعاً مما تنزل به الإدارة منزلة الأفراد العاديين، متى كان يهدف إلى تسيير مرفق الصناعة والتنمية الصناعية لتلبية حاجات المواطنين من تلك الصناعات، كما يهدف ـ بحسب ما ورد في البندين تاسعاً وعاشراً من العقد ـ إلى استمرار النشاط الصناعي للشركة المباعة وتطويره لخدمة جموع المواطنين والمحافظة على اسم المنشأة والعاملين فيها وحقوقهم ومزاياهم. كما تضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في مجال القانون الخاص منها ما ورد في البند (عاشراً) من العقد من التزام المشتري بالحفاظ على جميع العمالة الموجودة بالشركة في تاريخ الإقفال وعلى كافة مزاياها وأجورها وعدم جواز الاستغناء عن أي عامل إلا وفقاً لقانون العمل ،التزام المشتري باستمرارية نشاط الشركة والعمل على تطويره في جميع المواقع طبقاً لخطة التطوير والتحديث الموضحة في ملحق رقم (9) من العقد وفقاً لحكم البند تاسعاً/4 ، وترتيباً على ما تقدم يكون العقد المبرم بين كل من الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بصفتها مفوضاً من وزير الاستثمار لتمثيل الدولة المالكة لأموال شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وبين شركة أندوراما شبين تاكستيل هو عقد إداري تكاملت له جميع الشروط اللازمة للعقد الإداري.

       وحيث إنه لا ينال من اعتبار العقد محل النزاع عقداً إدارياً، القول بأن الأموال محل العقد، الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، متى تضمن العقد تصرفاً ناقلاً لملكية هذه الأموال، عملاً بالتفرقة سالفة البيان بين الأعمال التي تؤدى إلى اكتساب الدولة لملكية أموالها الخاصة والتصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية كالبيع أو الهبة، أو مقيد لها كتقرير حق من الحقوق العينية الأصلية عليها كحق الانتفاع أو حق الارتفاق أو الحقوق العينية التبعية كالرهن الرسمي أو حقوق الامتياز، واعتبار هذه الأعمال أعمالا إدارية.

       وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 1997 تنص على أنه (وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولا يجوز التفويض في ذلك)

 

وتنص المادة (11) من ذات القانون على أنه (لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه …… )

       وحيث إن مفاد ما تقدم أن الأصل هو عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وأن (موافقة الوزير) على شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية هي شرط جوهري يترتب على تخلفه بطلان الشرط ذاته، فقد أورد تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية أن تلك الموافقة (وجوبية) وأنها لا تكون إلا من (الوزير المختص) أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، وحدد التقرير الأشخاص الاعتبارية العامة التي تتولى اختصاص الوزير بأنها (الأشخاص الاعتبارية العامة التي لا تتبع الوزير كالجهاز المركزي للمحاسبات) وليست الهيئات العامة التي تتبعه. وإحكاماً لضوابط الالتجاء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية حظر المشرع التفويض في ذلك الاختصاص فلا يباشره إلا من أوكل له القانون هذه المهمة، إعلاءً لشأنها وتقديراً لخطورتها، ولاعتبارات الصالح العام، وباعتبار أن الوزير يمثل الدولة في وزارته. (تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية المقدم إلى رئيس مجلس الشعب بتاريخ 21/4/1997).

        وحيث إن البين مما تقدم أن موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية بالتطبيق على المنازعة الماثلة تحكمها ضوابط تشريعية لا فكاك منها:

 أولها: أن موافقة الوزير المختص الممثل للدولة في وزارته هي موافقة من النظام العام لا يصح شرط التحكيم في منازعات العقد الإداري إلا بوجودها بضوابطها المقررة قانوناً، وبتخلفها على أي نحو يبطل الشرط ويصير عدماً لا تتغير به ولاية أو اختصاص ويبطل كل إجراء جرى حال تخلف تلك الموافقة .

وثانيها : أن الوزير المختص وحده دون غيره هو المنوط به الموافقة على شرط التحكيم المشار إليه بالنسبة لوزارته والهيئات العامة والوحدات الإدارية التابعة له سواء تمتعت تلك الهيئات العامة بالشخصية الاعتبارية أو لم تتمتع بها، أما الأشخاص الاعتبارية العامة التي تتولى اختصاص الوزير فهي ليست الهيئات العامة أو الوحدات الإدارية التي تتبع الوزير، وإنما هي الأشخاص الاعتبارية العامة التي لا تتبع وزيراً بذاته كالجهاز المركزي للمحاسبات، ذلك أن الهيئات العامة التابعة للوزير لا تستقل عنه وإنما تخضع لإشرافه عليها وموافقته واعتماده لقراراتها أو رفضها بوصفه السلطة الوصائية على تلك الهيئات. ومن ثم لا يغني عن موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم في منازعات العقد الإداري توقيع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة التابعة له على العقد أو اتفاق التحكيم أو المفوض منه في توقيع العقد فلئن جاز التفويض في بنود العقد الإجرائية والموضوعية فإنه لا يجوز التفويض في التوقيع أو الموافقة على شرط التحكيم ومن ثم فلا اختصاص قانوني لأي من هؤلاء في ذلك ولا جواز لتفويض لهم أو لغيرهم في هذا الاختصاص.

وثالثها : أن الخطاب التشريعي بمضمون القاعدة القانونية موجه لطرفي التعاقد ممن رغبوا في إدراج شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية المبرمة بينهما، فليس لطرف أن يلقي بعبء التأكد من تحقق الموافقة على الطرف الآخر، وإنما على كليهما السعي لوضع الشرط المتفق عليه فيما بينهم موضع التطبيق وإلا كان ذلك تقاعساً عن تلبية الخطاب التشريعي، وانصياعاً وقبولاً للاختصاص الأصيل للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع.

       وحيث إنه متى كان ما تقدم جميعه، وكان العقد المقضي ببطلانه تبعاً لبطلان وانعدام إجراءات بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج قد تضمن في المادة الواحدة والعشرين منه شرطاً للتحكيم بين الطرفين في أي نزاع ينشأ عن العقد أو يتعلق به، وكان هذا الشرط لم ينل موافقة الوزير المختص وهو وزير الاستثمار، بغير خلاف في ذلك بين جميع أطراف العقد وأطراف الدعوى الماثلة، وإنما وقع العقد متضمناً الشرط رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس ، ومن ثم يكون شرط التحكيم المشار إليه قد وقع  باطلاً بطلاناً مطلقاً لا أثر له ويكون هو والعدم سواء وما يترتب على ذلك من آثار.

       وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكانت المحكمة قد أرجأت الفصل في الدفع المبدى من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس بعدم قبول الدعويين لوجود مشارطة تحكيم ( وصحتها شرط تحكيم) يقضي باختصاص مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بتسوية أي نزاع عن طريق التحكيم ، فإنه وقد ثبت للمحكمة وقوع شرط التحكيم الوارد بالبند الواحد والعشرين من العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً لا أثر له ومن ثم صار والعدم سواء ، فإن هذا الدفع يغدو على غير سند من القانون خليقاً بالرفض.   

وحيث إنه وفضلاً عما تقدم فإن المستثمر في العقود التي يشوبها الفساد لا يكون في مكنته اللجوء إلى التحكيم الدولي وفقاً للاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري  (ICSID)الموقع عليها بواشنطن بتاريخ 11 فبراير 1972 والتي عمل بها اعتباراً من 2 يونيه 1972، والتي دخلت حيز التنفيذ بالنسبة لجمهورية مصر العربية بتاريخ 2 يونيه 1972 ، وذلك لأمرين :

الأمر الأول ـ أن الاختصاص المعقود للمركز الدولي لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار المنصوص عليه في المادة (1) من الاتفاقية المشار إليها بنظر أية طلبات للتحكيم الدولي عن أية خلافات قانونية تنشأ مباشرة عن استثمار بين دولة متعاقدة وبين مواطن من دولة أخرى متعاقدة وفقاً للمادة (25) من الاتفاقية لا يتحقق إلا إذا وافق طرفي النزاع “كتابة” على تقديمها للمركز ، فإذا أعطى الطرفين موافقتهما لا يحق لأي منهما أن يسحب تلك الموافقة دون قبول من الطرف الآخر ، والثابت أن أي من طرفي التعاقد حول بيع وشراء شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لم يُعط موافقته “كتابة” على تقديم منازعاتهما عن هذا العقد للمركز الدولي لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار المنصوص عليه في المادة (1) من الاتفاقية ، بل على العكس من ذلك فقد اتفق الطرفان على اللجوء عند النزاع إلى التحكيم المحلي الذي ثبت بطلانه للسبب السالف بيانه ، كما أنه وفقاً لحكم المادة (26) من الاتفاقية ذاتها تعتبر موافقة الأطراف على التحكيم في ظل هذه الاتفاقية موافقة على استبعاد أي علاج آخر ما لم ينص على خلاف ذلك ، ومن ثم فقد تخير المتعاقدان التحكيم المحلي مستبعدين التحكيم الدولي المنصوص عليه في الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري  (ICSID).

والأمر الثاني ـ أن المستقر عليه في نزاعات التحكيم أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) ، أن ” العقد المتحصل عليه بطريق الفساد غير جدير بالحماية الدولية المقررة للاستثمارات الأجنبية والتي يغطيها وينظر منازعاتها مركز تسوية منازعات الاستثمار في واشنطن ، لما فيها من مخالفة للنظام العام الدولي    ordre public international ، وللنظام العام الداخلي .

 

ويؤكد ذلك ويدعمه السوابق التحكيمية الصادرة عن هيئات التحكيم وفقاً لأحكام الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري  (ICSID)الموقع عليها بواشنطن بتاريخ 11 فبراير 1972، ومنها ما صدر عن مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) ، من هيئة التحكيم في القضية التحكيمية رقم  [ICSID Case No. ARB/00/7] ، بتاريخ 4/10/2006 في النزاع القائم بين شركة World Duty Free Limited  ضد الجمهورية الكينية حول قيام الحكومة الكينية بفسخ عقد التزام تطوير مطار كينيا الدولي ، فقد بينت هيئة التحكيم في الفقرة 157 من الحكم أنه :

“157. In light of domestic laws and international conventions relating to corruption, and in light of the decisions taken in this matter by courts and arbitral tribunals, this Tribunal is convinced that bribery is contrary to the international public policy of most, if not all, States or, to use another formula, to transnational public policy. Thus, claims based on contracts of corruption or on contracts obtained by corruption cannot be upheld by this Arbitral Tribunal.”

 

ومفاد هذه الفقرة أنه :

“وهدياً بما ورد في كل من  القوانين الداخلية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالفساد، وفي ضوء الأحكام الصادرة في الخصوص من المحاكم وهيئات التحكيم ، فإنه يكون قد وقر في ضمير هذه الهيئة أن جريمة الرشوة تخالف النظام العام الدولي في معظم ، إن لم يكن في جميع ، دول العالم ، ولهذا فإن الدعاوى المبنية على عقود الفساد أو على عقود تم التحصل عليها بطريق الفساد ، لا يمكن أن تحظى بتأييد هيئة التحكيم الماثلة “.

الأمر الذي خلصت معه هيئة التحكيم في نهاية حكمها إلى أن:

“3) The Claimant is not legally entitled to maintain any of its pleaded claims in these proceedings as a matter of ordre public international and public policy under the contract’s applicable laws.”

” أن الشركة المدعية ليس لها قانوناً الحق في طلباتها المقدمة أثناء هذه الإجراءات نتيجة للنظام العام الدولي والنظام العام الداخلي للقانون واجب التطبيق لكل من دولتي العقد “.

 

الأمر الذي  يجعل هذا العقد الباطل وفقاً لما استقر في مجال التحكيم الدولي أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) عقداً تم التحصل عليه بطريق الفساد ، وهو ما يجعله ومنازعات المستثمر فيه غير جدير بالحماية الدولية المقررة للاستثمارات الأجنبية والتي يغطيها وينظر منازعاتها ذلك المركز ، لما في ذلك من مخالفة للنظام العام الدولي    ordre public international

        وحيث إنه وترتيباً على ما تقدم تظل أمور تصفية آثار عقد بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج واستحقاقات كل طرف من اختصاص القضاء المصري صاحب الولاية المقررة دستوراً وقانوناً ويسقط الإدعاء بوجود أي سبيل للجوء للتحكيم المحلي بعد ثبوت بطلان شرط التحكيم وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 1997، كما يسقط أي إدعاء بأي اختصاص للتحكيم الدولي وفقاً للاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري  (ICSID)، الموقع عليها بواشنطن بتاريخ 11 فبراير 1972 والتي عمل بها اعتباراً من 2 يونيه 1972 ، ووفقاً للسوابق التحكيمية أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) التي تجعل منازعات عقود الاستثمار المبنية على الفساد أو المتحصلة عن طريق الفساد غير جديرة بالحماية الدولية .

        وحيث إنه ولئن كانت العولمة دافعاً لخصخصة الشركات والملكية العامة في مصر ، فإن هذه المحكمة وقد هالها ما انطوت عليه الدعوى من معالم الفساد الذي عاث في أملاك الدولة وأموالها فاستباحها وأهدرها لتنوه إلى فساد جد خطير صاحب تنفيذ صفقة بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ، ألا وهو تمويل الجهات الأجنبية لقرارات الخصخصة في مصر الذي جاء ضمن حزمة من الإجراءات التزمت بها مصر للوصول إلى اتفاق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، للتخلص من نصف ديونها الخارجية مطلع تسعينيات القرن الماضي ، والتي كانت خير شاهد على التدخل السافر في الشئون الاقتصادية الداخلية للبلاد وتسخير أموال المنح والهبات المشروطة للمساس بسيادة الوطن وتحقيق غايات الخصخصة دون النظر لأية اعتبارات اجتماعية ، ويبين ذلك من خلال الإطلاع على (اتفاقية منحة مشروع الخصخصة بين حكومتي جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية) ـ ممثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ـ الموقعة بالقاهرة بتاريخ 30/9/1993 ، والصادر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 534 لسنة 1993 والتي حظيت بموافقة مجلس الشعب بتاريخ 8/3/1994 وتصديق رئيس الجمهورية بتاريخ 12/3/1994 ونشرت بالجريدة الرسمية بقرار وزير الخارجية رقم 39 لسنة 1994 بتاريخ 5/5/1994 وتم العمل بها اعتباراً من 30/9/1994 ، وقد أوردت الاتفاقية أن هدفها مساعدة الممنوح (جمهورية مصر العربية) في تنفيذ برنامجه للخصخصة من خلال التطوير المؤسسي وتقديم المساعدة لبيع مشروعات وأصول عامة تبلغ 150 مشروعاً وأصل من الأصول الكبيرة التي تمتلكها الحكومة المصرية ، وأن المشروع سيوفر الخبرات وتنمية قدرات مكتب قطاع الأعمال العام والشركات القابضة وبنوك الدولة لتنفيذ المهام الخاصة بالخصخصة ، وسوف يتطلب المشروع تمويلاً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قدره 35 مليون دولار أمريكي، وأن المشروع سيركز على تمويل خمسة مجالات رئيسية أولها (الترويج للبرنامج) ، وثانيها (التطوير التنظيمي) ، وثالثها (المبيعات) بتوفير خدمات للشركة القابضة عن طريق مكتب قطاع الأعمال العام ولبنوك الدولة عن طريق البنك المركزي المصري لتقييم صلاحية العناصر المرشحة للخصخصة للعرض في السوق والمساعدة في المهمة الملحة الخاصة ببيع هذه العناصر ، ورابعها (تطوير الأدوات المالية) ، وخامسها (تدعيم اتخاذ القرار) ، وقد أديرت مسئوليات تنفيذ الخصخصة بواسطة (مكتب الشئون المالية والاستثمار التابع لإدارة التجارة والاستثمار بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية) وهي جهة أجنبية تحكمت تماماً في المسئوليات الخاصة بالتنفيذ ، وعن أسلوب المساعدة في عملية البيع نص الملحق رقم (1) من الاتفاقية على أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ستبرم عقداً لمساعدة الحكومة المصرية في عملية البيع مع كونسورتيوم من بنوك أعمال أمريكية يديره بنك أمريكي واحد ، وسيوفر العقد مجموعة من الحوافز للمقاول لتنفيذ ومتابعة عمليات البيع في مصر ، ونظم عمليات الدفع عند التوصل إلى اتفاق بين (السلطة المختصة بالخصخصة في الحكومة) سواء الشركة القابضة أو مكتب قطاع الأعمال العام أو بنك الدولة مع مقاول خدمات القيام بالبيع ، كما تبرم عقوداً مستقلة مع الحكومة المصرية تشمل هياكل أتعاب محددة سلفاً تبعاً للنجاح أو الإخفاق وأتعاب (المفاوضات المتعلقة بعملية البيع) ، ومنحت الاتفاقية للجانب الأمريكي (الوكالة) حق المتابعة والمراجعة والتقييم بالاشتراك بصفة منتظمة مع موظفي مكتب قطاع الأعمال العام والشركات القابضة ، وكذلك عن طريق (التقارير) وخولت للجانب الأمريكي حق (تحديد القيود على استمرار الحكومة المصرية في عملية التخصيصية) (البند رابعاً من الملحق رقم 1) ، وأشارت الاتفاقية إلى أنها تضع في اعتبارها مساهمات الحكومة المصرية المقررة لذات الغرض التي تبينتها من توفير الحكومة المصرية لمبلغ 23 مليون جنيه لصالح مكتب قطاع الأعمال العام من حساب الباب الثالث من ميزانية الحكومة المصرية عن السنة المالية1992 / 1993 (البند سادساً من الملحق رقم 1 من الاتفاقية) وما تلاها من ميزانيات ، ثم أشارت الاتفاقية في ختام الملحق رقم (1) منها إلى ( التزام الحكومة المصرية بتقديم تقارير سنوية إلى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن عدد المشروعات العامة والعناصر المرشحة للخصخصة التي تم بيعها بنجاح نتيجة لبرنامج التخصيصية وعمليات البيع التي تضمنت مساعدة الوكالة الخاصة بعمليات البيع ، وإبلاغ الوكالة الأمريكية عن طريق مكتب قطاع الأعمال العام عند إتمام كل عملية من عمليات البيع وبقيمة أتعاب النجاح المدفوعة ) ، وأورد الملحق رقم (2) من الاتفاقية بعض أحكام الشراء من المنحة فأوجب على الحكومة المصرية عند تمويلها لسيارات من المنحة أن تكون من صنع الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن يكون النقل الجوي الممول من المنحة للملكية أو الأشخاص وأمتعتهم الشخصية على ناقلات تحمل علامة الولايات المتحدة الأمريكية .

وعلى ذلك فإن عمليات الخصخصة ومنها خصخصة شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج قد دارت بإشراف ورقابة وتمويل جهات أجنبية ووفقاً لتعليماتها وتوجيهاتها ، وأسهمت أموال المنحة في الرغبة الجامحة لإتمام الخصخصة في أسرع وقت وعلى أي نحو بلوغاً لاستنفاد المبالغ المحددة بالمنحة وتجنب ما قد يسمى الإخفاق الذي من شأنه استرداد ما عساه قد صرف من تلك المنحة الأمر الذي ما كان ينبغي على مجلس الشعب المنحل الذي كان يمثل الأمة أن يوافق على مثل تلك المنحة الماسة بسيادة الدولة والتدخل في شئونها الداخلية ، وهو ذات ما كان يتعين معه على رئيس الجمهورية السابق ألا يوافق عليها ابتداءً في 28/12/1993 مع التحفظ بشرط التصديق ثم يتولى التصديق على الاتفاقية في 12/3/1994.

 

       وحيث إنه وعن أثر الحكم القضائي على مناخ الاستثمار فإن الحماية القانونية للمستثمر هي من أبرز الضمانات التي يعد تحدو بالمستثمرين إلى إن يقرروا اتخاذ قرار الاستثمار ، ومن ثم يكون تحفيز المستثمر الجاد بمنحه ضمانات الحماية من التعرض لمخاطر البلد المضيف، كالحروب أو التأميم أو المنع من تحويل ناتج الاستثمار إلى الخارج ، هذه المخاطر لا تتعلق بالتعامل التجاري للمستثمر وسُبل حصوله على تعاقداته في الدولة المضيفة ومدى حرصه على مصالحها الوطنية والاقتصادية ، ومن ثم فإن المستثمر المخطئ والذي تعتري تعاقداته شبهات الفساد لا يمكن اعتباره مستثمراً حسن النية سيما عندما يتكشف الغرض من التعاقد وأساليبه في انتهاك قوانين الدولة المضيفة وعدم المحافظة على النشاط محل الاستثمار والتقاعس عن تطويره ورعاية العاملين به ، ومدى الإفساد والتخريب والتدمير الذي ألحقه بالمشروع المسند إليه ، وعندما تشوب عملية التعاقد الفساد الفاحش ، فإن صمت القضاء عن هذه الجرائم وعدم القضاء بما هو حق بداع الحفاظ على المستثمر ، أو بذريعة الحفاظ على مناخ الاستثمار ، لا يكون إلا إنكاراً للعدالة يُعاقب عليه القاضي ، ومعاقبة من جانب القضاء لكل من يدافع عن المال العام ويطالب بمستثمر حريص على حماية ورعاية مصالح الدولة المضيفة والمشاركة في تنميتها وفي ذات الوقت ساع للحصول على ربحه المشروع متمتعاً بجميع حوافز الاستثمار وضماناته ، ومن ثم لا يكون القضاء بالحق والعدل إلا حماية للمستثمر الجاد وتشجيعاً للاستثمار وتنقية لمناخ الاستثمار من المتسلقين والساعين لتدمير اقتصاديات الدولة المضيفة للاستثمار، ومن هنا فإنه يقع على عاتق الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية تخير المستثمر الجاد ومنحه أقصى الضمانات ، وألا تسمح للمنتمين إليها أن يتربحوا على حساب الدولة والاستثمار بأي إسهام في تخير مستثمر غير جاد ، وأن تسارع إلى اتخاذ القرارات اللازمة والسريعة والحاسمة لتنقية أجواء الاستثمار من الغث والخبيث ، قبل أن تصل المنازعة إلى القضاء ، وأن تنفذ ما يصدر من الأحكام القضائية التي تصدر لمواجهة ذلك الفساد ، وأن يطمئن المستثمر الجاد أنه في حماية الدولة المضيفة ، وحماية قضاء المشروعية لا يضيع له حق ولا يحرم من حافز أو ميزة أو ضمان طالما التزم القانون واحترم حقوق العمل وحقوق الدولة المضيفة.  

       وحيث إنه ليس من شك في أن لمستثمر الحق) هو من يسهم في تنمية المجتمع الذي يستثمر أمواله فيه ويعمل على النهوض بالمشروع المكلف بتنميته وتطويره وليس فقط تنمية أمواله واستثماراته على حساب التعاقدات التي التزم بها. ففضيلة الاستثمار الحق إنما تتمثل في قدر من التوازن بين رؤية جادة للدولة المضيفة للاستثمار بالحرص على رعاية مصالحها الوطنية وعلى رأسها الحفاظ على الممتلكات العامة وعلى العاملين بها وحقوقهم، يقابله مسلك جاد من المستثمر في تعاقده مع سلطات الدولة المضيفة، مسلك يخلو بالأقل من شبهات الفساد أو الإفساد ، فضلا عن تنفيذ الالتزامات بحسن نية بحسبان تعدد أوجه وأهداف الخصخصة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، كل ذلك يعتبر مفترضا أولياً لكونه أصبح من العلم العام في عقود الاستثمار التي تبرم في إطار الخصخصة، تحولا من اقتصاد موجه إلى نظام الاقتصاد الحر.

 

       وحيث إنه وعن مسئولية الدولة عن تنفيذ الأحكام القضائية فهي مسئولية تقوم على مبادئ الشرعية وخضوع الحاكم والمحكوم للقانون ، فأساس الوجود الشرعي للسلطة الحاكمة هو احترام وتنفيذ الأحكام القضائية ، وتغدو تلك المسئولية أكثر أهمية في جميع مراحل الحكم وعلى رأسها المراحل الانتقالية عندما تتعلق بأمرين جوهريين أولهما حماية المال المملوك للدولة ومنع سلبه أو نهبه واسترداد ما كان محل اعتداء غير مشروع ، وثانيهما مراحل الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلب تحقيق الإصلاح المحقق للتنمية والاستقرار الأمني والاجتماعي ، ومن هنا فإنه ولئن كان القضاء هو ملجأ من يلوذ به ويستغيث لحماية مبدأ الشرعية وحماية المال العام ، فإنه ومهما أوتي من عزم وعزيمة على أداء دوره يعاونه في ذلك كل جهات الرقابة على المال العام ، فإنه لن يُلبي متطلبات إعمال مبدأ الشرعية إلا باستجابة فورية وإرادة فعالة من السلطة التنفيذية على أن تنفذ أحكام القضاء وأن تنهض بمسئولياتها الدستورية في هذا الشأن ـ بعد أن فوضت السلطة التنفيذية قضاء مجلس الدولة في الحكم بما يراه محققاً للمصلحة العامة وحماية المال العام .

       وحيث إنه ولحين التنفيذ الكامل للحكم فإن واجباً هاماً يضحي واقعاً على كاهل (الجهة الإدارية) ورئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال وعلى (محافظ المنوفية) ، وهو أن حماية مقار وأماكن الشركة محل تنفيذ الحكم القضائي من أي عبث بمستنداتها ووثائقها الرسمية أو عقود خصخصتها أو أي تلاعب منتظر لها ، وحماية ما بقي منها من أطلال أراض أو مباني أو معدات وآلات أو عمالة ماهرة ، وأن تتخذ السلطات المختصة من الإجراءات التحفظية الفورية ما يحول دون الإهدار أو الإضرار بالمزيد من المال المملوك للدولة ، وأن تسارع إلى وضع آليات تسلم الشركة على النحو المبين بالأسباب ، وبما لا يحول دون استمرار تشغيل الشركة على النحو المحقق لحماية المستندات والوثائق ومعدات وآلات الشركة والصالح العام .

       وحيث إن المحكمة وهي تؤدي رسالتها القضائية قد تكشف لها ما تقدم من إهدار جسيم للمال العام وتجريف لأصول الاقتصاد المصري تم تحت قيادة العديد من الوزارات لأكبر عمليات تخريب للاقتصاد المصري وهي جرائم جنائية ـ إن ثبتت بعد تحقيقها ـ فضلاً عن كونها تمثل فساداً إدارياً يستوجب المساءلة ، وعملاً بحكم المادة (25) من قانون الإجراءات الجنائية التي أوجبت على كل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها ، والمادة (26) من القانون ذاته التي أوجبت على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ عنها فورا النيابة العامة ، أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي” ، فإن المحكمة تعتبر حكمها القضائي هذا بلاغاً لكل جهات التحقيق بالدولة ، للنيابة العامة ، ونيابة الأموال العامة ، وإدارة الكسب غير المشروع ، والنيابة الإدارية ، لتتخذ كل جهة حيال هذا الأمر ما أوجبه عليها القانون وما يقي البلاد شر الفساد.

       وحيث إن هذا الحكم صادر بإلغاء القرار المطعون فيه ، وما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وكانت المادة (181) من قانون المرافعات المدنية والتجارية توجب ختم صورة الحكم التي يكون التنفيذ بموجبها بخاتم المحكمة ويوقعها الكاتب بعد أن يذيلها بالصيغة التنفيذية ، ولا تُسلم إلا للخصم الذي تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم ، وإذا تعدد المحكوم لهم أو تعدد من تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم كان لكل منهم الحق في الحصول على صورة تنفيذية للتنفيذ بمقتضاها فيما حُكم به، ومن ثم فإن الدولة ممثلة في هيئة قضايا الدولة (نائبة عن كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير الاستثمار)، والشركة القابضة للصناعات الكيماوية، يكونا من الخصوم الذين “تعود عليهم منفعة من تنفيذ الحكم” ، باستعادة أصول شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج على النحو المبين بالأسباب، الأمر الذي يحق لكل من هذه الجهات الحصول على صورة تنفيذية للحكم مذيلاً بالصيغة التنفيذية.

 

       وحيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة (184/1) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

 

” فلهذه الأسبـــــاب “

******************

حكمت المحكمة:

بالنسبة للدعوى الفرعية:

ـ بإحالة الدعوى الفرعية المقامة من شركة أندوراما شبين تاكستيل إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير تكميلي بالرأي القانوني فيها.

بالنسبة للدعويين رقمي 34517 و 40848 لسنة 65 القضائية:

أولاً : بقبول تدخل حمدي الدسوقي محمد الفخراني خصماً منضماً إلى المدعين في طلباتهم ، ورفض ما عدا ذلك من تدخل.

ثانياً ـ برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعويين ، وباختصاصها.

ثالثاً ـ برفض الدفع المبدى من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس بعدم قبول الدعويين لوجود شرط تحكيم.

رابعاً ـ برفض الدفع بعدم قبول الدعويين لرفعهما من غير ذي صفة أو مصلحة ، وبقبولهما ، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعويين لرفعهما على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليها السادسة ، وبقبولهما بالنسبة لها.

خامساً ـ  برفض الدفع بعدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإداري ، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد ، وبقبولهما. 

سادساً ـ بقبول الدعويين شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، الصادر من اللجنة الوزارية للخصخصة والمجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية ومجلس الوزراء بالموافقة على بيع كافة الأصول الثابتة المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ـ عدا الأراضي والمباني السكنية ـ إلى شركة أندوراما شبين تاكستيل والمساهم فيها كل من “أندوراما (70%) ـ الشركة القابضة (18%) ـ اتحاد المساهمين (12%)” ، وتأجير الأرض لمدة 25 سنة بمقابل حق انتفاع ثابت بواقع 5% من قيمتها سنوياً تجدد لمدة مماثلة ، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان عقد بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج المبرم بين كل من الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس كنائبة عن الدولة بتفويض من وزارة الاستثمار وشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كطرف بائع ، وبين شركة أندوراما شبين تاكستيل كطرف مشتري، وبطلان جميع القرارات والتصرفات التي تقررت وترتبت خلال مراحل إعداد العقد ونفاذه،وبطلان أية قيود أو تسجيلات بالشهر العقاري أو السجل العيني لأية أراضي تخص هذا العقد ، وبطلان شرط التحكيم الوارد بالمادة الواحدة والعشرين من العقد المشار إليه ، وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، واسترداد الدولة لجميع أصول الشركة وكافة ممتلكاتها المسلمة للمشتري مطهرة من أي حقوق عينية تبعية يكون المشترى قد أجراها ، وإعادة العاملين إلى سابق أوضاعهم السابقة مع منحهم كامل مستحقاتهم وحقوقهم ، وتحمل المشتري وحده كامل الديون والالتزامات التي رتبها خلال فترة نفاذ العقد، وما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على النحو المبين بالأسباب. وألزمت الجهة الإدارية والمدعى عليهم المصروفات.

              سكرتير المحكمة                                                      رئيس المحكمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى