الثالث خلال شهر.. حكم بإلزام مصنع الحناوي بتعويض عاملة “مفصولة لرفضها خطة تقليل العمالة” بمبلغ 232 ألف جنيه

قضت محكمة شمال دمنهور الابتدائية، في جلسة 26 يناير 2025، في حكم جديد بإلزام شركة الحناوي للدخان والمعسل بتعويض عاملة بما يقارب 232 ألف جنيه عن فصلها تعسفيا ومقابل بدل مهلة الإخطار ورصيد الإجازات المستحقة، مع احتساب فائدة قانونية بنسبة 4% على هذه المبالغ من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد.
في هذا السياق، قضت المحكمة بتعويض العاملة ” م م” بمبلغ 155 ألف جنيه عن فصلها تعسفيا، و7267 جنيها مقابل مهلة الإخطار، و69581 جنيها مقابل رصيد الإجازات الاعتيادية، مع احتساب فائدة قانونية بنسبة 4% على هذه المبالغ من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد، فضلا عن المصاريف وأتعاب المحاماة.
ويعد الحكم المذكور هو الثالث خلال شهر لصالح عاملات مصنع الحناوي، بعد صدور حكمين سابقين بإلزام الشركة بتعويض عاملتين بما يزيد عن 420 ألف جنيه عن فصلهما تعسفيا ومقابل بدل مهلة الإخطار ورصيد الإجازات المستحقة، مع احتساب فائدة قانونية بنسبة 4% على هذه المبالغ من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد.
وترجع وقائع القضية إلى منع الشركة للعاملات من دخول مقر العمل تعسفيا، بعد رفضهن قرار الإدارة نقل مقر الشركة من دمنهور إلى برج العرب رغم صدور حكم قضائي بمنع النقل، في محاولة لتقليص عدد العاملات وتسريحهن، من خلال تعجيزهن عن الانتقال إلى الموقع الجديد، الذي يبعد كثيرا عن أماكن عملهن وإقامتهن.
وعقب منعهن من العمل، لجأت العاملات إلى القضاء للمطالبة بحقوقهن القانونية، مدعومة بسلسلة من المطالب شملت التعويض عن الفصل التعسفي، والأحقية في العلاوات الخاصة، والحد الأدنى للأجور، ورصيد الإجازات، بالإضافة إلى التعويض عن الأضرار الناجمة عن فقدانهن وظائفهن، والمطالبة بإعادتهن إلى العمل.
وفي أثناء نظر القضية، قدم محامي المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والممثل القانوني للعاملات المحامي محمد ممدوح الدمياطي مذكرة دفاع شملت مستندات رسمية تؤكد صحة الدعاوى، من بينها قرارات الحد الأدنى للأجور، والقرارات المنظمة للعلاوات الخاصة، ومحاضر رسمية ضد الشركة لامتناعها عن تطبيق هذه القرارات، بالإضافة إلى حكم قضائي سابق من محكمة استئناف الإسكندرية يمنع نقل العاملات إلى برج العرب.
كما تم الطعن في المستندات المقدمة من الشركة، والتي شملت طلب إعفاء من تطبيق الحد الأدنى للأجور مقدم إلى اتحاد الصناعات، وسجلات الإجازات التي زعمت الشركة أن العاملات حصلن على رصيدهن الكامل منها، وحكم سابق لمحكمة الإسكندرية الابتدائية في واقعة مشابهة، لكن محامي العاملات دفع بعدم وحدة الموضوع بين القضيتين.
وبناءً على تقرير مكتب خبراء دمنهور، الذي أكد أحقية العاملات في المطالب المالية، أصدرت المحكمة أحاكمها السابقة، وطلب المركز من المحكمة في حال صدور أحكام بتعويضهن أن يصدر في ضوء القواعد المنظمة للحد الأدنى للأجور وهو ما لم يشمله الحكمان.
وعلى الرغم من أن المركز المصري يثمن الأحكام كانتصار قضائي يؤكد التزام المحاكم بحماية حقوق العمال، وضرورة امتثال الشركات للقوانين المنظمة لعلاقات العمل، خاصة فيما يتعلق بالأجور والمزايا القانونية، إلا أنه سوف يطعن على الأحكام في الاستئناف استمرارا في المطالبة بتعويض العاملات، في ظل قواعد الحد الأدنى للأجور التي يخالفها مثل هذه المصانع والشركات، ومراعاة للظروف الاقتصادية.
ويمثل المركز المصري عاملات المصنع – وعددهن 29 عاملة – قانونيا في دعاوى فصلهن تعسفيا بدعوى تغيبهن عن العمل، على خلفية رفضهن النقل إلى منطقة برج العرب.
كانت أزمة عاملات مصنع الحناوي بدأت منذ ما يزيد عن 21 عاما، وتحديدا في عام 2003، للمطالبة بالعلاوات، ورفض زيادة ساعات العمل وتقليل أعدادهن وحرمانهن من إجازة رعاية الطفل، وعقب رفضهن اتفاقية تهدر حقوقهن – وقعتها اللجنة النقابية مع أصحاب العمل – اتخذت الإدارة سلسلة قرارات تعسفية ضدهن بفصل بعضهن عن العمل ونقل البعض الآخر بعيدًا عن مساكنهن لإجبارهن على الاستقالة، وتكرر هذا السيناريو مرارًا خلال السنوات الماضية، بعد كل حكم قضائي تحصل عليه العاملات بالعودة.
وعلى مدار السنوات الماضية كثفت الإدارة محاولاتها إجبار العاملات على النقل إلى أحد مصانعها في امتداد المنطقة الصناعية الرابعة بمنطقة برج العرب، الذي يبعد ما يزيد عن 112 كيلو مترا عن مدينة دمنهور، وعلى إثر ذلك طلبت العاملات احتساب وقت المواصلات ضمن فترة العمل، وتخصيص بدل انتقال لهن، وهو ما رفضته الإدارة، فحصلت العاملات على أحكام قضائية بعدم قانونية نقلهن.
وفي 2021، قررت الإدارة نقلت العاملات إلى مخزن قديم، تمهيدا لتصفية مصنع دمنهور، ودفعهن على الاستقالة، ليقررن التقدم بشكوى أمام مكتب العمل وتحرير محاضر إثبات حالة بالواقعة، وفي مطلع العام الماضي قررت الإدارة مجددا نقلهن إلى مصنعها في برج العرب، إلا أنهن تمسكن بالأحكام القضائية بعدم قانونية القرار، لتلجأ الإدارة فصلهن جميعا.