بينما تتحضّر مصر لانتخابات رئاسية جديدة، تستمر حالة حقوق الإنسان في البلد بالتدهور ولا تزال العدالة الاجتماعية الموعودة بعد ثورة ٢٠١١ غير محققة. وفي ظل هذه الأحداث المثيرة للقلق، يتقدم تحالف من نحو ١٣٠ منظمة بتقرير عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر للأمم المتحدة.
ففي وقت لاحق من هذه السنة، سوف تمثل مصر أمام الاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة لأول مرة منذ العام ٢٠١٠. وقد تم تقديم تقرير مشترك وقّعت عليه ٥١ منظمة غير حكومية و٧٩ نقابة عمالية، يشرح الحالة الميؤوس منها التي وصلت إليها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وذلك قبل انعقاد دورة أكتوبر ٢٠١٤.
ويقوم هذا التقرير بدراسة الفشل المستمر للحكومات المتعاقبة في تلبية توصيات المجلس بعد استعراض ٢٠١٠، وكذلك فشلها في تلبية طموحات الشعب المصري، التي تم التعبير عنها في الانتفاضات الشعبية منذ يناير ٢٠١١.
ففي ظل أربع حكومات متتالية، قامت عملية صنع القرار بتجنّب مواجهة الأسباب الجذرية لغياب المساواة الاقتصادية-الاجتماعية التي أطلقت شرارة الثورة. وقد تم مواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، إلى جانب إنتشار الفساد، وتدهور الخدمات العامة، والغياب الصريح للمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، من خلال تدابير تقشّفية غير المدروسة، وإصلاحات قصيرة الأمد تعتمد على الاقتراض من الخارج، وتعامل قمعي مع الاحتجاجات، وفشل في تقييم الأثر للسياسات الاقتصادية التقشفثة، رغم الحاجة الماسة له.
والأكثر خطورة من ذلك، فإن الفشل في التصدّي لاستمرار الحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مصر يهدد الفترة الانتقالية الهشّة التي تمر بها البلاد، والتي لن تصبح مستدامة إلا إذا قامت الحكومة بوضع استراتيجية تنموية حقيقية، تضع حقوق المواطن في أولوياتها.
يقوم التقرير بتحليل انتشار غياب المساواة الاجتماعية والاقتصادية وبمعالجة أوجه القصور في الإطار المؤسسي المطروح في كل من الدستور الذي تم إقراره مؤخرا والتشريعات القائمة. ففي بلد يعيش ما يقارب ربع سكّانه في الفقر، وحيث ثلث المواطنين عاطلون عن العمل، وثلاثة من كل خمسة أطفال يعانون من سوء التغذية، فإن سياسات الحكومة لحماية الحقوق على الأرض ليست غائبة فحسب، بل يتم استبدالها بإجراءات رجعية تقوّض قدرة المواطنين على الوصول إلى الحقوق الأساسية.
وفي حين تتدهور نوعية وإمكانية الوصول إلى الغذاء والتعليم، واصلت عملية صنع السياسات في الحكومات المتعاقبة بتجاهل جميع مطالب التدابير التصحيحية كالإصلاح الضريبي، وإعادة التوازن لمخصصات الموازنة العامة للدولة، وتحسين الشفافية والمساءلة.
من خلال التقرير، قامت المنظمات غير الحكومية والنقابات بإعادة التأكيد على توصيات المجلس المتعلّقة بمصر في الاستعراض الماضي في ٢٠١٠، بالإضافة إلى التوصيات الحديثة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الجلسة ٥١ في نوفمبر/كانون الثاني ٢٠١٣. ويحثّ التحالف الدولة على التصديق على البروتوكول الاختيارى الملحق بالعهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وضمان إنفاذ التشريعات الوطنية الحالية المصممة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ويقوم التحالف بتوضيح السياسات والاجراءات التي تحتاج الحكومة إلى اتخاذها من أجل مكافحة التمييز ضد الفئات الأكثر ضعفاً، كما يقترح السياسات البديلة التي من شأنها زيادة موارد البلاد، وبالتالي المساعدة في معالجة الحرمان، وفي الوقت ذاته، تعزيز الشفافية والمساءلة، والمشاركة الفعالة للجمهور في صنع القرار والسياسات.
استعدادا لدورة مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2014، سيكون مطلوبا من الحكومة المصرية أيضا تقديم تقرير مفصل حول جهودها الرامية لتلبية التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، ستقوم “الولايات الخاصة” في المجلس، أي الخبراء المستقلين الموكلين بتقييم قضايا وسياقات محددة لحقوق الإنسان، برفع تقرير ثالث. وسيقوم مجلس حقوق الإنسان بعد انعقاد الدورة بإصدار مجموعة من التوصيات الموجهة للحكومة المصرية.